صفحة الكاتب : نزار حيدر

قراءات في النتائج (4)
نزار حيدر
   لا ادري لماذا يصر بعض (المثقفين) فضلا عن السياسيين، على تسطيح الوعي مع سبق الإصرار؟ فتراهم يتعاملون مع الأرقام اذا خدمتهم وحسّنت من موقفهم، ويتجاهلونها اذا أضرّت بموقفهم، يلجأون الى تفسير المحكمة الاتحادية للمادة (76) من الدستور اذا كانت في خدمتهم ولا يعيرونها اية اهمية اذا أضرت بهم.
   ان كل ديمقراطية في هذا العالم لها خصوصياتها ومتبنياتها وطريقة عملها، ولا تشذ ديمقراطية العراق الجديد الوليدة عن هذه القاعدة، فهي الاخرى لها خصوصياتها ومتبنياتها وطريقة عملها.
   ان علينا جميعا ان لا نغفل عن ثلاثة أمور ونحن نحلل نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة، الا وهي: الدستور والقانون والواقع، والذي يسمّونه بروح الدستور او القانون، اما ان نأخذ واحدة ونترك اثنتين، او ان نأخذ اثنتين ونترك واحدة، فبذلك لن نصل الى نتائج سليمة، خاصة وان الواقع العراقي معقد بما فيه الكفاية.
   ان السعي لتضليل الرأي العام العراقي من خلال التلاعب بالأرقام او من خلال نشر الأخبار الملفّقة التي ترعب شريحة او مكون معين من مكونات المجتمع العراقي، لفرض امر واقع وتحديد الخيارات وحصرها وتضييقها والحيلولة دون التفكير الحر بالصالح العام، فان كل ذلك يترك ضلالا من الشكوك الواسعة لدى العراقيين.
   هنا، سأحاول ان أصف بعض القراءات التي يسعى (مثقفون) و (كتاب) و (سياسيون) الى ليّ عنقها لتضليل الرأي العام العراقي بما يخدم اجنداتهم الضيقة.
   اولا: من قال ان صندوق الاقتراع هو كل شيء في الديمقراطيات؟ خذوا مثلا الولايات المتحدة الأميركية، التي يتحكم في نتائج صندوق الاقتراع ما يسمى بالمجمع الانتخابي الذي قفز على النتائج المباشرة للانتخابات اكثر من مرة ليسمي غير الفائز بالأغلبية رئيساً للولايات المتحدة، كان آخرها بوش الابن في دورته الثانية، في قصة معروفة.
   كما ان الكثير جدا من الديمقراطيات شهدت في تاريخها سقوط حكومة الحزب الفائز من خلال حجب الثقة عنها من قبل البرلمان ليشكل غيره من احزاب البرلمان حكومة جديدة للبلاد.
   وليس عبثا يحصل ذلك، وإنما طبقا لآليات ديمقراطية توازي بأهميتها صندوق الاقتراع، سأتحدث عنها في وقت آخر لأهميتها.
   ثانيا: ان الحكومات البرلمانية عادة ما تعتمد النظام الحزبي، وهو ما نفقده في العراق الجديد، فالذي يتنافس عندنا في الانتخابات النيابية ليست أحزابا وإنما كتلا تتشكل كل واحدة منها من مجموعة كبيرة من الاحزاب والحركات والشخصيات المستقلة، ولهذا السبب فعندما نريد ان نحدد نسب الفائزين فعلينا ان نميز بين الكتلة وبين مكوناتها، فلا ينبغي ان نقارن بين كتلة وحزب او تيار، ابدا، فان ذلك نوع من الخداع والتضليل الذي يمارسه اليوم الكثير من (المثقفين) واشباههم.
   خذ مثلا على ذلك، التحالف الوطني، الذي شارك في الانتخابات النيابية الاولى ككتلة واحدة تشكلت من مجموعة كبيرة من الاحزاب والقوى والحركات والشخصيات، الا انه آثر النزول في الانتخابات النيابية الثانية بقائمتين هما (دولة القانون والائتلاف الوطني) تقسّمت مكونات التحالف عليهما من دون ان يزيد عليها شيئا باستثناء عدد من المرشحين المستقلين، ليعود الى سابق عهده كتحالف واحد ليشكل الكتلة النيابية الاكثر عددا بعد ان لم يحقق (القانون) ما كان يتصور انه سيحصده من المقاعد ما يؤهله لاختطاف لقب (الكتلة النيابية الاكثر عددا) والتي ينحصر فيها الحق بتقديم المرشح لرئاسة مجلس الوزراء.
   في هذه المرة قرر (القانون) ان يخوض الانتخابات، كذلك، لوحده كما في المرة السابقة بضم احد مكونات (الائتلاف) تحت جناحه، فيما قررت قوى (الائتلاف) ان تخوضها منفردة، لتعود وتلتئم مرة اخرى تحت عنوانها السابق، فيما يبدو ان (القانون) و (الائتلاف) في طريقهما حاليا للعودة الى نفس الخيمة القديمة، واقصد بها (التحالف الوطني) بعد ان عجزت كل مكوناتهما، منفردين، الفوز بلقب (الكتلة النيابية الاكثر عددا) في ظل تفسير المحكمة الاتحادية للمادة (76) من الدستور، على انها التي تتشكل تحت قبة البرلمان، ليعود (التحالف) الكتلة النيابية المقصودة بهذا التفسير.
   والان، فاما ان نقارن بين مكونات (التحالف) ككتلتين فقط، وهما (القانون) و (الائتلاف) فسنلحظ ان الفارق بينهما على صعيد ما حققه كل منهما في الانتخابات لا يتعدى نسبة (12٪) فقط، او ان نقارن بين المكونات منفردة، فسنلحظ ان الحزب الحاكم هو الخاسر الأكبر من جهتين، الاولى، هو انه خسر اكثر من نصف مقاعده، فبينما كان يمتلك (27) مقعدا في مجلس النواب الحالي، اذا به يحصد (13) مقعدا فقط في المجلس الجديد، والثانية، هو ان عددا كبيرا من قياداته الحزبية المبرزين والتاريخيين، خسروا مقاعدهم لصالح مرشحي (القبيلة) الذين نزلوا مع (القانون) فيما يعد (الاحرار) وهم التيار الصدري، هو الفائز الأكبر بحصدهم (34) مقعدا على الرغم من انهم خسروا (6) مقاعد عن المجلس الحالي.
   ان المقارنة بين (ائتلاف) و (مكون) كالمقارنة بين الجسد وعضو من أعضائه، انه تضليل نجح كثيرون، للاسف، في تمريره على المغفلين الذين ينتبهون للمسميات من دون الانتباه الى الواقع والمحتوى والجوهر.
   اما على صعيد حسابات نسب الفوز، فان الأرقام توضح بان (المواطن) هو اكبر الفائزين، فهو ضاعف عدد مقاعده في المجلس الجديد عما كان عنده في المجلس الحالي، يليه (بدر) ثم (مستقلون).
   28 مايس (أيار) 2014  
                     للتواصل:
E-mail: nhaidar@hotmail. com
Face Book: Nazar Haidar 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/05/29



كتابة تعليق لموضوع : قراءات في النتائج (4)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : ابو منتظر الخالصي ، في 2014/06/03 .

الاستاذ العزيز نزار المحترم انا ساتي على مقالك من الاخير كيف يكون المجلس فائزا الاكبر وقد كانت مقاعده في الدورة السابقة 21 مقعد واليوم 29 وباضافة مقعد يصبح ثلاثين او اكثر اما مجالس المحافظات فقد كانت مقاعده اكثر من هذا العدد بحيث اصبحت تنافس القانون اما بدر فقد كانت من خمسة مقاعد الى سته والان اثنان وعشرون اكرر اثنان وعشرون وباصوات السيد المالكي وليس غيره الفائز الحقيقي وبالرغم من تحفظاتنا الكثيرة على الكثير من سياساته اقول الفائز هو السيد المالكي باكثر من سبعمائة صوت مقابل ستمائة صوت في الانتخابات السابقة وبمقاعد وتفاهمات مع الكثير من القوائم تصبح مقاعده مع الاصدقاء اكثرمن مائه وثلاثون وتفاهمات مع المكونات السنية بحيث ان التسريبات قد اكدت ان العدد تجاوز النصف زائد واحد اخي العزيز انا من المتابعين القدامى لكم ولكن في الفترة الاخيرة اصبحت اتردد بقراءة مقالاتك الكبيرة فاذا كنت اتكلم عن الحقيقة كانت مواقفك ضد الارهاب والاجرام البعثي تعجب الكثير اما الان فمع الاسف تركتم تلك المقالات المعادية للبعث الصدامي وادرت بوصلتك ضد الاخوة من نفس المكون وقلت لك مح تحفظنا على الكثير من امور هذا الشقيق ولكن ان نصطف مع الاعداء البعث والقاعدة او ان نصبح في خندق واحد معهم فهذا شئ لايمكن لشخصكم الكريم ان تكونوا فيه فدخول سريع على مواقع القاعدة والبعث والارهاب وداعش واعداء العملية السياسية برمتها ترى اخي العزيز اي عداء لهؤلاء ضد الاخ الذي تهاجمونه وتحاولون التقليل من اعماله ولكن يكفي انه يغيظ اعداء العراق ويرهبهم وشوكة في عيونهم مع اخلص تحياتي واحترامي لاراءكم




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net