صفحة الكاتب : محمد حسن الساعدي

لماذا صوت التصعيد أعلى من التهدئة
محمد حسن الساعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 الأزمة العميقة التي تمر على بلادنا هذه الأيام تعد بالغة الخطورة، يصعب التكهن بنتائجها الكارثية على مجمل الأوضاع بعد انفلات الأوضاع الأمنية، وتصاعد أعمال العنف وجرائم الإرهاب بالمفخخات والانفجارات، كذلك تزايد حالات الخطف والتصفية بكواتم الصوت، وأتساع نشاط الجريمة المنظمة والتسارع في إعلان تشكيلات مختلفة من المليشيات المسلحة، وبروز الخطاب العنفي الذي يهدد المجتمع بشتى أنواع الإرهاب ، إذ أن الأعمال الإرهابية الأخيرة تميزت بسعتها وتوقيتها وشمولها مناطق ومحافظات عدة، وبضمنها ما يعتبر مناطق آمنة، ولا تخفى رسالة وغايات بعض تلك العمليات، والتي تتلخص في تأجيج الفتنة والنعرات الطائفية وإذكاء نارها وإلهاب المشاعر خصوصاً بالاتساق مع العمليات الجارية في الانبار .
ففي كل أزمة تمر بها العملية السياسية يبرز هناك تياران (تيار التصعيد ، وتيار التهدئة) ودائماً ما يكون تيار التهدئة هو الأكثر دفعاً للتوتر وتوجيه المسارات الخاطئة ونزع فتيل الأزمة لكي لا تتجه إلى تأزم الأزمة إلى أكثر من ذلك مما يودي بنا إلى الوقوع في مستنقع أكبر وأكثر ضحالة .
بالتأكيد هناك تأثيرات داخلية وخارجية لأي أزمة وهذه التأثيرات هي من توجه الأزمة بأي اتجاه تريد مما يؤثر بالنتيجة على الوضع السياسي والأمني والاقتصادي ، مما يجعل فقدان الثقة هي السمة الأبرز في الحل لأي خلاف .
الوضع الاقتصادي الآخر هو من تأثر بالأزمات ، وخلق حالة عدم الثقة بالسوق العراقي بين المستثمرين ورجال الأعمال والشركات الإنتاجية المستثمرة في جميع القطاعات .
الأزمات كثيرة وكبيرة التي مرت بها العملية السياسية بعد عام 2003 وبسبب هذه الأزمات برزت ظاهرة الانقسام في الرؤية السياسية والنظرة الانتقائية للازمة ، وشيوع التفرقة في الخطاب الإعلامي حتى وصل الحال إلى التهديد والوعد والوعيد ، مما يؤدي بالنتيجة الى تهديد مباشر للعملية السياسية والمشروع الوطني والتجربة الديمقراطية الجديدة وزعزعة الأمن وإرباك الوضع السياسي العام .
وانطلاقاً من هنا يبدو أن أزمة شركاء الحكم بالعراق وسط متغيرات يشهدها الوضع الإقليمي وجواره تنذر بعواقب وتداعيات لا أحد يتوقع إلى أين تمتد شرارتها.
وهذا الخوف والقلق من منعطفات الأزمة العراقية هو من دفع أركان العملية السياسية إلى نزع فتيل الأزمة بالدعوة إلى التهدئة، ووقف التصعيد الإعلامي وإطلاق مبادرة مهمة من شانها إيقاف تداعيات الأزمة الحالية ، والخلوص إلى نتائج ترضي جميع الأطراف ، مع التأكيد على ضرورة ضرب الإرهاب أينما كان وأينما حل .
وإذا توفرت الإرادة ورغبة السياسيين بقبول بعضهم البعض على أساس الثقة المتبادلة بينهم، فإن الطريق سيكون سالكا لوأد الفتنة الطائفية الخطيرة التي قد تطيح باشتراطات الأخوة والمصير المشترك بين المكونات العراقية.
إن دعوات التهدئة ووقف التصعيد الإعلامي والسياسي والتي اكد عليها السيد عمار الحكيم في الكثير من خطاباته هي من تؤسس لطريق التسوية السياسية التي يتطلع إليها الجميع .
وهنا نطرح التساؤل أما آن الأوان أن يجد السياسيون طريقًا وأسلوبًا جديدًا في التعاطي مع أزمات العراق، وإيجاد المخارج والحلول الصحيحة لها، والتأسيس لمرحلة جديدة أساسها الإرادة والثقة المتبادلة، ويغلقوا صفحة السنوات الماضية التي أضافت إلى العراقيين أثقالًا جديدة على معاناتهم وأزماتهم, والبحث عن المشتركات التي تقرب الحلول، وتضمن سير تنفيذها، والأهم أن تطرح كل القضايا العالقة على طاولة البحث ليتحمل كل طرف مسؤوليته بأمانة وشرف من دون التلويح باشتراطات لم تجد لها طريقًا للتحقيق على أرض الواقع قد تدخل العراق مرة أخرى بخانق لا يمكن هذه المرة الخروج منه ،لان الوضع لايتحمل أكثر من هذه الأزمات المفتعلة والتي تؤدي بنا إلى المهالك ، على أن تأخذ القوى المدنية الديمقراطية دورها في إخراج البلاد من الأزمة المستفحلة والذي يتمحور حول التعاطي بجدية مع جميع المبادرات الصادقة، الهادفة الى التهدئة، الداعية الى إيقاف التدهور والرافضة للتصعيد، والتي تطلقها القوى الحريصة على امن وسلامة العراق واستقراره .

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد حسن الساعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/01/19



كتابة تعليق لموضوع : لماذا صوت التصعيد أعلى من التهدئة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net