صفحة الكاتب : عبد الكاظم حسن الجابري

ثورة ودم وانتصار
عبد الكاظم حسن الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

روحية المضمون, إنسانية المحتوى, هدفها تحرير الإنسان من قيود العبودية للحاكم, ونشر الفضيلة والكمال, تلك هي ثورة الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء.

رسم الإمام الحسين عليه السلام, بوقفته في يوم العاشر من المحرم, رسم صورة الجهاد من اجل الفضيلة ونبذ كل أشكال الانحلال, وكل نظام فاسد في الحكم, فأصبحت ثورته نبراسا للأجيال لا تخبو أضواءه.

يمثل الحسين عليه السلام الامتداد الطبيعي للنبوة, وهو الأولى بتطبيق شريعة جده, كونه سبطه والأقرب له , والأكثر قدرة على توجيه الناس وتعليمهم دينهم, ليعيشوا حياتهم بسعادة واطمئنان, فكان خروجه سلام الله عليه لإعادة المسيرة للأمة بعد أن حرفها متسلقوا السلطة بدءا بيوم السقيفة, إلى تولي يزيد بن معاوية الحكم.

وفي بدء مسيرته صلوات الله عليه أكد هذا المضمون فيقول سلام الله عليه " لم اخرج أشراً ولا بطراً, إنما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي, آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر", كلام الإمام عليه السلام يرسم الخطوط العريضة لنهضته, ويوضح متبنياتها في الإصلاح من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, بعد أن انجرفت المسيرة الإسلامية نحو الضياع من خلال حاكم هاتك للحرمات كيزيد.

من البدء, كان الإمام الحسين عليه السلام واضحاً في رؤيته, صريحا في طرحه, فلم يخدع أحدا, ولم يتخذ إعلاما جاذباً ومضللاً, بل رسم نهجه في الإصلاح الذي يستلزم على كل ذي عقيدة, وإنسانية أن ينتهجه, فلا يمكن للنموذج الصالح أن يعيش ويتعايش مع النموذج الفاسد, فالحسين عليه السلام يمثل الكمال, ويزيد يمثل الانحلال ورأس الفساد, ولا يمكن للكمال أن يرتضي العيش تحت جنح الظلال, لذا لم يساوم الإمام الحسين ولم يبايع, حتى عندما طلب منه ذلك قال "يزيد شارب للخمر قاتلا للنفس المحرمة, ومثلي لا يبايع مثله".

الإمام الحسين عليه السلام بكلمته لم يقل أنا, كي لا تقتصر المسالة بشخص وزمن معين, بل قال "مثلي لا يبايع مثله" فهذا التماثل هو إشعاع هداية ومنهج حياة, ينير الدرب أمام كل عاشق للحرية, باحثا عن الفضيلة, صائناً للكرامة.

لم تختزل قضية الإمام الحسين ع ونهضته بالمسلمين, فهي قضية عدالة اجتماعية, وصورة للفضائل, يتبناها ويتمناها كل طالب لها.

لذا نجد اغلب الحركات التحررية المنبثقة من معاناة الناس اتخذت من كربلاء دروسا, ورَسَمَ قادة تلك الثورات, أسس نجاحهم من خلال الاقتداء بالامام الحسين عليه السلام, فغاندي الهندي يقول " تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر "وقال أيضا " لقد طالعت بدقة حياة الإمام الحسين، شهيد الإسلام الكبير، ودققت النظر في صفحات كربلاء واتضح لي أن الهند إذا أرادت إحراز النصر، فلا بد لها من اقتفاء سيرة الحسين"

فهذا الحسين هو طريق الحرية ومشعله, ولا تكاد تكون هناك راية مطالبة بالحرية في العالم إلا وهي تنتهل من سيرة الحسين عليه السلام وتقتفي أثره.

ورغم خذلان الناصر وقلته, وكثرة وقسوة الخصم, إلا إن الإمام عليه السلام بقي في وقفته صامدا على مبدأه منشدا لتحرير الناس من عبودية الحاكم, وقدم في سبيل ذلك كل ما يملك, وضحى حتى بطفله الرضيع, وبإخوته, من اجل أن يتحرر الناس من الظلم, ثم قُتِلَ هو, وقُطِعَ رأسه, ودِيسَت جثته بحوافر الخيل, في أبشع صورة إجرامية تمثلها خسة ونذالة جيش آل أميه.

جسد أبو عبد الله الحسين عليه السلام في نهضته أروع معاني "الحب, والأمل, والقوة"

"الحب للخير في سبيل الإنسان, الأمل في مستقبل الفرد ورفعه للأفضل, القوة اتجاه المبدأ وجهادا للحق ضد الباطل", هذا التجسيد الإنساني والروحي لنهضة الحسين جعل منها نهضة إنسانية شامله هدفها تحرر الإنسان, وإنشاد العدالة الاجتماعية, والحفاظ على القيم الروحية والدينية للناس, مما أعطاها ـ النهضة ـ زخما لان تكون منهج لكل الثائرين في كل زمان ومكان, ولِتًعْلِنْ هذه النهضة إن الدم أقوى من السيف وان الانتصار في نهاية المطاف للحق والفضيلة والمعاني النبيلة التي كان يتبناها الحسين عليه السلام, والتي يتبناها كل طالب للحرية


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الكاظم حسن الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/01/27



كتابة تعليق لموضوع : ثورة ودم وانتصار
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net