صفحة الكاتب : محمد احمد عزوز

التأهيل قبل التطبيق
محمد احمد عزوز

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

 
 
ليس بخافٍ على أحدٍ أن من أهم الأسباب التي أدت إلى قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير، هو استخدام رجال الأمن للقوة المفرطة في تعاملهم مع المواطنين، لذا كان من أول مطالبها، معاقبة الضباط المتورطين في التعذيب، وإقصاؤهم عن وظائفهم، لأنهم تجاوزوا حدود عملهم في تطبيق القانون.
في غفلة من الجماهير، المغلوبة على أمرها، والتي أرهقتها كثرة الأعباء الملقاة على عاتقها، والتي كان في أولها، قلة ذات يد، وكثرة الاحتجاجات، استغل صنّاع القرار ضائقة صدروهم، التي زرعها فيهم الفقر المدقع، الذي كان نتاجاً طبيعياً لسوء الإدارة الذي اتسمت به جميع الأنظمة التي حكمت المحروسة، فطبقوا قانوناً جديداً للتظاهر، وهو في مجمله أقوى وأشد من قانون الطوارئ، الذي كانت مصر محكومة به لمدة ثلاثين عاماً، هي فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، ما سيكون ذريعة لرجال الأمن أن يتجاوزوا حدود عملهم، لأنه سيمنحهم سلطات واسعة، أكثر من ذي قبل، في الوقت الذي بدأت فيه العلاقة بينهم وبين الجماهير تتحسن، لأنهم أصبحوا في خدمتهم بعدما كانوا ضدهم.
لا شك أن عودة القبضة الأمنية إلى سابق عهدها، هي لعبة جهنمية، من صنيع رجال الحزب الوطني المنحل، الذين بدؤوا في العودة إلى مقرات صنع القرار، والظهور على الساحة السياسية من جديد، لأنها تضمن لهم طول البقاء، وتساعدهم على تنفيذ أجنداتهم، وقضاء مصالحهم بصورة آمنة، بعيداً عن الرقابة الإدارية، وتغض عنهم طرف أعين الثوار الشرفاء، الذين ثاروا من أجل مصر، ولخير أبنائها، ولم تحركهم أجندات خارجية، أو تمويل مسيّس كغيرهم، ممن ادعوا الشرف زوراً وبهتاناً، وهو في حقيقة الأمر بريء منهم، كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب.
لم يهدأ بالهم، بعدما كانوا يعملون في الخفاء، حتى تجرأ أحدهم بالخروج على إحدى القنوات الفضائية، المملوكة لرجل أعمال محسوبٍ عليهم، مطالباً بملء فيه، بعودة ضباط أمن الدولة، المحالين للتقاعد، بسبب تورطهم في تعذيب وتنكيل الأبرياء، دون ذنب فعلوه، أو جريمة ارتكبوها، إلا إرضاءً لشهواتهم، وطلباً لرضا رأس النظام عنهم.
رغم أن الذي أحال هؤلاء الضباط للتقاعد، عصام شرف، رئيس الوزراء الأسبق، وليس الرئيس المعزول محمد مرسي، إلا أنهم حسبوهم عليه، وطالبوا بعودتهم إلى عملهم فور سقوطه، ظناً منهم بأن ثورة يناير أجهضت، والجماهير في غفلة عنهم، إلا أنهم واهمون، لأن الثورة مازالت قائمة، ولها حماة شرفاء، يعملون من أجل الوطن وإسعاد مواطنيه.
شخصياً، لست ضد قانون التظاهر، لأن ما تمر به أرض الرباط، من انفلات أمني، نذير شؤم، يحتاج إلى وقفة حازمة، ولأنه مطبق في كثير من الدول الأوروبية، لكنني أرفض منح رجال الأمن سلطات واسعة، حتى لا يعودوا لسابق عهدهم، لأن الكثيرين منهم يفهمون القانون خطأ، ويظنون أنهم رجال النظام، وفي معيته، ولن يستطيع أحد ملاحقتهم أو محاسبتهم إذا تجاوزوا حدود عملهم.
كنت أتمنى من أصحاب القرار، أن يؤهلوا رجال الأمن قبل تطبيق القانون، ويعلموهم أن عملهم منصب في خدمة أبناء الوطن، وليس مقتصراً على حماية النظام، وأنهم ليسوا فوق القانون، وإذا تجاوز أحدهم حدود عمله، فسيقدم لمحاكمة عسكرية، حتى لا ندخل في ثورات أخرى، نحن في غنى عنها، لأن المصريين قاموا من سباتهم، ولن يستطيع أحد أن يقهرهم كما كان يحدث في السابق.
حفظ الله مصر، وبارك في أبنائها، ورعى جيشها وشرطتها، وولى عليها خيار أبنائها.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد احمد عزوز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/12/03



كتابة تعليق لموضوع : التأهيل قبل التطبيق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net