صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

السعودية وأسرائيل حليفا الامس حليفا اليوم
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

العلاقات السعودية الاسرائيلية ليست جديدة ، لكنها اليوم خرجت من أطار علاقة السر، الى علاقة العلن وأمام الملأ ، العائلة المالكة في السعودية تلقت الدعم من اللوبي اليهودي منذ تأسيس الحكم للعائلة المالكة التي تبنت أفكار محمد عبد الوهاب التي باركها اليهود ، كونها الافكار الاكثر خدمة للاهداف اليهودية ، بما تحمل من تطرف وتكفير للمسلم الآخر ، مع التعايش مع اليهود كونهم أصحاب كتاب ، وهذه الافكار التي يجهد اليهود في نشرها على العالم ، يقدمها الوهابيون على طبق من ذهب الى اللوبي اليهودي ، الامر الذي دفع اليهود لدعم أفكار الوهابيين ، والعائلة المالكة السعودية التي تبنت هذه الافكار بقوة كبيرة .

 لعبت السعودية دورا مهما في تأسيس الدولة اليهودية الصهيونية في فلسطين ، فالعلاقات الصهيونية السعودية مستمرة منذ أغتصاب فلسطين من شعبها لغاية يومنا هذا ، واليوم عندما نسمع عن هذه العلاقات والحديث العلني عنها ، والاجتماعات بين المسؤولين الصهاينة والمسؤولين السعوديين خاصة بندر بن سلطان مسؤول الاستخبارات السعودية ، ليس أمرا غريبا، فهذه الاجتماعات موجودة منذ سنين مضت وتجري بشكل سري ، لكنها اليوم ومنذ أحداث ما يسمى ( الربيع العربي ) خرجت الى العلن ، وظهرت بشكل أكثر وضوحا بعد فشل الضربة العسكرية على سوريا التي بذلت السعودية جهدا كبيرا لأجل تنفيذها ، وبعد بدء المفاوضات الايرانية مع الدول الست الكبرى حول الملف النووي ، وعند الأعلان في جنيف عن نجاح المفاوضات والأتفاق بين الطرفين ، وتخفيف العقوبات على ايران ، هذه النتائج التي جاءت لصالح تيار المقاومة ، قلقت بل جُنّت اسرائيل والسعودية وباقي الحكومات الوراثية في الخليج ، أذ قال حليفهم نتنياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني : أن الاتفاق صفقة سيئة .

 يبدو لي أن السعودية واسرائيل ستُبيتان أمرا لتخريب أتفاق جنيف ، وهذا سيدفع أكثر باتجاه التقارب السعودي الاسرائيلي ، وكنتيجة لردود فعل دول الخليج واسرائيل على الاتفاق سيندفع هذا المحور أكثر من السابق في دعم المسلحين التكفيريين ، من أجل زرع الفتنة الطائفية في المنطقة ، وشعوب المنطقة تعرف أن شيوخ المذهب الوهابي قد أصدروا الفتاوى لقتل أي مختلف عنهم من المسلمين سنيا كان أو شيعيا ، خاصة بعد أحداث ( الربيع العربي ) ، وهذا ما يجري اليوم في مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا والعراق وبقية بلدان العالم الاسلامي ، واعتبروا هذا القتل مقدسا ، والقاتل تُضمن له الجنة بصك من شيوخ المذهب الوهابي ، وفي نفس الوقت حرّم هؤلاء الشيوخ (وعاظ السلاطين) قتال اليهود لأنهم أصحاب كتاب ، فهل توجد هدية أكبر من هذه الهدية تقدمها السعودية لحليفتها القديمة الجديدة أسرائيل ؟ خلق فتنة طائفية بين المسلمين ، وتوفير الأمان للحليفة أسرائيل !

 حكومة السعودية وحكومة قطر تتنافسان اليوم أيهما يقدم خدمة أكبر للحليف الأسرائيلي ، ومعهما بقية الحكومات الخليجية وحكومات أخرى في المنطقة ، كلها تقود اليوم وبشكل علني نيابة عن اسرائيل الحرب على المقاومة ، والحقد والعداء والكراهية للدول والاحزاب التي تدعم تيار المقاومة ، وأخذت هذه الحكومات الداعمة لأسرائيل توظف أدواتها لأشعال حرب طائفية في البلدان الاسلامية ، لغرض تمزيقها واضعافها وتحويلها الى أمارت صغيرة متناحرة ضعيفة ، خدمة للحركة اليهودية الدولية ، التي تراهن على مشروع التقسيم والتفتيت للدول المعادية لأسرائيل ، من أجل ان تبقى اسرائيل هي الأقوى وتفرض وجودها وشروطها على دول المنطقة ، وتنشغل الشعوب التي سُلبت حقوقها بصراع طائفي مختلق من قبل حكومات الدول الحليفة لأمريكا وأسرائيل ، وأدواتهم في المنطقة .

يدير حلفاء أسرائيل الصراع تحت عنوان صراع بين السنة والشيعة ، أو هكذا تريد أمريكا وأسرائيل أن يكون بالعنوان الطائفي ، وما على الأدوات الا التنفيذ والحراك تحت هذا العنوان ، لكن الواقع والمعطيات تثبت أن الصراع ليس سنيا شيعيا ، وليس أسلاميا مسيحيا ، بل هو صراع بين محورين ، محور المقاومة ومن يدعم هذا المحور ، وبين محور المهادنة مع اسرائيل والاعتراف بها دولة ، وهذا المحور يتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني والمقدسات الاسلامية والمسيحية في فلسطين ، هذا هو جوهر الصراع ، وشعوب المنطقة تعرف هذه المعادلة وتعي هذه المؤامرة ، لهذا السبب يعجز محور الاستسلام والخنوع عن خلق شرخ طائفي بين شعوب المنطقة ، رغم أنهم سفكوا الكثير من دماء الابرياء تحت لافتة الطائفية والجهاد التي يحملها التكفيريون أدوات اليهود في المنطقة . 

السعودية التي تريد أشعال حرب طائفية في المنطقة باسم الجهاد ، لا تقبل أن ينافسها أحد في تزعم حركة الاسلام السياسي ، سواء كان دولة أو حزبا أو منظمة ، لهذا السبب وقفت السعودية موقفا سلبيا من حركة الاخوان المسلمين في مصر عندما شعرت أن حزب الاخوان ينافسها في هذا الدور ، كذلك تمتعض من الأزهر الشريف اذا حاول القيام بهذا الدور ، ولم تقبل عن تصرفات قطر عندما تدعم الحركات التكفيرية أو المنظمات الجهادية المسلحة خارج ألأرادة السعودية ، ولا عن تركيا أذا حاولت القيام بهذا الدور ، يجب على من يدعي الاسلام السياسي السلفي والتكفيري أن يتلقى التوجيهات والأوامر من السعودية ، وألا ستقوم بتصفية دوره بأي طريقة أو ثمن ، حتى تبقى هي المتصدرة لدورها في خدمة أسرائيل .

بعد أحداث ( الربيع العربي ) الذي قولب أصلا لتوضع ثمرته في سلّة أسرائيل ، وسلّة الحركات السلفية ، كي يكون جسرا لوصولها الى السلطة ، بدعم قوي من السعودية وقطر وتركيا وبقية دول المحور الامريكي الصهيوني في المنطقة ، بعد أحداث هذا الربيع ، الذي حولته دول محور الشر الى خريف بالنسبة للشعوب صاحبة المصلحة في الحراك الشعبي للتخلص من طغاتها ، أرادت أمريكا أيجاد بديل عن السعودية ، أو على الأقل شريك معها في قيادة تيار الاسلام السياسي المستسلم المتخاذل ، كي تستفيد امريكا واسرائيل أكثر، وتستغل جميع الادوات في جميع الاتجاهات .

 السعودية شخصت الرغبة الامريكية هذه ، أضافة لمؤشرات أخرى ولدت الاحباط عند السعوديين ، منها عدم تنفيذ الرغبة السعودية بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا رغم المغريات المالية التي وعدت بأعطائها الى أمريكا ، ومنها التقارب الامريكي الايراني خاصة بعد تولي الشيخ حسن روحاني رئاسة الجمهورية في ايران ، هذه بعض المعطيات التي ولدت شعور الخيبة عند السعودية ، الأمرالذي دعاها لأنتقاد امريكا في بعض مواقفها ، لأغاظتها وأشعارها أنها غير راضية عن محاولاتها لأيجاد منافس للسعودية عن دورها في المنطقة ، ولتثبت لأمريكا أن السعودية هي من يمتلك التأثير على الادوات في المنطقة ، وكان آخر أنفعال سعودي في هذا الميدان ، رفضها العضوية الدورية في مجلس الأمن .

بعد التغيير الذي أجرته امريكا وأسرائيل في قطر ، باستبدال حمد بأبنه تميم أميرا لقطر التي أخذت تتصرف بأكبر من حجمها بمرات كثيرة ، والتغيير الذي قام به الجيش المصري بأسقاط  مرسي وحكومته السلفية بناء على المطالب الشعبية في التغيير ، أعترضت قطر المنافسة للسعودية على هذا التغيير ، وأيدته السعودية بقوة  لأنه ينهي دور قطر في مصر من جهة ، وينهي نفوذ ودور الاخوان في تهديد مركز السعودية القيادي للاسلام السلفي ، جميع هذه المعطيات وأخرى غيرها ، دفعت السعودية أكثر بأتجاه أسرائيل ، وقد تبنى بندر بن سلطان مسؤول المخابرات السعودية ملف العلاقات السعودية الأسرائيلية ، وظهرت العلاقات السعودية الأسرائلية الى العلن بعد أن كانت تجري في الخفاء ، أذ أجتمع بندر ومسؤولون سعوديون آخرون لمرات عديدة وبشكل علني مع مسؤولين أسرائيليين ، وقد أعلنت اسرائيل عن هذه الاجتماعات والتنسيق السعودي الاسرائيلي خاصة فيما يتعلق بالقضية السورية ، والملف النووي الأيراني ، وحزب الله في لبنان .

أسرائيل بعد هذه الاحداث استمرت في ترشيح السعودية كممثل للاسلام السياسي السلفي ، تثمينا لموقفها المتطابق مع موقف أسرائيل حول سوريا ، والملف النووي الايراني ، وتثمينا للعلاقات التأريخية بينهما ، الموقف الصهيوني هذا دفع اللوبي الصهيوني في الكونجرس الامريكي بالضغط على الادارة الامريكية لتعديل موقفها من السعودية كحليف ستراتيجي لأمريكا وأسرائيل ، مما دفع كيري وزير خارجية أمريكا لزيارة السعودية وتطمينها باستمرار دورها كممثلة للأسلام السياسي السلفي المقبول من أمريكا وأسرائيل ، وتطمينها أيضا فيما يتعلق بالموقف من سوريا ، والموقف من أيران وهذه المحاور الثلاث هي التي تهم السعودية الآن ، فأذا طمئنت امريكا السعودية في هذه الملفات ، فلا مشكلة للسعودية معها ، وأن كانت السعودية من الناحية الواقعية لن تستطيع الخروج عن دائرة النفوذ الامريكي الصهيوني لأن ذلك خارج عن أرادتها .

من مجمل هذه التداخلات والتقاطعات التي حصلت بين السعودية وامريكا حصل التقارب الكبير بين اسرائيل والسعودية ، وتحولت العلاقات من السرالى العلن ،  وتحولت العلاقة السعودية الأسرائيلية  من السفاح الى زواج المناكحة العلني حسب فتاوى وعاظ السلاطين الذين أجازوا الممنوعات ( للمجاهدين ) ، وأخيرا نعزي أنفسنا وجميع المسلمين على التشويه المسيئ لصورة الاسلام الناصعة من قبل وعاظ السلاطين في السعودية وقطر، وشيوخ الفتوى التكفيرين الاخرين في العالم الأسلامي  أمثال القرضاوي ، وابن باز ، وخباب مروان الحمد ، وغيرهم من الذين حولوا الاسلام الى سخرية عند أعداء المسلمين والاسلام 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/11/28



كتابة تعليق لموضوع : السعودية وأسرائيل حليفا الامس حليفا اليوم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net