سُرّ ما خَطرْ!!(26,25)
د . صادق السامرائي

- 25 –

أمواج تترقرق  

وطيور تتهادى جذلى بالأنسام

وضفاف نشوى خضراء

تبتسم مسرورة غنّاء

ومعزوفات صباح على أوتار أشعة الشمس

المتسلة من بين الغيوم الملونة

بعجائب الإمتزاجات الضوئية

فكأنك تتعبد في محراب الطبيعة

وترتل أناشيد الوجود المتدفقة من قلب اللحظة

الخالدة في ضمير الزمن الجديد

أطيار تهفو وأمواج تطفو تبعث أناشيد أمل

والموجودات تُشعرك بنبض البقاء والتواصل والعطاء

الأمواج تتكلم لغة الحياة

والأحياء تردد أبجدياتها

والنهر يكنز جواهرها

ويداعب دررها المضيئة

وفي جنة الوجود ومروجها

وأهازيجها الطرية الشجية

يعبّر الإنسان الواعي المدرك لمعانيها عن إبداعاته 

ويضع لمساته التي تضفي على المكان 

جمالا أخاذا من فيحاء خياله وأثمار أفكاره

فيزدحم الوجود بآيات الفتنة والروعة وتتوالد طبقات بهائه

على صدر الطبيعة الجذابة السمحاء

فتنسكب الأحلام على ضفاف نهر السين

وتنبثق من عيون الأعماق المتيمة بالسناء

والتواقة لآية عشق جديد تطلق ما فيها فيه ,

 وتبني عمارة إنتماء وعطاء وتفاعل يشد الأجيال 

كالأمواج في تيار التجدد الأصيل

المحمل بأفياض الآتي وبمفردات كون مديد!

 

وتهدل حمائم أعماق المتيمين

بسحر الطبيعة

وزهوها التواق للإشراق

في قلب كل حيٍّ

مفعمٍ بالمحبة والأشواق

والساعي لمجد الإنسانية الدفاق

 

- 26 –

الماء هو الماء والسماء هي السماء

والهواء هو الهواء والشمس هي الشمس

والتراب هو التراب والغيوم هي الغيوم

والنهر يجري والأمواج تترقرق

والأشجار تهلل بأغصانها وأوراقها

لإشراقات صباح آخر

يمنحها الشعور بصدق وطيب ومعنى الحياة

صباح يعطيها وتعطيه

وتتبادل معه قبلات الإشراق

والإنطلاق نحو آفاق الأجمل

كل شيئ كما هو إلا الإنسان

بأفكاره ورؤاه ومشاعره وأحاسيسه

هو الذي يؤثر بسلوكه في الموجودات

ويحدد تجاوبها معه

ويسكب ما فيه على ما حوله 

ووفقا لما فيه يتغير المكان ويتبدل

وتتوالد معالم شخصيته وملامح طلعته

فيكون مرآة أعماق إنسانه

الإنسان لوحده هو الذي يرسم لوحة موضعه الذي يزهو به

وينكمش ويكتئب ويتوشح بمعالم اليأس والخسران

 

الفرق بين نهر السين ودجلة

هو الإنسان

ولابد له أن يتغير ويراجع ذاته

ويشذب مروج أعماقه

ويطهرها من الأشواك والأحراش

لكي تبدو جميلة جذابة

ذات قيمة وإرادة واعدة 

ومتعة وبهاء ورجاء

ليتبدل المكان

ويبتسم النهر الحضاري

وتبتهج الدنيا

ويَسعَد الناظرون

الموضوع السابق مَا بْنِشْبَعْ..مِنْ شَهْدِ الْقُرْبْ

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat