صفحة الكاتب : سيد صباح بهباني

أصول التربية السليمة لبناء المجتمع المنتج.....!
سيد صباح بهباني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم

(وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) البقرة/ 143 .
على التربية الإسلامية أن تهتم اهتماما بالغا بجانب التربية القيادية، والأعداد القيادي، وتنمية مواهب الأولاد، والعمل على إعداد جيل.. بعيدا على ما تفضلتم في نص مشكلتكم، بأنكم بحالة إحساس من التمرد من الأولاد!.. إذا كان قد كسب المؤهلات الضرورية في التربية المنتمية للعقائد الوجدانية، التي أمرنا به وأعددناهم لها، سوف نحصل النبتة الصالحة؛ لأن النبتة متعلقة بالبذور.. تنشأ بذورها الأولى في جو الأسرة وبين الأبوين.. ونعم ما قيل:
هي الأخلاق تنبت كالنبات ..... إذا سُقيت بماء المكرمات
وقال تعالى: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون).. والقرآن كله يهيئ الإنسان لمثل مشكلتكم، وفي أصل الموضوع لم يكن تمردا؛ ولكنه إحساس، وظن.. وإن بعض الظن إثم !..
إن الإنسان كما خلقه الله وحدة حياتية متكاملة متناسقة، من الغرائز والعقل والإرادة العواطف والمشاعر، وإن التربية السليمة هي التربية التي تراعي التكوين الإنساني بعناصره المادية والجسمانية والعقلية والنفسية، وتهتم بربطه بعالم الآخرة.. لئلا يحدث الانفصام بين القيم الروحية والجسدية، ويحدث الاختلال في توازن الشخصية، وقد رفض الإسلام الرهبانية وحرمان الجسد، ودعا في العديد من أحكامه وتشريعاته إلى رعايته والعناية به .
والإسلام دعا لإعطاء الجسم حقه من الشراب، والطعام، واللباس، والسكن، والعلاج، والجنس.... الخ بدلالة الآية الكريمة أعلاه وآيات تفصيلية أخرى.. واعتبرها ضرورات حياتية، يجب توفيرها للإنسان.. ولذا فإن التربية الإسلامية، تسعى لتركيز هذه المفاهيم في عقل الطفل ونفسه.. وإن الآباء يتحملون مسؤولية العناية الجسدية بأبنائهم.. لذا تبدأ عناية الإسلام الجسدية  بالطفل وهو نطفة في بطن أمه، فقد حثت التوجيهات الإسلامية المرأة الحامل على تناول أنواع الأطعمة، ليكون الطفل سوي الخلقة، متكاملا، جميل الصورة وترعاها العانية الإلهية .
كما حرمت الشريعة الإسلامية كل ما من شأنه أن يضر بالحمل ، فـ(لا ضرر ولا ضرار) كما جاء في الحديث النبوي الشريف، وذلك يدعو الأم الحامل في هذا العصر إلى التأكيد من تناول بعض الأدوية وعقاقير منع الحمل، التي كثيرا ما تسبب تشويه الطفل، والجناية عليه جسديا ونفسيا.. فالإضرار به، وتشويه خلقته؛ عمل محرم ومسؤولية شرعية.. وحين يولد الطفل، تبدأ مسؤولية الآباء الشرعية بالعناية به وحمايته من أمراض الطفولة . 
فالكثير من الآباء يتساهل في توفير الوقاية الصحية.. أو يهمل بعض الحالات المرضية التي تنتاب.. فتتطور إلى مرض عضال يصعب بعد ذلك علاجه.. والأب مسؤول مسؤولية عن وقاية أبنائه من الأمراض، والحفاظ على صحتهم بتوفير الغذاء والدواء اللازم لهم.. ولا يعذر إلا العاجز عن توفير ذلك من عنده.. أو من خلال مؤسسات الدولة المختصة، بشؤون الطفل والآباء مسؤولين للمتابعة . 
وينبغي للآباء أن يعودوا الطفل العادات الصحية السليمة إلى حث الإسلام على الاهتمام بها.. كتربيته على عدم الإسراف في تناول الطعام والشراب واللباس والإنفاق المادي الذي نهى الله عنه بقوله: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين) المائدة/ 31.
ومما ينبغي تدريب الطفل عليه بالنظافة الجسدية، ونظافة اللباس، والبيت والمحيط والأناقة في اللباس والطعام قال تعالى: (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون) المائدة/6 .
(قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الايات لقوم يعلمون) المائدة /32 .
والإسلام دين القوة والفتوة.. لذا أمر المسلمين أن يوفروا كل وسائل القوة والإعداد الجسدي بقوله تعالى: (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة).... من هنا كانت تربية الطفل على الاهتمام بالرياضة البدنية، وزرع روح الفتوة والقوة في نفسه، مبدأ أساسا من مبادئ إعداد الأجيال مع حكمة الأخلاق والتصرف، وبناء الأمة.. وبالإضافة إلى ذلك، فإن روح القوة والفتوة لها الأثر البالغ، في رعاية صحة الطفل والناشئ، وتنمية شخصيته، والحفاظ على ثقته بنفسه لمواجهة الصعاب.. وقد جاء الحث النبوي الكريم على التربية البدنية بقوله (صلى الله عليه): (علموا أولادكم السباحة والرماية) ومما يتسامى بالاهتمام الرياضي، والتربية البدنية، هو السيرة العلمية للرسول الكريم محمد (صلى الله عليه)، فقد كان الرسول فتى فارسا مقاتلا.. بل وكان يدخل في عمليات سباق الخيل، فكان يكسب الجولة ويتفوق في غالب الأحيان كما خسرت ناقته إحدى جولات السباق التي دخل فيها.
وكان (صلى الله عليه وآله وعلى أصحابه السلام) يجري السباق بين أصحابه، ويضع الجوائز للفائزين تشجيعا منه لروح القوة والرياضة والفتوة.. وصارع ركانة الذي كان معروفا بالقوة والغلبة، فصرعه الرسول وغلبه.. والنوم هو أحد العناصر الأساسية في حياة الإنسان الجسدية والعقلية والنفسية، والحفاظ على الوقت والراحة.. وتدريب الطفل على النوم المبكر والاستيقاظ المبكر، من أهم عناصر تربيته على رعاية الصحة الجسدية والنفسية.. وكيفية استفادته من الوقت.. وصدق تربيته وتحسيسه بأن للجسد أركانا، تتوجب الالتزام بها لقوله تعالى في سورة الأنعام 158 : (قل تعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم) وفي سورة الأعراف 33 : (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن ).
وكما ينبغي تدريب الأبناء على العادات الصحية الجيدة، وتنشئتهم عليها.. يجب أيضا نهيهم عن تناول المحرمات، وممارسة العادات الجسدية المحرمة، وتدريبهم على ترك العادات السيئة والمكروهة.. ومما يبعث على القلق والخوف على مستقبل الجيل المسلم والأجيال المتعايشة معنا، لتنفيذ الرسالة الإلهية، لبناء الفرد والمجتمع والموارنة  بين حقوق الفرد والجماعة.. لذا فإن مسؤولية الآباء تكون صعبة وخطيرة لحماية الناشئين والمراهقين من السقوط!.. من دون دعم الدولة ومؤسستها.. والأجرات الوقائية هي التربية الإيمانية، وتعميق الأخلاق الإسلامية، وبيان خطورة مضار الأعمال المحرمة والممارسات المحرمة.. وما تنتجه من أمراض وسقوط اجتماعي.
وواجب الأسرة إبعاد أصدقاء السوء، ومراقبة سلوكهم بصورة مستمرة.. واستخدام العقاب الأدبي عند الحاجة للردع عن الوقوع في الهاوية.
ألفت نظركم أن من العادات الضارة، التي لا يهتم الآباء بردع أبنائهم عنها، هي عادة التدخين التي غدت وبالا على الصحة والاقتصاد.. والتدخين له دوافعه النفسية عند الصبي والمراهق.. وبإمكان الآباء ردع أبنائهم عن تلك العادة، بالتوعية والمنع وحسن التوجيه النفسي، الذي يشعر المراهق باحترام شخصيته أمام الكبار
والمجتمع الصالح ينتج أفرادا صالحين، والمجتمع المنحرف ينتج أفرادا منحرفين.. فالإنسان يتلقى الكثير من أفكاره وسلوكه وعاداته وآدابه من مجتمعه.. لذا اهتم الإسلام بتكوين البيئة الاجتماعية الصالحة، وأوجب فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لإصلاح الوضع الاجتماعي بقول الله تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) المائدة/104 .
وإن مسؤولية الآباء والمربين، تدعوهم إلى تربية الطفل تربية اجتماعية، ليكون فردا اجتماعيا ناجحا في علاقاته الاجتماعية، ومشاركا في بناء المجتمع، وتصحيح السلوك الاجتماعي.. وإن المنطلق الأساس للعلاقات الاجتماعية، يبدأ من الحياة الأسرية، والعلاقة بأفراد الأسرة.. فتدريب الطفل على التعامل السوي مع إخوانه الصغار، والذين يكبرونه بالسن، هو بداية لتكوين أنماط العلاقة الاجتماعية.. فتدريبه على علاقة الحب والاحترام والإيثار والتعاون مع إخوانه، يربي في نفسه روح التعامل الاجتماعي، وينقذه من الفردية والأنانية.. إن حثه على العناية بأخيه، أو إعطاءه شيئا من نفوذه.. ورد هذا التوجيه عن الإمام محمد الباقر (رضوان الله عليه) في قوله لأحد لأصحابه: (استرضع لولدك بلبن الحسان، وإياك والقباح؛ فإن اللبن قد يعدي)!.. وإن ربيته كما تكون الحكمة والدعاء المأثور عن أئمة أهل البيت (رضوان الله عليه) التربية القيادية، وتركيز مفاهيمها فقد جاء فيه: (اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله، وتذل بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك، والقادة إلى سبيلك، وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة).. فمن هذه المفاهيم نجد أن الإسلام يريد أن يعد أمة قائدة رائدة في طريق الخير.. وإن كانت تربيتك – يا عزيزي السائل- على هذا الغرار الذي أمرنا، فلا خوف عليهم، وإلا العيب في الأصل.
ونعم ما قيل :
هي الأخلاقُ تنبتُ كالبنات .... إذا سقيت بماء المكرماتِ
تقوم إذا تعهدها المُربي..........على ساق الفضيلة مُثمِرات
وتسمو للمكارم باتساق.......كما اتسقت أنابيبُ القناة
وتنعش من صميم المجد رُوحا......بأزهارٍ لها متضوعات
ولم أر للخلائق من محلّ........... يُهذِّبها كحِضن الأمهات
فحضْن الأمّ مدرسة تسامتْ..........تربية ِ البنين أو البنات
وأخلاقُ الوليدِ تقاس حسنا............بأخلاق النساءِ الوالدات
وليس ربيبُ عالية ِ المزايا.........كمثل ربيب سافلة الصفات
وليس النبت ينبت في جنانٍ.........كمثل النبت ينبت في الفَلاة
وليس لنا إلا أن نكون جديرين على الحفاظ لهذا الوليد الذي ينتظر منا وننتظر منه في شبابه ليتسنى له أن يؤدي الحكمة ((( زرعوا فأكلنا نزرع ليأكلوا))). والله خير جافظ وهو أرحم الراحمين.
المحب المربي
behbahani@t-online.de


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سيد صباح بهباني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/03/03



كتابة تعليق لموضوع : أصول التربية السليمة لبناء المجتمع المنتج.....!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net