صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

المُلاوَمَة!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

والمُلاوَمة: أن تلوم رجلا ويلومك.

وتلاوموا: لام بعضهم بعضا.

واللوم: العَذْل.

ونقول: لام يلوم ولائم.

ويلومه ويلوم غيره ولا يلوم نفسه!

وفي اللوم سلوك إسقاطي , وآليات خداع وتضليل للنفس والعقل , وتحريف للحقائق وإغفال للأسباب , وإنكار للنتائج والتداعيات.

والتفكير في مجتمعنا يتحدد بهذه النظرية القاهرة للإبداع والإبتكار والتقدم , وبسببه صار الميل السائد عبارة عن إستثمار في الملاومة , وإمعان في إستلطاف لِما تشير إليه وتعبّر عنه من وسائل وتفاعلات , تؤكدها وتفرزها وتجعلها موروثا بايولوجيا وإجتماعيا , قائما ودائبا في عروق الأجيال.

نتعلم ذلك منذ الصغر , فإذا أخطأنا أنكرنا المسؤولية وألقيناها على الآخر. 

والأب والأم يساهمان في ذلك , لأن عيونهما لا ترى خطأ أبئائهما , وكل ما يقومان به , هو تنزيه سلوك الطفل وتحريره من المسؤولية.

أبناؤنا لا يفعلون كذا وكذا , ولابد أن يكون الآخر.

ووفقا لهذه الآليات المتبادلة , تنمو في نفوسنا قدرات اللامسؤولية , وعدم الإعتراف بالخطأ , ونندفع بإتهام الآخر , فترانا نتحدث عن المؤامرة على مستوى الفرد والمجتمع والوطن.

وفكرة المؤامرة , في معظم مراميها , محاولة للتنصل عن المسؤولية , وعدم الإعتراف بالخطأ , نرى ذلك في أنظمة عربية معاصرة وسابقة , وهي تعبر عن فقدان قدرات الرؤية الواقعية والعلمية والتحليلية والمراجعة والنقد.

إن المجتمعات التي تتعلم آلية الملاومة تتهاوى في وديان الخسران , لأنها تبدد طاقاتها وتمحق قدراتها , ولا تستطيع إبصار السبيل إلى المستقبل الأفضل , وتتحجم رؤيتها وتتصاغر في مكانها, الذي يزداد ضيقا واضطرابا وتفاقما.

وما نراه من إنحدار إلى مدارات إنقراضية ضيقة , كالطائفية والمذهبية والتحزبية والفئوية والفردية , وغيرها من دواعي التشظي والإنهيار والإندثار , لدليل أليم على آليات الملاومة الفاعلة في عروق المجتمع, والتي ستلغي وجود الوطن كدولة , والمجتمع ككيان إنساني حضاري قاعل في صناعة الحياة الأفضل.

ومن يتعمق في دوافع التشظي والتفتت , يكتشف أن المشاعر السلبية والأفكار المتفقة معها , والناجمة عن نوازع الملاومة الخفية والدفينة فينا , هي التي تتفاعل بضراوة لصناعة الصيرورة الضارة بالمجتمع والوطن وتدمير المصلحة العامة.

إن وعي آليات الملاومة , وإدراك الوسائل اللازمة لتفاديها ومناوءتها , تحقق حضورا معاصرا للإنسان , وتنمي طاقات المجتمع , وتحمي الوطن من الإنهيار والدمار.

فلماذا لا ننظر في أنفسنا , ونبحث عن الآليات المعوقة للمحبة والرحمة والبناء , والتفاعل الجماعي الوطني الصالح.

لماذا لا ندرك أسباب ضعفنا الحقيقية , ونطرد سراب النكران والتبرير,  ونلعن الإسقاط , ونعرف كيف نتفاعل من أجل مصالحنا الوطنية والإنسانية , وثرواتنا ومستقبل أجيالتا.

إنها مسؤولية وطنية حضارية علينا أن نكون أهلا لها.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/07/05



كتابة تعليق لموضوع : المُلاوَمَة!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net