صفحة الكاتب : قاسم محمد الياسري

النزعه الدكتاتوريه بالانانيه الفرديه وعدم مشاركة الاخرين
قاسم محمد الياسري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
هل الشعور بالانا يتوقف على الغير او مشاركة الاخر ؟
 
مايحدث اليوم في مجالس المحافضات بين الكتل والسياسيين .. دفعني للبحث في هذا الموضوع ..... حيث أن المشاكل النفسية التي ظلت تؤرق الإنسان هي محاولة للتعرف على الذات في مختلف الصفات التي تخصها ؛ بحيث اتجه محور الاهتمام إلى تشكيل بنية (الأنا )عبر الغير الذي بإمكانه مساعدته إلا أن ذلك لم يكن في حال من الاتفاق بين الفلاسفة الذين انقسموا إلى نزعتين الأولى تعتقد أن مشاركة الأخر أي الغير أضحت أمرا ضروريا والنزعة الثانية تؤكد على وجوب أن يتشكل (الأنا) بمفرده عبر الشعور وأمام هذا الاختلاف في الطرح نقف عند المشكلة التالية : هل الشعور بالأنا يتوقف على الغير ؟ وبعبارة أوضح وأحسن هل الشعور بالأنا مرتبط بالأخر أم انه لا يتعدى الشخص؟ فالشعور بالأنا مرتبط بالغير حيث يرى أنصار الأطروحة أن الشعور بالأنا يرتبط بالغير فلا وجود لفردية متميزة بل هناك شعور جماعي موحد ويقتضي ذلك وجود الأخر والوعي به .. ويقدم أنصار الأطروحة مجموعة من البراهين لتقوية موقفهم الداعي إلى القول بان الشعور بالأنا يكون بالغير هو انه لا مجال للحديث عن (الأنا ) خارج الأخر . الذي يقبل (الأنا) عبر التناقض والمغايرة ومن هنا يتكون شعور أساسه الأخر عبر ما يسميه (ديكارت) بالعقل الذي بواسطته نستطيع التوليف بين دوافع الذات وطريقة تحديد كيفيات الأشياء والأشخاص وفي هذا السياق يعتقد الفيلسوف الألماني (هيغل ) أن وجود الغير ضروري لوجود الوعي بالذات فعندما أناقض غيري أتعرف على أناي وهذا عن طريق الاتصال به وهنا يحصل وعي الذات وذات الغير في إطار من المخاطرة والصراع ومن هنا تتضح الصورة وهي أن الشعور بالأنا يقوم مقابله شعور بالغير كما انه لابد للانا أن يعي الأخر إلا أن الأخر ليس خصما ولا يتحول إلى شيء لابد من تدميره كما يعتقد البعض بل إلى مجال ضروري الاهتداء إليه لبناء ذات قوية فقد تختلف الذوات وتتنوع رؤى فكرية كثيرة ولكن لا يفسد ذلك ودا جماعيا وحتى وان استنطق الإنسان في نفسه غرائز الموت والتدمير الطبيعية فان مفهوم الصراع يناسب مملكة الحيوانات ومنطق قانون الغاب وهذا الأمر لا ينطبق على من خلقوا من اجل التعارف وليس بعيدا عن الصواب القول بان وعي الذات لا يصبح قابلا للمعرفة إلا بفعل وجود الأخر والتواصل معه في جو من التنافس والبروز ومن هنا يمكن التواصل مع الغير ولقد كتب المفكر المغربي (محمد عزيز لحبابي ) إن معرفة الذات تكمن في أن يرضى الشخص بذاته كما هو ضمن هذه العلاقة .. والأنا جزء من النحن في العالم .. وبالتالي فالمغايرة تولد التقارب والتفاهم وفي قوله سبحانه  وتعالى .. ( ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين ) صدق الله العلي العظيم ..وهكذا فالشعور بالأخر يسمح لنا بالمتوقع داخل شخصية الأخر.. وكما يرى ( ماكس شيلر ) الاتصال الحقيقي بالاخريتمثل في التعاطف ومنه لا غنى للانا عن الغير.. ويمكننا الرد على هذه الأطروحة بالانتقادات التالية وهي .. إن الشعور بالأنا يتأسس على الغير لكن الواقع يؤكد بأنه قد يكون عائقا وليس محفزا لتكون ذات قوية فكل ( أنا ) يعيش مجالا خاصا به وفي ذلك رغبة فردية وشخصية .. اما المعاكس للاطروحه او نقيضها .. هو الشعور ب(الانا ) الشخصي ... يرى أنصار الأطروحة أن (الأنا ) يعيش مع ذاته ويحيا مشاريعه بنفسه وبطريقة حرة أي كفرد حر وهذا الامتلاك يكون بمقدوره التعامل مع الواقع بشكل منسجم .. وبرهانهم عليه .. يقدم أنصار هذا النقيض جملة من البراهين في تأكيدهم على الشعور ب(الأنا) على انه شخصي ولا مجال لتدخل الغير الذي يعتبره أنصار النقيض بأنه عقبة لا بد من تجاوزها .. ومن هذا المنطلق يؤكد الفيلسوف الفرنسي (ماي دوبيران) على أن الشعور بالواقع ذاتي ويقول ( قبل أي شعور بالشيء فلابد من أن للذات وجود ) ومن مقولته هذه  يتبين أن الوعي والشك والتأمل عوامل أساسية في التعامل مع الذات ووعيها ولقد كان ( سارتر ) اصدق تعبيرا عندما قال ( الشعور هو دائما شعور بشيء ولا يمكنه إلا أن يكون واعيا لذاته ) ومن هنا يتقدم الشعور كأساس للتعرف على الذات كقلعة داخلية حيث يعيش(الأنا) داخل عالم شبيه بخشبة المسرح وتعي الذات ذاتها .. عن طريق ما يعرف بالاستبطان فالشعور مؤسس لل (انا ) والذات الواعية بدورها تعرف أنها موجودة عن طريق الحدس ويسمح لها ذلك بتمثيل ذاتها عقليا ويكون الحذر من وقوف الآخرين وراء الأخطاء التي نقع فيها ولقد تساءل ( أفلاطون) قديما حول هذه الحقيقة في أسطورة (الكهف) المعروفة أن (ما يقدمه لنا وعينا ما هو إلا ظلال وخلفها تختبئ حقيقتنا كموجودات ) كما يحذر (سبينوزا) من الوهم الذي يغالط الشعور الذي لابد أن يكون واضحا خاصة على مستوى سلطان الرغبات والشهوات ومن هنا فقد الجحيم هم الآخرون على حد تعبير أنصار النقيض فيريد (الأنا) فرض وجوده وإثباته .. ويدعو (سجموند فرويد) إلى التحرر الشخصي من إكراهات المجتمع للتعرف على قدرة (الأنا) في إتباع رغباته رغم أنها لا شعورية وهكذا... فألانا لا يكون أنا إلا إذا كان حاضرا إزاء ذاته أي ذات عارفة ومدركه .. ولو انتقدنا هذا النقيض للاطروحه .. ينطلق من تصور يؤكد دور (الأنا )في تأسيس ذاته ولكن من زاوية أخرى نلاحظه قاصرا في إدراكها والتعرف عليها فليس في مقدور الأنا التحكم في ذاته وتسييرها في جميع الأحوال ففي ذلك قصور...  من خلال عرض الأطروحتين يتبين أن (الأنا ) تكوين من الأخر كما انه شخصي هذا التأليف يؤكد عليه الفيلسوف الفرنسي (غابريال مارسيل) عن طريق التواصل أي رسم دائرة الانفراد دون العزلة عن الغير أي تشكيل للانا جماعي وفردي أي تنظيم ثنائي يكون ذات شعور وتفكير في نفس الوقت .... وفي الختام يمكننا القول أن الشعور بالأنا يكون جماعيا عبر الأخر كما انه يرتبط بالأنا انفراديا ومهما يكن فالتواصل الحقيقي بين الأنا والأخر يكون عن طريق الإعجاب بالذات والعمل على تقويتها بإنتاج مشترك مع الغير الذي يمنحها التحفيز والتواصل الأصيل وتجاوز المآسي والكوارث . ومن هنا ادعوا لتجاوز الانانيه والتكاتف ونكران الذات لخدمة المجتمع .. داخل مجال من الاحترام والتقدير والمحبة بي الجميع......

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


قاسم محمد الياسري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/06/14



كتابة تعليق لموضوع : النزعه الدكتاتوريه بالانانيه الفرديه وعدم مشاركة الاخرين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net