صفحة الكاتب : بشرى العزاوي

التقاليد وقسوتها
بشرى العزاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

إن العادات والتقاليد لها دور جوهري وفعال في حياة الإنسان ,ولها تأثير على نمط حياته ِ,وفي تشكيل وانعدام هويته ,وتحطيم حياته في بعض الأمور,فالبعض يمتثل لها ويكون منصاعاً لقوانينها حتى ولو كان دون رغبة منه ,فالتقاليد أصبحت قانونا لا يستطيع احد مخالفتها ,وان حدث فسيُعاقبه المجتمع لعصيانه , وبهذا تكون عارضا أمام تطوره, فيبقى مقيد اليدين وفي حالة جمود ,وكأنه إنسان آلي تسيره التقاليد المتعارف عليها منذ سنين ومحكوم لها ,فان البعض يعاني من الاغتراب من ذاته ,ومملوكا لتلك القوانين العشائرية ,التي لا تتغير بتغير الحياة ,وببزوغ التطور الحضاري ,فان البعض حائر بين أمرين, الأمر الأول انه لا يستطيع تقبلها وتحقيقها بإرادة ورضا , ولا يستطيع مخالفتها لأنه سيهان وسينبذ من قبل المجتمع القاسي , وللأسف دائما يختار الأول وينصاع لتنفيذه.

ان القوانين تلك تقف أمام رقي المجتمع ,وتزيد من تخلفه وتدهور حياة أبنائه  , فتقف التقاليد عثرة أمام تقدم الفرد ,وان تأثيره الأكثر يكون على المرأة, فأنها تقف أمام تحررها ,فمازالت تتحكم بها ,وتسيطر على أفعالها وتشل حركتها , وتلغي رأيها, وتعدم وجودها في كثير من القضايا , وهنا الآن سأتحدث عن مأساة تعيشها تلك المرأة بسبب تلك التقاليد الصارمة ,وهي تزويجها رغما عنها ودون قناعة تذكر .

لا يحق للأهل إجبار الفتاة  على الزواج لأنها هي من سوف تتزوج ليسوا هم , وان المشاكل الزوجية ان وجدت  هي من تتحملها وتعانيها, وان طُلقت هي من ستسمى مطلقه ,لذا لما لا يترك أمر الاختيار لها,  وتحدد هي  مصيرها ونصيبها ,وتتحمل عواقب اختيارها ,أفضل من ان ترمي اللوم على الأهل , لكن للأسف في مجتمعنا لا تعطى حرية الرأي ,ويجبرونها على الزواج ممن يرغبون هم به , ويروه مناسبا لابنتهم ,لكن كيف يرونه كذلك ؟ أنهم ينظرون إلى قصوره وسيارته الفخمة ,وجيبه الممتلئ بالأوراق الخضر (الدولارات) التي لا يعرفون من أين أتت ,أهل هي فعلا من عرق جبينه ؟ ام من طرق ملتوية أخرى .

إن بعض ضعفاء النفوس من الإباء يزوجون  بناتهم مقابل حفنة من المال لتمتلئ جيوبهم بها ,وان صحت العبارة أقول يبيعونها ,أغراه بها ذلك الرجل ,و ياريت من عمر الفتاة ,بل رجلا طاعن في السن ,وقدماه على حافات الحياة ,وعتبات الموت , و لم يفكر إلا بمصلحته ِ وبإشباع نزواته ,ولم يفكر بتلك الفتاة البريئة التي في بعض الحالات تكون قاصرة , وبعمر ابنته اوحفيدته ,يكبرها بعشرين سنة او أكثر.

إن البعض لا يفكر بابنته كيف ستعيش مع الشيخوخة التي باتت ظاهرة على ملامح عمر المتقدم لخطبتها , المهم لديه ثمن البيع ,وهنا الفتاة لاحول ولا قوة ,وستنصاع لأوامر أهلها ,فتضطر إلى التخلي عن أحلامها الوردية والمتمثلة بالزواج من شاب يقاربها في العمر,يفهما ويعرف قيمتها ,وان  التقارب الذي بينهما سيساعد أكيد على ديمومة الزواج وإنجاحه .

إن المرأة مازالت مضطهدة ,مخلوقة ضعيفة لا تقوى على ردع التظلم الذي يصيبها ,ولا على كسر حواجز العبودية ,للأسف ستعاني من زواجها القسري, وتضع الظروف والحياة إمامها أمرين ,أما ان  تستمر بمعاناتها مع زوجها المسن ,وتتحمل الفروقات التي بينهما ,وتعيش جسد بلا روح وتستمر بحياة شكلية خالية من أدنى مقومات الحياة الزوجية ,أو قد تنهي تلك المعاناة وتشتري راحة بالها ,وتستقر نفسيا بالطلاق ,لكن الأكثرية تختار الأخير, وترجع إلى بيت أهلها مكسورة أكثر وبصحبة أطفالها ان كان لديها أطفال ,وبالتالي سيكون موقف الأهل جدا صعب حينها,(أم حسين جنتي أبوحدة صرتي باثنين ) ,وخطيئة الفتاة  والأطفال ستكون برقبة الأهل .

إن هذه الحالة كثرت في الآونة الأخيرة ,ونلمس كثرتها في المحاكم ,فان نهاية هكذا زيجات تكون  بالطلاق,لان الزواج لا يكون أبدا بالإكراه ولا بالغصب ,لان أضراره ستصبح وخيمة وستتأذي بالدرجة الأولى المرأة أكثر من الرجل ,لأنه المطلق لا ضرر عليه يستطيع الزواج من أخريات وليس فقط بأخرى, وتكون لديه مسالة طبيعية جداً ,ولا تتغير نظرة المجتمع له على عكس المرأة .

فالتقاليد هي التي أعطت الحق للأهل على تزويج الفتاة رغماً عنها ,وأعدمت رأيها وألغيت وجودها, وأجبرتها على تحمل جبروت الرجل .والتقاليد هي نفسها من ظلمتها وهي مطلقة ,فان  مجرى حياتها ستتغير ,وستُجرد من الحرية التي كانت لربما تتمتع بها قبل الزواج ,وستعيش حياة أشبه بالجحيم وأحيانا يقود البعض منهن  للانتحار .

على المرأة اليوم إن تتحرر من العبودية, وان لا تستسلم وتخضع لرغبات الغير,وان تفعل ما تراه مناسبا وصحيحا لها ,لان هذه حياتها وان تدرك أمرا إن الطلاق صعب جدا على المرأة في هذا المجتمع القاسي .   

 

 

 


بشرى العزاوي

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


بشرى العزاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/08/21



كتابة تعليق لموضوع : التقاليد وقسوتها
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net