صفحة الكاتب : مكتب د . همام حمودي

كلمة الشيخ د. همام حمودي في مؤتمر (الإسلام ضد الإرهاب)
مكتب د . همام حمودي

ألقى رئيس لجنة العلاقات الخارجية النيابية كلمة في المؤتمر الدولي (الإسلام ضد الإرهاب في العاصمة الكازاخستانية آستانا  هذا نصها:

بسم الله الرحمن الرحيم

 

{واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألفَ بين قلوبكم فأصبحتم بنعمتهِ إخواناً وكنتم على شفا حُفرةٍ من النار فأنقذكم منها كذلك يبينُ اللهُ لكم آياته لعلكم تهتدون}"آل عمران:103"

                                                                  صدق الله العلي العظيم

 

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله وصحبه ومن والاه..

اما بعد في البدأ لابد من تقديم شكرنا الجزيل لكازاخستان شعباً وحكومةً وبرلماناً ولوزارئها، لدعوتها لوفد العراق للمشاركة في هذه الندوة المهمة.. 

العراق بما يحمل من تجارب بعمر التاريخ وبما يمثل من تنوع فكري ومذهبي وعلمي زاخر.

 العراق بما يضم من رفات ائمة ومراقد علماء ورجال واحداث .

العراق يشد على ايديكم ويكبر فيكم حرصكم على حفظ بيضة الاسلام الناصعة والدفاع عن شريعة الاسلام السمحاء، وحفظ رسالة الاسلام، التي بشر بها القرآن رحمة للعالمين، رسالة خير وبناء وعطاء وعلم وانسجام وحكمة وليس رسالة تفريق وتكفير، وتمزيق وقتل، وحقد وانزواء..

هذه مدرسة الاسلام من نبعها الصافي كتاب الله ، القرآن واهل بيته وعترته التي توضح سُنة رسوله ومدرسة.. و

وليسمحوا لي السادة الحضور 

ان الخص بحثي ضمن فهرست اوضح فيها مفهوم الارهاب قرآنياً، وموقف الاسلام منه قرآناً وسُنةً واجماعاً، واعرج على واقع مواجهتنا للارهاب عبر رسالة عمان ووثيقة مكة..

فأقول ان من قواعد الفقه عند علمائنا هو تمحيص الموضوع وتحديده بدقة كي تُحدد حكم الله فيه استناداً على ما تفهمه من نصوص قرآنية كريمة وأحاديث السنة الشريفة..

لذا فان موضوعة الارهاب – كباقي الموضوعات الحساسة والتي طرأت على الواقع - جرى النقاش طويلاً في تحديد ابعادها ومضمونها واختلف فيه، كثيراً.. [مناقشات في لجان الامم المتحدة لم تتوصل لحد الآن الى مفهوم متوافق عليه].

سينطوي بحثـُنا على بعدين:

 بُعدٍ مفهومي ونظري في الموارد التي ينطبق عليها مفهوم الارهاب /المعاصر/ وما تناوله الكتاب الكريم لهذا المفهوم وحدوده وما ورد في السنة عنه.

وبُعدٍ اخرَ تجريبي واقعي موضوعي في مقاربة لما يجري في عالمنا اليوم من تجارب واحداث مرتبطة بهذا الموضوع وخصوصاً تجربتنا في العراق.

 

ـ الارهاب = الفساد في الارض

 

بعد متابعة مطولة لمفهوم ومصطلح تكرار تداوله في القرآن الكريم لنماذج وموارد تقارب ما يتضمنه مصطلح (الارهاب)، وجدت ان مصطلح "الفساد في الارض" الوارد في القرآن الكريم هو المصطلح الاكثر تمثيلاً وقرباً من مضامين مصطلح الارهاب المتداول.

ان المصطلح القرآني "الفساد في الارض" يتضمن المفاهيم والموارد التالية:

أـ تمزيق المجتمع وتضعيف تماسكه

ب ـ نقض العهود والمواثيق والاتفاقات:

1- العهود في داخل المجتمع 

2ـ المواثيق والاتفاقات مع الكيانات والدول والامم الاخرى.

ولما كان الوقت محدوداً.. فسوف اورد الآيات الخاصة بهذه المقاربة واحيل لمن يريد المزيد الى البحث المفصل الذي نشرته مجلة ( حوار الفكر) في بغداد تحت عنوان (مصطلح الفساد في القرآن الكريم).

الآيات في مورد :ـ 

           أـ تضعيف المجتمع وتمزيقه:

{من اجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فسادٍ في الارض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناسَ جميعاً ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثمَ إنَ كثيراً منهم بعدَ ذلك في الأرضِ لمسرفون}"المائدة:32"

{إنما جزاؤا الذين يُحاربون اللهَ ورسولهُ ويسعون في الارضِ فساداً أن يُقتلوا أو يُصلبوا أو تُقطعَ أيديهم وأرجُلُهُم من خلافٍ أو ينفوا من الارض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الاخرةِ عذابٌ عظيم}"المائدة : 33".

          ب ـ نقض العهود والمواثيق:

{ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤهُ جهنمُ خالداً فيها وغضبَ اللهُ عليه ولعنهُ وأعدَ له عذاباً عظيماً}"النساء: 93"

{ ولا تقولوا لمن ألقى اليكمُ السلامَ لستَ مؤمناً}"النساء : 94".

 

1ـ داخل المجتمع المسلم:

{الذينَ ينقضونَ عهدَ اللهِ من بعدِ ميثاقهُ ويقطعونَ ما أمرَ اللهُ بهِ أن يوصلَ ويفسدونَ في الارضِ أولئكَ هم الخاسرون}"البقرة: 27"

{والذينَ ينقضونَ عهدَ اللهِ من بعدِ ميثاقهُ ويقطعونَ ما أمرَ اللهُ بهِ أن يوصلَ ويفسدونَ في الارضِ أولئكَ لهمُ اللعنةُ ولهم سوءُ الدار}"الرعد:25"

2ـ مع الدول والجماعات الاخرى:

{إنَ الذينَ أمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل اللهِ والذينَ أووا ونصروا أولئكَ بعضهم أولياءُ بعضٍ والذين أمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكمُ النصرة إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق واللهُ بما تعملونَ بصير} "الانفال: 72"

اما اذا رجعنا الى السنة الشريفة وموقفها من الموردين الذين ذكرناهما نجد ان هناك، تأكيداً صارماً على حفظ تماسك ووحدة المجتمع المسلم، والاهتمام بانسجامه وترابطه واشاعة الثقة فيما بين افراده، والبناء على الصحة وحسن الظن والقبول بالظاهر بين ابنائه ورفض اي منحى لتفريقه او تكفيره او تمزيقه او اثارة العداءات داخله تحت اي مسمى .. ومن هذه الاحاديث ما يلي :ـ

[لا يحل لمسلم ان يروّع مسلماً] "صحيح ابن داود"

قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" :[والذي لا إله غيره لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله] " سنن النسائي، سنن الدارمي"

 

واذا رجعنا الى الاجماع وما افتى به علماء الامة في عصورها العاتية، في هذين الموردين، فلا نجد احداً منهم الا الشاذ النادر.. ، بل كانت فتاواهم ومواقفهم، تلزم منهج الآية الكريمة {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم}"آل عمران:103"

 

وما اوردته رسالة عمان، ووثيقة مكة، ومعاهدة منظمة المؤتمر الاسلامي لمكافحة الارهاب الدولي.

والذي شارك في كل هذه الموارد الرسالة والوثيقة والمعاهدة، علماء الامة من كل الاقطار والمذاهب واصحاب الاجتهاد وكان القاسم المشترك فيما بينهم ما يلي:

اولاً:ـ من هو المسلم، [المسلم من شهد ان لا اله الله ومحمد رسول] وهو بهذه الشهادة يعصم دمه وماله وعرضه، وتعبر وفق القرآن والسنة وبالطرق والشريعة الموصلة عبر المدارس والمذاهب الثابتة.

ثانياً:ـ حرمة دور العبادة لجميع المسلمين ولغير المسلمين فلا يجوز الاعتداء عليها او مصادرتها.

ثالثاً:ـ ان القتل على الهوية المذهبية هي من الفساد في الارض الذي نهى الله عنه وحرمه، كما في قوله تعالى: {واذا تولى سعى في الأرضِ ليفسد فيها ويُهلكَ الحرثَ والنسلَ واللهُ لا يُحبُ الفساد}"البقرة: 205".

رابعاً:ـ تحريم اثارة الحساسيات المذهبية والعرفية واطلاق الاوصاف المشينة بين المسلمين.

{يا أيها الذين أمنوا لا يسخر قومٌ من قومٍ عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساءٌ من نساء عسى أن يكنَّ خيراً منهنَّ ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئسَ الاسمُ الفسوقُ بعدَ الإيمانِ ومن لم يتب فأولئكَ همُ الظالمون}"الحجرات: 11"

خامساً:ـ حفظ وحدة المسلمين ازاء التحديات التي تواجههم، في مواجهة الاحتلال والتعاون في حفظ وحدة البلد واستقراره واستقلاله وسلامة اراضيه.

 

ـ الارهاب والتطرف في مقاربة خارجية.

ان المرور على واقع الامة الاسلامية اليوم في بلدانها وولاياتها ودولها المختلفة نجد ان جميعها الا ما ندر ابتلى بظاهرة مرضية عامة شغلت كل بلد ودولة بنفسها، من صراع ودماء وفرقة.. بددت قوتها ووحدتها وشوكتها والظاهرة المرضية العامة، تتمثل بعدم الاستقرار والمشاحنات والعنف الدموي.

ومع الاسف حُمل الاسلام - الذي هو بريء منه، بهذه الظاهرة المرضية ؛ ظاهرة العُنف والارهاب. والتطرف، سواء في داخل البلدان الاسلامية ام في خارجه.

تتحمل السلطات الحاكمة في بلداننا بعض اسباب ظاهرة الارهاب او العنف، فإن اساليبها القمعية اولدت فكراً متطرفاً كما جرى في انظمة الاستبداد في الدول العربية.

والسبب الاخر للعنف، هو الفهم الخاطيء للاسلام، والذي تعيشه بعض المدارس الاسلامية ـ وشيوع حالة تكفير المسلمين، والفتوى بغير علم وغير ذلك ... مما ادى الى الموردين الذين اشار اليهما القرآن الكريم لموضوعة "الفساد في الارض" او "الفساد الكبير" الذي ادى الى تمزيق المجتمع المسلم في حروب داخلية مذهبية وتكفيرية وصراع دموي وعنف طائفي والى صراع غير مسؤول مع الاخرين وتشويه صورة المسلمين عند الاخرين والاعتداء على الارواح والاموال، مما اساء الى الاسلام.

 

ان القرآن الكريم اوضح الموقف من الظلم وحدد انواعه وطريقة التعامل معه، واعطى للمظلوم حقوقاً واسعة من التعبير عن مظلوميته، وله سلطان لنيل حقه، وابواب السماء مفتوحة له ـ يقول سبحانه: 

{لا يحبُ اللهُ الجهرَ بالسوءِ منَ القولِ إلا من ظلمَ وكانَ اللهُ سميعاً عليماً} "النساء:148"

لكن اجمع العلماء على حرمة تجاوز المال العام.. وعلى الاحتياط الكبير في الارواح، وان الحدود تدرأ بالشبهات. كل ذلك حفظاً لحقوق وحدود السلم.

 

ان تجربتنا في العراق اثبتت واكدت ان من يحمل فكر التطرف والتكفير والارهاب هم خوارج هذه الامة ـ لم يفهموا من الدين الا لفظه ، وشكله.

 

وقد قال الامام عليه "عليه السلام" في وصفِ الجهال: [وآخر قد تسمى بعالم وليس به، فأقتبس جهائل واضليل من الضلال، ونصب للناس أشراكاً من حبال، من حبال غرور وقول زور، قال حمل الكتاب على آرائه، وعطف الحق على أهوائه، يؤمن من العظائم ويهون كبير الجرائم، يقول : اقف على الشبهات وفيها قد وقع، يقول: أعتزل البدع وبينها اضطجع، فالصورة صورة انسان والقلب قلب حيوان، لا يعرفُ باب الهدى فيتبعه، ولا باب العمى فيصدُ عنه، فذلك ميتُ الاحياء].

 

وانهم جهلة الامة، اوقعوا الامة بصراع ذهب ضحيته الكثير. فقد كفروا الجميع سُنة وشيعة عرباً وكرداً ومسلمين ومسيحين وحاربوا الجميع من كل انحاء العراق.

واستطاع ابناء السنة والجماعة في العراق بالتعاون مع مرجعية النجف الاشرف ان يوقفوا المتطرفين التكفيريين الارهابيين عند حدودهم، بفتاواهم ونشرهم للعلم الصح والاسلام والمفاهيم القرآنية، وان يوقفوهم بعشائرهم وتماسكهم.

 

اننا ندعوكم الى كتاب الله وسنة نبيه ،، الواضحة البينة، والتعريف بالاسلام الصحيح باعتباركم ناطقين ودعاة ومبلغين عن هذا الدين الصحيح الذي حمل من اوزار الجهلة واعمالهم الشريرة الكثير.

الاسلام مع الشعوب في حريتها وكرامتها واقامة احكامها لكن الاسلام ليس مع التجاوز على الاموال ، والمصالح وتكفير بعضهم لبعض .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مكتب د . همام حمودي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/05/25



كتابة تعليق لموضوع : كلمة الشيخ د. همام حمودي في مؤتمر (الإسلام ضد الإرهاب)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : محمد العبدالله ، في 2013/05/27 .

لقد بات واضحا وجليا للجميع بأن الارهاب الذي يضرب العالم الاسلامي من فغانستان وباكستاني واليمن والعراق وسوريا وغيرهم مصدره التيار التكفيري الوهابي الذي تمده كل من السعودية وقطر بكل ما أتيما من قوة ، ومن ورائهم دول الاستكبار العالمي.
ان هذا الانفلات الأمني الخطير،وأنهار الدماء الت تسيل في كل وادي لا يمكن وقفها من خلال الاجراءات والخطط الأمنية الاعتيادية، وانما من خلال استهداف مصالح الدول الراعية للأرهاب وهما السعودية وقطر، من هنا نهيب بسواعد المقاومة الوطنية والاسلامية وأخص بالذكر هنا العراق واليمن بإستهداف ناقلات النفط والغاز التابعة لقطر والسعودية في بحر الخليج وبحر عمان.
محمد العبدالله.





حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net