صفحة الكاتب : سعود الساعدي

العراق يخوض معركة المصير
سعود الساعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بدا رئيس مجلس الوزراء العراقي نوري المالكي أكثر حزماً وتصميماً من أي وقت مضى بعد احدث الموصل ففي خطوة لم يقدم عليها في ذروة المنافسة الإنتخابية وإحتدام الصراع السياسي، أعلن انه لن يتنازل عن حقه في الترشح لمنصب رئيس الوزراء وهذا يعني أولاً : أن هناك تقدماً على الأرض وامتلاكا لزمام المبادرة وأن الخطة الجديدة بدأت تعطي ثمارها ما دفع الجيش العراقي والقوى المساندة للإنتقال من موقع الدفاع الى حالة الهجوم الإستراتيجي. وثانياً: أن توجهاً حاسماً برز لدى إئتلاف المالكي وحلفائه نحو تسمية المالكي لرئاسة الوزراء ما سيشق عصا التحالف الوطني الذي تقف بعض أطرافه ضد هذا الترشح. ثالثاً: أن هناك جهودا إقليمية ودولية داعمة بقوة لحكومة المالكي ومنصبّة اليوم على تقديم كل أنواع الدعم والإسناد والوقوف بقوة مع العراق الموحد لا المقسم أو الخاضع للإملاءات الأمريكية، وهي تعتقد ان الوقوف مع المالكي هو لازمة من لوازم دعم العراق وما دون ذلك يمثل رضوخاً للمشروع الأمريكي الطامح لا الى الإطاحة برأس المالكي فقط بل الى التأسيس لمشروع جديد من شأنه أن يترك تداعيات جيوسياسية على جبهة روسيا/ الصين/ إيران/ سوريا /حزب الله فالمعركة لم تكن يوماً معركة سياسية عراقية خالصة ً - وإن كان العراق ساحتها والإستحواذ على مراكز القرار غايتها - ولم تكن المعركة أيضاً مذهبية - وإن كان الإقليم المتنوع المذاهب ميدانها والشعارات الطائفية عنوانها - بل هي معركة تداخل فيها العامل المحلي بالإقليمي بالدولي وهدفها اليوم خلط الأوراق من أجل إحداث تغيير في قبان القوى الإقليمية والدولية يعيد إنتاج التوازنات وتوزيع النفوذ بما يعدل من مسارات المواجهة في ميادين الصراع لا كما يصورها المسطِّحون والمخدِّرون الذين يعمدون الى تجزئة ساحات المواجهة لتسهل مهمة إدارتها من قبلهم وليعزلوا اطرافها المستهدفين عن بعضهم وينقضوا عليهم كل على حدة.

العراقيون يدركون أنهم يخوضون معركة مصير ووجود لا معركة حدود وسدود فقط وهي ليست الا فصلاً من فصول الإحتلال الأمريكي للعراق وتكريساً لما زرعه بول بريمر في دستوره الفتنوي وتنفيذاً لما خطط له بايدن في مشروعه التقسيمي عبر فرض إملاءات تشكيل حكومة إنقاذ لعملاء المحور الأمريكي/ الصهيوني/ السعودي تعزز الانقسام العراقي وتبارك خطوة البرزاني اللصوصية في الإستيلاء على مدينة كركوك الغنية في خطوة قوبلت بصمت مريب من القيادات السنية البارزة داخل العراق وخارجه ما يعني أن هناك عملية بيع للعراق ولإبنائه من أهل السنة خصوصاً تتم على يد زعامات سنية عراقية مدعومة سعودياً وقطرياً وتركياً.

من جهة أخرى يخفق البرلمان العراقي في عقد جلسة ثانية فلا مؤشرات في الأفق تشير الى إمكانية الإتفاق على إختيار الرؤساء الثلاث فالمسألة بحاجة الى مزيد من الوقت مع ما طرأ من تغيرات وتعقيدات في المشهد الامني انعكست بصورة مباشرة على مفاوضات رسم خريطة توزيع المناصب بين الكتل الفائزة.

عسى أن تكون الأولوية في المباحثات التفاوضية هي لبلورة موقف واضح من التوجهات الكردية البرزانية التي غالت كثيراً في انتهازيتها و استهتارها وإمكانية تخيير قياداتها بين البقاء في العملية السياسية ضمن العراق الواحد أو سلوك أوهام طريق الانفصال والتخلي عن الازدواجية السياسية في التعامل مع الواقع السياسي العراقي فضلاً عن إمكانية إعادة صياغة التحالفات السياسية بحسب ما أفرزته الصناديق الإنتخابية خصوصاً بعد أن غادرنا مرحلة أكذوبة التحالف الاستراتيجي الشيعي/ الكردي ومرحلة افتضاح بعض القيادات الطائفية المنفذة للأجندات الاقليمية والدولية، وكشف عورات العملية السياسية بعد الاحداث الاخيرة ما قد يؤسس منطلقاً لمغادرة حالة العمى في الرؤية الإستراتيجية التي طالما عانت منها القيادات العراقية منذ بداية مسار العملية السياسية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سعود الساعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/07/08



كتابة تعليق لموضوع : العراق يخوض معركة المصير
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net