صفحة الكاتب : باقر العراقي

متى يطيبُ الموت ...... يا عرب؟
باقر العراقي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ما يجري حالياً في العراق من أحداثٍ مأساوية ، إجتاز المراحل التاريخية السابقة ، وحصد الكثير من الأرقام القياسية التي صمدت لعقود قبل إحتلال العراق عام 2003 م ، فالقتل اليومي أصبح بالمئات بدل العشرات ، والسيارات المفخخة في تزايد مستمر ، تنخفض أعدادها تارةً ، وتصعدُ أخرى ، وتتناسب تناسباً طردياً مع مزاج السياسيين السيئ ، والأزمات الداخلية المتوالدة ، حسب تسعيرة الدم العراقي في أسواقِ الخليج والعالم العربي .. المنطقة الخضراء آمنه بمسئوليها ..الفساد الإداري والمالي وصل إلى أرقام خيالية ، وأخذ يهدد حياة المواطن البسيط ، و يصبح انفجاريا ،( حاله حال الميزانيات الانفجارية الضخمة ) وأضحت رائحته تزكم أنوف المفسدين قبل غيرهم ، مما جعل أعلى هرم السلطة التنفيذية يعترف صراحة ، وأمام الملأ والإعلام بعجزهِ ، وفشل وزاراتهِ في إدارة ملفات الكهرباء والتجارة والأمن ، والخدمات التي تهم المواطن أولا ، وأخذَ يكيلُ التهمَ لوكلائهِ  ووزراءه ، وبحالةٍ هستيرية لا تخلو من شتائم وكلمات نابية ، ليخلي مسؤوليته تماما عما يجري ، عازيا الأسباب إلى خداعه وتضليله من قبل مساعديه ، وبالمقابل فإن وكيله لشؤون الطاقة دافعَ عن نفسه ورمى الكرة في ملعب رئيسهِ ووزارة الكهرباء معا ، ويبقى السجالُ محتدماً على أشده ، ولا ندري أيُ أدارةٍ حديثة هذه التي تجعل من المسئول الأول في البلد العوبه بيد غيره من الوزراء والوكلاء والمستشارين الأمنيين ، ,وآخرها ما حصلَ في  أكبر عملية تهريبٍ لسجناء خطرين تراوحت أعدادهم بالمئات ، من سجني التاجي وأبو غريب ، والذي عبرَ عنهُ الانتربول الدولي (بأنَ عملية الهروب تمثل أكبر تهديد للمنطقة والسلم الدولي برمته )، وقال عنها إمام جمعة كربلاء : (بأنها فضيحة ما بعدها فضيحة ) وبالتأكيد هي فضيحة للحكومة ولمن فيها فقط ، ولا دخل لفقراء الوطن بها ، أما المسئولون فلا أقوال لديهم سوى التبرير ، والبحث عن أكباش فداء صغيرة لهذه القضية أسوة بالقضايا السابقة ..

 

وبرغم كل ما حصل لا نرى ردة فعل مناسبة من علية القوم  ، ولا سبب غيرَ أنهم عَتقوا تحمل المسؤولية والواجب الوطني ، وهذا يذكرنا بعكس ِ ما فعلهُ الملك فيصل الأول أثناء الاستحواذ العثماني على البلاد العربية ، عندما كان يحرضُ الضباط العرب والمثقفين على الوقوف ضد السياسات العثمانية .وعلى إثر ذلك قام العثماني جمال باشا والي الشام باعتقال مجموعة من الضباط العرب الموالين للثورة العربية ، وجرت محاكمتهم بتهمة الاتصال بالدول الأجنبية ، وخيانة خلافة الدولة العلية المتمثلة بالصدر الأعظم ، فعندما كان فيصل الأول في ضيافة احد الأعيان في سوريا وصله رسول من دمشق  ، أخبره بشنق سبعة من الضباط المتهمين ، فخيم الوجوم على الحاضرين ، وقرأ بعضهم سورة الفاتحة ، إلا أن فيصل قفز واقفا ، كمن أصابه مس من الجن ، فأنتزع الكوفية من على رأسه ، ورمى بها على الأرض ، وداسها بعنف وصاح : ( الآن طاب الموت يا عرب ) ، في إشارة واضحة لعدم قبوله بالخنوع والذل برغم قوة وجبروت السلاطين العثمانيين آنذاك ، وبالفعل بعد ذلك بفترة قليلة قام بثورة كبيرة استطاع فيها طرد  العثمانيين من البلاد العربية والى الابد ..

 

وعلى الرغم من إننا قد نختلف مع الملك فيصل في كثير من القضايا التي تهم الأمة ، لكونه صاحب التأثير الأكبر في صناعة تاريخ العراق الحديث ، إلا انه سجل هذا الموقف الذي ينم عن شجاعة قائد يحتذى به في ظروف عصيبة .

 

وعودا على بدء ،  أين نحن من أخر نصر للإرهاب علينا ؟ ، فلجنة تقصي الحقائق واللجان الفرعية في هذه القضية ، كان ضحيتها الحراس وصغار الموظفين ، وأمر من القائد العام بطرد مدير عام السجون ، وربما أحالته على التقاعد وبراتب محترم لأخر يوم في حياته ، تبع ذلك كيل هادر من التهم الموجهة ، بين وزير العدل (ووكلاء ) الداخلية والدفاع والاستخبارات ، وباقي الوكالات الأمنية التي ابتلينا بها في هذه الحكومة ، وكأن بطون الأمهات العراقيات كلت عن إنجاب رجال لهذه المناصب التي  تهم حياة الناس وأمانهم ..

 

فإذا كانت الحمية ماتت ، والشمائل شلت ، وبات الفساد والإرهاب يأكل المستضعفين يوميا كذئب يأكل الأغنام فرادى ، وكأن الشعب عاد ليقاوم ديكتاتور متجبر ....وما عزاؤنا إلا في أبيات احد الشعراء حين قال  :

 

 أَفيْ الضُحى وعيون الجُندِ ناظرةٌ                      تُسبى النِساءُ ويؤذى الأهلُ والحشمُ

 

 وَيُسفكُ الدمُ في أرضٍ مُقَدسَــــةٍ                       وتُستباحُ بِها الأعراضُ والحــــــرمُ

 

 ما كانَ طه لرهطِ الفاســـــقين أباً                     وآل النبي بأعلامِ الهــــــــدى خُتِموا  


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


باقر العراقي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/08/04



كتابة تعليق لموضوع : متى يطيبُ الموت ...... يا عرب؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net