صفحة الكاتب : رائد عبد الحسين السوداني

الأزمة بين المالكي والنجيفي :ماذا تعني ؟
رائد عبد الحسين السوداني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

في هجوم سياسي قد يكون غير مسبوق أو فريد من نوعه تكلم السيد رئيس الوزراء (نوري المالكي) باتهامات خطيرة على مجلس النواب ورئيسه السيد (أسامة النجيفي) وأعلن نهاية المجلس وبأنه فقد شرعيته وقد أعلن بأنه قدم طعنا إلى المحكمة الاتحادية حول شرعية هذا المجلس محملا النجيفي هذا الوضع النيابي المزري الأمر الذي يعني إن كل ما صدر عن مجلس النواب وطبقا لكلام السيد رئيس الوزراء هذا اليوم 5/3/2014بأنه باطل قانونا مما يدخل البلاد في أتون حالة من الاضطراب القانوني والإداري والاجتماعي ،وإن كان الهجوم بمناسبة عدم مناقشة المجلس الموازنة ،إلا إنه أظهر عمق الأزمة في الخلاف بين الرجلين ،ورد النجيفي بأنه سيوضح موقفه يوم غد أي في 6/3مما صرح به وذكره المالكي مع إنه صرح وأعلن موقفه قبل خطاب رئيس الوزراء بيوم واحد مبرئا نفسه من تأخير طرح الموازنة مبينا بأن النائب الثاني لرئيس المجلس (الكردي) يعارض طرحها للمناقشة ومن ثم التصويت عليها نظرا للخلاف الحاصل بين الإقليم والمركز ،فماذا يعني هذا الهجوم والهجوم المقابل من كلا الطرفين ؟ للجواب على هذا السؤال يجب أن ننظر إلى قضيتين ،الأولى ؛ في مجمل الوضع العام في العراق ومنذ تأسيس ما يسمى بالدولة العراقية أو الحكم الوطني في عام 1921كانت العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية ليست بعلاقة تكاملية بين طرفي نظام يكمل أحدهما الآخر بل كان الملوك في العراق (فيصل الأول وغازي وفيصل الثاني) لاسيما الملك فيصل الأول لا يطبقون ما يقتضيه الدستور العراقي (القانون الأساسي) حول إن الملك مصون غير مسئول إنما يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة من شؤون الحكم ابتداء من عقد الاتفاقيات والمباحثات حولها وانتهاء بالتدخل في تنقلات المتصرفين والمدراء العامين ولطالما تحالف الملوك والوصي مع رؤساء الوزارات ووزراء الداخلية في اختيار ما يناسبهم  من نواب لتمرير المشاريع فكلما جاء رئيس وزراء جديد حلّ المجلس المنعقد وجاء بمجلس جديد من صناعته هو لتمرير اتفاقية ما مع الإنكليز أو قانون في صالح الطبقة والنخبة الحاكمة أو المساندة لها من الإقطاع وأضرابهم ولم يشذ هذا المسار إلا في عام 1954عندما فاز أكثر من عشرة من المعارضين كنواب فثارت ثائرة نوري السعيد وهدد وتوعد ثم غادر العراق ليتدخل السفير البريطاني عند عبد الإله ليحل المجلس المنتخب قبل شهر واحد فقط وتكليف نوري السعيد بتشكيل حكومة بشروطه التي يريدها ،هذا في العهد الملكي ،أما العهد الجمهوري فقد انعدمت الحياة النيابية ،باستثناء المجلس الوطني الذي أقرته سلطة البعث عام 1980ولا يمكن أن يطلق عليه اسم برلمان لأسباب خاصة بطبيعة حزب البعث الحاكم الذي لا يؤمن مطلقا بالحياة النيابية ،وعندما حلّ العهد الأمريكي لم يتغير الحال في الحياة البرلمانية فيما يخص اختيار النواب ،فإذا كان في العهد الملكي يتم الاختيار من قبل الملك ورئيس الوزراء ووزير الداخلية ففي العهد الأمريكي بعد 2003أيضا يتم اختيار النواب من قبل رؤساء الكتل وزعمائها وبنظام انتخابي يعتمد القائمة المغلقة أو شبه المغلقة مما يعيق عمل النائب لأنه مقيد لا بل أسير لرغبات رئيس الكتلة وزعيمها وعندما يمارس حقه كنائب ممثلا عن الشعب ويمتلك مقعده (قانونا) بصورة شخصية يطلب منه الاستقالة فيتحول من نائب مقرب إلى نائب مغضوب عليه ويجب النظر إلى صفة التشريع سواء بالقانون أو بالقوة والإرادة السياسيتين انتزعت من البرلمانات العراقية سواء في العهد الملكي أو في عهد البعث (المجلس الوطني) أو مجلس نواب ما بعد 2003إذ أبطلت المحكمة الاتحادية صفة التشريع عنه .ومن هنا ومن هذا الإرث لا يستطيع أي رئيس وزراء سواء السيد المالكي أو غيره أن يستسيغ أو يتقبل وجود نواب أو رئيس مجلس نواب يعارض أو يجادل أو حتى يناقش توجهاته .أما القضية الثانية فتتعلق بطبيعة المجتمع العراقي والمتكون من ثلاثة أركان بارزة فيه (لا نغفل الركن الرابع من التركمان وباقي الأقليات) والأركان هي ،الشيعة العرب والسنة العرب ،والكرد ولأن طبيعة النظام الانتخابي قائم على الكتل وليس الأحزاب فبطبيعة الحال ستكون الدعاية الانتخابية قائمة على التوجه الطائفي ولأن السيد المالكي يجد في نفسه الممثل الأقوى والأبرز للشيعة في العراق في ظل قبول وموافقة أمريكية لاسيما بعد انسحاب السيد مقتدى الصدر المدوي من الساحة السياسية على الأقل من وجهة نظري في هذه المرحلة المضطربة فلابد له ،أي السيد المالكي ،أن يخرج كل ما في خزائنه من مواقف وأحكام مبيتة تقوي من مركزه وتثبته أكثر على الواقع الشيعي أولا ومن ثم العراقي .أما السيد أسامة النجيفي ففي ظل شح القيادات السنية وضعفها إن وجدت شعر بأن الفرصة سانحة له في أن يتزعم الجانب السني العراقي ولذلك فإنه لا يألو  جهدا في إظهار نفسه المدافع عن حقوق السنة العرب وقد كرر هذا المفهوم مرارا عبر الإعلام لاسيما عندما يزور واشنطن ،هذا وقد تعزز موقفه كزعيم سني عن زيارته الأخيرة للعاصمة الأمريكية من خلال الحفاوة التي لقيها هناك ومن كافة الواجهات السياسية ابتداء من الرئيس أوباما ولكي يُعلن كممثل أوحد وأبرز للسنة يجب عليه الوقوف بوجه المالكي والعكس صحيح عند السيد رئيس الوزراء،وهذا ما أعلن عنه في مؤتمره الصحفي رداً على رئيس الوزراء في إنه سيرفع دعوى مضادة على رئيس الوزراء وقد اتهمه وحذره من التصرف بالأموال دون المصادقة على الموازنة وعاداً إياه اختلاسا للأموال العامة وأيضا بين بأن أي تصرف ضد مجلس النواب بأنه انقلاب عسكري .بعد هذا الطرح يبقى سؤال هل الأمور تجري باختيار الرجلين ؟ إن من يعرف طبيعة السياسة الأمريكية يستطيع الوصول إلى يقين بأن الصراع بين الرجلين ليس سائبا بل يشتم من ورائه تقديم المصلحة الأمريكية في إبقاء الوضع العراقي على حاله المتوتر دائما لتسهل السيطرة والبقاء في فضائه الواسع والمهم .  


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رائد عبد الحسين السوداني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/03/07



كتابة تعليق لموضوع : الأزمة بين المالكي والنجيفي :ماذا تعني ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net