صفحة الكاتب : عامر هادي العيساوي

المصالحة الوطنية غطاء للاقتتال الطائفي
عامر هادي العيساوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

يروى في الأوساط الشعبية ولا ادري ما مقدار دقة تلك الرواية ودرجة صحتها بان احد المقربين جدا  من صدام حسين سأله يوما عن الحكمة من زج العراقيين في سلسلة من الحروب والأزمات المفتعلة والمتاعب الدائمة فلا تكاد تهدا عاصفة حتى تثور أخرى اشد وأقوى  ولا تكاد تنطفئ نيران حتى تشتعل أخرى  فأجابه   (الرئيس القائد حفظه الله ورعاه ) بان  يأتيه في اليوم التالي بعدد من الفئران وهكذا ومن دون مناقشة او استفهام او تردد(ومن يناقش السيد الرئيس القائد ؟) احضرا لرجل بعد عدة أيام الفئران المطلوبة وجاء بها ثم مثل في حضرة  الدكتاتور فقام الاخيرفورا بإطلاقها في إحدى الغرف المحكمة وطلب من الرجل الإمساك بها وبعد ساعات مضنية أعلن صاحبنا فشله في أداء تلك المهمة وهنا أمر صدام بان توضع تلك الفئران في كيس ثم قام بتحريك ذلك الكيس بها في كل الاتجاهات لدقائق ثم أطلقها في نفس الغرفة وأمر الرجل بالقبض عليها فتم له ذلك بيسر وسهولة وهنا فال( الرئيس القائد) بعدما فتل شاربه الكث متفاخرا ( إن حركة الفئران العبثية داخل الكيس أتعبتها وأضعفت قدرتها على المقاومة وهذا هو حال العراقيين فإنهم إذا لم يتعبوا فسوف لن يستكينوا ) .
ويبدوا أن (الجماعة ) استفادوا من هذه الحكمة الذهبية في أوقات مبكرة ومنذ أن كانوا في منافيهم في مختلف بقاع الأرض فقرروا إشعال الفتنة منذ اللحظات الأولى التي وطأت أقدامهم ارض العراق وأقدموا على تشكيل مجلس الحكم وهكذا ظهرت الطائفية المقيتة بأبشع صورها وظهرت العنصرية الشوفينية ومزقت وحدة العراقيين وحولتهم إلى شراذم متناحرة يقتل بعضها بعضا .
إن الفارق الوحيد بين هؤلاء وأولئك أن صدام حسين كان حريصا على إشعال الحروب مع عدو خارجي يصنعه ويخترعه بما يناسب نزعاته وطموحاته المريضة في أن يصبح بطلا قوميا وزعيما أوحدا للأمة العربية  وهذا ما يفسر حربه مع إيران وغزوه للكويت ,أما أصحابنا فإنهم  حريصون على  إشعال الفتن الداخلية بالاستعانة بالخارج الإقليمي والدولي بين مكونات الشعب العراقي من شيعة وسنة وأكراد بعدما نجحوا في دق الأسافين بينها منذ الأيام الأولى التي تلت سقوط صدام حسين في التاسع من نيسان عام 2003. والغريب انك لو سالت احد صقور هذا الحزب او ذاك عن المصلحة او الجدوى  من إثارة هذه النعرات لأجابك فورا  بان( الاستعمار والصهيونية ) يقف وراء إثارتها وهذا اعتراف ضمني بان الرجل وحزبه ربما كان واحدا من أدواتهما .
وفي الوقت الذي تتجه فيه شعوب العالم المتقدم باتجاه نبذ العنف والحروب وتشكيل الكتل الاقتصادية العملاقة كالاتحاد الأوربي مثلا يتجه العراق ومعه العرب إلى اقتتال داخلي مرير ومجاني يشبه إلى حد كبير اقتتال مشجعي فريقين رياضيين بعد ان حسم الأمر بينهما بفوز احدهما على الآخر .
علينا أن نعترف بان العرب بعد سقوط بغداد على يد هولاكو أصابهم الضعف وفتك بهم الجهل والتخلف  والتشرذم بينما تنتصب في جوارهم دولتان عظيمتان تتنافسان على بسط نفوذهما على ديارهم  هما تركيا العثمانية وإيران الصفوية  ومن اجل تسهيل تلك المهمة أثارتا النزعات الطائفية ,إن أصل الطائفية من صنع هاتين الإمبراطوريتين الغابرتين .
وخلاصة القول فان الشحن العرقي والطائفي اليوم لا يمكن أن يكون من مصلحة الشعب العراقي وهو في آخر المطاف يصب في مصلحة هذه الدولة او تلك من دول الجوار او غيرها  وهو من صنع النخب السياسية الحاكمة بكل أطيافها وألوانها , وأما المصالحة الوطنية فما هي إلا غطاء يستخدم لإخفاء هذه الحقيقة وان حال  القائمين عليها كمثل ذلك الرجل الذي أشعل نارا في قريته ثم صرخ بأعلى صوته (حيهم )من اجل استنفار الآخرين  لإطفاء تلك الحرائق التي هي من صنع يده.
ولعل المؤلم  حقا تخصيص ألاف المليارات في هذا الباب وذهاب اغلبها في أبواب الفساد المالي او في شراء الذمم لصالح هذه الفئة السياسية او تلك في الوقت الذي يتضور فيه جوعا يتامى مغامرات وقادسيات السياسيين ومغامراتهم في مختلف العصور.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عامر هادي العيساوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/07/21



كتابة تعليق لموضوع : المصالحة الوطنية غطاء للاقتتال الطائفي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net