صفحة الكاتب : مصطفى الهادي

ديانة أسسها الشيطان . من افتراءات اليهود على المسيح.
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


 لم يقبل اليهود ان يشاركهم اي احد الههم الخاص بهم. الإله القبلي الذي يهرول امامهم يحمل ليلا مشعلا ينير لهم الطريق ، ونهارا ينتضي هراوة ضخمة ليطرد الشعوب من امامهم.(1)
وإذا غضب هذا الرب عليهم يرمون له قطعة مملحة من اللحم المشوي فتصله رائحتها فيرضى عنهم. (2)
ولذلك فإي نبي يُبعث ويعلن انه مرسل من قبل الله فإن هذه الفئة الظالة من اليهود تقف له بالمرصاد فتحاول جاهدة بكل ما اوتيت من قوة واعوان واموال وسحر ان تُفشل رسالته حتى لو أدى ذلك إلى قتله.وهذا ما اشار له القرآن ايضا بقوله : ((كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق)).(3)

من الأشياء المهمة جدا في الديانة اليهودية والتي تُمثل المحورالذي ترتكز عليه هذه الديانة هي مسألة (الطور والتجلي ورحلة الأربعون يوما) التي قضاها موسى على جبل الطور لإستلام الشريعة والتي أتى على ذكرها القرآن والتوراة أيضا حيث اتفقا على القول : (( ودخل موسى في وسط السحاب وصعد الى الجبل . وكان موسى في الجبل أربعين نهارا وأربعين ليلة . وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة)). (4)

ولذلك نرى اليهود لا يتسامحون في مسألة زعم شخص انه مرسل من قبل الله او انه ابن الله (5) او خير أمة أخرجت للناس، لأنهم وحدهم يرون الحق لهم ان يكونوا خير الامم وابناء الله واحباءه.

وفي اقذر عملية تشويه للحقائق وقلبٍ للنصوص وتحريفٍ للكلم قاموا برد دعوى السيد المسيح من انه (ابن الله) أي خُلق بقدرة الله من دون أب. ومن البديهي ان أي مخترع او صانع يصنع شيئا فإنه ينسبهُ إلى نفسه ولذلك قال يسوع بأنه ابن الله أي انه من صناعة الله مباشرة.

فعمد اليهود إلى قلب قصة الجبل إلى اسوأ حدث والصقوه بالسيد المسيح عليه السلام .
فموسى حسب التوراة ذهب إلى صحراء سيناء حيث الجبل وهناك تعرض لأختبار من قبل الله تعالى حيث امره بالصيام أربعين يوما ليختبر إيمانه وفعلا استطاع موسى ان يصمد كل هذه المدة ويصوم الأربعين وبذلك اجتاز الاختبار بجدارة ونال رضا الرب كما نقرأ : ((وكان هناك عند الرب أربعين نهارا وأربعين ليلة ، لم يأكل خبزا ولم يشرب ماءً)).(6)

وقد ختم موسى زيارته لربه بأن حاز على ثقته ونال وسام الشريعة حيث استلم ميثاق النبوة والشريعة ونزل إلى قومه . بينما نرى يسوع المسيح يفشل حتى في اختبار إبليس له لأنه (اخيرا جاع) ، فنال بذلك العقاب بأن سن الرب عليه وعلى قومه صيام اربعين يوما لا يأكل فيها ولا يشرب.

اليهود سائهم كثيرا ان يأتي السيد المسيح ويزعم انه ابن الله وانه مرسل من قبله وأنه يتكلم مع الله فعمدوا أولا : إلى اتهام امه بالزنا مع يوسف النجار بن هالي. (7)
وعمدوا ثانيا إلى قلب قصة الجبل فنسبوا إلى يسوع أنه تعرض للاختبار على يد (إبليس) وامعانا في الأذى وتشويها لسمعة المسيح استخدم لوقا إسم (الشيطان) بدلا من إبليس فنقرأ في متى : ((ثم أصعد يسوع إلى البرية ليُجرب من إبليس فبعد ما صام أربعين نهارا وأربعين ليلة جاع أخيرا)).(8)

وكلمة (جاع) تعني أنه ضعف وفشل ولم ينجح في الاختبار ، بينما موسى اكتفت التوراة بقولها : (أربعين نهارا وأربعين ليلة ، لم يأكل خبزا ولم يشرب ماءً). فجعلت ذلك مكرمة له استحق ان ينال الشريعة على ضوئها بجدارة ، بينما ادرجتها لعيسى منقصة وضعفا وعوقب هو قومه بالصيام المهلك.

ولكن الكذب واضح بيّن في هذه النصوص المزيفة التي نسبت النقص لعيسى وربطت علاقته بالشيطان وذلك من خلال الاختلافات المريعة بين الأناجيل في سرد واقعة الصيام والاختبار على يد الشيطان حيث نقرأ في مرقس نصا يختلف اختلافا واضحا عما في إنجيل متى فيقول :

((أخرجه الروح إلى البرية، وكان هناك في البرية أربعين يوما يُجرب من الشيطان)). (9) فأضاف مرقص في نصه (الروح) ولا نعلم ما هي هذه الروح هو هل جبرئيل أو غيره . ولكن بقرينة القرآن يتضح ان الروح في نص مرقص هو الامين جبرئيل هو الذي قاد يسوع مخشوشا ليُسلمه للشيطان ليُجربه حيث يقول القرآن : (( فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا)). (10) فكان الروح هنا هو جبرئيل الأمين.وحاشا ان يكون ذلك .

وأما لوقا في إنجيلة فيُقدم لنا نموذجا آخر يختلف عما سبقه من نماذج حيث يقول : ((وكان يُقتاد بالروح في البرية أربعين يوما يُجرب من إبليس ولم يأكل شيئا في تلك الايام ولما تمت جاع أخيرا)). (11) حيث يقول هنا بان الروح كان يقوده طيلة الأربعين يوما.
ولكن يوحنا كان اكثر انصافا منهم جميعا حيث انه لم يذكر هذه القصة ولم يوردها في إنجيله وبذلك اثبت انه اكثر امانة منهم في نقل سيرة يسوع ولولا ان يوحنا شك في هذا القصة من الاساس لذكرها ولكنه اعتبرها دسا فاضحا ولذلك اعرض عن ذكرها ونزه كتابه منها.
وهكذا فعل اليهود فعلتهم في تصوير السيد المسيح ضعيفا يُقاد من قبل الشيطان في البراري والقفار بحجة الاختبار ولم يذكر اي اختبار وما نوعه ، ولكن المحصلة ان المسيح فشل في الاختبار فلحقته العقوبة الموجعة بأن فرض على امته نتيجة فشله ان يصوموا اربعون يوما بلياليها ولا ادري كيف يصومون هذه الايام المتواصلة من دون طعام وشراب .

بينما نرى اليهود في قصة موسى يُصوروه بطلا قويا نال ثقة الرب بعد احتماله لهذه الأربعين يوما في حضرة الله نال على اثرها التكريم الإلهي بأن سلّمه الناموس الأكبر (الشريعة) كما نرى ذلك واضحا في سفر التثنية : (( حيث صعدت إلى الجبل لكي آخذ لوحي الحجر لوحي العهد أقمت في الجبل أربعين نهارا وأربعين ليلة لا آكل خبز ولا أشرب ماء)).(12)

والآن تعالوا معي لنقرأ ما ينفي كل ذلك ومن الكتاب المقدس نفسه .

أولا : الانجيل نفسه يصف إبليس بأنه : ((ذاك كان قتّالا للناس من إبليس، ولم يثبت في الحق لأنه ليس فيه حق. متى تكلم بالكذب فإنما يتكلم مما له، لأنه كذاب وابو الكذاب)).(13)

ثانيا : أن متى في إنجيله يذكر بأن يسوع لما تركه إبليس جاءته الملائكة تخدمه كما في متى : ((ثم تركه إبليس ، وإذا ملائكة قد جاءت فصارت تخدمه)). (14)

ولكن متى في نفس الإنجيل وفي نص غريب يُبين ان هؤلاء الملائكة هم من اعوان إبليس وجنوده : (( اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته)). فتبين انه حتى الملائكة التي جاءت لتخدم المسيح كانوا أبالسة. (15)

ولكن على ما يبدو من خلال النصوص الكثيرة فإن للشياطين سلطة ليس فقط على السيد المسيح بل حتى حوارييه ومختاريه وهذا ما يدفعنا للقول ان الديانة المسيحية هي من بنات افكار الشياطين فبعد ان اخذ الشيطان يسوع المسيح إلى مدرسته أربعين يوما فشل فيها في الامتحان ولم يحصل على البشارة من الله، نرى لوقا يقول بكل وضوح أنه ليس فقط يسوع من دخل فيه الشيطان بل حتى تلاميذه : (( فدخل الشيطان في يهوذا الذي يُدعى الإسخريوطي، وهو من جملة الإثنا عشر)). (16)

فيهوذا كان من جملة الصحابة الأجلاء ليسوع المسيح وكان يسوع يحبه ولكنه خان يسوع وحاول قتله وهذا دليل على أن الصحبة غير عاصمة من الضلال.
من كل ذلك نستخلص أن اليهود لم يتركوا يسوع المسيح حتى بعد موته بل لاحقه لعينهم (بولص) فاتهم يسوع بأنه (غير نزيه) ولذلك جربه الشيطان كما نرى ذلك واضحا في قوله الذي بطّنه بخبث فقال : (( تتفرغوا للصوم والصلاة ، ثم تجتمعوا أيضا معا لكي لا يُجربكم الشيطان لسبب عدم نزاهتكم)).(17)
الكتاب المقدس نفسه يقول بأن إبليس خدع آدم وحواء وتسبب في اخراجهم من الجنة ، فكيف ركن له يسوع المسيح واطاعة لمدة أربعين يوما وما هي الأسباب ؟
هذا ما سكتت عنه الأناجيل كلها.

المصادر

1- في اشارة إلى نص سفر الخروج 13: 21 (( وكان الرب يسيرُ أمامهم نهارا في عمود سحاب ليهديهم في الطريق، وليلاً في عمود نار ليُضيء لهم. لكي يمشوا نهارا وليلا)).

2- سفر اللاويين 2: 9 ((وإن قربت تقدمة للرب ، ففريكا مشويا بالنار بالملح تملحُهُ ويوقد على المذبح وقود رائحة سرور للرب. برائحة سروركم أرضى عنكم)). وانظر ايضا سفر حزقيال 20: 41

3- سورة آل عمران 112.
4- انظر سفر الخروج 24: 18 وسورة الأعراف آية 142.

5- كما في نص إنجيل متى 13 : 55 : (( أليس هذه ابن النجار؟ أليست امه تدعى مريم...فكانوا يعثرون به . وأما يسوع فقال لهم : ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه وفي بيته)). وهو كلام بليغ برء فيه نفسه وامه من الدنس.
6 ـ ولذلك نرى ان اليهود وضعوا تحديا على لسان إبليس من أجل نفي ان يكون يسوع ابن الله كما جاء في إنجيل لوقا 4: 3 ( وقال له إبليس ، إن كنت ابن الله).
7- سفر الخروج 34: 28.
8- إنجيل متى 4: 2.
9- إنجيل مرقس 1: 13.
10- سورة مريم آية 17.
11- إنجيل لوقا 4: 2.
12- سفر التثنية 9: 9.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى الهادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/03/26



كتابة تعليق لموضوع : ديانة أسسها الشيطان . من افتراءات اليهود على المسيح.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net