صفحة الكاتب : عبد الرحمن جابر

انتخب .... لا تنتخب
عبد الرحمن جابر

خرجنا اليوم فوجدنا الشوارع قد امتلئت بالصور والدعايات الانتخابية ، وصارت عيوننا اين ما ولت ارتطمت بالوجوه والالوان والكتابات والشعارات ، وانطلق الناس الذين كانوا اشهرا طويلة يلهجون بالمواضيع الخاصة بالانتخابات يتحدثون عنها اينما التقيت بهم وقد زادت حمى النقاش والحوار مع تصاعد حمى الحملات الانتخابية .
وفي المساء اجتمعت مع ثلة من  الارحام والاصدقاء وحدث ماكنت اتوقعه من ان الحديث انصب على حدث الساعة وهي الانتخابات ، وكالعادة صرنا في الدقيقة الاولى للقائنا نختلف في وجهات نظرنا في من هو المستحق كي نصوت له ومن لا يستحق ان نصوت له ، وطال الجدل واحتدم وحاولت قدر ما استطيع ان اخفف من حدة الجدال وان التزم الموضوعية في الميل الى جهة او غيرها .
ووجدت ان لاثمرة من هذا النقاش سوى زرع الاختلاف والفتنة ، وزيادة التنافر بيننا والفرقة ، فخطر في بالي ان اقطع النزاع بالاستشارة ، استشارة من خبرته الحياة وخبرها وكان في اتونها ويعرفها .
فطلبت الفرصة في الكلام فقلت لهم :
اننا لانعلم كثيرا من شئون هولاء المرشحين وجذورهم فهلا سمحتم لنا بالتعرف عليهم من خلال استشارة من يعرفهم ونستمع له ثم ليختار كل منا ما يقتنع به وما يراه صوابا بعد ان نسمع ونعرف ؟
فوافقني اكثرهم وقال بعضهم لا احتاج الى استشارة احد فقد حسمت رأيي وقررت لمن اعطي صوتي .
ثم سألوني : ولكن من نستشير في هذا الموضوع ؟
فقلت لهم لنذهب الى فلان فهو كما تعلمون صاحب عقل وحكمة وقليل التحزب والميول .
فاعجبهم اقتراحي وبعد ان رتبنا موعدا معه ذهبنا اليه ، فتلقانا بوجه بشوش ورحب بنا ، وكنت من خلال الاتصال لاخذ الموعد قد اخبرته بالغرض من الزيارة .
وحالما جلسنا وعلى وجوهنا الحيرة والجد تبسم هو وقال ساعدكم الله لتتجاوزوا هذه الفتنة ، وانار بصركم وبصيرتكم لرؤية الامور جلية واضحة .
فارتاحت نفوسنا وذهب بعض التوتر والتشنج عنا لهدوء حديثه وبسمة الامل في محياه .
فبدأت الحديث وقلت له بلا مقدمات يضيع معها الوقت : اننا لجئنا اليك حتى ترشدنا من سننتخب ؟
فقال : وهل ستسمعون كلامي فاذا قلت لكم انتخبوا فلانا تنتخبوه فورا وبلا نقاش ؟
فبقينا لحظات نتردد في الجواب فبادرنا باشارة من يده انه لا يريد جوابا منا ، وقال : ان قلتم نعم سنسمع منكم ونطيع فقد جانبتم الحقيقة والصواب ، وحتى ان فعلتم واطعتم حرجا مني او اعتمادا على تشخيصي فستبقى نفوسكم غير مستقرة ولا مطمئنة ، ولذا فستحملوني مسئولية هذا القرار وحدي وتتنصلون عن مسئوليتكم وتحاسبوني ولن تحاسبوا انفسكم .
ولهذا فلن اتورط بتشخيص من تنتخبون او من لاتنتخبون .
فقلت : لكنا جئنا لك حيارى نريد النصيحة والاستشارة فهل تتركنا هكذا في حيرتنا .
فقال : الامر بسيط فلماذا تحتارون ؟
قلت له : كيف ان الامر بسيط ، الاترى حيرة الناس وجدالهم او تسمع تخاصم الاخوان بينهم ؟
قال : هو مع ذلك بسيط ، اتدرون لماذا ؟
لانها ليست التجربة الاولى ، فهنالك تجارب سابقة لابد ان نستخلص العبر منها ونستفيد منها ، واسألكم كم ياترى لدينا من تجارب في هذا الموضوع غير ما مر من سنن الانبياء وقصصهم وسير الامم السابقة وماجرى عليهم ؟
قال احد الحضور لدينا تجربتين انتخابية .
قال : هذا في مجالس البرلمان وضم اليها الخبرة في مجالس المحافظات وتجربتنا مع حكم الظالمين مثل صدام  ، هذا جدا كاف لاستخلاص العبر والدروس .
قلت : اننا مع هذه التجارب في لغط وفضوى فساعدنا لتشخيص الامور .
قال : كرامة لمجيئكم وطلبكم النصح انا ساساعدكم لكن على شرطين .
قلنا : ماهما ؟
قال : الاول ، لن اقول لكم انتخبوا ، ولكن اقول لكم لاتنتخبوا ، فلن اشخص لكم من ستنتخبون ولكن اشخص من لا مصلحة في ان تنتخبوه . هذا اولا .
وثانيا : لا اقبل ان تخرجوا من عندي وتخبروا الناس ان فلانا قال لاتنتخبوا هولاء.
قلت : ولكن كيف ؟ وهنالك من يسترشد برأينا ويريد منا النصيحة كما نطلبها منكم نحن الان ؟
قال : انا لا اشترط عليكم ان لا ترشدوا من استرشد من الناس بكم ، ارشدوهم لامانع لكن لاتنسبوا الامر لي ، لان الصحيح ان لانربي الناس على التلقين في التلقي وانما تربيتهم على اتباع المنهج العلمي والعقلي في الاختيار وفرز الامور بعضها عن بعض ليتعلموا  الصيد بدلا من اعطائهم السمك في كل مرة .
فان قلتم لهم لاتنتخبوا فلانا او الجهة الفلانية فقولوا السبب واتركوا للناس الخيار وتعقل الاسباب .

فوافقنا على ذلك وقلنا كلنا اذان صاغية فتفضل وبين لنا رايك في هذا الموضوع .
ان الاختيار اما ان يكون قائما على الهوى والميل النفسي او على العقل والحكمة .
فمن يختار منكم من المرشحين على اساس الهوى والميل النفسي فلا حديث لنا معه ولا حديث له معنا ، فطريقنا غير طريقه ، ولا نعترض عليه ولايعترض علينا .
فقط نخبره ان الاختيار وفق الهوى مغامرة فسيظهر بعد الاختيار ان الاختيار منا موفقا او غير موفق ، كمن يتزوج بفتاة يحبها فقد تكون زوجة صالحة او غير صالحة ، مع التذكير ان الاحتمال الاكبر هو عدم الصلاحية لان الحب يعمي ويصم عن الاخطاء .ولا ارى براءة الذمة امام الله تعالى في مثل هكذا اختيار .

اما اذا كان الاختيار على اساس العقل والتمييز بين الصح والخطأ فنقول ..

فاذا كنا لانعلم الصح فعلى الاقل نحن قد عرفنا بعض الخطأ فليس من العقل تكرار الخطأ . لذا قلت لكم ساخبركم بمن لاتنتخب واترك لكم الخيار فيمن تنتخب .

وهنا مفترق طرق جديد ...
ان الخطأ الاكبر والمدمر للعراق واهله هو صدام ، فمن كان يرى معنا ذلك فليكمل معنا هذا الطريق ، ومن خالفنا فليسلك طريق اخر غير طريقنا .

واذا كان صدام هو الخطأ فمن كان على خطى صدام لا يستحق الانتخاب .

١- لا تنتخب ( علاوي ) ولا من له صلة به ، فهو بعثي وان ادعى انه مختلف عن صدام فانما هو لذر الرماد في العيون ، وهو الذي عطل البرلمان وتحالف مع مسعود لشل العمل السياسي وجر البلد الى الفوضى والعنف ، وحتى اذا كان صادقا في دعواه انه مختلف مع صدام فهو على طريق صدام .

٢ - لا تنتخب ( القوى العلمانية ) فهم لهم اتباعهم الذين يصوتون لهم فلم ترجح كفتهم وهم على غير منهجك وفكرك .

٣ - لاتنتخب الذي يدعي ( الانفتاح وقشور العصرنة المزيفة ) كالذي قام بتشجيع احتفالات ( الفلنتاين ) في النجف الاقدس في شارع الروان ويعمل على تغيير هويتها فان تسلط على العراق سمح لانتهاك الحرمات وامركة الواقع الاجتماعي العراقي المعروف بانه ( محافظ وملتزم ) ، لاتنتخب الزرفي ولا قائمته ( الوفاء) الذي لم يكن وفيا للنجف وسمح لشيوخ قطر بالعربدة فيها بالخمور والفجور .

٤ - لان صدام خطأ كما اتفقنا وصدام رسخ حكم العوائل وسطوة ( ابن الحاكم ) و ( اخو الحاكم ) و( نسيب الحاكم ) و ( ابن عم الحاكم ) بغير وجه حق .
فلا تعطي مجالا لعودة هذه الافات وتسلط اقرباء الحاكم فاياكم ثم اياكم ثم اياكم انتخاب
( نسيب المالكي )
( ابن عم المالكي )
( سكرتير المالكي )
الخ ، فان فعلتم رسختم سلطة العائلة المالكة وسطوتها ، وتسلط عليكم شراركم .

لا تنتخب ( امل الرافدين )  وامثالها في باقي المحافظات لانها تعمل على ترسيخ سلطة العائلة .

٥- اخطر مايكون على الحكم الديكتاتورية ، فاياكم واياكم من الولاية الثالثة للمالكي فانها الاحتكار والتسلط على الرقاب ، وسيبقى بسبب ذلك التشنج مع الاخرين الذي سبب عدم اقرار الموازنة الى الان ، فلا ينبغي لعاقل ان يضحي ببلد من اجل فرد بل على الفرد ( ان كان مخلصا ) ان يضحي للبلد وان نضحي به من اجل البلد .( تذكروا الكلام ليس مع من يهوى !)
٦-ان كنت قد قررت التصويت لكتلة دولة القانون او المواطن او الاحرار او غيرها  لاتنتخب اي معمم ومع اي كتلة او كيان كان لانها عمائم سياسية واكثر لابسيها غير مستحقين لها وانما هي طعم لاصطياد الضعفاء وسلبياتها سوف تنعكس على العمامة الدينية التي هي محل احترام وتقدير المجتمع العراقي حتى تبقى محل احترام وتقدير المجتمع العراقي .

٧ - لاتصوت لحزب الفضيلة لانه لافضيلة له وقد هاجم المرجعية ولم يحترم اتباعها ، ولتكتفي باصوات اتباعها فلم تعطيها من صوتك وهي على غير منهجك .

٨ - بعد ان تخلى السيد مقتدى الصدر عن العمل السياسي فلاتصوت ( لكتلة الاحرار ) بعد ان فقدت محورها والضابط لحركتها وتوجهاتها . وسيصوت لها اتباعها .
٩- ان كنت تريد التصويت لدولة القانون فلا تصوت لكيان المالكي ، فان تقويت هذا الكيان يجعله يتشبث بالكرسي ولن يخلع نفسه عنه الا بعد صراع طويل كما فعل زميله ( الجعفري ) من قبل ، والمالكي له اتباعه سيصوتون له فلا تزد في اصواته فيزداد غرورا الى غروره الذي سيجر البلد الى الويلات . والذي يعمل على ترسيخ حكم العائلة بعد ترسيخ حكم الحزب الواحد كما فعل صدام والبعث ( مع حفظ الفارق ) .

ولاتصوت لكيان ( الاصلاح ) فاتباع هذا الكيان كانوا من عشر سنوات في الحكم والسلطة في رئاسة الوزراء تارة وفي رئاسة التحالف الوطني اخرى فماذا اصلحوا سابقا وحاليا حتى يصلحوا مستقبلا !

١٠ - لاتصوتوا لمن يبحث عن الوجاهة بلا عمل ويجعل المنصب ديوانا لوجاهته دون العمل ، لاتصوتوا لشيوخ العشائر المزيفين الذين جاء بهم صدام بعد اقصاء شيوخها الحقيقيين ، اما اذا كان شيخ العشيرة من اهل المشيخة الحقيقية ويسعى في خدمة الناس وحوائجهم فالامر لكم .

١١ -  لاتصوتوا لمن لا حظ له بالفوز لانه غير معروف الا على نطاق اسرته ومعارفه والحي الذي يسكن فيه .

١٢ - لاتتركوا التصويت للنساء بدعوى ان حصتهن محسومة لان عدم ترجيح كفة الصالحات منهن يعطي الفرصة لصعود الفاسدات منهن .

١٣ - لاتصوت لمستقل غير منضم الى كيان فانه شتات لاجامع له وصوت منفرد لا وزن له ، وان شئت فصوت للمستقلين في داخل الكيانات وقوي شوكتهم حتى لاينفرد المتحزبون بالكيانات الكبيرة . ان قلت انهم سيذبون في داخل كياناتهم فاقول ان السكر ان ذاب في الشاي خف به المر وزادت الحلاوة .

١٤ - لاتصوت لي ولا لكياني ولا من ساصوت له ، فانا لست مرشحا حتى اطمع بصوتك ولا عندي كيان مفضل ادعوك له ولن اخبرك عمن ساصوت له فاعمل دعاية له .

نرجو منكم ( ان لم تكونوا اصحاب هوى ) التلقي بموضوعية مع ما ذكرت لكم .
ونسألكم الدعاء .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الرحمن جابر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/04/02



كتابة تعليق لموضوع : انتخب .... لا تنتخب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net