صفحة الكاتب : مير ئاكره يي

إعترافات القِدِّيس جيروم أطاحت بمصداقية الأناجيل !
مير ئاكره يي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مدخل موجز الى البحث :
ليس المسلمون وحدهم ممن يقولون بالتحريفات الواردة في الأناجيل ، بل هناك الكثير من العلماء والفلاسفة والمفكرين والمؤرخين والقساوسة في التاريخ الماضي والحديث والمعاصر قد إعترفوا وكتبوا ونشروا المقالات والدراسات والكتب عن التحريفات والنقص والإضافة ، أو الحذف ، أو التعديل والتصحيح في مختلف الأناجيل ... 
في هذا الموضوع فإن التناقضات الكثيرة المبثوثة في ثنايا مختلف الأناجيل تصرخ عاليا لتشهد على ذلك ، أي إن شواهد التحريف ودلائله تأتي من داخل الأناجيل نفسها قبل خارجها ، منها على سبيل المثال ليس إلاّ قول لوقا في بداية مايسمى بإنجيله : ( لما أخذ كثير من الناس يُدَوِّنون رواية الأمور التي تمت عندنا ، كما نقلها الينا الذين كانوا منذ البدءِ شهود عيان للكلمة ، ثم صاروا عاملين لها ، رأيت أنا أيضا ، وقد تقصَّيتها جميعا من أصولها ، أن ْ أكتبها لك ياتاوفيلُس المكرَّم لتتيقَّن صحة ما تلقَّيْتَ من تعليم ) ينظر كتاب ( الكتاب المقدس ) ، جمعيات الكتاب المقدس في المشرق ، بيروت / لبنان ، التوزيع : المكتبة الشرقية ، بيروت / لبنان ، دار المشرق ش . م . م . بيروت / لبنان ، ط 6 ، 1988 ، إنجيل لوقا ، ص 186 
هذه العبارات اللوقية تبدو إعترافاَ جليَّاً وصريحاً قبل القديس جيروم بحقب طويلة بحصول التحريف في الأناجيل ، وذلك إستنادا على قوله : [ لما أن أخذ كثير من الناس يُدَوِّنون رواية الأمور ...] ، فقوله : [ كثير من الناس ] تصريح صريح وآعتراف مبين ليس بحاجة الى إقامة دليل ، أو برهان ، لأن الإعتراف سَيِّدُ الأدلَّة بأن ال[ كثير من الناس ] يومها قد كتبوا وألَّفوا ودوَّنوا ما كتبه وما ألفه وما دونه هو أيضا من [ رواية الأمور ] ..!
إذن أين موقع الوحي الإلهي ، أو الإلهام الإلهي اذا كان لوقا يكتب ويدوِّن كالناس الكُثُرِ الآخرين الذين رآهم يكتبون ويدونون [ رواية الأمور ] فَشَرَعَ هو أيضا على أساس ذلك بالكتابة والتدوين ..؟ ، ثم إن الكلام الإلهي بعيد كل البعد عن الناس من ناحية الجمع والتدوين ، لأنه مرتبط فقط وحصريَّاً بالله سبحانه وبنبيه المرسل ، هنا لادخل للناس كثيرا كانوا ، أو قليلا بالكلام الإلهي على الإطلاق !
من جهة أخرى إن هذا الكتاب المسمى ب[ إنجيل لوقا ] هو عبارة عن رواية وسيرة ، أو سرد لقصة يكتبها لوقا لأحد أصدقاءه المكرَّمين – على حد قوله - ، وهو تاوفيلس إذن ، كيف ولماذا جُعِلَتْ هذه السيرة والرواية الشخصية والسرد القصصي بمثابة كتاب مقدس ..؟ !
لهذا فإن تناقضات الأناجيل وأخطاؤها من جميع النواحي هي خارجة عن دائرة بحث أو دراسة ، بل هي بحاجة الى مجلَّد ضخم أو أكثر . وذلك لما فيها من إختلافات وإضطرابات وخلل ، فمثلا إنجيل لوقا ، وفي مطلعه حيث نقلناه آنفاً يتضمَّن العديد من الإختلاف والتناقض الصارخ ، فكيف اذاً بالكتاب كله ؟ ، وهو : 
تقول طبعة أخرى لإنجيل لوقا قوله كما يلي : [ إذْ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا ، كما سَلَّمها الذين كانوا منذ البدءِ معاينين وخدَّاماً للكلمة ، رأيت أنا أيضاً إذ قد قدَّمتُ كل شيءٍ من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي اليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي عُلِّمْتَ به ] ينظر إنجيل لوقا ، ص 3 ، دار النشر والمكان والزمان غير موجود . 
وتقول طبعة ثالثة الآتي : [ لما كان كثيرون قد أقدموا على تدوين قصة في الأحداث التي تمت بيننا ، كما سلَّمها الينا أولئك الذين كانوا من البداية شهود عيان ، ثم صاروا خداما للكلمة ، رأيت أيضا ، بعدما تفحّصَتُ كل شيء من أول الأمور تفحُّصاً دقيقاً ، أنْ أكتبَ اليكَ مرتَّبة – ياصاحب السموِّ ثاوفيلس – لتتأكَّدَ لك صحة الكلام الذي تلقَّيته ] ينظر كتاب [ العهد الجديد / إنجيل لوقا ] LANT  1992  IBS , ISBN , 156320  007 4  ] ، ص 81 
كما نلاحظ فإن الإختلاف بيِّن والتناقض واضح في الطبعات الثلاثة لكلام لوقا من بداية البداية لإنجيله ، أو لقصته كما سمَّاه هو : في الأولى جاء الخطاب الى صديقه بلفظ : [ المُكَرَّم ] ، وفي الثانية جاء الخطاب بلفظ : [ العزيز ] ، أما في الخطاب الثالث فقد جاء بلفظ : [ ياصاحب السُمُوّ ] ، والعبارة الأخيرة لاتُطلق إلاّ للأمراء ، أو الملوك . على هذا الأساس يمكن القول بكل ثقة بأن الذي كتب القصة والرواية بإسم لوقا كان صديقا مُقرَّباً لأمير ، أو ملك في وقته فأحبَّ أن يؤلِّفَ له ما سمعه من الناس من أخبار ومَحْكِيَّات وقصص لاأكثر . لذا فهو لم يكن على علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالمسيح ولابأيِّ حواريٍّ من حوارِيِّه الإثنا عشر ، والدليل هو خطابه لصديقه العزيز ، أو المكرَّم ب[ ياصاحب السمو ] وغيره من الأدلة والشواهد الكثيرة المنتشرة بين دَفَّتي إنجيل لوقا !! .
أما القديس جيروم فله قصة هامة أخرى في إعترافه بعظمة لسانه في قيامه بالتصحيح والتعديل والقَصِّ والبَتْرِ ، أو الإضافة للأناجيل بمهة كنسية من البابا يومها ، لكن قبل التطرُّق الى إعترافاته أود الإشارة الى شخصية جيروم : 
من هو جيروم : هو ( إيرونيموس جيروم ) رجل دين وقديس مسيحي من القُدامى ، وُلِدَ عام [ 342 م ] في يوغسلافيا بأوربا الشرقية . تدرَّج جيروم في المناصب الدينية المسيحية حتى أصبح سكرتيرا خاصا للبابا [ داماز ، أو داماسيوس / 306 – 384 م ] يومها . توفي جيروم عام [ 420 م ] في فلسطين ونقل جثمانه الى روما ليوارى الثرى هناك . في عام [ 383 م ] كلَّف البابا داماسيوس جيروم بترجمة وتصحيح الأناجيل الى اللغة اللاتينية من اللغة اليونانية ، ولأجل هذه المهمة البابوية توجه جيروم صوب فلسطين فأقام فيها أربع سنوات عاكفا على تصحيح وتعديل وترجمة الأناجيل الأربعة المعروفة والمعتمدة اليوم لدى الكنيسة . 
إعترافات جيروم حول الأناجيل : نظراً لكثرة الأناجيل التي كانت متداولة بين المسيحيين في القرون الميلادية الأولى ، كما آعترف لوقا بذلك في بداية سرده لقصته كلَّفَ البابا داماسيوس سكرتيره القس جيروم شَدَّ الرحال الى فلسطين في مهمة خاصة ، وهي تصحيح وتنقيح وتعديل وتهذيب وترجمة النصوص الأناجيلية . وقد إكتشف هذه الوثيقة التاريخية الهامة جدا العالمة المصرية المعروفة الدكتورة زينب عبدالعزيز أستاذة الحضارة الفرنسية في [ المكتبة القومية / فرانسو ميتران ، باريس ، برقم : C – 244( 1 ) T 1 11 – 1 – A ] ، بعدها قامت بنشرها بعد الترجمة في مقالة خاصة باللغة العربية تحت عنوان : [ إعترافات القديس جيروم ] ، وهي مرفقة بصورة أصلية من إعترافات جيروم ! . 
تقول الدكتورة زينب عبدالعزيز في بداية مقالتها المذكورة عن أهمية وثيقة جيروم : [ تُعَدُّ وثيقة إعتراف القديس جيروم ، التي صاغها في القرن الميلادي الرابع ، أهم وثيقة في التاريخ تثبت ، بما لايدع مجالا للشك ، أن الأناجيل الحالية قد عانت من التعديل والتبديل والتحريف وسوء الترجمة بحيث لايمكن إعتبارها بأيِّ حال من الأحوال أنها نصوص مُنَزَّلة ، فهي يقينا شديدة الاختلاف ، ولاتمتُ بأيِّ صلة الى ذلك الإنجيل الذي أشار اليه القرآن الكريم بأن الله سبحانه وتعالى قد أوحاه للمسيح – عليه الصلاة والسلام - . وإنجيل السيد المسيح كان موجودا بالفعل ، بدليل أن بولس يقول إنه كان يُبَشِّرُ به : < حتى إني في أورشليم وما حولها الى الليريكون قد أكملتُ التبشير بإنجيل المسيح . / الى أهل رومية : 15 : 19 >إلاّ أن الأيادي العابثة في المؤسسة الكنسية قد أخفته لتفرض مانسجته عبر المجامع على مَرِّ العصور ] ينظر مقالة [ إعترافات القديس جيروم ] للدكتورة زينب عبدالعزيز في موقعها الرسمي ، وفي موقع [ إبن مريم ] وغيره من المواقع . 
مقتطفات من إعترافات جيروم حول الأناجيل ومهمته :
يقول جيروم في بداية رسالته الإعترافية الموجهة الى البابا داماسيوس وقتها : [ تُحدِّثُني على أن أقوم بتحويل عمل قديم لأخرج منه بعمل جديد ، وتريد مني أن أكون حَكَمَاً على نَسْخِ كل تلك النصوص الإنجيلية المتناثرة في العالم ، وأن أختار منها وأقرِّرَ ماهي تلك التي حادت ، أو تلك التي هي أقربُ حقا من النص اليوناني . 
إنها مهمة ورعة ، لكنها مغامرة خطرة إذْ سيتعيَّنُ عليَّ تغيير أسلوب العالم القديم وأعيده الى الطفولة . وأن أقومَ بالحكم على الآخرين ، يعني في نفس الوقت أنهم سيحكمون فيه على عملي . فمن من العلماء ، أو حتى الجهلاء ، حينما سيمسك بكتابي بين يديه ويلحظ التغيير الذي وقع فيه ، بالنسبة للنص الذي إعتاد قراءته ، لن يصيح بالشتائم ضدي ويتَّهمني بأنني مُزَوِّرٌ ومُدَنِّسٌ للمقدسات ، لأنني تَجرَّأْتُ وأضفتُ ، وغيَّرْتُ ، وصَحَّحْتُ في هذه الكتب القديمة ؟ ] ينظر المصدر والكاتب والمواقع المذكورة . 
في هذا المقطع من رسالة القديس جيروم الى البابا داماز نقرأ الإعترافات التالية له : 
1-/ الإعتراف بوجود الكثير من النصوص والنسخ الإنجيلية .
2-/ الحكم على النصوص الإنجيلية والتعامل معها على أساس النسخ والتبديل والإختيار والحذف للمنحرفات منها – على حد قوله - ، أو الأقرب منها الى النص اليوناني . علما إن الإنجيل الأصلي الأول للمسيح كان بلغته ، وهي اللغة الآرامية . وهذا الإنجيل مفقود بالمرة ولايوجد له أيُّ أثر على الإطلاق ، بل بالأحرى تم تضييعه وإبادته ، والى الأبد ! . 
3-/ إن جيروم هو من قام بالحكم على الأناجيل بالنسخ والتبديل والتغيير والحذف ، أو بالإضافة والزيادة . 
4-/ لهذا تَخوَّفَ جيروم من إتهامه لاحقا بأنه زَوَّرَ وحرَّفَ النصوص الإنجيلية . 
5-/ كان يعلم جيروم أن مايقوم به يعد فضيحة ، لأنه عمل مقرون بالتحريف والحذف والزيادة في النصوص الإنجيلية . 
6-/ الإعتراف الصريح من جيروم بوجود التناقضات والإختلافات الكثيرة والكبيرة في النصوص الإنجيلية . 
ويضيف القديس جيروم في إعترافاته من خلال رسالته الى البابا داماز :
[ وحيال مثل هذه الفضيحة ، هناك شيئان يخفِّفان من روعي ، الأمر الأول : أنك أنت الذي أمرتني بذلك ، والأمر الثاني : إن ماهو ضلال لايمكن أن يكون حقا ، وهو ماتُقِرُّه أقذع الألسنة شراسة . واذا كان علينا أن نضفي بعض المصداقية على مخطوطات الترجمة اللاتينية ! ، ليقل لنا أعداؤنا أيها أصوب ، لأن هناك من الأناجيل بعدد الإختلافات بين نصوصها . ولماذا لايروقهم أن أقوم بالتصويب إعتمادا على المصادر اليونانية لتصويب الأجزاء التي أساء فهمها المترجمون الجهلاء ، أو بَدَّلوها بسوء نيَّة ، أو حتى قام بعض الأدعياء بتعديلها ] ينظر المصدر والكاتب والمواقع المذكورة . 
في المقطع الثاني من رسالة جيروم الإعترافية للبابا داماز نقرأ نقاط الإعتراف التالية حول معاناة الأناجيل على صعيد التحريف والتزوير والكثرة العددية : 
1-/ إعتراف جيروم بأن مسؤولية التحريف والتبديل والتغيير والبَتْرِ والإضافة في الأناجيل ، وفي نصوصها لاتقع عليه فقط ، بل تقع مسؤوليتها أيضا على البابا داماز أيضا ، لأنه هو الذي أمره بذلك . 
2-/ الإعتراف بوجود أعدادا كثيرة من الأناجيل ، بحيث أن كثرة أعدادها هي [ بعدد الإختلافات بين نصوصها ] كما قال جيروم بلسانه ! . 
3-/ إعتراف جيروم بأن التحريف قاد طال الإنجيل  والأناجيل إما بجهل ، أو بسوء نية ، أو من قبل بعض الأدعياء . وهذا ما يثبت صحة ما قاله القرآن الكريم قبل أكثر من أربعة عشر قرنا من تعرُّض الإنجيل الى تحريف وتبديل !! . 
 
 
 
         وفيما يلى الصورة الفوتوغرافية لصفحة المقدمة-الإعتراف التي تتصدر الصياغة الحالية التي قام بها جيروم للأناجيل ، ثم ترجمة الخطاب إلى العربية ، ثم 
 التعليق عليه : (
 
الصورة الفوتوغرافية لصفحة الاعتراف 
 
 " المجلد الأول من أعمال الراهب جيروم
 
 بداية المقدمة
 
 حول مراجعة نصوص الأناجيل الربعة

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مير ئاكره يي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/09/16



كتابة تعليق لموضوع : إعترافات القِدِّيس جيروم أطاحت بمصداقية الأناجيل !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net