صفحة الكاتب : وائل الطائي

في مثل هذا اليوم فجع الشيخ الوائلي وعائلته بإعتقال نجله الأوسط الشهيد الأستاذ محمد حسين الوائلي في النجف الأشرف
وائل الطائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
في مثل هذا اليوم فجع الشيخ الوائلي وعائلته بإعتقال نجله الأوسط الشهيد الأستاذ محمد حسين الوائلي في النجف الأشرف أثر حملة إعتقالات أجرتها سلطة البعث الكافر في المدينة فطالت جمع من طليعة شبابها وعلى رأسهم أنجال العلماء والخطباء ومنهم أستاذنا الشهيد محمد حسين الوائلي .
 
وإليكم هذه السيرة المقتضبة لهذا البطل الذي كان وائليا كبيرا كأبيه الوائلي الأكبر .. وفاءً منا لحقه علينا بإستذكار سيرته العطرة في يوم إعتقاله وذهابه للرحمن شهيدا شاهدا على ظلم وتعسف طال الشيخ الوائلي وعائلته .. 
 
الشهيد الأستاذ محمد حسين أحمد الوائلي
(( 1954 - 1982 ))
 
تحقيق : وائل الطائي / مؤسسة الشيخ الوائلي - بغداد
 
هو الأستاذ محمد حسين بن الشيخ أحمد بن الشيخ حسون بن الشيخ سعيد بن الشيخ حمود آل حرج الوائلي الليثي الكناني العدناني، النجل الأوسط للشيخ أحمد الوائلي (رح).
والدته هي المغفور لها العلوية كريمة المرحوم السيد محمد حسين السيد عيسى الطالقاني، من عائلة السادة آل الطالقاني الحسينيين من أهالي مدينة النجف الأشرف، والمتوفاة عام 1997 .
ولد في العام 1954 في النجف الأشرف، وفيها نشأ وترعرع وأكمل دراسته الإبتدائية والثانوية.
عرف عنه رحمه الله طيبة القلب والسماحة والفصاحة والوسامة وحبه للخير وفعله، وللعلم ونهجه، وتصديه لمسؤولية رعاية إخوته وأخواته وبره بوالدته وكان ذراعاً طولى لوالده مذ كان في الـ (17) من العمر والذي لكثرما كان يخلفه في بيته راعياً لأهله في المواسم التي يرحل فيها الشيخ الوائلي الى البلدان العربية ناشراً لعلوم اهل البيت(ع) .
توجه صوب مدينة بغداد ليكمل دراسته الجامعية فيها فقصد جامعتها الاولى والارقى في العراق وفي الوطن العربي وهي جامعة بغداد التي تعود عراقتها ولبناتها الاولى الى سنة 1908 ، فدرس في كلية الادارة والاقتصاد حاصلاً على شهادة البكالوريوس في إدارة الاعمال في العام 1979 .
ثم لم يكتف بالدراسات الأولية، فشد العزم خاطياً خطو أبيه الخطيب مقرراً إستكمال دراسته الأكاديمية، ليتم قبوله في الدراسات العليا في نفس كليته، فحصل منها على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال، عن رسالته الموسومة ( أنماط السلوك القيادي لمجموعة من القادة الاداريين في مؤسسات و منشآت القطر العراقي - دراسة نظرية و تطبيقية ) طبعت و نشرت في مجلة كلية الادارة والاقتصاد عام 1982 كرسالة، وستعكف مؤسسة الشيخ الوائلي – WSF على نشرها ككتاب في القريب العاجل بإذنه تعالى.
ثم توجه للتدريس الجامعي فاتخذ من كليته ببغداد منبراً للتدريس ، وتعداها الى المعهد الفني في النجف الأشرف. ولم يتوقف طموحه الى هذا الحد فاراد ان يستكمل مسيرة البحث العلمي بالحصول على شهادة الدكتوراه متأسياً بنهج أبيه الشيخ الخطيب ومطبقاً لماكان يبديه من نصحٍ الى شباب الأمة في السعي الحثيث للتقدم العلمي وأخذ الشهادات العليا للتخصصات العلمية لمختلف مناحي الحياة.
وما هي إلا أشهر من مسيرة التدريس والطموح، إلا وقامت حكومة البعث بالتنبه الى خطورة هذا التشبه بالوائلي الأب الذي ينهجه الوائلي الابن ، فقررت اعتقاله في ليلة جرح أمير المؤمنين (ع) في 19 من شهر رمضان من عام 1983 بتهمة تقربه من الجماعات الاسلامية فضلاً عن اتهامه بالإنتساب الى عائلة ذات سلوك ديني معروف ناهيك عن سببهم الأكبر للاعتقال والذي يعود الى كونه نجل المجرم الهارب أحمد الوائلي – على حد تعبير السلطة وقتها.
ولم يُعلَم بمصيره المجهول منذ ذلك الحين، مع المحاولات العديدة لعائلته بالاستفسار والتقصي لمعرفة ذلك المصير أو على الأقل العلم المبدأي ببقائه على قيد الحياة من عدمه. وظل هذا الحال طيلة 20 عام، عانت منه عائلة الشيخ الأمرين، ووُسموا في سجلات الحكومة بأنهم ليسوا ممن لهم حسن سيرة وسلوك ولهم نشاط مناهض لحكومة الحزب والثورة وينتمي لعائلتهم فرد معتقل لأغراض سياسية معادية للوطن، فماحال مَن تكون أيام معيشته بهذا الحال سواءٌ الأخوة أو الأخوات، أم الأم التي مافارقت لبس السواد حزناً على فراقه مذ أعتقل ، حتى فارقت الحياة بموتها في حسرتها على تغييب ولدها بعد 15 عام من اعتقاله.
وبعد اعتقاله (رحمه الله) أقدمت سلطات البعث المجرمة على جريمتها النكراء بإعدامه شنقاً في العام 1983، إذ لم تعلم عائلة الشيخ بخبر إعدام ولدها إلا بعد العام 2003 . وقد أخفت السلطات في وقتها مصيره عن أسماع الشيخ وعوائله، ولم يعثر له على جسد ليوارى الثرى في مكان نذكره للقراء في هذه الترجمة الى يومنا هذا، وأنما جـيء بذكره من ضمن أكثر من تحقيق وأمر إعدام عثر عليها في الوثائق التي توفرت لدى مؤسستي السجناء السياسين والشهداء العراقيتين بعد العام 2003 .
وحري بالذكر في هذه الترجمة أن نقول إنه قد أحبه أبوه حباً جماً ،فقد اعتمد عليه مستعيناً به في حياته التي قضاها الشيخ في العراق قبيل سفره واغترابه عنه، وبقيت جذوة هذا الحب متقدة لنجله عن بعد، فنجده (قدس) يبعث له من دار غربته بدمشق، مشاعر لهبى يجسدها بقصيدة هي من أروع قصائد الشعر الوجداني التي كتبها الشيخ الوائلي يتجلى ذلك حتى في تسميتها ( الطيف العاتب ) والتي نشرها بديوان شعره الأول المنشور من قبل دار أهل البيت / بيروت 1980، والتي يقول فيها :
 
توطـن عيني والنجوم غوارب لـعينيك طيـــــــف مرَّ بي وهو عاتب
يعاتبــني أني نســــيتك مدة وقــصرت عما يقتضـــيه التحـــابب
فانك نـــور في عيوني ونابض بقلبي وحــب في كياني ضـــارب
بني (حسين) استأسد الشوق والهوى على البعد فرض في المضاجع ضارب
ولكنــه ينزو ويهــدأ تــارة وبالـقلب من شــوقي لرؤياك دائب
فانك ان ازرى بي الدهــــر والعدى واخوتك الزغب الصغار الحبائب
بني وان طــالت بجسمك قــامة اعـوذها بالله واخضر شـــارب
بني تقاضاني الـهوى بعض مــاله فرحت وبي مما تقاضى متاعب
فجسمي بارض الشام والروح عندكم وقلبي الى واديكم يتـــــوائب
 
ولم يكتف بمخاطبة ولده عن هذه المشاعر ، ليتوجه الى شريكته بهذا المصاب بقصيدة ( الى أم محمد ) ليحاول التخفيف عنها لوعة ألم الفراق ، قائلا :
 
ذريني فما يجدي الملام ذريني وخلي سهادي في الوساد قريني
كلانا مقيم القلب عند (محمد) وان دونك السجان حال ودوني
حملنا المنى من كل ام و والد لكل مقيم بالسجون قطين
سلاف الحزانى الحزن (ام محمد) أجل فدعيني للشجون دعيني
وماجمع الروحين كابن مهذب وشدهما من ألفة بمكين
وعودي لباب الله (ام محمد) فما مثل باب الله باب ضمين
 
ثم عزز هاتين القصدتين بثالثة وهي قصيدة ( رسالة الى سجين ) ليعبر عن لوعة اشتياقه لفلذة كبده النائي عن باصريه، ليسطر لنا صوراً من الشعر الاجتماعي الحزين وهو يلوك لوعات الاحساس بمن سجنوا له ولداً مخاطباً إياه أن اخرج من السجن فقد يفرحك أني قد هيأت لك عروساً كباقي الشباب ، ليقول :
 
خفف الله عنك يا اعصابي ولو ان الاعباء فوق النصاب
ولدي طوح الاسى بسروره فانا لوعة وفرط اكتئاب
ايها السجن هل علمت بمن فيك من القابعين في سرداب
اخذوه وخلفه قلب أمٍ مثل خفق الجناح في الاضطراب
وأب يصرخ الذهول بعينيه ويشتد فاقدا للصواب
مالديهم الا سؤال لماذا أدخلو السجن دونما أسباب
 
وهكذا عاش صاحب الـ ( 27 ) ربيعا رهين سجنين، سجن الحياة القلقة جراء فراق الوالد المغترب، وسجن الطغاة الظالمين والذي أمسى نهايةً لحياة عاشها (رح) بظروف عصيبة مرت بالعراق في مطلع ومنتصف السبعينيات من القرن المنصرم، فشهد أياماً من التضييق والمحاربة كسائر أفراد عائلة الشيخ الوائلي.
ولم يهنأ بزواج كي نكنيه لكنما نقول له : رحمك الله (أبا جاسم) من سجين تجرع مر حياة لم يحيـها إلا كبيراً مخلداً منتسباً إلى الوائلي الكبير ، فارفل بعز وهناء شهيداً في جنات النعيم، ليجمع الله شملك بامك وأبيك مع الأبرار والصديقين ، انه المنان ذو الفضل الكريم، والحمد لله رب العالمين .
حررت في بغداد 19 رمضان 1433 هـ 
• مقال موجز من تحقيق مصور لمقابلة مع عائلة الشهيد أجريت في بغداد والنجف الأشرف عام 2003 ، ستنشر بالتفصيل لاحقاً. 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


وائل الطائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/08/05



كتابة تعليق لموضوع : في مثل هذا اليوم فجع الشيخ الوائلي وعائلته بإعتقال نجله الأوسط الشهيد الأستاذ محمد حسين الوائلي في النجف الأشرف
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net