صفحة الكاتب : ا . د . حسين حامد

\"متحدون\" على نفس المصير المأساوي للقائمة العراقية ...
ا . د . حسين حامد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مع ادراكنا للمعايير والقيم الشخصية ، لكل من السيدين اياد علاوي واسامة النجيفي ، تبقى حقيقة أن فشل ألاول عمليا كسياسي قد تجاوزته الاحداث، والثاني في طريقه الى نفس المصير، تبقى مؤشرا فاضحا لجنوح وفشل سياسات بعض الكتل نتيجة الاصرار المسبق لتوفير خطط الاجهاز على قيم عهد جديد كان يمثل أملا مطلقا لشعب اعتقد انه قد حان الاوان لانهاء حداده الطويل والبدء بحياة طبيعية كريمة يستحقها . عهدا جديدا كان أيضا ممكنا فيه ان يوفر لكل من هذين السيدين فرصة لنحت اسميهما في جبهة الوطن الغالي والارتقاء نحو سماءنا الناصعة. لكن الذي حصل ، ان كل من اياد علاوي واسامة النجيفي ، قد اختارا طرقا مخادعة والتظاهر بربط مصيركل منهما بالتجربة (النضالية) للبعث للافتراء على اولئك الذين لا يزالون يحلمون بعودة (عزهم) المطمور، وعلى الرغم من تحريم الدستور لهكذا عودة لا مباركة . 

وهكذا وجد كل من علاوي والنجيفي واخرين على شاكلتهم ، وتحت الظروف الشاذة ، دعما واسعا من انظمة الجوار الكارهة للنظام العراقي الجديد، ما ساعدهما في إيهام الكثيرين بتبنيهما مسؤولية استمرار (النضال) السياسي من اجل عودة البعث ، ولكنه ، لم يكن وفاءا للحزب ، بقدرما هو استغلالا لواقع سياسي واجتماعي مضطرب بهدف الوصول الى مصالح شخصية وحياة تضاهي حياة سيدهم المقبور. 

ولو تأملنا في بعض المزايا المشتركة والتي تلح على الترابط الوثيق في البناء النفسي والسلوكي بين السيدين علاوي والنجيفي ، وخصوصا الابتلاء بمرض حب الظهور والشعور بالحاجة المفرطة للتواجد تحت الاضواء والشهرة ومعاشرة الاثرياء والامراء والحكام ، وهو مركب نقص في الشخصية قادر على تأجيج مشاعر التعالي الزائفة والاستمكان لانانية بغيضة في الذات واحتقار للادنى وعدم الثقة باي كان. كما وأن عدم الاعتراف بمبدأ الصفح أونسيان الاسائة مع الاعداء، هو من ابجديات هذا الداء الوبيل . 

ولكن، يبقى السيد علاوي ، متفردا في امتلاكه لنزعة شديدة للتسلط واخضاع الاخرين لارادته بأي طريقة ممكنة ، وخصوصا في التعامل مع فريق عمله . كما وأن عدم شعوره بالرضا عن أي \"موقع \" في المسؤولية لنفسه مهما كان، يفضح افتقاره للمواهب القيادية ، ويتناقض مع ما يفترض أن تكون قد جادت عليه به خبراته الطويلة في العمل في شبكات المخبارا ت الاجنبية، والتي عادة ما تمنح مزايا فذة من بينها مثلا ، سهولة التوافقات والعمل مع الاخرين والقدرة على تحمل المسؤوليات ، فضلا لإفتقار شخصيته للمرونة وعدم القدرة على الاقناع... فكانت هذه الميزات السلبية لشخصية السيد علاوي أكثرمن كافية للتعطيل الجوانب الحيوية له. 

ماهي مشكلة السيد النجيفي بالضبط ؟ 

يستطيع كل مراقب لاحداث السياسة القائمة ، ان يرصد حقيقة ان السيد النجيفي يسير تماما على خطى السيد علاوي في تعامله في الماضي مع قائمته العراقية . فالتحشيد ضد حكومة المالكي وممارسة الضغوط عليها والمبالغة في تصوير وخلق المشاكل والاتهامات ، سوف تضر بمصداقيته كما أضرت بالقائمة العراقية، ذلك لان السيد النجيفي حينما يفعل ذلك ، فانه يعتبر نفسه سياسيا ذكيا ، استطاع تحشيد جماهيرا كبيرة خلفه ، مثلما استطاع ان يفرض نفسه كسياسي عراقي لامع يمثل الشخصية المرغوب بها لدى تركيا وقطر والسعودية ، ويتجاهل ، او ربما لا يدرك ، ان التزكية له أو لغيره من هذه الانظمة الباغية هي التي أجهزت على السيد أياد علاوي من قبله ورمته من عليائه. والسؤال هو هل أن النجيفي ذكيا فعلا كما يتصور نفسه؟ دعونا نرى ... 

ابتداءا ، هناك فرقا كبيرا جدا بين ممارسة السياسة مع الخصوم بذكاء واستعداد فطري للبعض ، وبين ان يجد السياسي ، كالسيد النجيفي أمامه ظروفا سانحة تتيح له فرصا على طبق من ذهب ولكن، على حساب عملية سياسية كسيحة تمعن في تدمير مصالح الشعب ، فنجده مستغلا ذلك لتوجيه تصريحات وهجومات عنيفة ضد الحكومة . وعندما تجد هذه التصريحات فضاءا سياسيا واجتماعيا مشحونا وغارقا بقضية الارهاب والقتل العشوائي اليومي ، فانها لا تهيئ للسيد النجيفي ولا لغيره ممن قاموا بالتوقيع على وثيقة (الشرف) ظروفا كالتي يرجوا استغلالها ، حتى وان كان هناك من يشتريها ممن اهتزت ثقتهم بالحكومة بسبب عوامل كثيرة . فالنجيفي ، يعتقد أن الاستمرار في ممارسة الضغوط ضد الحكومة ربما يزيد في شعبيته وتلقى اذانا صاغية له بين التظاهرات والاعتصامات ، لكنها أيضا تسئ الى مصداقيته أكثر من قبل شعبنا ، وتفضح تكتيكه السياسي الزائف في توقيعه على الوثيقة. وقد شجع هذا الحراك السيد النجيفي على محاولات ليجرب فيها (اللعب على الحبلين) ، كما يقول المثل الدارج ، ولكن ذلك لم يوصله الى نتيجة ، بسبب ان اوراق لعبه كلها قد تكشفت ومنذ زمن بعيد. 

فالسيد النجيفي ، من جانب مثلا، لم يتردد من التوقيع على وثيقة الشرف ،لادراكه ، ان هذه الوثيقة لا قيمة لها وهي مجرد حبر على ورق. ولكنه يدرك ايضا ، أن التوقيع عليها سيمنحه، مثلما يمنح غيره ممن هم على شاكلته، موقفا يمكن تفسيره \"بصدق النوايا\" للكتل السياسية المناوئة للحكومة ، والبعثية منها خاصة. فامام التحديات التي يمر بها شعبنا ، هي خطوة لا بأس بها للتظاهر بوضع الخلافات جانبا وتوحد الاهداف. كما وأن التوقيع على الوثيقة ، انما هو مكسب دعائي مجاني يخدم اهداف متحدون وغيرهم في الانتخابات القريبة، فما المانع من التوقيع عليها؟ ومع ذلك ، وجدنا ما توقعناه ان يحصل . وجدنا انه لم يلبث ان بادر السيد النجيفي ، رئيس كتلة متحدون ، ومعه السيد صالح المطلك (رئيس كتلة الحوار الوطني) ، (والذي يدافع عنه البعض من عراق القانون ، من انه ليس بعثيا ويكره البعث، ونحن نريد ان (نصدق) ذلك الادعاء لولا أن سلوكه لا يزال بعثيا قلبا وقالبا) ، كانا أول من قاما معا بخرق وثيقة \"عهد الشرف\" الذي قطعوه على انفسهم ، ولم يجف الحبر بعد على صفحة إفكهم وتضليلهم.

جاء ذلك التصدي للسيد المالكي بعد أن صرح اثناء تواجده في الناصرية ، من \" أن بعض مطالب المتظاهرين غير مشروعة بسبب ان هذه المطالب تتناقض مع الدستور ، ويراد بها التحريض على الفوضى وخلق المشاكل والاستفزازت وتبرير قتل شعبنا\". ولكن يبدوا أن السيدين النجيفي والمطلك ، قد قررا التضامن على تبني موقفا غير عابئ بألوثيقة ، ويتسم بالخبث والافتراءات ، في ادانة لتصريحات السيد رئيس الوزراء، مع ادركهما جيدا ، أنهما يستفزان مشاعر شعبنا فقط من خلال سعيهما الواضح الى تعزيز المواقف البعثية وبشكل لا لبس فيه ، ولديهم من يسمع اصواتهم في تلك التظاهرات ويستجيب لها. فهذان السياسيان كانا أول من نقض مشروع \"وثيقة الشرف\" بعد ان تعهدا على دعوة الكتل السياسية للتوحد والتعامل مع بعضها البعض بسلوك منضبط ومسؤولية من اجل مصلحة شعبنا ومن خلال الرجوع لمبادئ الدستور، والوقوف بوجه الارهابيين والخارجين على القانون ضد الحكومة ...وكما أكد عليه البيان الختامي ، فأين الثرى من الثريا؟! 

وبما أن السيد النجيفي لا يخفي عداءه المستحكم ضد السيد رئيس الوزراء ، تماما كما كان يفعل السيد علاوي ، نجد ذلك على عكس الكثير من السياسيين الذين لا يجاهرون بعدائهم لحكومة المالكي ولا حتى لبعضهم البعض ، فلذلك نجد هؤلاء قادرون على التحرك بحذاقة ضد خصومهم. ولكن السيد النجيفي ليس كذلك ، فهو يبدوا مضطرا لمثل تلك المجاهرة ، لانها تشكل دعما واسنادا للتظاهرات والاعتصامات البعثية في الموصل والانبار وغيرها والتي تطالب باسقاط الحومة . فنجده ينتهز الفرص في مناسبة او بدونها ، لتعرية الحكومة من كل منجزايجابي، ومكيلا لها التهم للاسائة الى مصداقيتها وبكل الوسائل ، وخصوصا من خلال اطلاق التصريحات الملتهبة لدعم التظاهرات والاعتصامات في الموصل والانبار وغيرها بهدف زيادة التوتروالتحريض حتى على العنف في دعوته لتلبية مطالبهم مع ادراكه جيدا ان هذه المطالب تركزعلى اسقاط الدستور والحكومة المنتخبة . لكن النجيفي يعتبرتلك المطالب أمله الوحيد لازاحة المالكي وفرصته الكبرى لاسقاط النظام من خلال دعم المتظاهرين ، والوقوف كبطل عادل لمطالب الشعب . لكنه يخطأ في اعتقاده أنه بذلك يزيد من احراج الحكومة في دعمه لمطالب يعلم جيدا انها مشبوهة ، وإن تمنى لها ان تتحقق، لانها تمثل ارادته الحقيقية . وهو يعول في دعمه للتظاهرات ، في كسب اصواتهم في الانتخابات القائمة ، ممنيا نفسه بتحقيق عودة البعثيين ، وهي سياسة تذكرنا تماما بسياسة القائمة العراقية قبل تشظيها .

ومن اجل ان تكون مساعي السيد النجيفي هذه محبوكة ، للفوز بالنجاح المرتجى وكما يتمنى ، فأننا ومن خلال قراءة افكاره وسلوكه ، نعتقد أنه من المرجح جدا، أنه لا يتوانى عن التنسيق مع شقيقه السيد اثيل النجيفي محافظ نينوى ، لخلق العثرات في طريق حكومة المالكي ، ورفض كل ما من شأنه ان يخدم موقف الحكومة في قضايا تخص التوافقات السياسية ومصلحة الشعب واستمرار التحشيد للتظاهرات والاعتصامات. فهذا هو السيد اثيل النجيفي ، نجده يأخذ على عاتقه تحدي الدستور والمطالبة بتوقيع الصفقات والعقود مع الشركات النفطية الاجنبية من قبل المجلس المحلي لمحافظة نينوى. فالشقيقان البعثيان ، اسامة وأثيل ، يتبادلان الادوار ويتقاسمان ألاهداف التي تحرض على خلق المزيد من المتاعب ورفض الاعتراف بالدستور! 

ففي الأسبوع الماضي، قرر مجلس محافظة نينوى منح المحافظ ، السيد أثيل النجيفي سلطة توقيع الصفقات مع شركات النفط الأجنبية..! وهو قرار لم يكن ناتجا عن جهل مجلس المحافظة لمبادئ الدستور والذي ينص على ان الحكومة الاتحادية هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن ادارة السياسات النفطية للبلاد، ولكنها محاولة خبيثة فقط لتحقيق هدفين: الاول لخلق مشكلة جديدة اخرى كالتي لا تزال قائمة حتى هذه اللحظة ، بين الحكومة والاقليم ، وجعل الاوضاع أكثر تعقيدا بعد اعلان وثيقة الشرف. والهدف الثاني لتحدي الحكومة الاتحادية من قبل مجلس محافظة نينوى وزيادة الضغوط على حكومة السيد المالكي لخلق مزيدا من مشاكل عدم الاستقرار لشعبنا. 

وختاما، باعتقادنا ان السيد اسامة النجيفي وقائمته متحدون ، سائرون على نفس الهاوية التي يربض في قعرها السيد علاوي ، وحيدا يائسا . فمع اننا لا نريد الاعتقاد أن عراقنا تائها ، والانحدار السياسي والاخلاقي بلغا مستوى أغرق شعبنا في بحر لجي من ظلمات الارهاب والفساد الاداري من قبل هذه المجموعات من ساسة منفلة ادمنواعلى حب الانتقام من شعبنا ويطمحون في تقطيع أوصاله بعد ان أستباحوا كرامته وأمعنوا في أستغلال صمته على افعالهم الدنيئة وراهنوا على اسقاط النظام الجديد ، يبقى شعبنا عظيما لا يعرف اليأس طريقا الى قلبه، وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ا . د . حسين حامد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/10/10



كتابة تعليق لموضوع : \"متحدون\" على نفس المصير المأساوي للقائمة العراقية ...
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net