صفحة الكاتب : مها عبد الكريم

هل سيكون "للحواسم" جزء ثانِ ؟؟!
مها عبد الكريم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من يعيش يوميات الوضع العراقي لا يستطيع الا ان يؤكد وبقوة ان العراق بلد منكوب بالفساد والفقر وتردي الخدمات او انعدامها اضافة الى الوضع الصحي والبيئي المزري.
وبغض النظر عن كون الحكومة الجديدة لم تبدأ اعمالها بعد لنحكم على فشلها، اقول ان العراق غير مستعد لانتفاضة شعبية او تظاهرة سلمية او اي مسمى اخر يمكن ان يطلق على هذا الخروج الجماهيري الذي تجري الدعوة اليه على صفحات الانترنيت على قدم وساق،.وان هناك الكثير من الرافضين لهذا التحرك، يمنعهم من التصريح برفضهم هذا الخشية من الاتهام بمناصرة او الانتفاع من الحكومة الحالية او من يشغل مناصبها ..وهذا الرفض يأتي ليس فقط لان العراق لن "يتخلص من مشاكله بثورة تونسية"(*)، لكن من عاش احداث السنوات الماضية بدءاً من عام 2003 وحتى عام 2008 وشهد طريقة تعامل ودور عدد لا يستهان به من الشعب العراقي في زيادة الوضع السيء سوءاً، يدرك ويفهم لماذا نحن غير مستعدين للتظاهر، وان ما سيجري في العراق لن يكون شبيهاً بثورة تونس او مصر !!..
عندما قام المتظاهرين في مصر بالهجوم على مقر الحزب الوطني وتخريبه، اتخذ النظام المصري من ذلك ذريعة لاتهامهم بالتخريب واعمال النهب وقد عملت القنوات العربية التابعة لبعض الدول التي لاتريد تغيير النظام في مصر على محاولة تثبيت هذه الحقيقة في اذهان المتابع العربي بتكرار تلك اللقطات مرة تلو الاخرى لكن الشعب المصري اصر انه لم يخرج لنهب المال العام او لتخريب مرافق الدولة فأفشل تلك المحاولة البائسة، لكن عندما حصل مثل ذلك عندنا في عام 2003 وبعد ان اطاحت دبابة الاحتلال بالصنم في ساحة الفردوس انتقلت كاميرات القنوات الفضائية فوراً الى مشهد عراقيين يقومون بنهب احدى دوائر الدولة القريبة وظل هذا المشهد يتكرر مع تعليقات بأن العراقيين ينهبون الدوائر والاماكن الحكومية.
ومع ان العراقيين في تلك الفترة لم يكونوا يمتلكون اجهزة استقبال القنوات الفضائية الا قلة قليلة جدا منهم الا ان الخبر انتشر انتشار النار في الهشيم ولم تمر غير ساعات تلك الليلة لنستيقظ على حالة نفير شعبي شبه عام للهجوم على دوائر الدولة والاماكن العامة والاسواق المركزية والبنوك في كافة المناطق وعلى القصور الرئاسية لنهبها وتفريغها من محتوياتها بالكامل ولم يقتصر الامر على ذلك بل قامت عوائل بأكملها باحتلال بعض هذه الدوائر وتحويلها الى دور سكنية.
وهنا يمكنكم ان تلاحظوا الفرق بين ثقافة الشعب المصري وفهمه للانتفاضة وثقافة الشعب العراقي. فالاخير اعتبر على الدوام الدولة بدوائرها عدوته وان نهب المال العام انما هو استرجاع لحقه منها لذا هو متحفز له في اي وقت، واليوم العراقي يرى مسؤولي الدولة متنعمين اضعاف ما كان عليه ازلام النظام السابق ولكم ان تتخيلوا كيف سيتصرف شعب يتفشى فيه الجهل والفقر والحرمان مشبع بثقافة الانتقام من الدولة تتغلغل بين مفاصله قوى تشجع وتدعم العودة الى الفوضى لانها تخدم اغراضها.. وهذا هو عين ما نخشاه الان !!
وقد نجد من يفسر ما حدث في عام 2003 بكونه مرتبط بظروف العراق في تلك الفترة وبكون الشعب العراقي كان يعيش في ظل حصار استنزفه اقتصادياً واجتماعياً وقد نوافقه لو لم نشهد طوال السنوات التي مرت بعده الكثير من احداث الفوضى التي تم استغلالها لغرض الاعتداء على المال العام بل وتعدوه بالاعتداء على الاموال والممتلكات الخاصة وحتى على جيوب الموتى !! واقرب مثل يحضرني اسوقه هنا ماحصل قرب بيتي حيث انفجرت سيارة مفخخة ضحى احد ايام شهر ايار من عام 2007 في مرآب عام تتجمع فيه سيارت نقل الركاب يقع في بداية سوق شعبي مكتض بالناس فراح ضحيته المئات من الشهداء والجرحى وكان منظر الدمار والاشلاء المتناثرة والجرحى رهيب جداً وبينما كان الناس مشغولين بهذه الكارثة وبالبحث عن اقربائهم ومعارفهم استغلت شلّة لايمكن وصفها الا بالانحطاط حالة الفوضى هذه وقاموا بسرقة جيوب الضحايا وهواتفهم النقالة كما سرقوا بعض المحال والمطاعم القربية ممن انشغل اصحابها.او اصيب
وربما يعرف الكثير منكم الان ان ما حصل في هذا الانفجار لم يكن حالة فريدة فقد سمعنا بعد ذلك بقصص كثيرة مشابهه فهل ستلهينا الدعوات والشعارات وننسى ان بيننا بشر بهذا المستوى من الانحطاط وان اي فوضى ستصب في مصلحتهم؟!!..
ليس هذا حسب فقد شهدنا ايضا وخلال السنوات الماضية وحتى بعد منتصف العام الماضي سرقات لمصارف او لمحال تجارية قامت بها عصابات اجرامية، كل هذا في ظل نوع من التحسن الأمني فما الذي سيحصل لو عدنا الى ايام الانفلات والتردي واي نتيجة نتوخى لو عرضت ذات الفضائيات التي طالما اساءت لنا مشاهداً لاناس يقتحمون دوائر الدولة  ؟؟!، هل يمكن ان يعتقد احدكم ان هذا امر مستبعد ؟ وهل سنعود بعدها للادعاء بأن من دمر وسرق دوائر الدولة اناس غرباء لا نعرفهم دخلوا لتحقيق مآرب خاصة ؟!
الم يكن افراد المليشيات المتصارعة قبل سنوات قليلة يسيطرون على معظم الاحياء الشعبية في بغداد وقد عانينا منهم الامرّين وكلنا يعرف انهم من ابناء هذه المناطق ممن عدموا اي وازع اخلاقي او ديني فصار اهون ما عليهم الاعتداء على ارواح الناس وحرماتهم وممتلكاتهم فضلا عن المال العام فهل تضمنون ان لا يستغلون تظاهراتكم هذه للعودة الى سالف عهدهم بحجة السيطرة والحفاظ على الامن كما كانوا يدّعون؟ وهل تخلصنا فعلا من تلك العصابات الاجرامية .. حتى من القي القبض عليه اعيد اطلاق سراحه خلال الفترة الماضية وليس مستبعد ابداً ان يكون قد تم اعادة تدريبهم من جديد ليقوموا بعمليات تخريبية اوسع عند الضرورة !!
لاشك ان الدعوة الى التظاهر يقودها الان عدد كبير من المثقفين وقد قرأت كم لابأس به من المقالات التي تشرح الاسباب وكلها صحيحة ومنطقية ونتفق مع اسبابها لكن هل نسي مثقفونا ان شعب العراق مازال مسلحاً، واذا كان يعبر عن فرحه او حزنه باطلاق العيارات النارية بكثافة فهل تضمنون ان لايخرج هذا السلاح اثناء التظاهرات او لا يستخدمها اذا ما حصل طارئ لا سامح الله ؟ الجهات التي دعت الشباب المصري للتظاهر حددت ان التظاهرات ستكون سلمية وان لا يكون مع المتظاهرين اي سلاح او اداة، واذا حصلت حالة تخريب او عنف من احد المتظاهرين على الاخرين ان يحيطوا به ويمنعوه ويعزلوه عن الاخرين.. فهل دعوتم جماهيركم الى ذات الشيء ؟؟! وهل تضمنون أن متظاهريكم سيلتزمون بذلك في كل مكان؟!!
ختاماً اتمنى ان نتذكر بأن الاتفاقية الامنية تقضي بأن تكمل القوات الامريكية سحب باقي قواتها في نهاية 2011 وان بيننا وبين هذا الموعد اشهر قليلة فقط، وان ذات الاتفاقية تضمنت ايضا " إمكانية بقاء القوات الأميركية إذا طلبت الحكومة العراقية ذلك" وكلنا يعلم ان هناك اطرافاً ودول تتمنى بقاء هذه القوات وتسعى لحصول ذلك، لذا فأن حصول الفوضى امر غير مستبعد ابداً وعندها ربما نجد انفسنا نطالب الحكومة او القوات الامريكية التدخل لاعادة الهدوء والامن وهذا سيستغرق سنوات عديدة اخرى، لذا اتمنى ان لانكون نحن اليد التي تمد لهذه الاطراف يد العون لتحقيق مسعاها !!
 
 
(*) هل للعراق أن يتخلص من مشاكله بثورة تونسية؟ / صائب خليل
http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=43883


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مها عبد الكريم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/02/11



كتابة تعليق لموضوع : هل سيكون "للحواسم" جزء ثانِ ؟؟!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net