صفحة الكاتب : سيد صباح بهباني

بعض لبعض وأن لم يشعروا خدم
سيد صباح بهباني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
وساعتها سترد ثروة البلاد إلى أبنائها المحتاجين المغلوبين فترفع الأجور والمرتبات
الناس للناس من بدو ومن حضر بعض لبعض وأن لم يشعروا خدم
فاحذروا  ما حذركم الله، بما فعل بالظلمة في كتابه ولا تأمنوا أن ينزل بكم بعض ما توعد به القوم الظالمين في كتابه .
بسم الله الرحمن الرحيم
(الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ) الأنعام /82.
(يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) البقرة/185.
(وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) الحج/78.
(وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) الحج..
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ) الأعراف /96.
(إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) المائدة/33.
(أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ* أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ* أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) النحل/45 ــ 47.
وقال : لَا إلهَ إلا الله
وقال كذلك : إن الحكم إلا لله.
لقد حاول الغرب و أذنابهم من المنافقين تخويف الناس من الإسلام ونشر ما يُسمي عندهم بالإسلام وفوبيا لإبعاد الناس عن هذا الدين العظيم ، ومن ثم فقد تشرب الكثير من الناس الخوف من الإسلام  حيثُ يظنون أن اختيار الناس للإسلام وتطبيق شرع الله تعالى :ــ هو تقطيع للأيادي وكبت للحُريات، وأجملوا الشريعة في الحدود الضيقة، فظنوا أن اختيار الإسلام هو رجم المسلمين، والرجوع إلى القرون الوسطي المظلمة، وملئوا قلوب كثير من الناس رُعباً، وقالوا لو طُبق الإسلام ستُمنع السياحة، وتُغلق الملاعب وتجُبر النساء علي الحجاب ... إلخ وألفت نظركم أن هذه هي كلهُ ظلم للإسلام ... 
فأردت في هذه الكلمات أن أُبين للناس
وأقول لهم  خذ ما هو الإسلام الصحيح !.. إخواني الكرام لما قامت الثورة في بلادنا نظرت إلى الشعارات الكثيرة التي رفعها الشباب وغيرهم فإذا معظمها العدالة ــ الحُرية ــ الأمن ــ محُاربة الفساد ــ المساواة ــ رفع الأجور ــ الإصلاح الاقتصادي.... وغيره !!!! إلى غير ذلك من تلك الشعارات الصحيحة العظيمة 
فلما نظرت فيها رأيت أن هُناك كلمة واحدة .. تجمع كُل هذه الشعارات أتدرون ما هي ؟! ألا وأنها الإسلام الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله !! نعم والله هو دين الإسلام المكمل لبقيت الأديان السماوية ..هو شرع الله .. وهو دين الله  فلو أننا اخترنا الإسلام لتحقق كُل هذا المطلوب، بل وأكثر منه بكثير وليعلم المسلمون ... بل ولتعلم الدُنيا كلها أن أول ثمرة من ثمرات الإسلام هو صلاح الدُنيا ، وأول ثمرة من ثمرات تحكيم شرع الله هو الحياة الطيبة الكريمة ..
وأقول وأكرر لا الأحزاب الدنيوية كالبعث الخبيث والقومية العربية التي تمحي كل القوميات مثلها مثل حزب البعث والتي يراد بها محو جميع الأقليات والقوميات الأخر غير العربية !! لو اخترنا الإسلام  الصحيح البعيد عن الأحزاب  والتجمعات الإرهابية مثل القاعدة والتكفيريين الذين هم سلاح الغرب والأمريكان لقم الإصلاح الذي يريد أن يبني البلاد !! 
ولتحقيق العدل المنشود في الإسلام :ـ
نعم العدل الذي يجعل رئيس الدولة أمام الإسلام كأقل رجل فيها .
فلا لاستخدام الكرسي والمنصب لظلم العباد ، ففي ديننا كلام ربنا في الحديث القدسي : 
"إني حرمتُ الظُلم على نفسي وجعلته بينكُم محُرما فلا تظالموا "
أخرجه مُسلم في صححه وأحمد في مُسنده: 
هل تعلم أخي الحبيب أننا لو اخترنا الإسلام لكان من حق أي واحد من الناس
أن يدخل على الرئيس ليطلب منه حاجته ولا يمنعه أحد وهذا من تمام العدل 
وتأمل حديث النبي صلـى الله عليه وسلم
" من ولى من أمر المسلمين شيئا فاحتجب دون خلتهم وحاجتهم وفاقتهم وفقرهم
 احتجب الله دون خلته وحاجته وفاقته وفقره يوم القيامة "
رواهُ الحاكم في المُستدرج
تذكر عندما دخل رجل على المسلمين وكانوا مجتمعين في حوزته العلمية على شكله النصف دائري والنبي صلى عليه وآله جالساً معهم .. وقال الرجل من منكم محمداً !!!
وتذكر كيف كان مسألة عمراً رضوان الله عليه وكان يخطب الجمعة وقال :  إذا رأيتم مني إعوجاجاً فقوموه . فنهض رجل من الرعية وقال والله لو رأينا ذلك لقومناه بسوفنا وهو يشير إلى قبضة سيفه.. وتذكر ما جرى بين الإمام علي عليه السلام  واليهودي الذي سرق درعه! والكثير ....
سُبحان الله إنه العدل !!
لو اخترنا
لو اخترنا الإسلام لتحققت المساواة
بين الحاكم والمحكوم والشريف والوضيع والغني والفقير
فلن نجد وساطة ولا محسوبية ولا مجاملات 
فالكل سواء فهذا نبينا صلى الله عليه وآله وسلم يرسي دعائم المساواة 
حين سرقت امرأة شريفة بنت الأكابر من بني مخزوم 
فجاءه أسامة بن زيد حبيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو
يتوسط عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم شافعاً فيها ليترك النبي مُعاقبتها
ففوجئ أسامة بن زيد بمبدأ المساواة 
والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يعاتبه ويقول 
" أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة "
مُتفقٌ عليه ..فليتعظ قادتنا والمسؤولين بأن الواسطة ممنوعة والرشوة حرام.. نعم إنه الإسلام وكفى!! 
لو اخترنا الإسلام  :
فلا دكتاتوريات ولا حكم فردي لقوله تعالى في المشاورة  مرة  في الآية 38 من سورة الشورى ومرة أمر إلهي في الآية 159 من سورة آل عمران: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) الشورى/38.
(وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) آل عمران /159.
وأضع لكم روايات وأحاديث عن النبي الكريم في المشاورة :ـ
عن النبي (صلى الله عليه  وآله وسلم): (مَن أراد أمراً فشاوَرَ فيهِ وقضى، هدي لأرشدِ الأمورِ).
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (مَن أرادَ أمراً فشاوَرَ فيهِ امرءً مسلماً وفّقَهُ الله لأرشد أموره).
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (ما تشاوَرَ قومٌ إلاّ هُدوا لأرشدِ أمرِهم).
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (ما خابَ مَنْ استخارَ ولا نَدِمَ مَن استشار) . 
وعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم)  : (إذا كان أمراؤكم خياركم ، وأغنياؤكم سمحاؤكم ، وأمركم شورى بينكم ، فظهر الأرض خير لكم من بطنها، وإذا كان أمراؤكم شراركم ، وأغنياؤكم بخلاؤكم ، ولم يكن أمركم شورى بينكم، فبطن الأرض خير لكم من ظهرها).
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (إذا كان أمراؤكم خياركم، وأغنياؤكم سمحاؤكم ، وأمركم شورى بينكم ، فظهر الأرض خير لكم من بطنها ، وإذا كان أمراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلاؤكم وأموركم إلى نسائكم، فبطن الأرض خير لكم من ظهرها).
وقالوا الشعراء في هذا الصدد:
يا رافعـًا رايــة الشُّـورى وحـارسَهـا* جزاك ربُّكَ خيـرًا عـن مُحِبِّــيـهَا
رَأْي الجماعةِ لا تَشْقَى البـــلادُ بـــهِ* رَغْـَم الخـِلاف ورَأْي الْفَـرْدِ يُشْقِيهَا
وقد قيل في المؤازرة المشاورة ونعم ما قيل:
وإنْ نـَاصِـحٌ منـك يومـًا دَنَــا* فلا تَنْأَ عنــه ولا تُقْـصـِـــهِ
وإن بَـابُ أَمْــرٍ عَلَيـــكَ الْتـَـــوَي* فشـاورْ لَبِيـبـًا ولا تَعْصِــــهِ .
بل الشورى باللين والرحمة والرفق ، فالإسلام دين الشورى الحقيقية
 وتأمل قول الله تعالي للنبي صلى الله عليه وآله وسلم
" فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ القَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ 
فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ "
آل عمران:159
ومن ثم فها هو النبي صلى الله عليه وآله و سلم يشاور أًصحابه ماذا يفعل في أسري بدر 
وأخذ بمشورتهم
بل لقد أخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمشورة زوجته يوم الحديبية
ونفذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمشورتها.
ولو اخترنا الإسلام لأصلح الله الاقتصاد ولأغنى الغني الكريم سبحانه عباده ’فلقد حرم الإسلام إضاعة المال والوقت وحث على الدفاع عنه بل ومن مات دون ماله فهو شهيد كما حارب الإسلام الربا ؛ وهو أكل أموال الناس بالباطل ومن قبل حربا لله ورسوله ..رجع كتاب اقتصادنا والبنك إلا ربوي للشهيد الفيلسوف العلامة محمد باقر الصدر.. و حتى قال أكابر الاقتصاديين في أوربا لابد أن نطبق الاقتصاد الإسلامي بكل حذافيره لنخرج من الأزمة الاقتصادية العالمية فنخفض الفائدة إلي صفر ونفرض ضرائب من 2 – 3%  وهذا هو القرض الحسن وتلك هي الزكاة. ولو اخترنا الإسلام لتوسعت الأرزاق ولبارك الله فيها بركة لا توصف كما قال تعالى :  (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ) الأعراف /96.
تلك البركة من الله التي جعلت حبة القمح أيام النبي الصديق يوسف عليه السلام عندما استلام خزائن مصر ,وأيام بعد فتح مكة وأيام الحصار وبعدها وأن هذا ما كان ينبت في زمن العدل ... ولو اخترنا الإسلام لوقف الفساد وأخذنا  الحق من المفسدين لأن الإسلام فيه حد الحرابة الذي يقام على من أوذي وقتل .. وسرق ونهب وأفسد في الأرض وظلم كما قال تعالى : (إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) المائدة .. وساعتها سترد ثروة البلاد إلى أبنائها المحتاجين المغلوبين فترفع الأجور والمرتبات....
ولو اخترنا الإسلام لتنظيف قلوبنا وشوارعنا ومياديننا واستوت طرقاتنا... فالإسلام هو الذي علمك أن تأخذ أجر الصدقة على الأذى تميطه عن طريق البشر ولخشي الحاكم إن لم يمهد للمسلمين وغير هم العادلين طرقهم بل وللدواب أن يسأله الله لماذا لم تصلح لهم الطريق؟! 
فنسأل الله تعالى أن يحبب الأمة في شرعه والقرآن وسُنة نبيه ويحكمهم فينا وأن يأخذ بنواصينا إليه وأن يولي علينا خيارنا ولا يولي علينا شرارنا وأن يصلح ديننا ودُنيانا والراعي والرعية إنه ولي ذلك وهو نعم المولي ونعم النصير..
لو اخترنا الإسلام لأمن حقوق الذميمين كلهم...
فمن آذاهُم وهُم في ديارنا حاربناه ... 
مع اعتقادنا (لكم دينكم ولي دين) (لا إكراه في الدين)
فنبي الإسلام صلى الله علية وسلم هو القائل 
" من قتل ذِمياً أو مُعاهداً لم يرح رائحة الجنة " 
لو اخترنا الإسلام لحصل التوازن بين الروح والجسد
والدنيا والدين .. يأمرنا رسول الله صلى عليه وآله:
(إن لربك عليك حقا)
وفي نفس الوقت 
(إن لبدنك عليك حقا ولأهلك عليك حقا ولضيفك عليك حقا ...)
لو اخترنا الإسلام لحفظنا التضامن الاجتماعي والتكافل...
فالزكاة ركن في الإسلام تؤخذ من الأغنياء
ولا توضع كالضرائب الجائرة في جيوب الرؤساء
بل ترد إلي الفقراء كي لا يكون المال حكرا علي الأغنياء ،
وباب الصدقات مفتوح قد رغب فيه الإسلام ، 
فالإسلام نادي بكفالة اليتيم 
ومن تكفل يتيما رافق النبي صلى الله عليه  وآله وسلم في الجنة
والإسلام نادى 
(من كان عنده فضل زاد فليعد به على من لا زاد له ...)
لو اخترنا الإسلام لحفظنا حقوق المرأة... فميراثها محفوظ لا يتعدي عليه ظالم وكرامتها مصونة من قذفها جلد ثمانين جلده ، لا يجب عليها أن تنفق على أحد بل ينفق عليها وتعطي راتبا ولو لم تخرج من بيتها ولها مثل ما للرجل بالمعروف لقوله تعالى : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) البقرة /228.
وقال خير الثقلين أبو الزهراء صلى الله عليه وآله : 
وخير الناس من أحسن إليها 
" خياركُم خياركُم لنسائهم " 
حديث حسنٌ
لو اخترنا الإسلام
- لاتصلنا بالله عن طريق الصلاة خمس صلوات 
بدون تعب فمن عجز صلي ولو نائما
- ولأحسسنا بالفُقراء فصُمنا ... ومن مرض فعدة من أيام أخر
- ولذهبنا للسياحة في الحج ... ومن لم يستطيع سقط عنه
فالفرائض لا مشقة فيها ولا حرج وإلا سقطت  
لو اخترنا الإسلام لحفظ حتى حقوق الحيوان 
فالرفق بالحيوان ليس له جمعية عندنا بل هو ديننا
فرب شربة تعطيها لكلب تدخل بها الجنة ، 
ورب رحمة ولقمة لقطة تغفر بها ذنوبك 
لو اخترتم الإسلام لحققتم الحرية 
نعم يا من تريدون الحرية إنها في الإسلام الذي نادى
(متي استعبدتم الناس وقد 
ولدتهم أمهاتهم أحرارا)
لن تكون عبدا لمال ولا لزوجة ولا لرئيس ولا لمأمور ولا ... 
ستحرر من كل هذا وستكون عبدا لواحد فقط ...
إنه الله وهذه تمام الحرية.
وأتركك مع الإمام زين العابدين عليه السلام وبعض الصحابة في الحرية
الإمام زين العابدين(عليه السلام) ممثّل لتيار
لقد كان الأدب السياسي بل مطلق أدب الإمام زين العابدين صلوات الله عليه يمثّل تياراً أصيلا.. دافقاً في حياة الأمة وفي تاريخ الأدب .
ولقد انتمى لهذا التيار صفوة من كبار الأدباء بصورة وأخرى، ومن المعاصرين للامام زين العابدين(عليه السلام) زينب الكبرى .. عبدالله بن عباس.. عبدالله بن جعفر الطيار.. أبو الأسود الدؤلي.. أبو دهبل الجمحي.. اعشى همدان.. عدي بن حاتم الطائي.. عبدالله بن عوف الاحمر.. قيس بن فهدان الكندي .. الفضل بن العباس بن عتبة.. ابو الطفيل عامر بن واثلة.. حضين بن المنذر الرقاشي.. الجارود بن ابي سبرة.. الاحنف بن قيس. يزيد بن مفرغ الحميري . 
لقد قام هؤلاء بدور فاعل في تثبيت عقائد الإسلام، ونشر راية القرآن، وتركيز خط أهل البيت، وإرساء قيم الفضيلة والجمال، كما قاموا بتحرك حيوي في مقاومة الحكّام غير الإسلاميين، ورمي مواقد السخط والثورة في وجوههم .
ونعم ما قيل : 
فالعيش نوم والمنية يقظة  *  والمرء بينهما خيال ساري
اثر القرآن الكريم على الخطب
ارتفع شأن الخطابة في الإسلام، واتسع مداها. وتعددت أغراضها.. وقد هذّب الجو الديني مقاول الخطباء، وشذّب كلماتهم، وألهب مشاعرهم، ووجّه البابهم وأنضجها فانطلقت حناجرهم كأنها السنة من النار .
وكان للقرآن الحكيم تأثيره البالغ على رفع القدرة البيانية للأدباء، وللخطباء منهم على وجه الخصوص، وتوسيع افقهم، وتزويدهم بالحجج المقنعة، والأدلة المشرقة، ألبسهم لوناً جديداً من الأدب.. ما كان لهم ولا لآبائهم به من علم 
ولو امعنّا في التحقيق.. لعرفنا انّ اكثر الخطباء تمسكاً بالقرآن، واستجلاء لآياته.. واستنطاقا لمعانيه.. واقتفاء لأساليبه.. هم آلامكن في الخطابة، وفي الأغراض الأخرى من الأدب. وهم الأشد اقتداراً على كسب الجماهير، والآخذ بمقود أسماعهم .
ومنذ أن نزل الروح الأمين على صدر نبينا ليكون من المنذرين.. اصبح من الواضح جداً نفوذه إلى شخصية الرسول وملكاته.. وتجلّت انعكاساته في خطبه وكلماته.. فهذه خطبه كما قيل ـ نمط جديد من القول بلاغة وفصاحة، وإيماناً وبساطةً، وصدقاً وعمقاً لم يألفه العرب من قبل، وتبصير واضح بسيط نافذ بحقائق قد غفل الناس عن وجودها وهي ماثلة أمامهم كل يوم. 
خطباء أهل البيت
وفي عصر صدر الإسلام فما بعده لا نجد خطيبا بذّا الأقران، وفاز بالقدح المعلى.. كخطباء أهل البيت.. الذين نزل القرآن في بيوتهم وارتشفوه معنىً ومبنىً .. فهذا رسول الله وهذا الإمام علي بن أبي طالب وتلك فاطمة الزهراء، وذلك الإمام الحسن والحسين وعلي بن الحسين(عليهم السلام) .. أينما تلفتّ في خطبهم وأمعنت النظر.. استشرفت تأثير القرآن فيها، ونفوذه في أغوارها، وإشعاعه بين جنباتها  
بين القرآن وخطب زين العابدين
ولو شخصنا ببصرنا إلى خطب الإمام علي بن الحسين عليه الصلاة والسلام وسائر أدبه.. لعلمنا انه لا جرم أن يكون كذلك، السنا نعلم أن من ألقابه (حليف القرآن ).
بلى، انه حليف القرآن، وسميره .
انهما الحبيبان وهيهات أن يفترقا .
ومن ولعه بكتاب الله العزيز انه كان يرفع صوته بقراءته، ويجوِّده، ويتلوه حق تلاوته بصوت جميل ما بعده من جمال .
وهذه الملازمة الوثيقة للقرآن صاحبت الإمام علي بن الحسين(عليه السلام) لا في قراءته للقرآن وتفسيره له، وتأويله لآياته فحسب بل حتى في مناظراته ورسائله وخطبه، وسائر شؤونه الفكرية والاجتماعية ومختلف انطلاقته، وكانت خطبه في كل يوم جمعة في مسجد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بالمدينة وهي خطب في التربية الروحية والسياسية تشعّ بالروح القرآني، وتتدفق بالبيان العذب، والكلمات المتّسقة، والألفاظ الشائقة، وحسن النظم، وجودة التأليف .
وان كثرة الاستدلال والاستشهاد والاستنطاق لآيات الكتاب طابع مميز لخطبه(عليه السلام ).
ولابد من الإشارة والتذكير : أن يد الخيانة والعاطفة امتدّت  فشوهت مقادير من خطبه السياسية، وفنونه الأدبية الأخرى. وأحدثت إضافات يبرأ منها الأدب والأدباء، بيد انّ مقادير كثيرة جدا من أدبه بقيت على  أصالتها ورونقها .
وما يهمنا الآن منها خطبته يوم الجمعة في مسجد رسول الله.. فجاءت هذه الأخيرة.. مزهوّة مهيبة.. رائعة القسمات.. ظاهرة الوسامة.. تتهادى بين الفصاحة وبين الجمال. وقد حذر فيها من سلوك خط الظالمين وسياسة المعتدين . 
خطبة للإمام زين العابدين :
ومن جملة ما جاء فيها :  
... اشعروا قلوبكم خوف الله، وتذكّروا ما قد وعدكم في مرجعكم إليه من حسن ثوابه، كما قد خوّفكم من شديد عقابه; فانه من خاف شيئاً حذره، ومن حذر شيئاً تركه . 
ولا تكونوا من الغافلين المائلين إلى زهرة الحياة الدنيا، وقد قال الله تعالى: 
(أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ* أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ* أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) النحل.. فلتحذروا  ما حذركم الله، بما فعل بالظلمة في كتابه ولا تأمنوا أن ينزل بكم بعض ما توعد به القوم الظالمين في كتابه . 
لقد وعظكم الله بغيركم.. وان السعيد من وعظ بغيره، ولقد أسمعكم الله في كتابه ما فعل بالقوم الظالمين، من أهل القرى قبلكم حيث قال : (أنشأنا بعدها قوماً آخرين ). 
وقال : (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ* لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ* قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِين) الأنبياء/12 ـ 14. 
فان قلتم أيها النّاس أن الله إنما عنى بهذا أهل الشرك، فكيف ذلك؟ وهو يقول :  (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) الأنبياء /47. 
اعلموا عباد الله : أن أهل الشرك لا تنصب لهم الموازين، ولا تنشر لهم الدواوين وإنما يحشرون إلى جهنم زمرا. وإنما تنصب الموازين وتنشر الدواوين لأهل الإسلام. فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الله لم يحبّب زهرة الدنيا لأحد من أوليائه، ولم يرغّبهم فيها وفي عاجل زهرتها، وظاهر بهجتها، فإنما خلق الدنيا وخلق أهلها ليبلوهم فيها أيهم احسن عملا لأخرته . 
وايم الله لقد ضربت فيه الأمثال، وصرفت الآيات لقوم يعقلون فكونوا أيها المؤمنون من القوم الذين يعقلون، ولا قوّة الاّ بالله، ولا تركنوا إلى الدنيا فان الله قال لمحمد(صلى الله عليه وآله وسلم): (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار...)وراجع مجموعة ورام 2/ص47 ـ50 ،والديلمي ـ أعلام الدين /ص 323 ـ 325.
من الفلسفة السياسية للزهد:
حقاً ان هذا منعطف مهم جداً في فلسفة الزهد. فإذا كان المتبادر إلى الأذهان من معنى الزهد، الزهد في الطعام والشراب والملبس، فهذا صحيح لا سيما إذا كان المجتمع بحاجة إلى هذا اللون. ولكنّ الذي هو أهم أن يزهد الإنسان في الركون إلى القوى الشريرة، والطغيان والاستبداد، أو كما قال الإمام زين العابدين(عليه السلام) ــ ولا تركنوا إلى الدنيا فان الله قال لمحمد(صلى الله عليه وآله وسلم): (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) ـــ  انّ الله تعالى لم يتوعّد بالنار من لم يزهد بالمطعم والمشرب والملبس ونحوها. وان كان الزهد فيها في اكثر الحالات يشير إلى الرفعة، وسمو الذات. ولكن الله تعالى توعّد بالنار أولئك الذين لم يزهدوا بالركون إلى الظالمين (ولا تركنوا....) إذا كان الزهد في الإفراط بالمشتهيات مستحبا، فان الزهد في الركون إلى الظالمين واجب لا ريب فيه .
وعلى ضوء مقولة الإمام زين العابدين(عليه السلام): "ولا تركنوا إلى الدنيا..." حول هذا الزهد الناهض، والمتضمن بقوة للوعي السياسي نستطيع أن نعي الكثير من الأحاديث الداعية للزهد والمرغّبة فيه .
أن قول الإمام زين العابدين(عليه السلام): "ولا تركنوا إلى الدنيا..." لا يعني بالضرورة أن الزهد يقتصر على حالة عدم الركون للظالمين، إذ من الواضح أن الزهد في الإفراط بالمشتهيات قد ورد في روايات كثيرة غير قابلة للتأويل. ولكنه(عليه السلام) يؤكد على أهم فرد من أفراد الزهد واعظم مصداق من مصاديقه إلا وهو الزهد في الركون إلى الظالمين 
ومن خطب الإمام زين العابدين(عليه السلام) السياسية : الخطبة التي أدلى بها في دمشق أمام يزيد بن معاوية، وبحضور حشد جماهيري من أهل الشام. وكذا الخطبة التي ألقاها على أهل المدينة المنورة، بعد توجهه من الشام إليها. وقد أوردة الخطبتين معا ضمن ..
إطلالة أخرى
ويطل الإمام زين العابدين(عليه السلام) مرة أخرى علينا بهذه الخطبة من خطبه السياسية الرائعة التي لم نذكرها إلى حد الآن .
لقد حدد الإمام(عليه السلام) في هذه الخطبة الشخصية الإسلامية الحقة التي تعتبر المثل الأعلى للمجتمع والقوة للجميع. كما يؤكد فيها على الدقة والتحقيق في الهوية العقائدية والمنحى الواقعي لأنماط اجتماعية كثيرة تتظاهر بالورع والزهد والتقوى، بينما تفصح حقيقة أنفسهم انهم على خلاف ذلك. وإنما يصنعون من ذلك ما يصنعون تستّرا على نواياهم الخبيثة وأغراضهم الدنيئة .
يقول الإمام زين العابدين(عليه السلام ).
إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته وهديه، وتمارث في منطقه، وتخاضع في حركاته فرويدا .لايغرنكم، فما اكثر من يعجزه تناول الدنيا وركوب المحارم فيها، لضعف بنيته ومهانته وجبن قلبه، فنصب الدين فخاً لها، فهو لا يزال يختل الناس بظاهره، فان تمكن من حرام اقتحمه. فإذا وجدتموه يعفّ عن المال الحرام.. فرويداً لا يغرنكم، فان شهوات الخلق مختلفة، فما اكثر من ينبو عن المال الحرام وان كثر، ويحمل نفسه على شوهاء قبيحة فيأتي منها محرّما .
فإذا وجدتموه يعفّ عن ذلك.. فرويدا لا يغرنّكم حتى تنظروا ما عقده عقله. فما اكثر من يترك ذلك اجمع ثم لا يرجع إلى عقل متين، فيكون ما يفسده بجهله اكثر ممّا يصلحه بعقله .
فإذا وجدتم عقله متينا.. فرويدا لا يغرنكم حتى تنظروا مع هواه يكون على عقله؟ أو يكون مع عقله على هواه؟ وكيف محبته للرئاسات الباطلة وزهده فيها؟ فان في الناس من خسر الدنيا والآخرة بترك الدنيا للدنيا، ويرى أن لذة الرئاسة الباطلة افضل من لذة الأموال والنعم المباحة المحللة، فيترك ذلك اجمع طلبا للرئاسة، حتى :  (وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ)البقرة..
فهو يخبط خبط عشواء.. يقوده أول باطل إلى ابعد غايات الخسارة، ويمدّ به يده بعد طلبه لما لا يقدر عليه في طغيانه.. فهو يحلّ ما حرّم الله، ويحرّم ما احلّ الله. لا يبالي ما فات من دينه إذا سلمت له الرئاسة التي قد شقي من اجلها، فأولئك مع الذين غضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم عذاباً مهينا .
ولكنّ الرجل.. كلّ الرجل.. نعم الرجل : هو الذي جعل هواه تبعا لأمر الله، وقواه مبذولة في رضاء الله تعالى، يرى الذل مع الحق اقرب إلى عز الأبد من العز في الباطل ويعلم أن قليل ما يحتمله من ضرّائها يؤديه إلى دوام النعم في دار لا تبيد ولا تنفد، وان كثير ما يلحقه من سرّائهاـ أن اتبع هواه ـ يؤديه إلى عذاب لا انقطاع له ولا زوال، فذلكم الرجل نعم الرجل، فبه فتمسّكوا، وبسنّته فاقتدوا، والى ربكم فيه فتوسلوا، فانه لا ترد له دعوة، ولا تخيب له طلبة ـ وهذه منسوخة للإمام العسكري..  
دفع آليّات الوعي السياسي
لقد ضم عصر الإمام زين العابدين(عليه السلام) رجالاً كثيرين من الانتهازيين في كل زاوية من زوايا الخارطة السياسية للعالم الإسلامي .
ولقد قام السيناريو القيادي بالانتفاع من الأمية السياسية وشبه الأمية المنتشرة في المجتمعات على اختلافها .
وعلى سبيل المثال نرى الحجاج الثقفي وهو يجيد النصيحة والموعظة، وكان بليغا بارعا في الأمر بتقوى الله تبارك وتعالى .
وهذا عبدالله بن الزبير يلجأ في حالة ضعفه إلى البيت الحرام قائلاً : أنا عائذ الله .
ولكنه في حالة القوة يضيّق الخناق على أولياء الله ..
وإذا كان الناس على دين ملوكهم... فسوف نعرف حجم الانتكاسة الروحية والأخلاقية، ومساحة الاستغلال السياسي لشتى العوامل المؤثرة والتي يمكن أن تكون وسيلة لخداع الجمهور. كما أن دراسة مفصلة اجتماعية وأدبية للعصر الأموي، تزودنا بأرقام مذهلة عن هذا التوجه المقيت .
ومن هذا المنطلق ندرك الأهمية السياسية والروحية البالغة لخطبة زين العابدين الأنفة. ومن الخير أن نتساءل ـ من اجل دفع آليات اليقظة الروحية والوعي السياسي ـ هل كانت تعاليم الإمام زين العابدين(عليه السلام) في حدود العصر الذي انتشر أريجها فيه؟ أن الجواب بالنفي هو الجواب المحتم .
وفي خصوص الموضوع الذي نحن فيه لو سألنا الإمام زين العابدين(عليه السلام)هل يختلف واقعنا المعاصر جوهريا عن الحقبة التاريخية التي كنت فيها؟
حقا أنني أحسّ من الأعماق أن الإمام زين العابدين(عليه السلام) سوف يطرق برأسه، ويفتح عينيه; ليصوّب نظراته السديدة إلى الواقع المعاصر. ثم يطبق عينيه، وترتعش الحروف على شفتيه متمتما : 
لتركبنّ سنن من كان قبلكم .
ولعمري أن التاريخ يعيد نفسه .
بيد انه(عليه السلام) لا يكتفي بإسداء النظرة التقييمية فحسب، بل يواصل الكلام، و يحدد المسؤولية قائلاً : إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته وهديه ...
فإذا وجدتموه يعفّ عن المال الحرام. فرويدا لا يغرنّكم ...
 فذا وجدتم عقله متينا، فرويدا لا يغرنّكم ...
ولكن الرجل.. كل الرجل.. نعم الرجل ..
وأخيراً لابد لنا من القول 
 أن تعاليم الإمام زين العابدين(عليه السلام) سوف تظل ناهضة عبر العصور لا تؤثر فيها خناجر السنين .ـ وقال الإمام زين العابدين(عليه السلام): أن عدوّي يأتيني بحاجة فأبادر إلى قضائها خوفا أن يسبقني أحد إليها وان يستغني عني فتفوتني فضيلتها . ـ لا يقول رجل في رجل من الخير ما لا يعلم إلا أوشك أن يقول فيه من الشر ما لا يعلم ..أبن الصباغ المالكي ـ الفصول المهمة /ص202.ـ وقال(عليه السلام): هلك من ليس له حكيم يرشده، وذل من ليس له سفيه يعضده .
قلت: هذا ما تؤكده المختبرات السياسية والاجتماعية عبر التاريخ، إذ في كثير من الحالات لا تستطيع الشخصية القويمة والمتزنة أن ترد على طيش اجتماعي، أو سفه، أو اعتداء من نوع خاص.. بينما باستطاعة السفيه الذي يعضدك أن يرد السفه بالسفه والاعتداء وان كان بما لا يليق .
ولقد كان الأحنف بن قيس مضرب المثل في الحلم والصفح ومع هذا فهو يمدنا من حقيبته التجريبية بالحكمة قائلاً : عليكم بالسفهاء فانهم يكفونكم العار والنار .
والمقصود من السفيه هنا الخفيف التصرف الذي يتسارع لرد الطيش والاعتداء كيلا بكيل، والذي لا يغض النظر عن هفوة عامدة .
أن الحكمة التي أدلى بها الإمام زين العابدين(عليه السلام) لا تقتصر على الشؤون الفردية، بل أن الدولة تستخدم مثل هذا العضد الذي يفدي ولا يفدى، وفي بعض المنتسبين للقوى التنفيذية في الدولة ما يدل على ذلك .
أن كلام الإمام زين العابدين(عليه السلام) لا يعني في حالة من الحالات تشجيعا للسفهاء، ولأحثا على السفه ولكنه(عليه السلام) لا ينظر إلى الحياة السياسية والاجتماعية بمنظار الخيال المحلق بل بمنظار واقعي رزين... فان وجود السفهاء في المجتمع ظاهرة لا تخفى، كما أن الحاجة إلى أمثالهم في بعض الأحيان من الأمور الواضحة التي لا ينبغي إطالة الجدال فيها .
وللفلاسفة والقادة والتاريخيين والشعراء كلمات رائعة تلتقي وسياق حكمة الإمام زين العابدين(عليه السلام) في هذا المجال .
ولقد قال سعد بن كعب الغنوي :
ولا يلبث الجهال أن يتهضموا     أخا الحلم ما لم يستعن بجهول
وقال نهشل بن حري التميمي (رحمه الله )
ومن يحلم وليس له سفيه     يلاق المعضلات من الرجال
وينسب هذا البيت أيضاً للأحنف بن قيس .
وقال(عليه السلام )
المؤمن نطقه ذكر، وصمته فكر ونظره اعتبار .. ـ الفكرة مرآة تري المؤمن حسناته وسيئاته..ـ لقد استرقك بالود من سبقك إلى الشكر.. ـ وقيل له(عليه السلام): من اعظم الناس خطراً؟ قال من لم ير الدنيا خطراً لنفسه   وأعود أذكر أبناء أرض الخير و البركة أرض الأنبياء الأماكن الطاهر الشريفة
الأرض التي ولد و عاش بها إبراهيم الخليل أبو الأنبياء والرسل والأرض التي حضنت الأنبياء والمرسلين والأولياء والأئمة من أحفاد رسول الله صلى عليه وآله وأقول
يا شباب العراق والمنطقة كلها 
أتقو الله في بلدانكم و في حاكامكم
و لا نريد منكم و بكم إشعال الثورة داخل هذه البلدان الطيبة
أو إشعال المظاهرات بحجة المطالبة بأشياء هي من الممكن أن تكون
من المطالبات الشرعية أو مطالبات دنيوية لكم في هذه الأرض
يا شباب العراق والمنطقة
لا أحد يستطيع أن ينكر طلباتكم
و لا أحد يستطيع إنكار مقترحاتكم وآرائكم
ولكن
 أريد منكم فقط أتباع أسلوب أخر غير أسلوب المظاهرات والاحتجاجات
و التي ينجم عنها بعض الخراب و الدمار من نفوس ضعيفة تريد ذلك فعلا و قولا
و لذا أريد منكم و أنا أخ مسلم عربي مثلكم
أن تكون مطالبكم و مقترحاتكم في نطاق غير المظاهرات
و أن تكون تلك المطالبات عن طريق النواب والبرلمانيين ومحافظين للمحافظات ومسؤولين المباشرين من قبل الدولة والنواب وممثلين القانون والدستور و الجلوس و التفاهم و التشاور و الحوار مع هؤلاء المسؤولين
و يتم نقل تلك المطالب إلى الوزارة ورئيس الوزراء ومن ينوبه...
و أرجو وأرجو  و أرجو
أن ترفعوا شعارا جديدا لرئيس الدولة ورئيس الوزراء و هو 
نعم هم خدام أوطانكم ومواطنيهم
و ليس خدام الوطن فقط
و أن خدمة من يسكن على أرضها وخدمة زوار مراقد بيت الله وكل الأنبياء والأئمة والصالحين وأن أعظم و أشد عند الله من خدمة أي بيت من بيوت الله في الأرض
و أن انتهاك حرمة مسلم وغير مسلم على الأرض هي أشد و أعظم عند الله من انتهاك بيوته
و أنتم يا شعب العراق
أنتم أيضا خدام في ما بينكم!!
يجب أن ينفض هذا التظاهر فورا و بدون نقاش
و أن رسالتكم وصلت إلى الحاكم
و كيف يكون للحاكم أن يخدم لا
 يخدم أولاده و أحفاده و رجاله و نساءه من عائلته
أنت جميعا يا شعب العراق من عائلة الحاكم
و الحاكم منكم و لكم و أنتم منه و له 
فكيف تفعلون هذا
أنا لا أريد أن تنشر صوركم و اعتصامكم  في المجالات المختلفة
من الأجهزة الإعلامية بجميع أنواعها لأنكم قدوة لهم وكلحم لبعضكم خدموا
و لا أريد نشرها خاصة بالأعلام الغربي والجزيرة والعربية الكاذبتين وأنهم الذين يكنون لنا كل البغضاء و الحقد و يريدون فتك هذا الدين القيم الحنيف 
بشعارات مزيفة أسمها الحريات و الديموقراطية
أرجوكم ارفعوا شعارا جديدا لحكامكم .. وأن التظاهرات السلمية دوماً هي المعبرة ويداً بيد لتعاون والتآخي حاكماً ومحكوماً وليكن الكل مسؤول كما أمرنا رسول الله صلى عليه وآله وسلم حين قال:
كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته ومسئول عن رعتيه، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته، وكلكم راع ومسئول عن رعيته. 
وكونوا يداً وأحد وجسد وأحد كما قال رسول الله صلى عليه وآله :"مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى ".
هذا الحديث الشريف رواه كل من البخاري ومسلم وأحمد بن حنبل رحمهم الله أجمعين. ونعم ما قيل في التعاون :
إذا الحمل الثقيل تقسمته *رقاب الخلق خف على الرقاب.
ألا ترى الله تعالى يقول واعتصموا بحبل الله جميعاً وقال الواحد ومن يعتصم بالله وقال تعاونوا على البر والتقوى فيعتصم به الواحد والجماعة ولما ذكر الحبل أمر الجماعة بالاعتصام به حتى يهون عليهم ثم إنه مع كونهم جماعة ..وقال رسول الله صلى الله عليه وآله يد الله مع الجماعة فيستعينون به ويعينهم بكون يد الله معهم على الاعتصام بحبل الله وهو عهده ودينه المشروع فينا الذي لا يتمكن لكل واحد منا على الانفراد الوفاء به فيحصل بالجموع لاختلاف أحوالهم وكل شيء ينفذ كما قيل ونعم ما قيل:
لـكل شئ إذا مـا تـم نقصــان . . . فلا يُغر بطيب العيش إنسـان
هي الأيام كما شاهدتها دولا . . . فمن سره زمن ساءته .
وأغتنم الفرص لبناء الوطن وتحسين أوضاعكم ،ومرة أخرى يداً أزمان
للتعاون والعمل لتوحيد الصف وبناء الوطن وإنعاش المواطنين والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين.
المحب المربي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سيد صباح بهباني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/03/13



كتابة تعليق لموضوع : بعض لبعض وأن لم يشعروا خدم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net