صفحة الكاتب : مصطفى الهادي

تأملات في سفر أستير.الجزء الثاني ((هداسا العاهرة تتحول إلى استير المقدسة))
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
أي تاريخ ملوث هذا الذي نراه في التوراة ؟؟
 
أفردت التوراة لصاحبة تلك الصورة مقاطع مهمة من نصوصها المقدسة ، وجاءت على ذكرها كأحسن ما تكون من النساء التي قدمت خدمات جليلة للأمة اليهودية تلك هي ( هداسا ، أستير) (1) ابنة عم الحاخام الأكبر (مردخاي) الذي تكفل برعايتها بعد وفاة أبوها . كانت (هداسا) قبل ان تتحول إلى أستير منذ صغرها تتمتع بجمال أخّاذ يسلب العقول وذكاء لافت للنظر وكان مردخاي حريصا على تعليمها ويبدو أنه أحس أنه بحاجة إلى هذه الشابة يوما ما، ولكنه لم يكن يدرك ما هي المهمة التي سوف تقوم بها ولكنه إحساس عالم كبير من علماء بني إسرائيل فقد بلغ مكانة أن بني إسرائيل اعتبروه نبيا من أنبياءهم .
 
تبدأ فصول المؤامرة اليهودية على الملك الفارسي ((احشويروش)) (2) الذي قرر اليهود قتله بأي ثمن لأنه أذلهم وأسكنهم بالقوة في أرضه بعد أن كانوا من سبي نبوخذ نصر البابلي .
فدبروا له عملية اغتيال اختاروا لها اثنين من امهر مقاتليهم ممن يشكلون العمود الفقري لفرقة الاغتيالات الخنجرية المتمرسة بالاغتيالات الخطيرة . وكان من المقرر اغتيال الملك يوم الاحتفال الكبير الذي يقيمه الملك كل عام لعامة الشعب حيث يدعوهم إلى وليمة يتحرر فيها الشعب من كل القيود عندما يجلسون على مائدة الملك ويكون الملك وسطهم (3) 
عندها يثب اليهوديان عليه ويغرسا خناجرها في قلبه. ولكن نباهة رئيس الوزراء (هامان) أحبطت هذه المحاولة حيث كان هامان يتمتع بسمعة جيدة في أوساط القصر وكان الشعب يحبه لنباهته وذكائه المفرط وإخلاصه للأمة الفارسية وتفانيه من أجل ملكه احشويروش .
 
انتبه الكاهن مردخاي إلى أن المؤامرة على وشك أن تُكشف فبادر وعلى طريقة اليهود بالتضحية بالمنفذين والتخلص منهم من أجل أن يحقق هدفين .
 
الهدف الأول: إسكات القتلة وضمان عدم بوحهم بفصول المؤامرة.
 
الثاني: التقرب بفعله هذا إلى الملك الذي سوف يُكرمه لكونه ساهم في إحباط مؤامرة اغتياله التي من المقرر أن تجري في ذكرى عيد التتويج.
 
وفعلا قام مردخاي بالوشاية بالقاتلين وعندما استجوب الملك مردخاي عن المصدر الذي عرف فيه عن المؤامرة كان مردخاي قد أعد العدة لذلك وذلك عن طريق دس نص في التوراة يتنبأ بمؤامرة لاغتيال الملك فتعجب الملك من كلام مردخاي وأمر بأن يُقرأ عليه نص سفر أخبار الأيام الذين يتنبأ عن مؤامرة اغتياله(4)
 
وهكذا تم إلقاء القبض عليهما وإعدامهما فورا وقام الملك بإكرام مردخاي بأن جعله ضمن خواصه من الطبقة الثانية في القصر الملكي (5). وتحقق حلم مردخاي ، فقد وصل إلى جوف قصر الملك وهذه خطوة أولى جيدة.
 
ولكن (هامان) رئيس الوزراء النبه اليقظ دخل على الملك وحذره من مكر وغدر هذه الأمة المجهولة الأصول التي تشتت في أنحاء المملكة الفارسية مثيرة المشاكل الاقتصادية والسياسية ويُثيرون القلاقل ، فكان الناس في هذه المملكة ينظرون لهم بعين الشك والريبة لأنهم يرونهم أمة منعزلة يحيط الغموض بها من كل جوانبها.وأن هؤلاء اليهود لو وضعوا ارجلهم داخل القصر فلا يخرجون منه إلا بدمار الامة الفارسية. فقد طردتهم حضارة مصر ، وطردتهم حضارة آشور وبابل.
 
(( فقال هامان للملك أحشرويروش: إنه موجودٌ شعبٌ ما مشتتٌ ومتفرق بين الشعوب في كل بلاد مملكتك، وسنُنهم مغايرة لجميع الشعوب)).(6)
 
وفعلا استجاب الملك لهامان واصدر أمرا ملكيا بالقضاء على كل اليهود في مملكته وعين يوما من السنة المقبلة تهجم الجيوش فيها على تلك الشراذم التي تثير القلق في المملكة .
تحرك مردخاي بسرعة وقرر وبأي وسيلة التخلص من الملك أو وزيره عن طريق استغلال جمال ابنة أخيه (أستير) التي أكملت الثامنة عشر من عمرها وأصبحت بارعة في الجمال وفصاحة الكلام واخذ مردخاي يتجسس من داخل القصر من أجل تحقيق حلم وصول أستير إلى قصر الملك أو على الأقل إلى قصر رئيس الوزراء حيث سيكون من السهل دس السم للملك أو رئيس وزراءه الذي أصبح لعنة على اليهود لأنه السبب في إصدار أمر إبادتهم .
 
وحانت الفرصة حيث غضب الملك أحشويروش على زوجته الملكة وقرر معاقبتها وقتلها لأنها عصت أمره أمام خدامه حيث طلب منها الملك يوم الاحتفال أن تأت بكامل زينتها لتجلس معه أمام الشعب لكي يرى الشعب جمالها فرفضت الملكة تلبية الطلب(7) وعندما استشار الملك خواصه نصحوه بأن يعاقبها وقالوا له بأنه إن لم يفعل ذلك فإن جميع نساء المملكة سوف يتمردن على ازو اجن ، ثم يتزوج الملك ما يشاء من نساء مملكته . 
استغل مردخاي هذه الفرصة وزين ابنة أخيه أستير بأحسن زينة ووضع عليها الذهب والحلي وزين رأسها بتاج جميل من المذهب المرصع بالجواهر النفيسة التي تتلألأ كأنها النجوم. وألبسها ملابس مما كان يحبه الملك ثم قرر المجازفة بأن تدخل أستير على الملك من دون استئذان مع تأثيرات سحرية يهودية من سحر المزامير، تحيط أستير بهالة من الهيبة في عيني الملك .
 
وتقدمت (أستير) بخطى وئيدة نحو الملك المجروح الذي أصبح بلا زوجة فذهل الملك من جمالها ومد لها الصولجان علامة على الرضا والسماح عن خطيئتها بأن دخلت عليه من غير أذنه.
 
وهكذا تحققت المرحلة الأولى من المخطط اليهودي الرهيب للاستحواذ على الملك الذي أصبح أسيرا بيدهم من خلال أستير.
 
ولكن العقبة الرئيسة كان رئيس الوزراء هامان الذكي النابه. فقد أمن اليهود جانب الملك من خلال امتلاك قلبه لأستير فأصبح لها خادما يُنفذ كل ما تطلبه منه. ولكن رئيس الوزراء كان نافذ الكلمة عند الملك وقد سارع إلى دفع الملك إلى إصدار أمرا ملكيا بإبادة اليهود في كل أنحاء المملكة.
 
انتهى الجزءالثاني من هذه الدراسة التاريخية ويليه الجزء الثالث .
 
مصادر البحث
 
1- لاوجود (لأستير). (هداسا) الفاجرة العاهرة تتحول إلى استير ويُكتب سفر مقدس كامل بإسمها تكريما لما قدمته هذه العاهرة اليهودية من خدمات جليلة لليهود.
 
2-تذكر التوراة سعة ملك الملك الفارسي احشويرش فتقول : ((احشويروش الذي ملك من الهند إلى كوش على مئة وسبع وعشرين كورة )) التوراة فصل أستير ، الإصحاح الأول : 1 .
 
3-عمل الملك لجميع الشعب الموجودين في شوشن القصر من الكبير إلى الصغير وليمة سبعة أيام في دار جنة قصر الملك ، وهكذا رسم الكلم على كل عظيم في بيته أن يعملوا حسب رضا كل واحد )) أستير الإصحاح الأول : 5
 
4- طلب الملك قراءة سفر أخبار الأيام الذي دسه مردخاي للملك فوجد الملك مكتوبا ما أخبر به مردخاي عن خصيي الملك حارسي الباب الذين طلبا أن يمدا أيديهما إلى الملك احشويرش)) أستير الإصحاح السادس : 2. 3
 
5-التوراة ، أستير الإصحاح الثاني : 5
6 - سفر استير 3: 8.
 
7- أستير الإصحاح الأول : 11 ـ 18..

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى الهادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/04/05



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في سفر أستير.الجزء الثاني ((هداسا العاهرة تتحول إلى استير المقدسة))
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net