صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

الذئب الابيض ! ح11
حيدر الحد راوي

صبيحة اليوم التالي , تقدم الملك ابو كرشوله برفقة اربعة من مقاتليه , وطلب الذئب الابيض للمبارزة , تمعن الاخير في وجوه محاربيه واختار اربعة منهم , جعار , عياش , نغماش , نومان , فأشتبك الجميع في قتال حامي الوطيس , دفاع وهجوم , تراجع وتقدم , حتى سمع الذئب الابيض هتافات جيش ابو كرشوله , توقف ليتفحص محاربيه , فشاهد نومان ساقطا على الارض , استجمع قواه , واندفع بعنف نحو ابا كرشوله , حتى سمع هتافات الجيش المعادي , فعلم ان محاربا اخر قد سقط , لم يلتفت اليه واستمر في المبارزة , غير مباليا لمن يسقط من محاربيه , عازما على ان يجهز عليه , فينهي القتال لصالحه , ما يمنع المزيد من سفك الدماء . 

طرقت مسامعه صرخة موت , صدرت من جعار , اعقبتها تهليلات المعسكر المقابل , ألتفت يمينا , فشاهد عياش لا يزال يقاتل بضراوة , لكن التعب والارهاق قد استولى عليه , وعلى حين غرة , فاجئه سيف المنية , ليلتحق بمن مضى من رفاقه . 

استمر الذئب الابيض وابو كرشوله في الاشتباك , بقتال عنيف , ربما لم تشهد سوح القتال نظيرا له , لم ينل احدهما من الاخر , فكلاهما كان بارعا في الدفاع ودرء الخطر عن نفسه , حتى نال منهما التعب , فقرر ابو كرشوله التوقف , لبدء المرحلة الثانية من القتال , وافق الذئب الابيض واختار الضابط هدال برفقة الف مقاتل وامرهم بالتقدم , بينما اختار ابو كرشوله ضابطا من ضباطه برفقة مئتي مقاتل فقط , فبادره الذئب الابيض سائلا : 

- لماذا تختار القليل من مقاتليك ... مع ما لديك من الوفرة العددية ؟ . 

- كي اريك مهارة جنودي في القتال ! . 

اشتبك الطرفان في قتال مرير , استمر ساعات عدة , رغم التفوق العددي لجنود الضابط هدال , الا انه لا يكاد يفلح في مواجهة هذا العدد القليل , وسقط الكثير من جنوده , بين قتيل وجريح , الى ان اصيب اصابة بالغة , فحاول التمسك بفرسه كي لا يسقط , وبدأت جنوده بالتفرق والتشرذم والانسحاب , فخاطب ابو كرشوله الذئب الابيض : 

- لقد هزمت مرة اخرى ! . 

- لم تنته المعركة بعد ! . 

- حسنا ... سنعيد الكرة غدا ... على ان يبدأ هجومي الشامل بعد غد ! . 

                        ******************************** 

اجتمع الذئب الابيض والمستشار الحكيم جوحي وقادة الجيش , محاولين ايجاد خطة من شأنها هزيمة ابو كرشوله وجيشه الجرار . 

- ليس هناك خطة تنفع ضد هذا العدد والعدة ... مع ما لديهم من المهارات القتالية الفائقة ! . 

- لابد من مخرج من هذه الازمة ! . 

                     ***************************** 

كان جيش الذئب الابيض يسترق النظر في معسكر ابو كرشوله ليلا , حيث الكثير من النيران المعدة للطبخ والانارة , ويستمعون الى اصوات المعازف والمغنيات , وكأنهم في نزهة , فقال احد الجنود لرفاقه : 

- لو شنوا علينا هجومنا شاملا لما بقي منا احد ! . 

- لا نستطيع الصمود امامهم ابدا ! . 

- من المحتمل ان يشنوا هجومهم الشامل غدا ! . 

- من الاسلم لنا ان نترك المكان ... ونعود من حيث اتينا ... او نختبأ في مكان ما حتى تنته الحرب ! . 

- لم اعد اثق بقدرات الذئب الابيض في الانتصار ... الم تروا انه ورفاقه المحاربين هزموا مرتين ! . 

- يجب ان تعلموا ان ابو كرشوله لا يقتل الامنين في بيوتهم ... فمن الاسلم لنا ان نعود الى بيوتنا ! . 

تركوا اسلحتهم ودروعهم وهربوا , والتحق بهم اخرون , بعد ان استولى عليهم اليأس والقنوط . 

                            ********************************* 

في صبيحة اليوم الثالث , وصل الملوك الخمسة , واعدت لهم منصة تطل على ميدان الحرب , تهلل الجنود طربا لذلك , وملئهم عزيمة , لكن احد الضباط جاء مسرعا نحو الذئب الابيض ليخبره ان الكثير من الجنود قد تركوا اماكنهم ليلا وهربوا , فازدادت المحنة عليه , وطلب منه ان لا يخبر الملوك وقال لرفاقه : 

- لا نريد عددا بلا فائدة ! .

تقدم ابو كرشوله برفقه اربعة مقاتلين , طالبا المبارزة , تفحص الذئب الابيض الوجوه واختار اربعة , سندال , طرنان , عساف , اكريمد , واشتبكوا كالعادة , الجميع كان يراقب بحذر وريبة , وشاهدوا مصرع طرنان وعساف واكريمد , فتوجهت الانظار نحو سندال , الذي لا يزال يقاتل بشراسة , تليفه كانت تمسك غمد سيفها , بقلق وتوتر , بينما نجود نهضت من كرسيها تنظر وتترقب وكأنها شعلة متقدة من النار , اثناء ذلك , تعثر سندال بجثة احد رفاقه , وسقط الى الارض , فهام مبارزه بالاجهاز عليه وهو في هذه الحالة , لكنه تدارك الموقف , وتناول خنجرا كان قد شده على ساقه , فطعنه به , وارداه قتيلا , فتنفس معسكر الذئب الابيض والملوك الصعداء , وتصاعدت الهتافات بالنصر , وقال الذئب الابيض : 

- هذا فأل حسن ! .    

لكن ذلك لم يدم طويلا , فألتف حول سندال المبارزين الثلاثة الاخرين , وحملوا عليه , وأخذ يتفادى الضربات , فأسرعت تليفه لنجدته , بينما لم تصبر نجود على ذلك , وهي تشاهد امها وابيها في ميدان القتال , فتناولت سيفا وهمت باللحوق بهما , فحاول الملك طامي منعها , وكذلك الملوك الاخرون , لكنها رفضت واصرت على ذلك . 

اشتبك سندال مع احدهم , وكذلك تليفه , واختارت نجود مبارزة الثالث , فطلب منهم الذئب الابيض الانسحاب لكنهم رفضوا واصروا على القتال , واعترض سندال وتليفه على ابنتهما قائلين : 

- نجود ... انت زوجة الملك ... يجب ان تعودي الان ! . 

- كلا ... اما ان نموت معا او نحيا معا ! . 

بحركات خفيفة , وبرشاقة تامة , تمكنت نجود من صرع مبارزها , فأندفع سندال بقوة , وبحركة مباغته اجهز على مبارزه , تعالت هتافات المعسكر بالنصر , وبدأ مبارز تليفه بالتعب وفقدان الهمة , حتى تمكنت تليفه منه بضربة خاطفة , عند ذاك امرهم الذئب الابيض بالعودة الى المعسكر , فأطاعوا الاوامر , واستمر هو في منازلة ابا كرشوله , حتى اجهدهما التعب , وتوقفا عن القتال للانتقال الى المرحلة الثانية , امر الذئب الابيض الضابط شنيور برفقة الفي جندي هذه المرة بالتقدم , بينما امر ابو كرشوله احد ضباطه بالتقدم برفقة الف مقاتل , فأشتبك الجمعان , واستمر فترة اطول , بذل فيها الجميع قصارى جهودهم لايقاع الاذى بالطرف الاخر , لكن جنود ابو كرشوله كانوا الاكثر مهارة , فكبدوهم خسائر كثيرة , وعاد الضابط شنيور بخسائر فادحة ! . 

                            ********************************* 

في وقت مبكر من الليل , بينما كانوا يدرسون الموقف , نهض الذئب الابيض فرحا مستبشرا فقال : 

- وجدتها ! . 

فطلب من المستشار الحكيم جوحي ان يرافقه على عجل , امتطيا حصانيهما واسرعا نحو البحر , فوصلا الى الساحل , ترجلا , فقال المستشار الحكيم جوحي : 

- اتعتقد انه سيوافق ؟ . 

- يجب ان نقنعه بذلك ! .        

تمشيا قرب الساحل , وهتفا بصوت عال : 

- كباشي ... كباشي ! . 

انتظرا طويلا , وتفحصا كل الاتجاهات , حتى سمعا صوت فقاعات ماء , ولاحظا ان الماء بدأ يموج , فخرج الوحش كباشي , ناظرا لهما بريبة وقلق , فبادرهما قائلا : 

- ايها الذئب الابيض ماذا تريد مني ... لقد قتلت ابي .. وفقأت عيني ... فماذا تريد اكثر من ذلك ؟ . 

- كباشي ... جئناك لنتفق معك ! . 

- على ماذا ؟ . 

شرع المستشار الحكيم جوحي بالتفاوض معه , شرح له الموقف , محاولا اقناعه بأي وسيلة , ووعده ان ينفذ له كل طلباته , لكنه كان يحدق في الذئب الابيض , فقال له الاخير : 

- اعلم ما ترمي اليه ... لكنك يجب ان تعلم ان ابوك كان شريرا .  

ثم نهض الذئب الابيض , تجول قليلا , واردف قائلا : 

- كان بأمكاني الاجهاز عليك تلك المرة ... لكني خشيت ان ينقرض نسلكم ... اعدك اني سأجد في البحث لك عن زوجة ... تؤنسك وتحفظ نسلكم من الانقراض ... وتخرجك من عزلتك ! .   

اطرق الوحش كباشي , يستمع بأنتباه شديد لكل منهما , فدخل في صراع مع نفسه , ايبقى على ما هو عليه , محتفظا بتركة ابيه الوحش الشرير , ام يتخلص من الشر ليتحول الى عنصر مفيدا في هذا الكون , فحدق في البحر , حيث يسكن وحيدا فريدا , ونظر اليهما , فآثر ان يعيش بين اصدقاء يحبهم ويحبونه , بعد ان اعتقد ان الناس ستحبه ان استطاع درء الخطر عنهم , فأعلن بشجاعة موافقته . 

تهلل الذئب الابيض والمستشار الحكيم جوحي طربا , وقفزا في الهواء فرحا , فتساءل كباشي : 

- هل لديكما خطة ؟ . 

اجابه الذئب الابيض بفرح وانشراح : 

- نعم ! . 

- اين موقعي منها ؟ . 

شرح له الذئب الابيض الخطة , وبين له موقعه منها , فوعدهما ان يكون في المكان المحدد والزمان المعلوم , واقفلا عائدين مسرعين الى المعسكر , حيث اجتمعا بالضباط والقادة في وقت متأخر من الليل , واستمع الجميع بأنتباه شديد  لشرح الذئب الابيض .  

                         ******************** يتبع انشاء الله  


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/06/29



كتابة تعليق لموضوع : الذئب الابيض ! ح11
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net