صفحة الكاتب : حامد گعيد الجبوري

التأسيس للدكتاتورية
حامد گعيد الجبوري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لابد من صنم ...
             لكي نموت دونه ...
                           ونسبق الأمم ...
    لا اعرف قائل هذا المقطع المعبر الجميل ، ولست أدري لماذا نحن الشعوب المتخلفة لا يحلو لنا الهتاف للسياسيين إلا بمثل هذه الأهازيج ، ( بالروح بالدم نفديك يا.... ) ، فأن سقط ذلك السياسي لأسباب كثيرة أهمها الانقلاب ، نبدأ بالهتاف للقادم الجديد بنفس شعارات القائد السابق ، بمعنى أكثر دقة أن الدكتاتور لديه نزعة فطرية للدكتاتورية ، ومن ثم نكرس عنده هذه النزعة ليتمسك بها ، ولكي نخلص أو نتخلص نهائيا من مثل هذه الأهازيج ، والنزعات لدى السياسيون ، علينا العمل سوية كشعب لقتل  أو إجهاض تلك النزعات ، وسأدخل لهذه الموضوعة من باب التظاهرات التي خرجت صباح يوم الجمعة 25 شباط 2011م ، مقارنا بالتظاهرات التي عمت مدن مصر العربية ، في مصر كانت كل شعارات المتظاهرون تطالب إسقاط حكومة حسني مبارك – الدكتاتور - ، ومعلوم حجم المخابرات المصرية التي أسست مطلع الخمسينات من القرن المنصرم ، ومعلوم حجم الجيش المصري ومواقفه الوطنية للدفاع عن مصر العربية ، ورغم كل المطالبات الواضحة المعلنة لإسقاط النظام لم تواجه تلك التظاهرات المليونية بالرصاص أو العصي أو خراطيم المياه ، وشاهدنا المتظاهرون على الفضائيات الكثر وهم يصعدون الى دبابات جيشهم المصري ويصافحون ضباطهم الوطنين ، ورأينا ميدان التحرير المصري ومصابيح ( البلاجكتورات ) الميدان تضئ ليل المتظاهرين ، وشاهدنا قناني الماء توزع الى المتظاهرين ، ورأينا المدد البشري الذي وصل لميدان التحرير قادما من مختلف محافظات مصر العربية ، وقلنا أننا سنقارن بين ما حدث بميدان التحرير المصري وبين ساحة التحرير العراقية صبيحة الجمعة 25 شباط 2011 م ، 1 : ليلة الخامس والعشرون أعلن اللواء قاسم عطا أن يوم الجمعة سيكون يوم حضر لسير المركبات بعموم مدينة بغداد ، والغاية واضحة لتحجيم وصول المتظاهرون لساحة التحرير ، وطبعا الذريعة بل الشماعة معلومة للجميع وهي الإرهاب ، 2 : تبليغ دوائر الدولة بكافة المحافظات العراقية اعتبار يوم الجمعة يوم دوام رسمي ، ويمنع الموظفين من المشاركة بهذه التظاهرة ، 3 : أعلن السيد رئيس الوزراء بخطاب رسمي متلفز من قناة العراقية ، عدم رغبته بخروج التظاهرة يوم غد الجمعة ، وعليكم أيها العراقيون اختيار أي يوم تقرونه للخروج الى التظاهرة ، وقال دولة رئيس الوزراء دعونا نفوت الفرصة على البعث وبقاياه من مظاهرة يوم غد الجمعة ، 4 : استطاعت الحكومة أقناع المراجع الدينية سنية وشيعية  بتقارير مؤكدة بأن البعث وبقايا الإرهاب وراء هذه التظاهرة ، وبما أن الواجب الشرعي لهؤلاء المراجع - سنة وشيعة -  الحفاظ على أرواح الناس لذا صدرت فتاوى عديدة تحرم أو تبدي رأيا بتأجيل تلك التظاهرات ، وما أن حدثت التظاهرات وعلم المراجع كافة بأن الناس تظاهروا لتحقيق مطالب معينة وليس البعث المجتث من وراء هذه التظاهرات حتى سارعوا بإصدار بيانات من هنا وهناك تحث الحكومة على تحقيق مطالب الناس ، ولو تيقن للمرجعيات الدينية بعثية تلك التظاهرات لما لجأت لإصدار مثل هذه البيانات والبلاغات الدينية للحكومة العراقية والبرلمان ، 5 : لم تخرج التظاهرات مطالبة بسقوط حكومة المالكي ، وهذا فرق كبير بين ما حصل بمصر وما يحصل في العراق ، ويمكن تلخيص مطالب الجماهير بأسطر قليلة وهي أ : تحجيم الفساد الإداري والقضاء على المحسوبية والعشوائية في التعيينات ، ب : تحسين الخدمات من كهرباء وبطاقة تموينية ومجاري صرف صحية ، تقليل رواتب ومنافع الفئة السياسية ، ج : إيجاد قوانين منضبطة تسير عمل الأحزاب وإصدار تعليمات وتشريعات جديدة لانتخاب البرلمانيين وأعضاء مجالس المحافظات ، 6 : جوبهت هذه التظاهرات بسطوة من الجيش العراقي ، بدلالة تعرض الصحفيين والإعلاميين وهم مكلفون بنقل وقائع حدث ليس إلا ، وبخاصة لفضائية الأسياد الأمريكان ( الحرة عراق ) ، حيث وقع الاعتداء من قائد الفرقة حصرا لهذا الإعلامي من قناة الحرة عراق ، وما حدث للمتظاهرين فحدث ولا حرج ، عصي ، خراطيم ماء ، أطلاقات نارية في الهواء ، قنابل صوتية ، وهكذا تم تفريق التظاهرة بساحة التحرير ، وفرقت التظاهرة في الحلة من قبل عناصر مكافحة الشغب ، وفي الموصل خمسة قتلى ، وبقية محافظات العراق لاقت نفس المصير ، فتحية للديمقراطية الأمريكية التي تنفذها أحزاب السلطة الحالية ، وتحية للأحزاب التي تقول أننا لا نؤمن بالديمقراطية ونؤمن بآلياتها ، وتحية لذلك البرلماني الشجاع الذي صعد لسطح المطعم التركي المشرف على ساحة التحرير ،  مع أفواج حمايته وهو يرقب بعين بصيرة ، وعقل واعي ، كيف تحقق الديمقراطية بعراقهم الجديد .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حامد گعيد الجبوري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/02/27



كتابة تعليق لموضوع : التأسيس للدكتاتورية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net