العقيد القذافي وأبناءه الثمانية
وداد فاخر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
المقدمة :
شكل انقلاب 23 يوليو / تموز 1952 في مصر ضربة موجعة للتقاليد الديمقراطية التي كانت سائدة في مصر والمنطقة آنذاك ، حيث تسبب الصراع على المنطقة بين الاستعمار البريطاني والنفوذ الأمريكي القادم من وراء المحيطات تغلب النفوذ الأمريكي وحلوله محل النفوذ البريطاني المتضاءل اثر الضربات الموجعة التي وجهتها النازية بقوتها الشرسة لبريطانيا وأوربا مما أدى لتنامى الدور الأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية لدورها الكبير في دحر النازية وإنقاذ أوربا منها . وكان للحرب الباردة بين قطبي العالم الاشتراكي والرأسمالي أيضا دور آخر لتصاعد نفوذ الناصرية كما أطلق عليها نسبة لاسم ( جمال عبد الناصر ) .
وكانت تلك البهرجة والهيلمان سببا لصغار الضباط العرب للانغماس في ظاهرة الانقلابات التي أصبحت موجة العصر آنذاك ، بعد أن تشبعوا بالأفكار الديماغوجية للقومية العربية وتحرير فلسطين فظهرت أسماء على غرار رتب الپکپاشي
( المقدم ) جمال عبد الناصر ، أمثال العقيد عبد السلام عارف والعقيد عبد الله السلال اليمني اللذان رفعا نفسيمها لرتبة مشير تيمنا بالمشير عبد الحكيم عامر ، وأصبح الترويج لرتبة العقيد عند صغار الضباط مودة ذلك العصر في ستينات القرن الماضي . فكان العقيد القذافي " الملازم " والعقيد علي عبد الله صالح العريف أصلا الذي منح نفسه رتبة عقيد بعد انقلابه في اليمن .
وعندما حدث انقلاب الفاتح من سبتمبر / أيلول 1969 ، وكان هذا أيضا عام الانقلابات العربية ، ووجد الملازم معمر القذافي نفسه ملازما وسط الضباط القادة الكبار لليبيا منح نفسه رتبة عقيد وصفى مع الزمن وبسرعة كل القادة الكبار وتوقف الزمن في الجيش الليبي عند رتبة عقيد فقط . والذي تقول الأنباء انه جاء للسلطة في غياب ضعف وعجز الملك الشيخ السنوسي اخر ملوك العائلة السنوسية ، وبدفع ومباركة قوى أجنبية كما تحدث عن ذلك المرحوم حسين الشافعي نائب الرئيس المصري جمال عبد الناصر على قناة الجزيرة القطرية في برنامج شاهد على العصر . لكن الملك عبد الله ملك السعودية وولي العهد يوم انعقد مؤتمر قمة شرم الشيخ عام 2003 ، قالها بلهجته البدوية البسيطة بعد انقطاع الميكرفون اثر المشادة الكلامية مع القذافي الذي اتهم السعودية بالعمالة : بأن القذافي هو عبد للاستعمار وانه كان قد طلب منه شخصيا التدخل لحل أزمة لوكربي بعد أن خنقته أمريكا .. وان كرسي الحكم وصله عبر حماية أمريكية له،عندها حسم القذافي الكلام فقال : كلنا عملاء ..!! ، وقد سمع الملايين عبر البث المباشر ما قاله الأمير عبد الله وقتها ( أنت وغيرك جابتك أمريكا وإسرائيل ).
الملازم الأول معمر القذافي :
تقول السيرة الشخصية للملازم أول معمر محمد عبد السلام أبو منيار القذافي والشهير بالرجل الأخضر إن ولادته كانت في قرية "جهنم" بإحدى مناطق مدينة سرت عام 1942 ، وهو الابن الوحيد لعائلة بدوية تفلح الأرض وتمتهن رعى المواشى والإبل في منطقة صحراء سرت ، وكان بشهادته لا يجد مكانا مناسبا لمنامه فيفترش قطعة كارتون على الأرض لينام عليها للفقر المدقع الذي تعيشه عائلته وهو ما استغربه عليه مناؤوه عندما دفع ابنه مليون دولار لفريق رياضي ورد القذافي : ( أن ابنه باع بعض ابل جده وسدد المبلغ ) . وفي الأول من سبتمبر / أيلول 1969 وصل الملازم أول معمر القذافي إلى الحكم في المملكة الليبية المتحدة عبر انقلاب عسكري وكان أول ما فعله بعد طرد الملك إدريس السنوسي أن أعطى نفسه رتبة عقيد وزميله في الانقلاب عبد السلام جلود رتبة رائد وغير اسم البلاد ليصبح الجمهورية العربية الليبية وغيره عام 1986 ليصبح الجماهيرية العربية الليبية الاتحادية الديمقراطية الاشتراكية الشعبية العظمى .
وتتحدث الروايات عن فقره المدقع الذي حدا به لسرقة الكتب من طلاب مدرسة سبها مثله مثل المدافع عنه صدام حسين سارق الدجاج حسب رواية الإعلامي إبراهيم الزبيدي ، لذلك تم طرده من المدرسة ولكن روايات أخرى تفند الاعتماد فقط على مسالة السرقة ، وتتحدث بعد ذلك عن تزكيتة للقبول في مدرسة مصراته بسبب كونه يعمل مخبرا في المدرسة ضد الطلبة حديث الدكتور محمد المقريف في البالتاك وكتابة المعنون (انقلاب بقيادة مخبر) .
تزوج لمرتين وأنجب القذافي ثمانية أبناء من زوجتيه، وثمة من يقول( إذا كانت مشكلة ليبيا في العهد الملكي أن ملكها لم ينجب على الإطلاق، فإن مشكلتها في عهد القذافي أنه أنجب أكثر مما يجب ).
وإذا قورنت مشاكل القذافي السياسية مع المشاكل التي يجنيها من وراء مغامرات وتسكع أبناءه في الحفلات الماجنة والبارات وخرق القوانين في عقر أوربا لبدت مشاكله السياسية صغيرة جدا إزاء ما يحصل من مشاكل جراء نزق وشذوذ أبناءه .
ففي داخل ليبيا تقول القوانين بان عائلة القذافي، كبيرهم وصغيرهم، دائما على حق، وإذا حدث وخالف احد المنتمين للعائلة الحاكمة القوانين فأن الشرعية " الثورية " تقضي ببطلان ذلك القانون. وهذا الأمر مفروض بقوة السلاح، والسلطات المطلقة للعقيد القذافي، الذي يمتلك السلطة والثروة والسلاح، في ليبيا لوحده بفضل كونه القائد.
أما خارج ليبيا فأن سلاح أبناء القذافي لممارسة فضائحهم هو وقوف والدهم المطلق في صفهم، رافعا شعار( انصر أبنائك ظالمين أو ظلمة ) ، وجوازاتهم الدبلوماسية .
وهو أمر مكلف جدا، على المستويين المادي والمعنوي. فسمعة الوطن في الحضيض، وأبناء القذافي دخلوا قائمة "أسوء الأبناء في العالم"، أما الخزينة الليبية فتتكبد خسائر جمة، مع كل فضيحة من فضائح الأبناء.
وقد أدى تبني ( العقيد ) القذافي للأفكار الاشتراكية الطوباوية المخلوطة بفكر فوضوي لمفكرين أوربيين فوضويين ومتطرفين على غرار اشتراكية وتاميمات ( العروبي ) خير الدين حسيب في العراق أيام الحكم العارفي إلى كارثة حقيقية لليبيا وأدت إلى شل وتعطيل القطاع الخاص والرأسمالية الوطنية ! ، وتورط إلى حد تحويل الشعب الليبي إلى معمل للتجارب لتجريب أفكار (باكونين) على الشعب الليبي البسيط .
وتورط كما الرئيس المصري جمال عبد الناصر في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل الأول في اليمن بعد سقوط حكم الإمامة على يد العقيد عبد الله السلال ، والثاني أي القذافي في حرب تشاد التي أكلت الأخضر واليابس وسببت مآسي اجتماعية لبلد شبه بدوي متخلف للآن عن ركب الحضارة الصناعي والعالمي .
ولان عبد الناصر دخل في تجربة تنظيم سماه ( الاتحاد الاشتراكي ) وحاول قوميو العراق نقل نسختة للعراق إثناء الحكم العارفي لكنه سقط سقوطا مريعا ، فقد قدم القذافي نسخة أخرى للشعب الليبي سماها ( سلطة الشعب ) ، ويطرح القذافي في النظرية العالمية الثالثة (فكر الكتاب الأخضر)أن يمارس جميع الناس السلطة دون نواب ولا أحزاب ويبشر بوصول قاعدة الهرم في هرم السلطة إلى القمة . ويصرح دائما : أن بلاده لن تتخلى أبدا عن نظام حكمها الذي يعتمد على إنها "دولة شعبية" تحكمها لجان شعبية والذي توقع منذ فترة طويلة أن الحكومات حول العالم ستتبناه في النهاية ونقلت وكالة الأنباء عن القذافي قوله "يقولون تبادل السلطة (من حزب لأخر)... ما معناها يعني حاشاكم الشعوب عاملينها مثل الحمير." . وقد (ذكرت وكالة الجماهيرية العربية الليبية للانباء يوم الاثنين أن الزعيم الليبي معمر القذافي قال ان الديمقراطية متعددة الاحزاب هي عار تروج له الحكومات التي تعامل شعوبها "مثل الحمير" وتنكر عليهم السلطة الحقيقية. ) - طرابلس رويترز / 8/10/2007 -
أما ما اقترفه القذافي ونظامه الاستبدادي من الجرائم فهي كالتالي : ( تورط إلى حد ارتكاب مجزرة في حق 1200 معتقل سياسي في سجن بوسليم عام 1996 فضلا ً عن قتل 50 متفرج أطلق عليهم حرس إبن القذافي الساعدي في المدينة الرياضية بطرابلس الرصاص من نفس العام !!!؟؟ .. وتورط إلى حد قتل ما يقارب 50 شهيد سقطوا برصاص القناصة عام 2006 في أحداث إنتفاضة 17 فبراير ببنغازي !!؟؟ .. تورط إلى حد إرتكاب جريمة نصب أعواد المشانق لليبيين في الشوارع والساحات بل وفي حرم الجامعات على يد أنصاره من (رسل الحضارة الجديدة !!؟؟) وتحويل طقوس الإعدام الهمجية إلى إحتفالات وإنتصارات تاريخية وبطولات ثورية (!!؟؟) يتم نقل بعضها على شاشة التلفزيون الرسمي أو من خلال الدوائر المغلقة في الجامعات والمعسكرات !!؟؟ .. وهناك أيضا ً كارثة وجريمة تلويث دماء أكثر من 450 طفل برئ بفيروس الأيدز في مستشفى بنغازي حيث إنتهت القضية بإطلاق سراح البلغاريات المدانات تلبية لأوامر (العم سام) والإتحاد الأوروبي !!؟؟ .. وهناك كذلك جريمة إفقار الليبيين وحرمانهم من الإستمتاع بخيرات بلادهم طوال العقود الماضية كإستمتاع الخليجيين بثرواتهم الوطنية !.. هناك جرائم كثيرة ولائحة طويلة وعريضة من الإتهامات – إذن – في حق العقيد القذافي ! .. ومنها جرائم تتعلق بالتحريض على القتل والتصفية الجسدية خارج إطار القانون والقضاء العادل في خطابات رسمية ومعلنة ومسجلة ( إعلان بدء التصفية الجسدية لمعارضيه في الداخل والخارج عام 1981) !!! .. وهناك جرائم تتعلق بإغتيالات وإعتقالات لمعارضين وهدم بيوتهم والإعتداء على حرماتهم من قبل غوغاء اللجان الثورية أو منظمة شباب الغد الإرهابية !!؟؟ … وهناك جريمة إختطاف (منصور الكيخيا) من مصر عام 1993 وإخفاءه حتى اليوم في (خفاء خافي) !!؟؟ .. وهناك إعتداءات وقعت على بعض ضيوف البلد وعلى رأسها جريمة إختطاف وإخفاء الإمام موسى الصدر في وقت كان فيه هذا الرجل يحاول لم الشمل العربي ضد العدوان الإسرائيلي على لبنان ؟؟! ) – المعارض الليبي سليم نصر الرقعي نزيل بريطانيا - .
أبناء القذافي الثمانية :
لو أخذنا سيرة كل ابن للقذافي لوحده لملئنا صفحات بدون توقف عما يقوم به كل فرد من أبناءه السبعة مضافا لهم اختهم الثامنة " الاميرة عائشة " صاحبة لقب الدكتوراه الفخرية ومحامية صدام حسين إثناء محاكمتة التاريخية من قبل المحكمة الجنائية العراقية العليا ، والتي تستطيع زيارة العالم كله هي وإخوتها بدون أي موانع ويخالفون القوانين ويضربون رجال الشرطة بكل حرية إلا مكانا واحدا في العالم حرم عليهم وعلى أبوهم هي بيروت . لذلك تعاني من مشكلة عويصة كونها ترأس ( الشبكة العربية للمنظمات الأهلية ) ومقرها العاصمة اللبنانية بيروت، وبيروت "محرمة" على أبناء القذافي ، ليس سياسياً ولا دبلوماسياً وإنما بسبب التهديد المباشر من أنصار الإمام موسى الصدر، المختفي في ليبيا الذين هددوا بالتعرض لأبناء القذافي إذا سنحت لهم الفرصة بالخطف أو القتل في أي وقت.
وأبناء القذافي سببوا كوارث لسياسيين وقادة ليبيين إذا لم ينصاع أي منهم لنزواتهم وشروطهم وجشعهم وحتى لو كان السبب لخلاف على المطامع والإرباح فيما بينهم كما حصل عندما تم إبعاد السيد شكري غانم عن رئاسة الوزارة بعد توقيف العمل لمدة ستة أسابيع في مصنع لشركة اميركية برأسمال عربي أقيم في ليبيا من قبل المعتصم ابن القذافي لخلافه مع أخيه اكبر أبناء القذافي سنا وابن زوجته الأولى ( بيروت – ايلاف: كشفت مصادر ليبية لـ"ايلاف"أن نزاعات بين أبناء الزعيم الليبي العقيد معمّر القذافي كانت وراء أبعاد السيد السيد شكري غانم عن موقع الأمين العام للجنة الشعبية العامة الذي هو بمثابة رئيس الوزراء في النظام الليبي الذي يسمّي نفسه "الجماهيرية".
وقالت هذه المصادر أن بين الأسباب التي جعلت عدداً من أبناء القذافي يغضبون على غانم عدم دعمه المشاريع التي يقدّمها له المعتصم القذافي الذي يسيطر على الشرطة العسكرية في الجماهيرية. وأعطت مثلاً على ذلك وقوف شكري غانم على الحياد عندما أعترض المعتصم على تشغيل مصنع لشركة أميركية برأسمال عربي أقيم قرب طرابلس أخيراً. وأدى أعتراض المعتصم الى وقف العمل بالقوّة في المصنع نحو ستة أسابيع على الرغم من أن أخيه محمّد وهو من الزوجة الأولى للقذافي وفّر دعماً وحماية للمساهمين في المصنع. ) – إيلاف 14 مارس 2006 –
وهناك تقرير غربي صحفي حول عائلة القذافي : ( مغامرات أبناء القذافي ملوك الليل والبذخ والفضائح ) ويستطرد التقرير قائلا : ( هم سبعة إخوة وأخت وحيدة يعيشون في عالم لا يمت بصلة إلى عالم جدهم البدوي. ثمانية أطفال نشأوا في بذخ البترودولار. خليط متفجر يجمع ما بين المال والإسراف المنقوش على ما يبدو في الشيفرة الجينية لآل القذافي.) .
وللإنصاف، ينبغي الإشارة إلى أن َنصف’ الإخوة، محمد (40 عاماً، مدير شركات الاتصالات في ليبيا) وعائشة (34 عاماً، محامية) وسيف العرب (30 عاماً، ضابط) وخميس (29 عاماً، ضابط) هم جميعاً غامضون إلى حد ما. فمحمد هو ابنه الوحيد من زواجه الأول، هو الوحيد الذي يعيش بعيداً عن الأضواء ويجني ثروة بصورة معقولة في قطاع الاتصالات. وكان رجل الظلّ هذا هو الذي تفاوضت معه شركةEADS الفرنسية بخصوص عقدها الثاني مع ليبيا، وهو عقد »تيترا«Tetra للاتصالات المشفّرة. في المقابل، فالأشقاء السبعة الآخرون، وهم أبناء الزوجة الثانية " صفيّة "، ليسوا من أنصار " الشيفرة "!
صغيرا العائلة، " خميس" و" سيف العرب "، بعيدان عن الأضواء، وقد اختارا المهنة العسكرية كما فعل أشقاؤهما جميعاً باستثناء " سيف الإسلام ".
أما سيف الإسلام (38 عاماً)، فهو حالة أخرى. بصرف النظر عن بعض المغامرات الشبابية السخيفة والتي تندرج في إطار الاستعراض الديبلوماسي والإنساني الذي منحه مزيداً من الشعبية، هو الوحيد الذي نجح في صنع اسم له في الخارج .
وخلفاء القذافي وورثة سلطة الشعب التي يروج لها القذافي عديدين ، ويمكن أن تشتعل النار فيما بينهم في حالة حصول أي حدث لوالدهم ( القائد ) كونهم يتنافسون في الهيمنة على السلطة وجني الأرباح التي " ورثوها " من إبل جدهم الذي كان جائعا في الصحراء .
ونترك ترتيب وتصنيف أبناء القذافي الثمانية ومن دون أي تدخل منا للكاتب والمثقف الليبي عمر الكدي الذي وضعهم كالتالي :
البكر لاحظ له
أكبر أبناء القذافي هو محمد (40 عاما)، من زوجته الأولى فتحية نوري خالد، ابنة الزعيم نوري خالد حكمدار البوليس في العهد الملكي، وشقيقة آمر الشرطة العسكرية في عهد القذافي خيري خالد، ولم يستمر الزواج طويلا، نظرا لاختلاف الطبائع بين الاثنين، فالسيدة فتحية تنتمي لعائلة عريقة من أصول تركية، عاشت طوال تاريخها في طرابلس، بينما ينتمي العقيد لأكثر العشائر بداوة في ليبيا. تزوجا عام 1970، وحضر عقد القران الرئيس جمال عبد الناصر خلال زيارته إلى ليبيا.
وينظر الليبيون لمحمد باعتباره الأكثر تواضعا ودماثة بين أبناء القذافي، ربما لأنه ترعرع في حضن والدته وأخواله، ولكنه سرعان ما أدرك مبكرا أنه لا حظ له في خلافة والده، وذلك لأن حظوظ أخوته من الزوجة الثانية لوالده صفية فركاش أكثر قوة، لذلك اختار منذ البداية بعد تخرجه من كليه الهندسة التفرغ لإدارة البريد، وهو يحتكر حاليا كل ما له علاقة بهذا النشاط في البلاد، بما في ذلك شبكة الهواتف المحمولة، والانترنت، كما يترأس اللجنة الأولمبية، وفي التسعينات أشرف على نادي اتحاد طرابلس لكرة القدم، وهو ما أدى إلى حدوث مصادمات بينه وبين أخيه الأصغر الساعدي، الذي كان يترأس اتحاد كرة القدم، ويشرف على النادي الأهلي الطرابلسي، المنافس التقليدي لنادي الاتحاد.
الإصلاحي
سيف الإسلام القذافي (38 عاما) يأتي في الترتيب الثاني، وهو الابن البكر للسيدة صفية فركاش. درس الهندسة المعمارية في جامعة الفاتح، قبل أن يتحول لدراسة الاقتصاد والأعمال في فيينا ولندن. عرف بميوله الفنية وهواية الرسم، كما اشتهر في الصحافة العالمية بتربيته لنمرين آسيويين، وخاصة عندما اصطحبهما معه إلى فيينا – كادت تحدث مشكلة دبلوماسية بين ليبيا والنمسا سببها النمرين حيث طلبت الحكومة النمساوية أن يكون ماواهما حديقة الحيوان وأصر سيف الإسلام بان يظلا معه ورضخت الحكومة النمساوية للأمر بسبب العلاقات الاقتصادية " كاتب السطور " -.
وأسس مؤسسة القذافي للتنمية والجمعيات الخيرية، التي تضم جمعية للدفاع عن حقوق الإنسان، والتي تولت التعامل مع ملفات معقدة وصعبة، من إنقاذ الرهائن الغربيين في الفلبين، إلى ملف لوكربي، الأطفال المحقونين بفيروس الإيدز في بنغازي، وأخيرا ضحايا مذبحة سجن بوسليم، وسيف الإسلام له علاقات واسعة في الغرب، من خلاله حضوره لمنتدى دافوس، وهو من فاوض على تسليم البرنامج النووي الليبي مقابل رفع العقوبات عن ليبيا، وشطبها من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
ولكن أفكاره الإصلاحية بما في ذلك وضع دستور للبلاد، وإطلاق حريات الصحافة والتعبير، تثير حفيظة ما يسمى بالحرس القديم، المسيطر على القوات المسلحة والأمن، بالإضافة إلى اللجان الثورية، والذين يفضلون المعتصم على شقيقه ذي التوجهات الغربية. اشترى مؤخرا سيف الإسلام بيتا بعشرة مليون جنيه استرليني في منطقة هامستيد في لندن، وهو الحي الذي يوصف بحي المليونيرات، كما نقل قناة الليبية إلى لندن، ويبدو أنه سيستمر في الدعوة إلى الانفتاح والإصلاح، وبناء مجتمع مدني قوي، ويرى بعض المراقبين أنه بعد نجاحه في استقطاب الإصلاحيين في الداخل، يسعى لاستقطاب المعارضين لنظام والده في الخارج، الذين قبل بعضهم العمل معه في إمبراطوريته الإعلامية.
من الكرة إلى السينما
يحتل الساعدي الترتيب الثالث ولكنه مستبعد من الخلافة لاعتبارات عديدة، وبالرغم من دراسته العسكرية، ويحمل رتبة عقيد منحه له العاهل الأردني، بعد أن تسبب الجمهور الليبي في حالة شغب في إحدى المباريات التي شهدتها عمان، إلا أنه يعشق كرة القدم حتى تمكن من الاحتراف في الأندية الإيطالية، وبالرغم من أنه كان يلعب لفترة قصيرة، وقضى معظم الوقت وهو جالس على مقاعد الاحتياطيين، إلا أنه ثبت تناوله للمنشطات، ومنذ ذلك الوقت ترك الكرة وعاد إلى ليبيا، ليتفرغ الآن للسينما بعد أن أسس شركة سينمائية في هوليوود بقيمة مائة مليون دولار.
والساعدي متزوج من ابنة اللواء الخويلدي الحميدي، وهو من بين الأعضاء الثلاثة لمجلس قيادة الثورة الذين بقوا إلى جوار القذافي. ويمكن اعتبار الساعدي النسخة الليبية من عدي صدام حسين، وخاصة عندما أشرف على المنتخب الليبي لكرة القدم، كما ارتبط في فترة من حياته بالجماعة السلفية الليبية.
المستشار
يعتبر المعتصم الوحيد الذي يشغل منصبا رسميا بين أبناء القذافي، فهو مستشار الأمن القومي، وكان قد تخرج من كلية الهندسة العسكرية، ومنحه الرئيس المصري رتبة عقيد، أثناء لجوءه إلى مصر بعد خلاف مع والده، وهو الخلاف الذي ترتب عليه حل الكتيبة التي كان يقودها المعتصم، والتي كان الوالد يخشى تمردها. يوصف بأنه عنيف وقاس، وخاصة مع رفاق والده من كبار القادة، أمثال اللواء مصطفى الخروبي، واللواء أبوبكر يونس جابر، بما في ذلك كبار قبيلة القذاذفة أمثال اللواء خليفة حنيش.
ولكن بعد بروز سيف الإسلام حسن علاقته مع كبار رجالات القبيلة، ومع مسئولي الأمن والكتائب المسلحة، ويستطيع المعتصم أن يحكم السيطرة على البلاد إذا توفي والده فجاءة، ولكن عليه أن يضمن ولاء أخطر أخوته على الإطلاق "خميس". وهو يميل للعمل بعيدا عن الأضواء، ويشبه إلى حد ما قصي ابن صدام حسين.
الأميرة
عائشة (34 عاما) هي الابنة الوحيدة للعقيد القذافي والأقرب إلى قلبه، تخرجت من كلية القانون بجامعة الفاتح، وعرفت بتقليدها لكلوديا شيفر، قبل أن تضع الحجاب فوق رأسها، وتؤسس جمعية وأعتصموا التي تتولى العمل الخيري، درست لفترة قصيرة في جامعة السوربون، قبل أن تقطع دراستها احتجاجا على غزو العراق عام 2003، ومنحتها إحدى الجامعات المحلية درجة الدكتوراة في القانون.
قابلت الرئيس العراقي السابق صدام حسين قبل سقوط نظامه، وشكلت فريقا من المحامين للدفاع عنه بعد القبض عليه. حظوظها في الوراثة قليلة، ولكنها ستبقى مؤثرة مهما كان الوريث القادم. تزوجت ضابطا من قبيلتها، وتفرغت لإدارة جمعيتها الخيرية، ولكنها الأعلى صوتا والأسرع مبادرة إذا تحرش أحدهم بأشقائها، وهو ما حدث عند اعتقال هانيبال وزوجته في جينيف، فقد سافرت إلى هناك لتعود بشقيقها وزوجته.
البحار
هانيبال (33 عاما) درس الهندسة البحرية، وكان يحلو له التجول بين موانئ المتوسط في الباخرة طليطلة أو غرناطة. متزوج من عارضة أزياء لبنانية، وعرف عنه القسوة والنزق. وأصبح أكثر شهرة بعد أن تسبب في أزمة سياسية مع سويسرا، بعد اعتقاله مع زوجته العام الماضي في جينيف، حيث ذهبت لتضع حملها. حظه في الوراثة قليل بسبب تخصصه البحري، فمعركة الخلافة ستكون على البر، بالإضافة إلى عدم إلمامه بالشئون السياسية، وهو ما أتضح عندما أجرت قناة الجزيرة معه لقاء خلال اجتياح إسرائيل لغزة، فهدد بإرسال باخرة مفخخة إلى غزة.
العسكري
خميس درس العلوم السياسية إلى جانب العلوم العسكرية، وهو يعتبر أكثر أبناء القذافي تمكنا من الناحية العسكرية، وبالرغم من أنه يحمل رتبة نقيب إلا انه يقود المناورات العسكرية، بما في ذلك المناورات المشتركة مع الجيش الجزائري، وبرز دوره القيادي في انتفاضة فبراير 2005 في مدينة بنغازي، عندما حضر على رأس قواته إلى المدينة التي شهدت مصرع عدة أشخاص، وتدمير القنصلية الإيطالية. وإذا لم يتمكن من أن يكون الوريث، فسيلعب دورا حاسما في ترجيح كفة أحد أخويه نظرا لسيطرته الميدانية على قطاع واسع من القوات المسلحة.
آخر العنقود
سيف العرب هو آخر العنقود، يدرس حاليا في مدينة موينخ الالمانية، وكتبت عنه الصحافة الالمانية عندما صادرت الشرطة سيارته الفيراري، بسبب الضجيج الذي يسببه عادم السيارة، وأيضا بسبب السرعة التي يقود بها السيارة، ولكن الشرطة الالمانية تتحاشى اعتقاله حتى لا تتسبب في أزمة سياسية مع ليبيا. من المستبعد أن يكون الوريث بسبب حداثة سنه، إلا إذا تمكن من القيام بنفس الدور الذي قام به يوسف باشا القرهمانللي في أواخر القرن الثامن عشر، عندما انتزع الحكم من شقيقيه الأكبرين، وهو من هذه الناحية لا يختلف في نزقه عن يوسف باشا وخاصة في ريعان شبابه.
.........
ونعود مرة أخرى للحديث عن أكثر أبناء القذافي إثارة ومشاكل وهو هانيبال صاحب الفضائح التي تزكم الأنوف والمغامرات الطائشه في أوربا ، فهو وحرسه الخاص تارة يعتدي بالضرب على شرطي فرنسي في شارع الشانزيليزيه رغم مخالفته للمرور وعبور الإشارة الحمراء بدون توقف بعد أن اشتكته صديقته في العام 2005 لأنه ضربها في غرفة الفندق وسط باريس وشهر مسدسه عليها، وأخرى يسب ويشتم الحكومة السويسرية ويطلب تعويضا عن نشر صورته وزوجته إثناء توقيفه من قبل الشرطة السويسرية بعد اعتداءه وزوجته على خادمته التي اشتكته للشرطة فضلا عن اعتداءه على صحفي تركي . وما أسرع أن وقفت " الأميرة " عائشة القذافي إلى جانب أخيها هانيبال وأسرعت لجلبه من سويسرا ( المعتدية ) وقطع الأب النفط عنها وسحب ملياراتة من بنوكها وطالب بتقطيع وحل أقدم دولة حيادية ومقر مالي دولي .
وبناء على طلب والده، انسحب الساعدي من رياضة كرة القدم وجرب اقتحام هوليوود. بطاقة دخوله إلى هوليود باعتباره ممولاً رئيسياً لشركة " ناتشورال سيليكشن " الأميركية، التي قررت إنتاج 20 فيلماً خلال السنوات الخمس المقبلة، خصص لكل فيلم من هذه الأفلام ميزانية وقدرها 15 مليون دولار، وقد بادر الساعدي البالغ السخاء بدفع فقط مئة مليون دولار كبداية للعقد مع الشركة، لكن الذي حصل أن الولد الشقي عمد إلى توظيف خبرته ليعود إلى اللهو، فأنشأ مشروع " الجنة " لأصحاب المليارات والذي يمتد على طول 40 كلم من الخط الساحلي بين زويرة ورأس أجدير غرب ليبيا. هذا المكان الذي يتطلب بضعة مليارات يورو كاستثمارات، يحظى بحصانة سياسية ما يسمح بتسهيل عملية البيع واستهلاك الكحول المحظورة في باقي أنحاء جماهيرية العقيد "المتزمتة".
الخاتمة :
ابتلت الشعوب العربية بـ ( القادة التاريخيين ) الذين انتجتهم سنين الحرب الباردة ، ورجال إدارة المخابرات الأمريكية
CIA فأصبحوا وبالا على شعوبهم المسكينة التي أفقروها وجوعوها في حروب وعنتريات لا طائل من ورائها هم واولادهم وعوائلهم وحاشيتهم . والعقيد القذافي واحدا من أولئك ( القادة ) الذين افرز تهم سنين الحرب الباردة وصراع القطبين الكبيرين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي السابق . مجاميع من الضباط الصغار وجدوا في لعبة الانقلابات مسرحهم المفضل فعاثوا في الأرض فسادا وألا لم يقوم شخص يقود دولة مثل العقيد بنكش شعر رأسه وملابسه التي تدل على مهرج في سيرك ، ويدعي فيما يدعي كما ادعى في احد المرات بان القران يحوي أخطاء ، ويقترح حلا لقضية فلسطين بتشكيل دولة موحدة باسم ( اسراطين ) . ويتصرف مثل صاحبه الذي سيلحق به قريبا صدام حسين بادعاء ملكية أسلحة دمار شامل ويصل لحد الإعلان عن صنع قنبلة ذرية . وفوق كل ذلك يتخذ من خيمة سكنا له في زمن أصبحت الخيمة مكانا للرعاة البسطاء والفقراء ، ومأوى لبعض الخارجين عن القانون واللصوص والمهربين في الصحراء وقطاع الطرق . وهو القائل بدون النظر لعاقبة ما يقول : ((نعدم حتى الأبرياء أحياناً بقصد إرهاب الجاني الحقيقي الذي لا يكون معروف في تلك اللحظة)) .
ثم ما الداعي للمساس بكرامة شعب كالشعب العراقي الأبي الذي اكتوى بنيران دكتاتور ارعن صال وجال في حروب عديدة ضد شعبه ودول الجوار ليخرج من بعدها مدحورا إلى المشنقة التي أراحته وأراحت الناس من شره مثل صدام حسين ، عندما يطالب العقيد تارة بنصب تمثال للدكتاتور المجرم وتارة بطرح قضية إسقاطه ومحاكمته من قبل المحكمة الجنائية العليا العراقية على الأمم المتحدة ؟! . أليس هذا هو الجنون الفعلي والجهل المطبق بألف باء السياسة ؟؟!
كل ذلك يدعونا للنظر والتفكر لصورة رجل من قرية ( جهنم ) منكوش الشعر كشيطان يقف على شفا جرف جهنم الحمراء التي ستحرقه بشواظ نيرانها وتلقيه بسرعة إلى جانب أخيه وحبيبه صدام حسين في قعرها .
* ناشط في مجال مكافحة الإرهاب
www.alsaymar.org
fakhirwidad@gmail.com
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
وداد فاخر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat