صفحة الكاتب : فليحة حسن

حتى لا تُمزق اللوحات
فليحة حسن

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تحت عنوان ( ثقافة الأطفال هي اللبنة الأولى في بناء صرح ثقافة المجتمع المتطور ) انعقد مؤتمر ثقافة الأطفال الأول  في العاصمة بغداد من 2-3 / 8 / 2010 وقد شارك فيه العديد من الباحثين المهتمين بثقافة الطفل والمختصين بها و منهم الأساتذة زهير البياتي وكاظم سعد الدين وعبد الستار ياسين وطاهرة داخل وحسين علي هارف وشذى العاملي وعقيل مهدي وسليم الجزائري بينما تناوب على رئاسة المؤتمر في جلساته الثلاث الأساتذة فاضل ثامر وعبد الرزاق المطلبي وعلي الفواز،وقد تناول المؤتمر جوانب ثقافة الطفل المختلفة والمتمثلة بالمسرح المدرسي ومسرح الطفل والعاب الأطفال والطفل والتلفاز والنشاط المدرسي وثقافة ذوي الاحتياجات الخاصة والكتاب الموجه للطفل وغيرها من الموضوعات المهمة والتي تشكل أسس ثقافة الطفل وتدخل في تكوين شخصيته، 

وحين تناول احد الباحثين موضوعة  الرسم وأهميته في حياة الأطفال  وأكد على أهمية إشراك الأطفال في المعارض المدرسية ووجوب إعطاء درس الفنية أهمية خاصة قفزت الى ذاكرتي حادثة عشتها بعد التغيير وتحديداً في عام 2007 حين كنت مدعوة الى حضور احد المعارض التي أقامتها مديرية التربية في مدينتي  وساهمت زميلتي مدرسة الفنية وطلاب بعض المدارس ومنهم مدرستي فيها ،

 فحين أتم السيد المسؤول  الذي أقيم ذلك المعرض تحت رعايته مراسيم الافتتاح وغادرنا الى مقر عمله وهرعتْ الجموع من مدرسين ومدراء وطلاب مشاركين الى  توديعه هو وحمايته التي احتلت كل ركن في المعرض،

 انتبهتُ الى أن يد إحدى الطالبات امتدتْ الى لوحة واقتلعتها من إطارها الكارتوني المحيط بها ومزقتها الى قطعتين وهي غاضبة،

 لم أتمالك نفسي وأنا أرى هذا المشهد بل أسرعت الى تلك الطالبة وبدأت اسألها عن سبب فعلتها تلك فأجابتْ وهي تشيح بوجهها عني( لوحتي ليست محتشمة) ، حينها لم انتبه هل أن هذه الطالبة كانت قد شاهدتْ ملامح وجهي التي ارتسم عليها الاستغراب أم إن عينيها بقيتْ مسمّرة على اللوحة الممزقة ،

 مددتُ يدي إليها وطلبتُ اللوحة وبدأتُ أتأملها بعد أن قرّبتُ النصفين الى بعضهما البعض فبدتْ لي لوحة لوجه مبتسم لطفلة صغيرة بشعر أشقر جميل ،اجل لوحة لم يظهر منها سوى الوجه والشعر فقط ، تركتْ الطالبة اللوحة بيدي وتوارتْ بين الطالبات الحاضرات فأخذتُ اللوحة وتوجهتُ بها الى زميلتي مدرسة الفنية التي تساءلتْ بعصبية عن َمنْ مزقها فرويتُ لها ما كنتُ قد  رأيت فأكملتْ لي الأخيرة ما  حصل لتلك الطالبة حيث أن السيد المسؤول كان لابد له وهو يطّلع على لوحات المعرض أن يسهم بإصدار بعض التعليقات على اللوحات المعروضة كلها أو بعضها لُيشعر من أقام المعرض أو ساهم فيه انه ممن يمتلكون ثقافة شاملة ويبين لهم إن  فن الرسم طبعاً ليس ببعيد عن ثقافته وحين رأى لوحة الطفلة الشقراء علّق عليها قائلاً " لو انك رسمتها بحجاب ولم يظهرلنا شعرها لكانت أجمل وأحلى"، فسمعته الطالبة ،

 في صباح اليوم التالي ذهبتُ الى الصف الأول صف الطالبة الفنانة واستأذنتُ  مدرسة المادة التي كانت تلقي الدرس وأخبرتُ الطالبات إن مديرية التربية قد اختارتْ لوحة زينب ( الطفلة الشقراء ) كأفضل لوحة ورشحتها للمشاركة  في معارض أخرى وبعثتْ لها بهدية عبارة عن( سيت ألوان مائية وفرش ودفتر رسم من الحجم الكبير)،

سلمتُ زينب الهدية المتواضعة تلك  أمام الطالبات اللواتي صفقن لها فرحات والرائع في الأمر إن الموقف انطلى على زينب فلم تسأل عن كيفية الاختيار ومتى وقع وأين؟

 ولم تسألِ ٍلمَ بعثوا هديتها بيدي ؟  فقط كادتْ أن  تطير فرحاً عند استلامها

 والجميل في الأمر أيضاً إنني اشعر بشعور مماثل كلّما وقفتُ متأملة لتلك اللوحة المعلقة على جدران غرفتي والشريط الشفاف يربط ملامحها الجميلة ،

من كل ما حكيتُ أريد أن أقول إذا كان من يولّونه  مسؤولية رعاية  الأنشطة الفنية والرسم لا يرضى أن تعرض في المعارض المدرسية  غير لوحات محجبة فكيف سيبني الطفل شخصيته ويعبر عن أفكاره ويطور مهارته وهو من يعول عليه بناء مجتمع جديد ابرز ملامحه حرية التعبير ؟

وإذا كان الحال هكذا مع الرسم فكيف يتعامل المسؤولون مع الأنشطة الأخرى كالموسيقى والإنشاد ورقص البالية مثلاً وهي تعدّ من الأنشطة المدرسية أيضاً؟

ثم أليس الإنسان وكما يقول علم النفس يغني قبل أن يتكلم ويرسم قبل أن يكتب ويرقص قبل أن يمشي ؟

 ملحوظة أمنيتي أن أجد من بين حاضري هذه المؤتمرات شخصيات مسؤولة في الدولة  لكي يتعرفوا على الأسس  التي تسهم في ثقافة الطفل العراقي  ومن ثم يعملوا على اختيار أشخاصاً أكفاء قادرين على العمل في هذا المرفق الحيوي بدلا من اختيارهم لأشخاص لا تتقن غير  إطلاق الكلمات العابرة غير المسؤولة التي تقتل في أطفالنا مواهبهم .                         

 

فليحة حسن

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فليحة حسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/08/26



كتابة تعليق لموضوع : حتى لا تُمزق اللوحات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net