صفحة الكاتب : حميد الموسوي

تجهيل المجتمعات
حميد الموسوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 تفرد العراقيون عن بقية شعوب العالم بامور وخصائص كثيرة وبارزة، خصائص فيها الغث وفيها السمين، فيها مايسمو بالنفس زهواً ويرفع الرأس شمماً، وفيها مايشحن الصدر غيضا ويملأ القلب قيحاً ويورث التطلعات احباطا. ومن فلكلور ما فيها: اطلاق تسمية "جاهل" على الطفل وجمعوها "جهال" بفتح الجيم والهاء، كما اطلقوا مفردة "زعطوط" على الرجل الذي يتصرف برعونة وسفاهة او يمارس سلوكا شائنا معيباً ويجمعونها "زعاطيط او مزعطة". واعتقد ان اغلب مطلقيها لا يعرفون ان الزعطوط تعني طفلا باللغة الفارسية. وهذه من افدح الاخطاء الشائعة والتي الحقت بالأطفال صفة الجهل والرعونة والسفاهة ظلما وغبنا  وافتراءا، إذ ليس بالضرورة ان يكون الزعطوط اقصد الطفل جاهلا او ارعنَ او غبيا او سفيها. فقد برع اطفال في الكثير من الفنون والالعاب الرياضية، ونبغوا في علوم واداب شتى، حيث برز منهم رسامون وموسيقيون وادباء وعلماء رياضيات فاقوا الكبار ودخلوا الجامعات في سن التاسعة والعاشرة وظهرت مواهبهم في علوم الحاسبات والعاب الجمناستك والباليه والكومبيوتر والحفظ وحل المعادلات المعقدة وبعضهم اسس جمعيات خيرية لأعانة المرضى والمعوزين وهو في الثانية عشرة من عمره يجوب المناطق على دراجته الهوائية لجمع التبرعات. اذن فالاطفال ليسوا "جهّال". وبأدلة اخرى: منها كثرة اسئلتهم وحرصهم على معرفة الامور والظواهر التي تحصل امام انظارهم، والحاحهم على تفسير او معرفة سبب كل امر نطلبه منهم او نمنعهم من فعله. وعلى اقل تقدير يقولون "ليش"؟!.
الاطفال ليسوا جهالا.. فالجهال الحقيقيون سواءا بتشديد الهاء وضم الجيم ام بفتحهما "والمزعطة الثولان " هم الكبار "الدايحين" الذين ينعقون وراء كل ناعق، يقادون كالقطعان ويوجهون كعميان انهم ضحايا تجار الجهل من الطغاة واصحاب المشاريع والمصالح الذين حذقوا وتفننوا في صناعة الجهل واستغلال البسطاء والمعوزين وسعوا الى تجذيره وديمومته في الاوساط المحرومة والساذجة والمعدومة وبطرق واساليب خبيثة متسترة بكل ما يلامس مشاعر وتطلعات تلك الطبقات، وكل حسب ايديولوجيته في الترويض والتجهيل وجعل تلك المجاميع قوة مادية ومعنوية وتحويلها الى كائنات هلامية وادوات طيعة لتنفيذ مشاريع الكبار المترفين وتحقيق اهدافهم ومطامعهم والاثراء الفاحش على تعاسة تلك المجاميع وشقائها ودمائها. فمن تجار التجهيل من زين الجنة وحور العين للراغبين مشروطة بحزام ناسف وسيارة مفخخة وعبوة لاصقة وكلما زاد عدد الضحايا ارتفعت طبقة ومنزلة المستغفل في الجنة!.
المصيبة انهم لا يسألون التاجر "الامير" كما يسألنا أطفالنا "ليش"؟!.
لا يقولون له: اذا كان الامر كما تقول فلماذا لاتتحزم انت واولادك؟!.
ومن التجار من يصور الفردوس للعميان بالتقشف والعزوف عن ملذات الحياة والعيش كفافا والايغال في الجهل والكآبة والحزن والتخلي عن الاموال والممتلكات. طبعا دون ان يجرؤوا على سؤاله كجرأة الزعاطيط: اذن لماذا تتمتع انت وعوائلك المتعددة بالاموال التي ندفعها لك وتتزوج مثنى وثلاث ورباع وتبني قصورا وتركب آخر طرز السيارات؟!.
ثم ان الله قال في كتابه المجيد ( يا بني آدم خذو زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا) .!ومن تجار التجهيل من يغري ضحاياه "المغفلين"  يغريهم بالسلطة والحكم والقيادة، قائلا لهم ماعليكم الآ اشاعة الفوضى والنهب والسلب والخراب والدمار والخطف... وسترون كيف ستحصلون على السلطة!.
 
اخو العقل يشقى في النعيم بعقله
                         واخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ
والآن: من هم الجهال ومن هم الزعاطيط.. بحظكم وبختكم وضميركم؟!.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حميد الموسوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/05/27



كتابة تعليق لموضوع : تجهيل المجتمعات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net