صفحة الكاتب : علي الخياط

رحلة الخلود
علي الخياط

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

 كما الشجرة الوارفة متشعبة الأغصان ، عميقة الجذور ، تظلل المكان ، وتزدهي بثمارها كانت وماتزال وستظل شجرة عاشوراء متفردة عن معان كثيرة أخرى ليست منفصلة عن الذكرى ولامتجردة عنها لكنها تحمل خصوصية الزمان والمكان ، فماقبل عاشوراء ليس كيومها ، ولاهو كما بعدها ، كان التحضير للمناسبة عظيما منذ حراك الإمام الحسين المقدس من مكة الى المدينة ، ومن ثم الى كربلاء المقدسة في رحلة خالدة معبرة عن معان سامية تستهدف الروح الإنسانية المعذبة ، وتلك المتهالكة واليائسة والمحبطة لولا فيض من النور كان يسعى بين يدي الحسين الكريمتين الحانيتين اللتين لم يمدهما سوى للمستضعفين ولم يرفعهما إلا بالدعاء الى الله الرحيم ليستشفع للأمة وليمسك بزمام الأمور في مواجهة الظالمين الذين يصرون على الحكم والظلم والهيمنة وتوجيه الأمور كيفما شاءوا ،ثم وصوله الشريف الى كربلاء وإصطدامه بعسكر اللعين عمر بن سعد وعصابة الشر اليزيدي من أمثال الشبث بن ربعي وحجاج بن أبجر وحرملة والشمر وغيرهم من كلاب السلطة المتوشحين بثياب العمى والضلالة والراكضين خلف أحلام السلطة والمال والجاه والنفوذ ،وقراره الجبار بعدم الإستسلام ،أو مد اليد للبيعة لإمام ظالم جاهل رعديد كيزيد لعنه الله حيث قال ، السلة ولا الذلة ، وقال ، مثلي لايبايع مثله ، وأشار الى قبول الموت قتلا على موافقة الظالم على ظلمه وتجبره وقهره لعباد الله والمستضعفين من الولدان والنساء والشيوخ والرجال الرافضين للطغيان على حسابهم ورغما عنهم وتشويها لدينهم وعقيدتهم الحقة التي حماها الحسين ورهطه بدمه الغالي وبدمائهم الزكية التي سالت على أديم كربلاء الذي تحول يوما بعد آخر الى ماكن يؤمه الملايين من البشر لاتسعهم الأرض ولاتكفيهم الموارد إلا بالكاد ليتنعموا ويهنأوا بنعيم مقيم ولولا بركات الدم الطاهر لما كانت كربلاء الصغيرة تتسع لهذه الجموع وخيرها يعمهم فالبركة حاضرة على الدوام . في يوم عاشوراء كان التاريخ مجسدا في قوة الإرادة الحسينية التي تعمقت خلال ساعات النهار في نفوس المحاربين العظماء الذين قاتلوا بشراسة ، وكانوا موطنين أنفسهم على الموت في سبيل الحق وعلوه ، ودحض الباطل وفضحه وفضح أزلامه حيث كانت اللحظة حاسمة في أن يقرر الحسين إما المضي في الطريق الذي قرره او النكوص والرضا بالبيعة والاطمئنان الى مكاسب بسيطة لاتليق به ولابرسالة جده وقد ينتقل الى موضع آمن من الأرض ، لكنه نظر الى الامتداد الواسع في المعرفة حيث الرضا بقرار السماء وحكمة الرب في خلقه ،ولذلك كان عليه أن لايوافق على أي مطلب من مطالب الأعداء الذين أرادوا له الإستسلام لينفردوا في القرار والسيطرة على الأمة ومستقبلها ويحكموا الناس بالطريقة التي يريدون وهي في النهاية تلبي مطامحهم ومطامعهم الشخصية الفئوية الضيقة ،بينما الحسين كان قرر أن يخوض المنازلة بحثا عن المجد الدائم والخلود الأبدي عند الله العظيم الذي لايقبل إلا الوقوف مع الحق المطلق وعدم التنازل للباطل وأهله . بعد عاشوراء تحرك العالم نيابة عن الحسين ليخلد ذكراه الى القيامة ويكون البشر كلهم محبين ومعاندين دعاة له مخلصين او مناكفين ،فالمحبون ينشرون مجده مؤمنين وراغبين والمناكفون ينطلقون ضده لكنهم يعودون له دعاة من غير شعور لينبهوا الناس الى الحقيقة ، فمن يضاد الحق ينشره ...

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي الخياط
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/11/16



كتابة تعليق لموضوع : رحلة الخلود
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net