صفحة الكاتب : مهدي الصافي

اخفاقات التربية والتعليم العالي في العراق
مهدي الصافي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تدهور الوضع التربوي والعلمي في العراق اواسط ثمانينيات القرن الماضي,دخلت الرشوة والمحسوبية البعثية  في صميم  العملية التربوية ,انتشر الفساد بين الكوادر والهيئات التدريسية بشكل علني,وانهارت المسيرة بالكامل ابان فترة الحصار الاقتصادي الجائر, الذي فرضته القوى العظمى على بلادنا بعد احتلال الكويت1990-1991,.
وبعد ان انقذ الله سبحانه وتعالىالشعب العراقي من وحشية معتقل الدكتاتورية الرهيب2003,
وتوزعت كعكة المحاصصة (فقد ذكر ياسين مجيد ان الرئيس اوباما في لقائه الاخير مع السيد المالكي قال بأن العراق كعكة تقاسموها بهدوء فيما بينكم)بين الكتل السياسية الغير متكافئة نسبيا(العرب الشيعة ,والعرب السنة, والاكراد ,وفتات الاقليات),
فصارت وزارة التربية في حكومة السيادة حصة حزب الدعوة تنظيم العراق
(الفرع الذي انشق عن الاصل لاسباب مالية ,والذي تشقق او تفرع مرة اخرى ايضا لاسباب مالية),فصرت اسمع شتائم المعلمين للوزير المجاهد, الذي ادعى انه غير العقل العراقي(من استماع الموسيقى ومزاولة الرياضة والاهتمام بالفنون الى اللطم وضرب السلاسل والقامة والتسرب من المدارس),
والذي اختار حزبه اسوء مدراء عامين لتربيات المحافظات الفائزين بعدد من مقاعد مجالسها المحلية,اما مشاريع طباعة الكتب ومدارس الهياكل الحديدية المتوقفة بسبب الفساد,اضافة الى تحويل عطاءات بناء المدارس لمقاولين فاشلين
(بعض المقاولين يقولون لانستلم مشروع بناء المدارس ا,لا بعد ان ندفع لموظفي الدولة دفتر او اكثر عن كل مدرسة)
,وطريقة تشييد المدارس ونظام الدوام الذي اقتطع منه يوم اضافي مع عطلة الجمعة, بينما بقيت ساعات الدوام دون تغيير,
فوق كل هذه الاحمال والاخفاقات الجاثمة على صدور طلبتنا المساكين, لدينا مشكلة قديمة جديدة او متجددة هي مساوئ نظام التربية والتعليم المتوارثة ,منها للاشارة وليس الحصر, انعدام الوسائل والاليات والاساليب او المفاهيم او القوانين التي تنظم العلاقة الشفافة الواضحة بين المدرسة او الجامعة وكوادرها الوظيفية او التدريسية اي الدولة من جهة ,وبين والتلاميذ او الطلبة وعوائلهم من جهة اخرى,
واحدة من اهم المشاكل التي بقيت عصية على الحل هو اهلية الكوادر التدريسية لممارسة اعقد واهم مهنة في وظائف الدولة,كالمؤهلات الاخلاقية والعلمية او الاكاديمية والتربوية لمزاولة مهنة التدريس ,
وكذلك عدم اعتماد اليات تنظيمية وفق لوائح التربية والتعليم المبتكرة عالميا(والتي تعمل بموجبه بعض دول الخليج),وفقا لتجارب الدول الناجحة, لتقييم اداء وسلوكيات واخلاقيات التدريسيين,
فقد كانت حالة ضرب وتخويف التلاميذ وطلبة المراحل الابتدائية والمتوسطة وحتى الاعدادية شائعة ومنتشرة بكثرة في المدارس والمراحل المختلفة,وفي ذاكرة كل طالب اليوم ذكرى جميلة او محزنة عن استاذ معين صادفه في مسيرته الدراسية,
هذا الاهمال المتعمد ,والاخفاقات التي غض الطرف عنها لاسباب عديدة(منها جهل القائمين بعمل الوزارات المعنية بالامر-هناك فرق شاسع بين الدولة التي تدفع اموال خاصة للطلبة لشراء كل مايحتاجونه من كمبيوتر واغراض الدراسة ,وتراقب سلوك الاسرة والمدرسة مع الطلاب,وبين الدولة التي تقطر بقطارة الى ثروتها القومية والوطنية),
سوف يعيق عملية انتشال العقل العراقي المأسور بالازمات والذكريات والاحداث المؤلمة,
(التي اصبحت غذائه الشبه يومي) ,ولن يكون هناك دورا بارزا في المستقبل لهذه العقليات, المعروفة اجيالها تاريخيا بتفوقها العلمي في المنطقة والعالم,
فإذا كانت كثرة البعثات الدراسية في الخارج هي الحل كما يعتقد البعض,وهو واهم كما نعتقد,فهناك الالاف من الكفاءات الموزعة على مختلف الدول تنتظر من يطلب منها العودة والعمل في وطنه الام, 
ماذا يعني ان تستهين وزارة التعليم العالي والبحث العملي بالجامعات العراقية المعروفة عالميا, لترسل طلبة الدراسات العليا الى ايران مثلا,بينما الطلبة الايرانيين يملؤون اروقة الجامعات الاوربية,
ثم ماذا يعني ان تطرح مبادرة البعثات والدراسات العليا لموظفي الدولة ممن شارف عمره على عقده الخامس(لدراسة الاختصاصات الادبية والانسانية وليست العلمية كالهندسة والصيدلة والطب),صحيح ان الدراسة والطموح لايوقفها حد العمر او غيره ,
ولكن نحن نريد اعادة بناء العراق,وتسليمه الى اجيال مابعد الازمات,لا ان يهمل الطالب الشاب,فيسمح لاي موظف ان يقدم الى الدراسات العليا ,وتصرف له ميزانية شهرية لتكملة الدراسة خارج القطر مع استمرار راتبه الشهري,في حين ان مشكلة العراق وبلا مجاملة ,هو في كادره الوظيفي القديم, 
والذي يطلق عليه رئيس الوزراء المالكي في كل مناسبة بالتركة الثقيلة,هذا كله يعد امر هين,لكن ياوزير التربية ,وياوزرير التعليم العالي,اسألكم بالله, هل سمعتم ان شخصا يريد الحصول على سبيل المثال على شهادة الدكتوراة في الادب العربي ,ترسله دولته الى موزبيق او كولمبيا او روسيا او المانيا لدراسة الادب العربي!
في العراق رأينا العجائب,
يفرغ الموظفون من وظائفهم وهم في اعمار تقترب من سن التقاعد,ثم يبتعثون في ماليزيا لدراسة الادب الانكليزي,(مع الاعتراف برصانة الجامعات الماليزية) ,لكن دراسة ادب الامم والدول لن يكتمل الا بمعايشة شعوب تلك الدول,والتعرف على عاداتهم وتقاليدهم وتراثهم الادبي,
ان التخبط الواضح في تطوير النظام التربوي والعلمي في العراق,هو دليل انعدام الخبرات والكفاءات المتخصصة في مسألة اعداد البرنامج الحكومي الاستراتيجي للنهوض بهذا الواقع المتذبذب,وكذلك قلة المراكز البحثية المهتمة بالشؤون التربوية والتعليمية عموما.
الاموال التي رصدت للبعثات الدراسية يجب ان تقنن,ليستفاد منها في انشاء مراكز وهيئات علمية لتطوير الاختصاصات والبحوث والدراسات العليا,والاعتماد على الكوادر الاكاديمية المحلية في مجالات الدراسات العليا للاختصاصات الادبية والانسانية عموما,
فالعراق على الرغم من عمليات الاغتيالات الكثيرة التي طالت اساتذة الجامعات والاكاديميين فيه,الا اننا لانعاني نقصا حادا في الكوادر والطاقات والخبرات الاكاديمية,ففي كل دولة من دول العالم كما اشرنا سابقا,هناك مجموعة من الاكادميين العراقيين واصحاب الشهادات العليا (البعض منهم يعمل في تلك البلدان ,والقسم الاخر ينتظر فرصة العودة للوطن لخدمة مسيرته العلمية والتربوية)
,لهذا نحن نطالب وزارة التربية ووزارة التعليم العالي, بالاهتمام بشريحة الكفاءات العلمية المهاجرة,واستقطابها بشتى الوسائل والطرق الحكومية المتاحة(المقصود هو تقديم عروض مجزية لهذه الكفاءات لحملها على التضحية بترك دولهم الامنة المستقرة ,بغية العودة والعمل في العراق,اضافة الى تشكيل لجان وزارية معنية بمخاطبة هذه الثروات الوطنية المبعدة),
وان لايتطرف القائمين على تلك الوزارات كثيرا في مسألة اهمال التجربة العلمية والتربوية السابقة ابان حكم البعث البائد في فترة سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي,فقد كانت حكومة البعث تستقدم الاساتذة العرب الاجانب للتدريس في الجامعات والمعاهد والمدارس العراقية,
وكذلك اختيارها لدول متقدمة محددة لارسال الطلبة والدراسة في بعض الاختصاصات المهمة(الطب والهندسة والفيزياء الطبيعية,الخ.),منها بريطانيا وفرنسا وامريكا والمانيا وايطاليا وروسيا ويوغسلافيا وبقية الدول,وكان العراق هو من يمنح الدول العربية المنح الدراسية للطلبة العرب في جامعاته الرصينة وليس العكس.
اما مسألة رواتب ومنح المعلمين والمدرسين واساتذة الجامعات والمعاهد فهي ليست بمستوى الطموح,بل لاتقارن بأي دولة مجاورة,
(نلاحظ مقارنة اعضاء مجلس النواب رواتبهم ومنافعهم الاجتماعية بمختلف دول العالم ,لكنهم لم يقارنوا رواتب اي موظف عراقي بما فيهم اساتذة الجامعات برواتب موظفي تلك الدول),
انها حقيقة عملية متكاملة ,لايمكن اهمال اي جانب منها,حقوق الطالب وحقوق الكوادر التدريسية,لكننا نبقى نؤكد ان تربية الاطفال وتنشأتهم نشأة صالحة ,ليست مسؤولية الابوين,هذه النظرة انتهت, وليس لها وجود في عالم الحضارة الانسانية الحديثة,انما هي مسؤولية مشتركة بين الدولة والاسرة,وتكون الدولة صاحبة الجزء او الحصة الاكبر في مسألة حماية ورعاية وتنمية القدرات العقلية والصحية والعلمية والاخلاقية للطالب وفي مختلف مراحله العمرية.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مهدي الصافي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/11/11



كتابة تعليق لموضوع : اخفاقات التربية والتعليم العالي في العراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net