الاسباب التي دفعت الجيش اللبناني إلى تنفيذ الهجوم الحاسم بصيدا

 لقد تعرّض الجيش اللبناني لاعتداء غادر في عرسال منذ بضعة أسابيع، لكنّه لم يبادر إلى تنفيذ هجوم شامل على المسلّحين هناك، وهو لا يزال يعالج الأمور بتأنّ على الرغم من الوجع، لكنّه إتخذ القرار بحسم الوضع بعد تعرّض ضبّاطه وجنوده لاعتداء غادر مماثل في صيدا. فما سبب هذا الإختلاف في ردّ الفعل؟

 
بداية، لابد من الإشارة إلى أنّ أحمد الأسير أصبح يتصرّف في الآونة الأخيرة بتهوّر كبير، وبخطوات غير محسوبة النتائج، منتشياً بولاء بضع عشرات من المسلّحين له، وإستعداد آخرين من المتشدّدين الفلسطينيّين والسوريّين لدعمه، وفرحاً بازدياد شعبيّته نتيجة الإحتقان السياسي – الطائفي في لبنان والمنطقة. وبلغ الأمر بالأسير، الذي أصبح يعتقد أنه يحظى بحماية مذهبيّة دينيّة، حد محاولة اللعب بنار الفتنة، من خلال التحضير لإقفال طريق الجنوب، ولشنّ هجوم على شقق في عبرا يتواجد فيها مناصرون لـ"حزب الله"، بغض النظر عمّا يتحدّث عنه بشأن إستفزازات ومراقبة أمنيّة يتعرّض لها. وقد حاولت المراجع الرسميّة ثني الأسير عن خطته هذه، لمعرفتها عزم "الحزب" ليس فقط بالدفاع عن هذه الشقق، بل بشنّ هجوم مضاد واسع وشامل، في حال التعرّض لأي هجوم جديد من قبل جماعة الأسير. من هنا، وأمام إصرار الأسير على رفع وتيرة التوتّر المذهبي والأمني في المنطقة، وضعت قيادة الجيش خطّة للسيطرة على الوضع في كامل مدينة صيدا، إدراكاً منها أنّ أيّ مواجهة واسعة بين أنصار كل من "حزب الله" و"الأسير" قد تتفاقم بسرعة وتنتشر شرارتها في غير مكان في لبنان. وهذا السبب الخطير، قد يمثّل في حال حصوله، نقطة تحوّل في الصراع الداخلي اللبناني، بحيث يتحوّل من سياسي مع توتّرات أمنيّة متفرّقة، إلى عسكري شامل. من هنا، بدأت القيادة أخيراً سياسة متشدّدة على حواجزها، في محاولة لتجنّب الوصول إلى مرحلة الصدام. وجاء تصرّف مجموعات الأسير المسلّحة بالأمس، والذي أوقع عدداً من الضحايا بشكل غادر في صفوف الجيش، بمثابة "نقطة الماء" التي أفاضت الكوب. فأعطت قيادة الجيش الأوامر لشنّ هجوم شامل على مسلّحي الأسير، لطيّ صفحة هذه الظاهرة بشكل حاسم، على الرغم من الكلفة البشريّة الباهظة الي يتكبّدها ضبّاط وجنود الجيش. وفي ظلّ إرتفاع عدد الشهداء، رفضت "القيادة" الإستجابة للضغوط التي تدعو إلى تهدئة ظرفيّة، لا تنهي حال الإحتقان القائم، عبر إنهاء ظاهرة الأسير الذي تتراوح خياراته حالياً بين تسليم نفسه أو الفرار من المنطقة. وقد ساعد تصرّف الأسير المتهوّر إزاء الجيش، قيادة هذا الأخير على التشدّد، لأنّه بعد تعرّض كرامة الجيش للإهانة، وعسكريّيه وضبّاطه للقتل، لم يكن بإمكان أيّ طرف في لبنان الوقوف إلى جانب المعتدين. وهذا ما أسفر عن خسارة الأسير، ورقة الإصطفاف المذهبي والسياسي، والتي كان يمكنه أن يلعبها، في ما لوّ نفّذ تهديداته الأمنيّة ضد شقق "حزب الله" في عبرا. لكن وبعد أن تحوّلت وجهة سلاحه إلى صدور الجيش، خسر هذه الورقة الثمينة، خاصة وأنّه في الفترة الأخيرة تعرّض لفضيحة إستخباريّة تمثّلت بتسريب إزدرائه بالدين المسيحي، في الوقت الذي نمت فيه خلافاته مع شخصيّات سنّية سياسيّة فاعلة، ترفض سياسته الهجوميّة المتهوّرة والمتفلّتة من أيّ ضوابط، بغض النظر عن الحجج التي يُطلقها، والتي كان يمكن أن تكون مقبولة أو محط تفهّم على الأقلّ، لو أنها لم تترافق مع تصرّفات ميدانية لا تتناسب مع واقع القوى على الأرض، ولا تتوافق مع الوضع الأمني الحسّاس جداً في البلاد.
 
والأمل اليوم، أن ينجح الجيش في إنهاء هذه المشكلة نهائياً بأقل حجم من الخسائر الممكنة، لأنّ الكلفة صارت من الآن باهظة جداً. والأمل أيضاً أن لا يغلب الوتر المذهبي على أيّ جهة كانت، فيبقى الصراع في إطار إعتداء مرفوض وغادر على الجيش، تسهيلاً لإعادة الأمور إلى طبيعتها في أسرع وقت ممكن

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/06/26



كتابة تعليق لموضوع : الاسباب التي دفعت الجيش اللبناني إلى تنفيذ الهجوم الحاسم بصيدا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net