صفحة الكاتب : كاظم فنجان الحمامي

بين سرت والسترة اختبأت الهرة
كاظم فنجان الحمامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
  هجمت الهرة على عربة البوعزيزي, فانطلقت منها شرارة الثورة, وانتصر البائع المتجول على نظام التحوّل, فقفزت الهرة, وكسرت الجرة, وتفجرت الثورة في (سرت) و(السترة), وطفق القوم يبحثون عنها هنا وهناك, ولم يهدأ لهم بال, لكنهم اختلفوا في توجهاتهم العقائدية والتعبوية والأمريكية, وتأرجحوا في مواقفهم التعبوية, فانطلقت قوات الأطلسي, وحلقت قاصفات البيت الأبيض, واصطفت معهم الحشود العسكرية العربية, بمباركة الجامعة, التي لا تجمع ولا تنفع, ومؤازرة الخليفة العادل (حمد بن خليفة) بشحمه ولحمه, ومعه أبواق العربية والجزيرة, وستشترك الجيوش العظيمة في مطاردة الهرة, وسط الصحراء الليبية الكبرى, وربما تقتفي أثرها شبر شبر, زنقة زنقة, وستوحد صفوفها في الدفاع عن أشقاء البوعزيزي, لتحاصر الهرة (السلوقية) في (سلوق) و(سرت), مسقط رأس (عبقرينو) ملك ملوك أفريقيا, ومعقل قبيلة القذاذفة, وشاءت الأقدار أن يتبنى مجلس الأمن والأمان قراره الرنان الطنان, في اليوم المشئوم, الذي انطلقت فيه القاصفات من قاعدة السيلية في قطر لتدك حصون قلعة العز والإباء, وهو اليوم نفسه, الذي أبحرت فيه الغواصات والفرقاطات من المنامة نحو مرفأ أم قصر لتنشر الرعب في بغداد, وتقتل الأطفال في ملجأ العامرية, وكانت الجامعة التي لا تحل ولا تربط تقف موقف المتفرج, وتصفق في الخفاء للجيوش الغازية, في الوقت الذي كانت فيه أبواق العربية والجزيرة تتراقص على أنغام الحقد والكراهية, وتدعو للانتقام من العراق والعراقيين.
 
في تلك الليلة تسلم العاهل الكبير رسالة من (بندر) صديق البيت الأبيض, هذا نصها: (ستمطر هذه الليلة في الروضة), في الوقت الذي كانت فيه السماء صافية, لكن القلوب مجافية.
 وانطلقت هذه الأيام كتائب درع الجزيرة وجرذانها وزواحفها, التي وحدت صفوفها لمطاردة أشقاء البوعزيزي شرق البحرين, بمباركة البيت الأبيض, ومؤازرة معامل التصنيع الطائفي, التي أبلت بلاءا كبيرا في إذكاء نيران الفتنة, وراحت تضيف الرياح القوية لمهزلة التشرذم الإسلامي, وترضي رغبات البيت الأبيض, وتحافظ على الحصون والقواعد الاستعلائية الكامنة في جحور (السيلية), والمنبطحة في (حفر الباطن), والمختبئة في (تل اللحم) وعلى مشارف المنطقة الخضراء, فراحت تطلق النار على أشقاء البوعزيزي من بنادق الصيد (الشوزن), وتذود بالدفاع عن الهرة الملكية الوديعة, التي لا تهش, ولا تنش, ولا تخرمش,
 
وتوحدت مواقف الحكومة الامريكية مع الحكومات العربية في دعمها وتعاطفها مع أشقاء البوعزيزي في (سرت), لكنها اشتركت في بغضها وعدائها لأشقاء البوعزيزي في (السترة), حتى تأرجحت المواقف في بندول التطرف الطائفي الفاضح, وفقدت (السترة) سترتها, وتكشفت الأسرار للعالم  كله, وشاهد الناس العجلات المدرعة وهي تطارد أشقاء البوعزيزي بيت بيت زنقة زنقة, فتساقطت أوراق التوت, التي كانت تغطي سوءات الأنظمة الراضخة للإرادة الامريكية, والتي اتخذت من التطرف الديني ستارا لها في ترويج وتنفيذ مفردات برنامج تفكيك العالم الإسلامي, الذي تبناه البيت الأبيض منذ زمن بعيد, وقطع فيه شوطا عظيما.
وستصبح الصحراء الليبية, التي تبلغ مساحتها (1760000) كيلومترا مربعا, مسرحا مفتوحا للجيوش الغربية, التي عادت من جديد لتحيي أمجادها المدفونة تحت كثبان معركة (العلمين), لكنها لن تجد هذه المرة كتائب المقاومة الباسلة, التي كان يقودها المجاهد الشهيد عمر المختار, بل ستجد طلائع درع الجزيرة بانتظارها, وتجد الذين ابدوا رغبتهم الجامحة لتسهيل مهمة الجيوش الغازية, وتوظيف مهاراتهم البدوية في نصب الخيام للمجندات الفرنسيات, اللواتي سيعسكرن في واحة (الجغبوب),
وفاتني أن أخبركم ان مساحة ليبيا اكبر من مساحة البحرين بأكثر من (2838) مرة, فمساحة البحرين تبلغ (620) كيلومترا مربعا, وتتساوى تماما من حيث المساحة مع دولة (سنغافورة), التي يتحدث أهلها اللغات الماليزية والصينية والانجليزية والتاميلية, وسكانها خليط من الأقوام الآسيوية المتفاهمين والمتعايشين سلميا مع بعضهم البعض, وتتساوى مساحة البحرين أيضا مع مساحة مدينة (تاجموت) الجزائرية, والتي تبلغ مساحتها أيضا (620) كيلومترا مربعا, ويحكى أن اسم (تاجموت) يعود إلى قصر عظيم, كانت تسكنه ملكة جميلة متجبرة, وكلما أرادت أن تعدم أحد من سكان مملكتها, تضع على رأسها تاج المملكة في حفل بهيج تجمع فيه عامة الناس, ومن هنا اشتقت كلمة (تاجموت) وتعني: تاج الموت, فهل تنطبق هذه الرواية على ما يجري الآن في مملكة البحرين ؟؟, التي تتماثل مع (تاجموت) من حيث المساحة, ومن حيث التوجهات الملكية المتطرفة, التي قضت بتكميم أفواه المعتصمين والمحتجين ومطاردتهم وإزهاق أرواحهم, بذريعة تبعيتهم للمذهب الشيعي, فالشيعة في معايير معامل تصنيع الفتنة الطائفية, عبارة عن كائنات نصف بشرية لا تستحق الحياة, تنحدر من السلالات الرافضية, والرافضة في نظرها ينحدرون من القبائل الصفوية, والصفويون ينحدرون من النسل الفارسي, والفرس أعداء العروبة والإسلام, وهكذا انزلقت التداعيات الفكرية الطائفية في هذا المنزلق, حتى ضاع الخيط والعصفور, واختلطت الأوراق, وتداخلت الخنادق وسقطت الهرة في الحفرة بين سرت والسترة, فتمردت جرذان الأقطار الخليجية, واندفعت تقود الحملة الطائفية البغيضة, الرامية لتوسيع دائرة الخلافات بين المذاهب الإسلامية, ونبذ التعايش السلمي بين الأديان, في حين راحت تعمق علاقاتها مع الكنيست الإسرائيلي, وتفتح حدودها وتسخر أرضها ومياهها وأموالها للفيالق الامريكية الفتاكة, التي انطلقت في مثل هذه اليوم من عام 2003 لتقتحم أرص الرافدين, فشنت هجومها البري علينا من البوابة الكويتية, التي مازلت مفتوحة على مصراعيها لجيوش الاحتلال وتعزيزاتهم اللوجستية حتى هذه اللحظة, وشنت هجومها الجوي من قاعدة (السيلية) في قطر, ومن قواعدها الأخرى في البلدان العربية, التي تقف معها اليوم في خطة احتلال ليبيا. .
أنا شخصيا أرفض هذه الأنظمة التي استولت على ثروات الأمة العربية ومقدراتها, وأرفض الأنظمة التي اشتركت وألجمت وأسرجت في حربها على العراق, وفي حربها على الشعب البحريني, وفي حربها على الشعب الفسطيني, واعبر عن رفضي للأنظمة العميلة الفاسدة, التي سمحت للشراذم الامريكية بنشر قواعدها من شمال العراق إلى جنوب المغرب العربي, ومن قاعدة السيلية إلى سواحل الصومال, وارفض الحاكم الذي يطلق على مواطنيه جميع أنواع الرصاص الحي, أو يمنعهم من الكلام, أو يسجن صحفيا, أو يكذب على شعبه زورا وبهتانا, بصرف النظر عن جنسية هذا الحاكم عراقيا كان, أو ايرانيا أو كويتيا أو موريتانيا, واطرده من حساباتي حتى لو هبط علينا من كوكب عطارد, وارفض الأنظمة العربية التي تركت كتاب الله وراء ظهرها, وأشاحت بوجهها عن المسارات الإيمانية الصحيحة, التي رسمتها السنة النبوية المطهرة, وأرست قواعدها المناهج الإسلامية المبنية على العدل والإحسان وتقوى الله. .
فأنا إذن رافضي من الطراز الأول, ويحق لي أن أتباهى برفضي ومعارضتي واحتجاجي على القيم المستوردة, التي حملتها لنا همرات الجحيم, التي اجتاحت أرضنا, وعبثت بثرواتنا, وزلزلت كياننا في مثل هذه الأيام المشئومات.
ألا سحقا لعاد, وسحقا لثمود, وسحقا لكل من سولت له نفسه الانحراف عن منهج القرآن المجيد, وسحقا لكل من سولت له نفسه الابتعاد عن السنة النبوية المطهرة, وسحقا لكل من سولت له نفسه الاعتداء على الناس وقمعهم والتنكيل بهم, وسحقا لمن روج لصناعة الموت, وسحقا للذين تلاعبوا بعواطف الناس وشجعوهم على العنف, وسمحوا لهم بإزهاق أرواح البشر وقتلهم على الهوية. . . .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ))
صدق الله العظيم
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كاظم فنجان الحمامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/03/20



كتابة تعليق لموضوع : بين سرت والسترة اختبأت الهرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net