صفحة الكاتب : مصطفى غازي الدعمي

في غرفة صغيرة وبسيطة ذات جدران مزقتها سنين الفقر تؤوي بين جنباتها أباً مرهقاً أتعبه العمل، وأم لم تعد باستطاعتها أن تستمر فهي قد سئمت حياة وعسر الحال، وطفل صغير يحلم برؤية وجه فرح طال انتظاره فهو أعتاد رفقة الحزن والضيم والخوف وهم ضيوف شرف في مأساته الأزلية.
تصرخ الأم وسط ألم وحزن أطبقا فكيهما على قلبها لتعلن بدأ معركة جديدة بين شريكي غرفة انساهما الضيم شراكة الزواج والمصير قائلة: لم أعد أستطيع العيش معك فقد سأمت الحياة وسأمت كل شيء وأنت لن تجد حلاً لفقرنا ما حييت
صراخ يقابله صراخ اب تقطعت به السبل ليعلن عجزه عن ايجاد حل ولكن بصوت مرتفع لعله يحفظ بعض ماء وجهه الذي أراقه الفقر: ماذا عساي أفعل؟ وهل بقي باب لم أطرقه بحثاً عن عمل؟ وتعلمين كم أبذل من الجهد في سبيل توفير ما يبقينا أحياء ألا ترين كم أُعاني في ذلك؟!
الام تفكر في حل ... سأتركك وأذهب، يستمر الأب بمكابرة واظهار قوته قائلاً: أذهبي حيث ما شئت سيكون ذلك من دواعي سروري فحينها لن أضطر لسماع هذا الصراخ
صراخ وصراخ وصراخ كل ذلك بحضر طفل يعيش حياة بؤس هي أقسى من الموت أرتسم على صفحات وجهه وفي شلال عينيه المنهمر وهو يجلس في زاوية الغرفة سانداً ضهره الى ذلك الحائط الذي مل تكرار هذا المشهد واضعاً راسه بين ركبتيه ويجذب شعره بقسوة وقد آن لبركان غضبه أن ينفجر .. صارخاً بأعلى صوته : أرحموني فانا ما زلت صغير!
صمت رهيب يخيم بعد تلك الكلمات... فهم لم يسمعوها منه قبل اليوم لأنه كان يكتفي بالجلسة نفسها وبنفس تلك الدموع منتظراً هدنة يعلم انها لن تطول لأكثر من يوم واحد لا غير.. ذلك الصمت كان سابقاً لعاصفة دموع والديه...
تركض ألأم متناسية كل شيء وتحتضن صغيرها بكل حب وحنان محاولة ان تجذب انفاسها بقوة من وسط شهيق الدموع : نعم... نعم أنت محق يا ولدي... انت محق في كل ما قلت،
يسرع الأب في الانضمام الى لوحة الحب تلك وهو يمسح دموع طفله محاولاً ان يطيب خاطر صغيره الذي لطالما نسيه بكلمات الحب والحنان ووعد عدم الخصام، وعد امتاز بالصدق فوالديه يعيشان صحوة الضمير ووضوح معاني السعادة التي لطالما جهلاها .. غابت كل الظروف فلم  يبقى للزمان ولا للمكان من وجود .. ولا لحال العسر من حساب ويرى الطفل وجه الفرح اخيرا، لأنه لا يحضر الا برفقة الحب ولم الشمل...

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى غازي الدعمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/01/23



كتابة تعليق لموضوع : أنين طفل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net