صفحة الكاتب : عبد الكاظم حسن الجابري

ليت لحكومتنا " طنطل"
عبد الكاظم حسن الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

لا زالت تعيش في مخيلتي تلك الهيئة الغريبة والعجيبة لذلك المخلوق الغريب ذي العينين الطوليتين والاذنين واليدين الطويلتين حسب ما كان يصفه كبار السن لنا مخلوق يمتاز بصفات لم ارها ابدا , ذلك المخلوق كان جزءا من تراثنا اهلنا واجدادنا في مناطق اهوار جنوب العراق في ناحية الطار التابعة لمحافظة ذي قار , لقد كان اهلنا يتحدثون بخوف ورعب عن ذلك المخلوق , وكانوا كلما ارادوا ان يمنعونا وينهونا عن شئ يهددونا بذلك الكائن المسمى " الطنطل "
لقد كان هاجس طفولتي وطفولة اقراني هو الخوف والترقب من " الطنطل " فلا اكاد اراني اسير في طريق وخصوصا ليلا الا واتلفت من حولي علني اصد هجوم متوقع لهذا المخلوق ولعمري كنت اشك في نفسي هل انا قادر على صد مثل هذا الهجوم ام لا , لذا كنت اتسلح بأسلحة بدائية بسيطة تنسجم مع امكانيتي كطفل فقد كنت احمل احيانا عصى صغيرة او قصبة او مجموعة من الحجارة لأرد الهجوم .
كبرنا وكبر  معنا هاجسنا , وبقي الطنطل يلقي علينا بظلالة خشية ارتكاب اي مخالفة , فلا اكاد اتصرف بتصرف بعيد عن اللياقات الاجتماعية الا وكان اهلي يهددوني بهذا الوحش الكاسر حتى وصل الامر الى اني اذا لم انم الظهر فان الطنطل سيفتك بي .
وبعد ان بدانا نفهم الحياة وتقدمنا بالدراسة وانتقلنا الى مدينة اكبر واوسع واعمق ثقافة , شاءت الصدف ان التقي بعض الباحثين الاجتماعيين لأسالهم عن " الطنطل " الذي تبين لي انه كائن خرافي , وكنت اسالهم لمَ كان اهلنا يجعلون من الطنطل هاجس لهم .
حصلت على اجوبة متعددة وبصياغات مختلفة وكان تلتقي وتشترك في نقطة واحدة وهي "إن بساطة العيش التي كان يعيشها سلفنا وبُعد دورهم عن بعضهم ولوجود تهديديات سواء من قطاعي الطرق او لصوص المنازل ولصوص الدواب اضافة  الى تهديدات بعض الحيوانات في اتلاف المزروعات كالخنازير والجاموس والبقر جعل منهم ان يصوروا تهديداً وشيكا يجعلهم يقظين وتم تصوير هذا التهديد بهيئة الطنطل " .
وضمن سياقات الانفلات الامني الذي فتك بابناء شعبنا والترهل الاداري والسياسي والفساد المستشري , دفعني التامل بهذه السياقات ان اتمنى ان يكون للحكومة طنطل يجعلها يقظها , فلو اخذنا المؤسسة الامنية - التي تسمى مؤسسة - في حين انها في جوهرها عبارة عن وحدات تفقد للتنسيق والتخطيط الامني ولا تفكر بالتهدديات الحقيقة وكيفية صدها ف " طنطل " المفخخات والارهاب يفتك بالشارع العراقي يوميا ولكن الاجهزة الامنية لم تمسك عصا او حجارة كالتي مسكتها في طفولتي , فنرى عنصر الامن واثناء واجبه يضع ال (الهيد فون) ويستمع وربما يتراقص طربا مع الاغنية التي يسمعها , كذلك سمعنا وعشنا حالات غريبة عجيبة عن هذه المؤسسة , فبعض الضباط من مسؤولي السيطرات يفرض اتاوةً على جنوده الذين يتكفلون الواجب في السيطرة , فيشترط عليهم انه يريد منهم مثلا (دفتر) اي عشرة الاف دولار لليوم الواحد مما يظطر الجندي ان ياخذ الرشى من السيارات التي تمر على هذه السيطرة , ولكم أن تعرفوا كم من اسلحة ومفخخات تمر بهذه الطريقة .
ان الادهى والأَمَر والذي يعد سببا من اسباب الانحطاط الامني هو ان تكليف الرتب العالية بمناصب قيادات متقدمة لا يتم الا بدفع مبالغ خياليه فقد همس احدهم باذني ان سعر منصب قائد فرقة وصل الى (50دفتر) كما يقولون اي نصف مليون دولار وبهذه الكيفية يُطرَح أمامنا سؤال هو كيف سيسدد من يتسنم المنصب هذا المبلغ , اليس أنه سيتم بتعاونه مع الارهابين لتيسير عملية تنفيذهم للعمليات الارهابية .
إن سبب انحلال المؤسسة العسكرية يمكن ان نحدده ونلخصة بعدة نقاط :
1-عدم وجود وزراء اصيلين للدفاع والداخلية بل تدار هاتين الوزارتين عن طريق الوكالة .
2- تعيين ضباط من كبار من ضباط البعث وممن كانوا مشمولين باجتثاث البعث في مناصب قيادية عليا في الوزارات الامنية .
3- التعيين على اساس المحسوبية والمنسوبية ونسبة الولاء والطاعة لشخص القائد العام للقوات المسلحة .
4-التستر والتكتم على الفساد المالي والاداري في هذه المؤسسات من قبل الحكومة .
5- عدم محاسبة كبار الضباط ممن قصروا ويقصروا في واجباتهم بل على العكس نرى انهم يكافؤون ويُرَقَوْنَ في السلك الامني .
5- غياب التخطيط والتنسيق الامني وعدم وجود خطط بديلة وسريعة لصد الهجمات خصوصا ان العدو يغير بين فترة واخرى من تكتيكاته .
ان كل ما ذكرناه اضافة للأخطاء الفردية لعناصر الامن جعل من العراق ساحة لعمليات القتل والارهاب وصار من ينتقد المؤسسة الامنية عنصرا يدعم الارهاب ولا يريد الاستقرار للعراق بنظر الحكومة وبدل من ان تخاف وتخشى الطنطل (الارهاب ) نرى ان الحكومة وابواقها ينقلبون طناطله ضد المنتقدين .
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الكاظم حسن الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/07/30



كتابة تعليق لموضوع : ليت لحكومتنا " طنطل"
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net