صفحة الكاتب : فلاح السعدي

للشهيد الصدر قدس سره حق التأبين
فلاح السعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

أيها العلم الحق الرفيع انك     يوم التنادي في حياة وربيع
محمد الصدر قدس سره الذي أنار الطريق وحرك الساكن وانطق الصامت وأذل الطغيان لدى
جبابرة الزمان وكشف الزيف وأظهر ما يخفى الكفر ودعا إلى النفر محتذيا قول الله
تبارك وتعالى (....وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا
نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ
وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)
(التوبة:122)

فكان خير مصداق للعطاء في زمن الشقاق والانشقاق، فكان الفقيه العالم الذي أنار
القلوب قبل الدروب ونعم المنذر للقوم ونعم البشير الذي أولى اهتماما عظيما في مسألة
الظهور والعمل على تهيئة الجيل الذي يسعى لنصرة الإمام المنتظر (أرواحنا لمقدمه
الفداء) وما كان هذا التفوق إلا بما حمل من الإخلاص والصدق مع الباري جل وعلا فصد
قوله تعالى (وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً) (مريم:57) كما رفع الذين من قبله من
الصادقين والصديقين.
فكان الناصح الأمين للأمة...عالمها...وجاهلها ...
فكان هذا النتاج العظيم هدفا لحياته التي قدمها في سبيل الحق ونصرته منذ نعومة
أظفاره (قدس سره) حيث انطلق وهو تلميذ ابن عمه الشهيد السعيد محمد باقر الصدر (قدس
سره) الذي تتلمذ على يديه، وعاش حياته معه، فكان الشهيد الصدر  محمد باقر (قدس سره)
يتنبأ بأنه سوف يكون له شأن كبير في حركة العلم والبحث والانفتاح، حيث كتب هذا في
مقدمة موسوعة الإمام المهدي ـ (أرواحنا لمقدمه الفداء)ـ التي ألّفها السيد محمد
الصدر (قدس سره). وعاش آلام شهادة الشهيد السعيد وآلام شهادة أخته العلوية بنت
الهدى(رضوان الله عليهما)، وعاش مأساة العراق، وعاش الاضطهاد، وانطلق في خط
المرجعية، وحينها وإلى اليوم ظلمه الكثيرون ولا يزالون يظلمونه عندما قالوا عنه:
(إنه مرجع السلطة ومرجع الدولة ووو...)، وقالوا عنه كلمات يأثم قائلها.

إلا انه لم توقفه هذه الآراء لأنه كان لا يرى وراء هدفه هدف ولا عائق يوقفه غير
الشهادة والرحيل إلى الباري الجليل.
فالصدر هو ذلك المؤمن العالم العارف الذي قاتل تحت راية إسلامية ظاهرة لإعلاء كلمة
الله ولإقامة دولة الإسلام دولة الحق دولة قائم آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين)
فكان واقفا أسدا زائرا بوجه الظلم والباطل محققا قول القائل المجاهد ( أما النصر
وأما الشهادة) رافضا الموت في خضم الرحلة الجهادية ميتة طبيعية وعلى الفراش، بل
ساعيا نحو الرحلة التي يتمناها رسل الله وأنبيائه وأولياؤه الصالحين ميتة يقف بها
أمام الله عز وجل خير وقفه مضرجا بدمه أفضل الناس منزلا .. يجري عليه عمله حتى يبعث
.. دمه مسك .. يحلى من حلية الإيمان .. من أمناء الله في خلقه.. يأمن من الصعقة ..
يأمن من الفزع الأكبر .. يلبس تاج الوقار ،الياقوتة فيه خير من الدنيا وما فيها ..
والشهيد هو من أول من يدخل الجنة ..
لم لا، ونحن نعرف أن من قاتل في سبيل الله عز وجل فواق ناقة وجبت له الجنة، ومن سأل
الله القتل من عند نفسه صادقا ثم مات أو قتل فله أجر شهيد، ومن جرح جرحا في سبيل
الله أو نُكِبَ نكبة فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت، لونها كالزعفران،
وريحها كالمسك، ومن جرح جرحا في سبيل الله فعليه طابع الشهداء. 

والشهداء هم الذين قصدهم الله عز وجل في قوله: (...وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ
مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ...)
(الزمر:68)، فهم الذين شاء الله ألا يُصعقوا، حيث يبعثهم الله متقلدين أسيافهم حول
عرشه، فتأتيهم ملائكة من المحشر بنجائب من ياقوت، أزمتها الدر الأبيض، برحال الذهب،
أعناقها السندس والإستبرق، ونمارقها ألين من الحرير، مد خطاها مد أبصار الرجال،
يسيرون في الجنة على خيول، يقولون عند طول النزهة: انطلقوا بنا ننظر كيف يقضي الله
بين خلقه...     

فكان قدس سره نعم العالم المقيم لحدود الله وسنة نبيه وسيرة المعصومين صلوات الله
عليهم.

أحيا الجمعة بصلاتها وأحيا النفوس بالعلم ونور الحكمة بعد مماتها ولم يذكر أن ظلم
عنده شخص أو حكم عليه ظلما بل كان ناصرا للمؤمنين جامعا للمسلمين مكرما للمتقين
هاديا للعالمين لم تأخذه في الله لومة اللائمين.
يموت الناس والشهيد لا يموت .. يبكي الناس، والشهيد مبتسم في وجه الردى يضم الموت
بصدر فيه لوعة الإيمان تحترق شوقا للقاء الله تعالى .. { )وَلا تَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ
رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ
وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا
خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (آل عمران: 169- 170)

إنها لحظات فيها البرهان .. لحظات هي الحيّوان .. ثواني معدودة ودقائق امتحان،
يجتازها المؤمن فتفتح له أبواب الجنان .. لحظات تفك قيود الحياة فينطلق الشهيد حرا
بروحه إلى عالم الغيب ليرى من النعيم ما هو فوق البيان .. لحظات يضمها المؤمن ضمة
العاشق الولهان .. لا وصب ولا نصب ، إنها لحظات إيمان .. أولى لحظات الشهيد وآخر
لحظات الإنسان فكيف بمن يجمع الخصلتين (... يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ
خَبِيرٌ...) (المجادلة:11)..     

اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك مقاتلين مقبلين غير مدبرين ، يا كريم يا منان ياواسع
الفضل والإحسان
فسلام على محمد الصدر يوم ولد ويوم أستشهد ويوم يبعث حيا
 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فلاح السعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/04/13



كتابة تعليق لموضوع : للشهيد الصدر قدس سره حق التأبين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net