صفحة الكاتب : قيس المهندس

ماذا بعد جنيف2.. (1) التوازن المطلوب
قيس المهندس

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تعد توازنات القوى والمصالح هي الحاكمة على مجريات الأحداث، وما تغيرات وانعطافات تحالفاتها؛ الا بفعل ذلك. فما يدور في المنطقة من نزاعات، اتخذت اشكالا متعددة، هي نتيجة تدخلات القوى الكبرى، بغية فرض قواها وتحقيق مصالحها.
مجريات الأحداث في سوريا، حدت بتلك القوى الى التدخل في الشأن الداخلي السوري، الا ان المشهد أصبح أكثر تعقيداً مما كانوا يتصورون، فالأحداث على الأرض تأبى الحسم، ومع دخول ايران وحزب الله الى جانب الحكومة السورية؛ أصبح أمر الحسم شبه مستحيلاً، وهنا أخذت أمريكا بالبحث عن حلول دبلوماسية لإنهاء الصراع، وأبرزها إنعقاد مؤتمر جنيف، والذي لم ترى مقرراته النور؛ حتى أخذت المفاوضات منحى آخر، تنبئ بحدوث تغيرات في توازنات القوى الإقليمية، وأبرز تلك المفاوضات كانت بخصوص الملف النووي الإيراني في مجموعة (5+1)، حيث انتهت المفاوضات بنتيجة عدها البعض انتصاراً سياسياً لإيران.
الا ان الواقع يحتم علينا النظر بعين مكاسب الولايات المتحدة وحلفائها، من اجل الإقتراب من حقيقة تلك النتائج، فقد اثمرت مفاوضات مجموعة (5+1) عن موافقة المجتمع الدولي على مواصلة المشروع النووي الإيراني السلمي، بشرط وضع المنشآت النووية الإيرانية تحت الرقابة الدولية.
 وكانت موافقة الولايات المتحدة وحلفائها على ما يبدو لعدة أسباب منها:
1- تعميق الخلاف بين الفرقاء الإيرانيين، ودعم حكومة الإصلاحيين من اجل احداث تغيير نسبي في طبيعة النظام الإيراني، كون الإصلاحيين أكثر انفتاحا على الغرب من المحافظين.
 2- اطمئنان المجتمع الدولي من عدم سعي إيران لتخصيب اليورانيوم بنسبة عالية تمكنها من صنع السلاح النووي، وبذلك تتجنب أمريكا استخدام القوة العسكرية.
3- خلق توازن قوى إقليمية جديدة، على أساس الإعتراف بإيران كطرف أساسي من أطراف ذلك التوازن.
4- محاولة اقناع إيران بضرورة انهاء الصراع في سوريا بالطرق الدبلوماسية، ومساعدة الولايات المتحدة في حربها ضد الإرهاب.
5- الوضع الاقتصادي المتردي الذي تمر به الولايات المتحدة يحتم عليها تجنب الصراعات المسلحة، والسعي الى إيجاد بدائل في توازنات القوى الإقليمية، تفاديا لتحميل ميزانية الولايات المتحدة عبئاً كبيرا من النفقات.
اما الدور الجديد لإيران كأحد اقطاب التوازن الإقليمي، فقد سعت اليه من خلال مواجهة التفوق الضخم بنيوياً للولايات المتحدة، عن طريق التحالف مع ائتلاف القوى المضادة، والمتمثلة بروسيا والصين، والاخيران اتجها نحو القطبية العالمية في توازن القوى من منفذ ضيق تمثل بالصراع السوري، والذي دق ناقوس الخطر؛ كونه اصبح يحذو حذو التوازن الثنائي، مما قد يؤدي الى انحسار الدبلوماسية، حيث انها تصبح اقل فاعلية في مثل هذه الظروف، ما لم تنحى اطراف النزاع الى التنازل عن بعض المكتسبات، والا فالحرب العالمية الثالثة سوف تكون هي الإحتمال الراجح آنذاك. فبحكم إمتلاك الولايات المتحدة للإمكانات الأكبر عالمياً، مما يفترض ان يتيح لها التفوق في صراع المصالح، وفي حالة عدم تمكنها من ذلك، فإن الحل السياسي قد ينقلب الى صراع مسلح. وفي المقابل فان دأب روسيا لخلق توازن استراتيجي جديد مع الولايات المتحدة يخشى عليه من وجود نقاط الضعف في التحالف الغربي متمثلا بإسرائيل والمملكة السعودية، مما قد يؤدي الى الإخلال بذلك التوازن بين المعسكرين كون تلكما الدولتان غير متزنتين سلوكياً؛ لعدم مرونة وفاعلية قيادتيهما السياسية.
الولايات المتحدة قدمت ما بوسعها من التنازلات عن هيمنتها ذات القطب الواحد على العالم، وفي مقابل ذلك لابد لخصومها من تقديم بعض التنازلات، من اجل تنجيز التوازن الإقليمي وتسوية الازمة السورية دبلوماسيا.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


قيس المهندس
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/01/01



كتابة تعليق لموضوع : ماذا بعد جنيف2.. (1) التوازن المطلوب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net