صفحة الكاتب : محمد حسن الساعدي

الانتخابات تنافس وليس تنازع ؟!
محمد حسن الساعدي
هناك علاقة وثيقة تربط مفهوم المواطن وموضوع الانتخابات باعتبارها أحد أهم معالم النظام الديمقراطي. حيث تعبر الانتخابات بوضوح عن ممارسة المواطنين لحق أساسي من حقوقهم في المجتمع الديمقراطي، وهي المشاركة الفعلية في عملية صنع القرار، من خلال انتخاب ممثليهم الذين سيكونون في مواقع القيادة في الدولة التي تعمل على تنظيم حياة المواطنين وإدارة شؤونهم في مختلف المجالات الحياتية.
لذلك في المجتمعات الديمقراطية تتوزع القيادة وتتفرع إلى عدد من المؤسسات التي تشكل حلقة وصل بين المواطنين على اختلاف تجمعاتهم وانتماءاتهم ومصالحهم وبين القيادة العليا أو السلطة السياسية وهي الدولة والمؤسسات التابعة لها.لهذا تكون هناك ضوابط أخلاقية وسياسية تحكم هذه العلاقة ، فالانتخابات تنظم العلاقة بين الحكام والمحكوم ، وتعكس الرقي في الإنابة الفوقية لممثلي الشعب عن القاعدة التحتية وهم المواطن البسيط . 
من خلال هذه المقدمة برز مفهوم التنافس بين المرشحين ليكونوا نواة القاعدة التحتية في البرلمان ، وبالتأكيد يجب أن يكون هناك مستوى جيد من العقلائية بين عقول هولاء ، فمجلس النواب العراقي لايمكن له لن يستوعب قليل العقل أو الفهم والاستيعاب ، بل هناك ضوابط يجب توفرها في المرشح ليكون موهلاً في أن يكون نائباً عن الآلاف من المواطنين . 
مجلس النواب العراقي تلك المؤسسة التي تتمتع بكونها من أرقى المؤسسات التي تعطي القوة للدولة ، ونحن لمسنا كم أن الحكومات تكون هشة وضعيفة إمام قوة البرلمان ، والذي استطاع إسقاط الكثير من الحكومات في الدول الديمقراطية المتحضرة . 
التنافس الشريف بين مرشحيه يجب أن يعكس تلك الثقافة العالية ، والأخلاق المنضبطة ، والابتعاد عن ظاهرة التسقيط والتي أصبحت للأسف سمة يتسم بها اغلب برلمانيونا ، لهذا نشاهد اليوم التسقيط لم يكن في داخل البرلمان فقط ، بل خرج ليكشف النواب كلاً غسيل الآخر ، وتسقيطه أمام جمهوره ،والذي "زاد الطين بلة " أن يشمل التسقيط كتل وأحزاب كبيرة ،شاركت في مجمل بناء العملية السياسية بعد سقوط النظام الفاشي الديكتاتوري .
الزيارة التي قام بها وفد حزب الدعوة إلى مكتب رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم ، والتي جاءت في احتدام الصراع بينهما في البصرة ، ومحاولة دولة القانون ورئيسها شخصياً التدخل في حل حكومتها والتي تشكلت أبان انتخابات مجالس المحافظات الماضية ، هذه الزيارة والتي جاءت بدعوة من المالكي للتهدئة ، ومنع الوصول إلى الصدام بين الفريقين في الإعلام ،والتي بدأت بوادره في البصرة ، وتسقيط محافظها الذي يعد أحد رجالات المجلس الأعلى .
حرب التسقيط هذه عكست واقعاً مؤلماً يعيشه السياسي العراقي ، ويعكس جهلاً مركباً في فهمه للديمقراطية ، وان كان سياسيوا المعارضة التي كانت في الخارج لم يكونوا على قدر عالي من الفقه السياسي ، ولولا عباءة " شهيد المحراب " السيد محمد باقر الحكيم (قدس) ، والتي استطاع من لملمة شتاتهم لكانوا لليوم بلا سقف ولا حكومة ، لهذا لانجد في أجندت حزب الدعوة الحاكم ، ولا دولة القانون أي مفهوم للتعايش السلمي ، والثقافة السياسية الغنية والتي تحترم تاريخ كبير من جهادهم أن صح . 
يبقى على الجميع أن كانوا لم يحترموا شعبهم ، واحترام رغبته في تغيير هذه الوجوه ، أن يسعوا إلى احترام تاريخهم في المعارضة ، والرموز الدينية التي رفعوا اسمها لتكون لهم شعاراً ، أن يحترموا هذه الدماء ، وان يكونوا على قدر عالي من المسؤولية ، لان السياسية ما هي إلا أدوات السياسي ليحكم فيها في ظل دستور يحترم الحريات والعلاقات بين جميع أفراد المجتمع الواحد .
يجب أن يكون الدين والأخلاق هي التي تحكم العلاقات بين جميع السياسيين ، وان يكون للتاريخ موقفاً من هذه العلاقة ، بدل أن نختلف دعونا نتنافس ، لان التنافس شريف بين السياسيين ، والاختلاف صحي ، ولكن الخلاف لا يولد سوى الصراع والنزاع ، وهذا ما يريح العدو ،ويسر الذي يتحين الفرص لينقض علينا ليوقع بنا ذبحاً ومفخخات وتفجير وتهجير ، تحت يافطات عدة . لماذا لا نتحد عند نقاط محددة ، ونتنافس عند الانتخابات ، لنعكس صورة جميلة عند مواطنينا ، لماذا لا نقتدي بانتخابات " فلسطين المحتلة "  ، ولماذا لا نستفيد من تجارب الآخرين على الأقل ؟! تبقى هذه الاستفهامات مفتوحة لعلنا نجد الإجابة عند اختيارنا القادم ؟   

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد حسن الساعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/03/20



كتابة تعليق لموضوع : الانتخابات تنافس وليس تنازع ؟!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net