صفحة الكاتب : فوزي صادق

محاكمة قابيل !
فوزي صادق

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عمي قابيل قتل عمي هابيل بعد أن ضربه بصخرة على أم رأسه وهو غافل ، ففلق هامته حتى لفض أنفاسه ، وهابيل ينظر في عينيه منادياً ومردداً  " أخي  أخي " ، ولم يراع الأخوة التي بينهما ، ولم يراع الدم الذي يربطهما ، ولم يراع الإنسانية ذات العقل ، والآدمية التي ميزتهما عن باقي المخلوقات ، وليس مهماً معرفة سبب الغيرة والحسد التي وقعت بقلب قابيل ، سواء القربان الذي تقبله الله وهو ما يقول به المسلمون ، أو الشطحات الدخيلة من القصص ، والتي تقول إن الخلاف بسبب زوجة جميلة لأحدهما أوقعت الشك والغيرة .
ليس لهابيل أو قابيل عقب أو ذراري ، فنحن البشر من نسل شيث عليه السلام ، وكأن قصة مقتل هابيل على يد أخيه ، حدثت كأول درس وأول نصيحة للبشر لنتيجة الشر ! ، وأصبح عمنا قابيل مجرماً وإرهابياً في الموروث التاريخي والديني للبشرية ، وباتت محاكمته غيابياً مطلوبة في ميزان العدالة السماوية والأرضية والإعلام الحديث ، وهنا سوف نطلع على بعض الأقاويل والقصص عن تلك الحقبة وامتداد النسل البشري ، وما قيل عنهما من القرآن والتاريخ الإسلامي ، وما نقل غثه وسمينه من دسائس الإسرائيليات التي يتناقلها البشر بالتواتر.
لقد حفظ الله النسل الآدمي من اختلاط الأرحام ، ومنع ضياع النسب ،  لهذا حرم الزنا على بني آدم منذ اللقاح الأول بين آدم وحواء ، فالنظرية الصحيحة إنه ولد لآدم عليه السلام أولاد كثيرون بعد هابيل وقابيل ، وحدث هذا بعد عشرات السنين من موت قابيل ، فرزق الله آدم عشرات الأولاد ، أولهم شيث وآخرهم عبد المغيث ، وقد تناسل من عقبهم البشر، أما عن زوجاتهم فقد خلقوا كما خلق الله حواء من الطين وليس كما يروج اليهود كل أخ يتزوج توأم بطن آخيه الأخر ، فخلق الله من الطين زوجة لشيث وقيل أسمها قليما ، وزوجة أخرى لعبد المغيث وهي تاليما ، وهكذا لباقي الإخوة ، وبقي النسل والعقب لإمتداد البشر من نسل شيث كما ورد بكتب التاريخ ، من ولده قينن ثم أنوش ثم مهلائيل وهكذا ، أما أولاد إخوة شيث فقد انقرضوا وبادوا .
قال تعالى بسم الله الرحمن الرحيم : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) النساء/1 ، ومن الغث والسمين يقول أبن كثير في البداية والنهاية : بعد قتل هابيل وموت قابيل ، رزق الله ادم والدنا شيث عليه السلام ومعني شيث هو هبه الله ، وتزوج شيث ، وكان من ذريته " قينن " ومن ذرية  قينن " انوش " وانوش هذا هو ابو مهلائيل ،  وهذه الشخصية " مهلائيل "  مهمه في تاريخ البشر ولكنها مجهولة ، لان مهلائيل هو الذي انشئ مدينتي بابل والسوس لتحصين البشر من الأعداء ، وهو اول من جهز الجيوش لمحاربه جيش ابليس الغيور ، الذي كان يضم المرده والجان ومن الغيلان ، وهم نوع من انواع الجن كانوا يسكنون الجزيرة العربية قبل نزول آدم الأرض ، واستطاع هزيمتهم بعد معارك رهيبة وكتب الله النصر فيها للبشر المؤمنين ، وقتل عدد كبير من المرده والغيلان والجان وهرب ابليس من المواجهة للجبال .
ان كل البشر الموجودين حتى هذا اليوم ينتمون إلى نوع واحد من البشر،‏ النوع الإنساني الحديث sapiens Homo،‏ وهم متفرعون من أصل مشترك يعود لجدهم شيث الذي يعود لأبيه آدم وأمه حواء ، وأصلهما من طين صلصال خلق الله كلاً منهما على حده " كن آدم وكوني حواء " ، وليس كما يقول الغث والسمين من الإسرائيليات من لعازة برمائية تطورت وتدرجت وتحورت حتى أصبحت قرد ثم الإنسان الحلقة . أما بخصوص الاختلافات البيولوجية بين الكائنات البشرية ، فهي بسبب الاختلافات في التركيب الوراثي وتأثير البيئة في هذه الطاقة الوراثية الكامنة ، ‏ وفي معظم الحالات تكون هذه الاختلافات بسبب تفاعل هاتين المجموعتين من العوامل،  والاختلافات بين الأفراد ضمن العرق او ضمن الشعب كثيرا ما تكون أعظم من معدل الاختلافات بين العروق او الشعوب
ان الإنسان بطبيعته محب للخير والود والسلام ، ولا يوجد إنسان شرير بطبيعته ، إنما تتولد لديه نزعة الشر تلقاء ظروف تعتريه في حياته توهم له العيش  الأزلي  والسعادة الأبدية  ، والمختبئة تحت قناع الغيرة وحب الذات ، وحب المال والنساء ، فتتبلور تأثيراتها على حياته وسلوكه ، وهذا ما حدث لعمنا قابيل الإرهابي ، وما اعترته من صفات لازالت تعيش فينا ، ونتوارثها كأجيال ، ومازالت تعيش بدمائنا من جيل إلي آخر ، ومن أمة إلي أخرى ، كنزعة للـشر ويمثلها إبليس فينا " بالقيادة " دون علم منا ، فتجد في كل نفس قابيل ، وفي كل بيت قابيل ، وفي كل وطن ، وفي كل زمان ، وهذا كله أمام نزعة الشر بقيادة الأنبياء والمصلحين .
وها نحن أمام دماء تسيل يومياً كدماء هابيل ، وأعظم قتلة منه ، إنها غريزة حب الهوى ، والطاعة لإله السعادة الدنيوية الذي نتخيّله أمامنا ، قوله تعالى) : أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) الجاثية / 23، و توارث الإنسان صفة وعادة القتل منذ القتلة الأولى ، إنها من نسخ وسنخ ( طبع ) العم الأول للبشرية ، والإرهابي الأول بالتاريخ  ، فأصبحت تجري بعروقنا وكأننا نثبت جواب الملائكة لله : قال تعالى : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ، قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ، قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) البقرة /30
 كاتب وروائي : alholool@msn.com            Twitter :  @fawzisadeq

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فوزي صادق
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/08/20



كتابة تعليق لموضوع : محاكمة قابيل !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net