صفحة الكاتب : جمعة عبد الله

حرافيش السياسة
جمعة عبد الله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تنفست بغداد الصعداء , بعد عناء وارهاق طويل ومتعب ومخيف ومرعب , حيث شهدت الايام الاربعة الماضية , هدوء العاصفة الهوجاء , واختفت المظاهر المسلحة , وسكتت الانفجارات عن العمل في ممارسة مهنة القتل والدمار , وانسحبت المليشيات من كلا الجانبين من الشوارع . وبدأت الحياة تدب في جسم بغداد المصاب بالمرض المزمن , وتعود له الحياة شيئا فشيئا , ما عدى بعض المناطق البغدادية , التي شهدت احتكاكات بين المسلحين من طرف التيار الصدري , وجماعة عصائب اهل  الحق بزعامة المنشق عن التيار الصدري الشيخ قيس الخزاعي .. ان اللقاء الرمزي والقبلات والمصافحة بين المالكي والنجيفي , ساهمت في اخماد نار الفتنة بتأجيج الصراعات والنزاعات السياسية , باقصى درجات الاحتقان والتخندق , التي ارهقت كاهل المواطنين وسممت الاجواء بالغيوم الحرب الطائفية , وبذلك عطلت مؤسسات الدولة , وتراجع النشاط الاقتصادي وتدهورت الاوضاع الامنية . . وتبين بشكل واضح ان التناحر الشخصي والمصالح الذاتية الضيقة , قد تغلبت على المصالح العليا للوطن , واجهزت على القيم والمبادئ السياسية , ووضعت القانون والدستور في سلة المهملات , لان الذي يتحكم بالواقع السياسي هي الامزجة والاهواء والخواطر والعلاقات الشخصية والمصالح الذاتية والطموحات الفردية والعلاقات الانتهازية , وحرارة القبلات والمصافحات الودية , ولكن مهما بلغ حجمها وحرارتها العاطفية , لايمكنها ان تقضي على شرور الفساد المالي والسياسي والاداري , ولا تسهم في ارجاع الاموال المنهوبة وضخها في مشاريع تخدم الشعب , ولا تقود الدولة الى تحسين الخدمات الاساسية , ولا تساعد على اعمار واصلاح احوال البلاد , ولا تجلب العدل اساس الملك , ولا تسهم في تنقية الاجواء المضطربة , إلا اذا قررت هذه النخب السياسية المتحكمة بفتح قنوات الحوار واللقاءات المكثفة , في سبيل الخروج من المأزق السياسي , وتطبيق الاتفاقيات على الواقع الفعلي دون تأخير  . . ان السؤال الذي يدور في خاطر وفي بال كل مواطن , لماذا كل هذا العنف الدموي والتأزم السياسي وسقوط الآف القتلى والجرحى وتدمير البلاد , وجره الى المجهول المثخن بالمحن والاهوال والويلات , اذا كان سببه يعود الى  خلاف شخصي بين المالكي والنجيفي ؟ وهل السيد المالكي يمثل كل اطياف الشيعة ورمزها الوفي ؟ وهل السيد النجيفي يمثل كل اطياف السنة ورمزها الوفي ؟ حتى يسقط هذا الكم الهائل من المواطنين الابرياء وتخريب الوطن ؟ وهل هذه المصافحة والقبلات تنهي الخلافات السياسية ؟ او الخلافات بين الطائفتين الشيعية والسنية ؟ وهل في مقدورهما طي صفحة الماضي البغيض , التي اهلكت البلاد والعباد ؟ والسؤال الاخطر , هل كانت الاعمال الارهابية والاجرامية التي طالت الآف الابرياء هي مدبرة من الجانبين ؟ وهل كل هذه الضجة المثقلة بالدماء , هي نتاج خلاف شخصي ؟ ومن يتكفل ويضمن ويتعهد بعدم رجوع المليشيات المسلحة مجددا الى الشوارع ؟ اذا تعكرت سماء الامزجة والخواطر والاهواء مرة اخرى ؟ ومن المسؤول عن الخراب والدمار والقتل اليومي , الذي حصل في العراق طيلة الاعوام الماضية ؟ اذا كان اللقاء الرمزي اثر بشكل ايجابي على هدوء العاصفة , لماذ لا يتفقوا على ميثاق شرف وعهد , بتحريم الدم العراقي , ويحرم المال الحرام , ويبعدوا الاخطار عن العراق , والسير في الطريق السليم للعملية السياسية ومسارها الديموقراطي , الذي يتطلع اليه الشعب , وهل هناك مفا جأة بقطع خيوط العلاقة والوصل والوئام ونرجع الى مربع الاقتتال ؟؟ وبالتالي سيدفع الشعب الثمن بكل طوائفه 
ملاحظة : الحرافيش هي من روائع الكاتب الكبير نجيب محفوظ , وهي تتحدث عن صراع مجموعات متنافرة مصابة بهوس المال والنفوذ , وتستخدم البطش في تحقيق غاياتها واحراز النصر على المتنافس المقابل , وكل منتصر يهتفون له ( اسم الله عليه ) وياخذ مقود القيادة ويصبح سيد الحارة دون منازع . ان الرواية تأخذك بتشوق الى عالم ينعدم فيه العدل , ويعلى فيه الظلم والطغيان والبلطجية , وان القوة هي القانون السائد في وسط مجتمع ينخر فيه الجهل والامية والغباء 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جمعة عبد الله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/06/05



كتابة تعليق لموضوع : حرافيش السياسة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net