صفحة الكاتب : وجيه عباس

عن عبّودي...وحارسة الموتى!!
وجيه عباس

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ماكانت النجف لولم يكن علي الأشرف، وماكانت النجف لولا تمنّي الناس ان يرقدوا تحت قدمي سيدهم ومولاهم، أبي تراب، وماكانت المقبرة لو لم تكن " أم عبودي "أمينة لعاصمة حزن الفقراء، بينما اكتفى الآخرون بكل مااستطالت اياديهم لنهب ماتيسّر حمله وكبر كرشه.
مقبرة النجف الأنزف رحمٌ يلد الشهداء ليحاصروك وانت تمر بينهم، وأمام عيونهم يجبرونك ان تقرأ الفاتحة لأرواحهم التي جاورت اهليها اياما، وبالتالي تجد من المناسب ان تلعن قتلتهم أجمعين، مقبرة لاتهب سوى عطر الموت ورائحة البقاء لان علي ع هو الباقي بإذن ربه، الملوك والامراء والعلماء والشعراء اغمضوا عيونهم ونسيهم الاهل، سوى عبودي او عبدالله الذي يموت كل يوم ألف ميتة مشهودة أمام الناس، والشاهد الوحيد هو قلب ام عبدالله، الأرملة العراقية التي ودعت زوجها واحتفظت برائحته في صغيرها عبدالله او كما تدلعّه "عبودي"، وحين اغمض الموت عيني عبود دفنت الجميع وبقيت تنتظر الموت وحيدة أمام الناس، فيما يهرب الجميع من ذكر الموت.... وأين؟ في مقبرة النجف الأعرف. 
مئات السنين تمر على رملة النجف، ومئات الالاف من اجساد العراقيين تنزل الى الاسفل لتكون وليمة للحمة الوطنية،الشمس الحارقة تحول التراب الى رمال،بينما تراب قبر عبودي يتحول الى حديقة من الظل والشجر...والحزن المؤبد.
قضية عبودي اكبر من قضية ان تكون باللون الاسود او اللون الابيض، الامر معقد كثيرا هنا، المقبرة المهولة التي يأكلها الليل بأكملها يعجز ان يأكل قبر عبودي لان امه المثكولة تطعنه بالشموع طيلة الليل كما تطعنه طيلة النهار بتوزيع الماء والشاي على زائري قبور احبتهم الذين اكلهم التراب ليقرأوا الفاتحة وهم يعزون الام المفجوعة بدلا عن تعزية الفتى الذي تملأ صوره شارع المقبرة، وحدها ام عبودي بوحشتها على رحيل وحيدها قد قلبت المقبرة الاكبر في العالم والعراق الى حديقة يبكي اللون الأخضر عند قبر ولدها، زرعت منذ سنوات اشجار الكالبتوس لتظلل قبر محبوبها الصغير الذي كان يتقافز أمامها وهي تشاهده يكبر...ويكبر ليموت!!، جلبت له الماء لتبلل قبره بالماء... والدموع، وحشة الغبار بللتها بالادعية فانقلب الطريق الى قلب معشب وسط الطابوق والجص وقبور الفقراء المتهدمة التي اعتدى عليها صدام... والستوتات وحفارو القبور، أم عبودي ...وحدها التي ادمنت اليقظة حين اعتادت المقبرة بكاملها ان تنام تحت قدمي علي بن ابي طالب ع ، طيلة ليلها تنفرد مع وحشتها وحزنهت لتعد وليمة لليل حزن آخر،..تشعل الشمع وتعصر اجفانها خشية ان تبقى دمعة مختبئة في مكان لم يدر حتى الان ان عبودي ينام تحت كومة التراب والمرمر وهي تقول له: منعت الشمس عنك فأصبح قبرك مأوى للهاربين من حرارة الفراق، وظلمة الليل وهي تغلّف كل شيء، لم يعد بوسعي سوى ان اوقظك من نومتك الابدية وأصرخ في ليل المقابر.....ولللللللللللللللللك يمممممممممممممممممممممه عبووووودي...موكَتلك لاتطلع من البيت...طلعتك خلتني طول عمري طالعة من البيت يمه...يمة فراشك يومية افرشه لك...ملابسك بعدهن نظيفة ومعطّرة...صورك كلهه ترست المقبرة...ولك صدك سالوفة صرت بين المقابر..صور ميسي وبرشلونه تارسة الغرفة يمممممممه...الحاسوب مالتك والتلفون السامسونج الجديد بعده مضموم الك ياعمري...شلون ويه الموت...هل يرحمني الله برؤيتك مرة ثانية؟...حتى لوكانت في الليل بيني وبين ربك شريطة ان تعود الى قبرك في الفجر ولن أخبر أحدا عنك،موتك أطفأ حياتي بالكامل... لهذا ساحفر قبرا لي قرب قبرك لانام فيه بعد ان تهزمتي الشمس والليل والموت..
أم عبودي وجع عراقي ينقل للموتى اخبار العراق، ماعليها سوى ان تقول لصبيها الذي دخل الدار الآخرة ومازال يملك لياقة الهرولة ان العراق يغط في سبات عميق حتى يهرول عبود ويترك أمه في الليل ليوقظ الموتى ويقول: 
-ايها النائمون على انفسهم...ايها الغافون تحت التراب، ايها المستعجلون للرحيل عن العراق...الخطر الان محدق في الطابق الاعلى من رقودكم..مابينكم وبينه سوى انفتاحة عين او تحرك كف..حارسة المقبرة امي مهمتها نقل الاخبار الواردة اليها من الفضائيات...على الفضائيات الانتباه الى الاخبار الصحيحة التي يتم نقلها الى الموتى من الطرفين:النائمين في الطابق الاعلى والراقدين في الطابق الاسفل من تراب الوطن، امي افرحتني ان ميسي مرشح لنيل الكرة الذهبية، العراق يتقلب على فراش من جمر فاهدأوا ايها الموتى...لكن من يهدّيء لي قلب أمي التي اشعل الحزن رأسها على فراقي.
---------------------------------
ام عبدالله مازالت تتغصص الحزن في مقبرة النجف، لمن يريد ان يزورها ويشرب الشاي عندها ويقرا الفاتحة على روح عبودي فعنواها قرب قبر سيد صروط[ اي زمان هذا ان تكون المقابر عناوينها الاخيرة].

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


وجيه عباس
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/01/05



كتابة تعليق لموضوع : عن عبّودي...وحارسة الموتى!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net