صفحة الكاتب : حسن الهاشمي

نحن والحركة الجوهرية
حسن الهاشمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 تبدل الصور ليس معناه انتزاع الصورة الأولية والإتيان بصورة جديدة، أي ليس معناه الخلع واللبس، وإنما هو اللبس بعد اللبس، أشبه شيء بالإنسان الذي يلبس ثوبا جديدا على ثوبه القديم، فيتراءى للناظر إنه يتجدد بملابسه، ولكن الناظر لا ينظر إلى ملابسه الداخلية، هذا من قبيل النطفة والعلقة، فالنطفية لا تزول عندما تأتي العلقية، وهكذا المضغية لا تزول بعد مجيء الجنينية، ولكن غاية الأمر حصل شيء جديد، وهو الانسانية، فإنها تغطي على كل تلك الصور التي سبقتها، وهذا تطور في الأمر الوجودي الواحد وهو النطفة، ويقال عنه في الفلسفة بـ (الحركة الجوهرية) وهي حركة في نفس الجوهر وليس في المكان.
(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا)... (الروم /30) فالفطرة هي الأصل في وجود الإنسان، ولكن عندما تتقاذفه التيارات المنحرفة ذات اليمين وذات الشمال، إنما هي طوارئ التربية والبيئة والأجواء المحيطة، وكلما يجرد الإنسان السوي نفسه منها فهو في عيشة راضية، وبالطبع كلما انغمس وارتكس فيها لا تزيده إلا ابتعادا عن صفائها ونقائها وعفويتها الجامحة، وطالما يرنو الإنسان إزاء كل ما هو جميل بريء وديع في خلواته، ربما تكون بعيدة عن متبنياته ومعتقداته، ولكنها وخزة الضمير والفطرة توجع طالما بقيت شوائب للإنسانية فيه، حتى إذا اضمحلت فإن الحقائق عنده ستتبدل ويرى الأمور مقلوبة عكس ما يراه الإنسان السوي الذي يولد على الفطرة ويرجع إليها بين الفينة والأخرى ولا سيما في مضلات الفتن، فالأصل والجوهر واحد وما يشوبه من تشوهات ما هي إلا أعراض طارئة ليس إلا، ولكن هذه الأعراض قابلة للجلاية فيتألق فيها الجوهر ويشع نورا وتلألئا، أما إذا ما كانت بعيدة عن الجلاء فإن الصدأ يتراكم عليها وتصبح أشبه ما تكون بالصفيحة التي ينخر فيها السوس لا خير يرتجى منها ولا عطاء. 
ومن هذا المنطلق نحن بحاجة إلى حركة جوهرية فيما هو مضمر في ذواتنا من فطرة التوحيد التي تحمل بين طياتها كل معاني الجمال والكمال، الجمال في المأكل والملبس والنظافة والبناء والتطور، والكمال في التخلق بأخلاق الله والتأدب بأدب الأنبياء والأولياء والصالحين، فبالجمال المادي والكمال المعنوي نستطيع أن نزيح عن طريقنا عقبة الطاغوت وما يمثله من خبث ومقالب ومفاسد ومآثم يوجدها عثراء ظلماء لكي لا نصل إلى ما نصبو إليه، لأنه مكمن حياتنا ومضمر تمنياته! ومثلما النطفة تتغلب على كل تقلباتها الدموية واللحمية والعظمية والروحية حتى تصير ذلك الخلق السوي والقويم في حركتها الجوهرية، فإننا بحاجة إلى نفس تلك الهمة للتغلب على كل ما يحول دون الوصول إلى الكمال بشقيه في حركتنا الجوهرية الكادحة. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسن الهاشمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/02/26



كتابة تعليق لموضوع : نحن والحركة الجوهرية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net