صفحة الكاتب : علي حسين كبايسي

القرضاوي و التوحيد الأموي
علي حسين كبايسي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

      بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الأطهار

 
يقول القرضاوي في كتابه المسمى الإيمان و الحياة  : (...كل ما يقوله أرسطو ومن تبعه عن الإله أنه ليس بجوهر ولا عرض وليس له بداية و لا نهاية وليس مركبا ولا جزءا من مركب وليس داخل العالم و ليس خارجه و لا متصلا به  و لا منفصلا عنه ، وهذه السلبيات لا تجعل الإله كائنا ...) ، و القرضاوي يزعم أنه أشعري العقيدة  ؟!! و ما أعتبره سلبيات في كلام أرسطو هو ما يقره ألاشاعرة و هو اعتقاد أهل السنة و الجماعة ، كيف لمن يدعي أنه أشعري لم يقرأ  كتاب إحياء علوم الدين للغزالي ، فيتعلم أن نفي الجوهر عن الإله يعني نفي الجسمية و الصورة ، و نفي العرض يعني نفي التغير من حال إلى حال وهذا من خصائص المادة ، و الإله ليس له بداية و لا نهاية ، و هذا ما يقره القرآن  ( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الحديد : 3] ) ، فالبداية و النهاية تعطي الحدية لله ، فتمنع اجتماع الأولية و الآخرية التي لا تتحقق إلا مع اللامتناهي فوق ما لا يتناهى ، ومنه نستخلص أن التوحيد الواحدي هو نفي الثاني ، والنظير و المثيل و التشبيه و الشريك ، ويبين أن الوحدة ليست بوحدة عددية ، فتجعل الله مسبوق بعدم و يليه ثان ، فالوحدة وحدة حقة حقيقية أي وحدة قهرية ( يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ [يوسف : 39] ) أي اللامتناهي فوق ما لا يتناهى ، و الله ليس مركبا ولا جزءا من مركب لأن المركب يفتقر إلى أجزائه ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص : 1] ) ، فمن أسماء الله الحسنى البسيط ( وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [الأعراف : 180] ) ، ومنه نستخلص أن التوحيد الأحدي يدل أن الله بسيط و ليس بمركب، الله ليس داخل العالم بمعنى عدم الاستغراق و الاحتواء ، و ليس خارجه بمعنى عدم وجود الضد و النفي ، و تكون النتيجة عدم كل من الاتصال و الانفصال ، فحسب المنطق العلوي : (داخل في الاشياء لا بممازجة وخارج عنها لا بمزايلة )، ومنه كل ما يقوله أرسطو ومن تبعه عن الإله ينفي صفات العجز و الافتقار تعال الله عنها ، فيستخلص أن العلامة المزعوم مجسم و مشبه و صاحب عقيدة فاسدة  ، وهذا لا يدعو للغرابة و التساؤل ، فالرجل وهابي من أتباع محمد بن عبد الوهاب النجدي ، أحفاد الإسلام الأموي ، الذي نظر له ابن تيمية الحراني مبتدع العقيدة الواسطية ، تلك العقيدة المجسمة و المشبهة عبدة الشاب الأمرد ، راجع كتاب بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية ص 290 الجزء السابع ، و لا يخفى على أحد التوحيد أساس الدين ففي نهج البلاغة  ( أول الدين معرفته ، وكمال معرفته التصديق به ، وكمال التصديق به توحيده ) ، ففساد التوحيد يعني بطلان كل شئ (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً [الفرقان : 23] ) .
 يعتبر القرضاوي أن محمد بن عبد الوهاب مصلح و موحد حارب الشرك و الخرافة ، وابن تيمية يعتبر الأشاعرة مخانيث المعتزلة  ، و أصحاب عقيدة باطلة ، وهذا تحصيل حاصل لمحمد بن عبد الوهاب ، فالنتيجة حسب منطق أرسطو : القرضاوي جاهل أو يقر بأن الأشعرية عقيدة فاسدة وباطلة !!!؟؟؟.
دائما مع هجوم  القرضاوي على أرسطو وفاءًا لأستاذه في التوحيد ابن تيمية الحراني يقول في كتابه المسمى تاريخنا المفترى عليه : ( إن هذا المنطق يقوم على المنهج القياسي ، لأن هذا المنهج هو روح الحضارة اليونانية القائمة على النظر الفلسفي و الفكري . ولم تترك الحضارة اليونانية للتجربة مكانا في هذا المنهج ، وهي إحدى ركائز الإسلام الكبرى )  ، ويقول كذلك ( المنهج الاستقرائي هو المعبر عن روح الإسلام و المنهج ألبرهاني القياسي منافي لها ) وهذا خلط عجيب وهوس فكري ينم عن جهل كبير ونبرهن على ذلك كما يلي :
المنهج القياسي البرهاني و ليس البرهاني القياسي إستخدمه القرآن الكريم في عدة مواضع منها على سبيل المثال (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [البقرة : 258] ) ، و هذا يسمى في عرف المناطقة البرهان بمثال مضاد ، و يمثل أحد أنماط البرهنة العقلية .
المنطق الأرسطي من مبانيه الاستقراء القائم على التجربة ، فالاستقراء انتقال من الجزء إلى الكل على خلاف الاستنباط أي القياسي البرهاني انتقال من الكل إلى الجزء ، و الإشكال في المنطق الأرسطي يؤمن بالاستقراء التام ، و يرفض الاستقراء الناقص ، و العذر معه ،  فالاستقراء الناقص لم يصبح مولدا للمعرفة إلا في العصر الحديث مع ظهور علم الاحتمال ، و الأبحاث الفيزيائية في عالم الذرة ، راجع المذهب الذاتي للشهيد باقر الصدر، ونستخلص أن القياس و الاستنباط أداتان متكاملتان في البناء المعرفي .
إن جعل الحس أساس المعرفة كما يرى الفلاسفة التجريبيين هو إلغاء الأوليات العقلية ، و منه يؤدي إلى إلغاء الفطرة (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [الروم : 30] ) ومنه دحض الفلسفة المثالية التي تؤمن بوجود الله ، إن من المباني العقائدية هي غيبيات و أبحاث ميتافيزيقية مجال البحث فيها العقل المجرد وقفزات متناوبة بين العلم الحصولي  (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الملك : 1] ) و العلم الشهودي  ( وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ [الأنعام : 75] ) ، و الحس لا يبني المعرفة ، إننا نحس كما أحس نيوتن بسقوط التفاحة من الشجرة ، ولكن لا نحس بجاذبية الأرض ، فقانون الجاذبية ليس عطاء حسي مباشر  .
معروف أن الشيخ العلامة حنفي المذهب حسب الإدعاء و الموروث العثماني ، و مذهب الأحناف أحد ركائز أصول الفقه عندهم القياس ، فلما يسقط الشيخ القياس و يجعله متنافيا مع روح الإسلام ، فماذا أبقى لمذهب الأحناف !!! ، مع الإشارة أن القياس أعم من القياس البرهاني ، فالقياس ألبرهاني أحد عناوينه .
من عجائب الشيخ قوله في كتابه المسمى تاريخنا المفترى عليه عن أمير المؤمنين علي عليه السلام : ( لا تخلو الأرض من قائم لله بالحجة ) ، هل نفهم أن الشيخ تشيع ، و أصبح على مذهب الشيعة الإمامية ، أم إنها إحدى شطحاته و خرجاته البهلوانية ليبرهن أن اليزيد بن  معاوية  إمام ذلك الزمان ، وهو إمام هذا الزمان و الدليل إعلانه أنه وكيل الله في الأرض ، ماذا نقول إنه الزمن العربي الذي يجعل من كل صاحب شطحات و متلاعب بالمصطلحات الشيخ العلامة !!!؟؟؟
 
ali.hocinexx@laposte.net

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين كبايسي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/08/07



كتابة تعليق لموضوع : القرضاوي و التوحيد الأموي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net