صفحة الكاتب : جسام محمد السعيدي

من قتل الإمام الحسين عليه السلام؟! ومن قاتل معه؟ حقائق مُغيّبَة تكشف الهوية العقائدية والجغرافية للفريقين (9)
جسام محمد السعيدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

هل كان أهل الحجاز واليمن ومصر مشاركين في جيش الباطل؟

تناولت بعض المصادر وجود جنود من الحجاز واليمن ومصر في جيش عبيد الله بن زياد ضد الإمام الحسين عليه السلام في معركة الطف، وإن لم تثبت بالدليل القاطع كما ثبت بهذا الدليل اشتراك الفئات السابقة من (الشام، الفرس، العراق)، لكننا سننقل ما ذُكِر في هذه المصادر للإلمام بكل جوانب الموضوع، وعدم ترك أي فئة ذكرها المؤرخون أو المحققون، عسى أن تكون بذرة لباحثين آخرين ليؤكدوا أو ينفوا ما جاء في تلك المصادر .
فلو تنزلنا عن كون قادة هذه الجيش هم من الحجاز أصلاً، كعمر بن سعد وعبيد لله بن زياد وغيرهم، كونهم سكنوا الكوفة وأصبحوا منها، فقد لا نستطيع إغفال ما ذكره آخرون، من وجود غير هؤلاء في هذا الجيش ممن لم يكن من سكنة الكوفة أو ممن لا يعدون عرفاً أنهم كوفيين.
إذ ذكر العلامة الشيخ علي الكوراني أن (جيش يزيد، وفيهم من أهل الشام وأهل العراق والحجاز واليمن)(99)، وهنا إشارة إلى الحجاز واليمن بعد ذكره الفئة الأكبر للمقاتلين من (الشام) والأقل من (العراق).
وذكر المحقق آية الله السيد علي الميلاني تحت عنوان (أهل مصر وأهل اليمن في جيـش ابن زياد) (100) تعليقاً على رواية ذكرناها سابقاً(101) تُبيّن قيادة عمر بن سعد لـ( 4000) رجلا لقتال الديلم، ثم تغيير وجهتهم إلى حرب الإمام الحسين عليه السلام، إذ يقول في تعليقه على هذه الرواية: وقد ذكر الحافظ ابن عبـد البرّ«إنّما نُسِـب قتل الحسـين إلى عمر بن سعد; لأنّه كان الأمير على الخيل التي أخرجها عبيـد الله بن زياد إلى قتال الحسـين وأمّر عليهم عمر بن سعد، ووعده أنْ يولّيه الريّ إنْ ظفر بالحسـين وقتله! وكان في تلك الخيل ـ والله أعلم ـ قوم من مضر ومن اليمن»(102).
وابن العديم، حين أورد هذا الكلام قال: «قومٌ من مضر من اليمـن»(103).
وقال المحبّ الطبري: «وما نُقل من أنّ عمر بن سعد بن أبي وقّاص قتله، فلا يصحّ، وسـبب نسـبته إليه أنّه كان أمير الخيل التي أخرجها عبيـد الله بن زياد لقتـاله، ووعده إنْ ظفر أن يولّيه الريّ، وكان في تلك الخيل ـ والله أعلم ـ قوم من أهل مصر وأهل اليمن»(104).
وذكر الباحث الشيخ فوزي آل سيف معلومات عن شخصيات تنتمي لقبائل تسكن اليمن أو الحجاز أو البحرين، قد شاركت في قتال الإمام الحسين عليه السلام، ورغم أنه ذكر كونهم ليسوا من العراق، لكن إن كانوا قد سكنوه مدة يصدق معها عرفاً أنهم من أهل العراق، فعندها لا ينفع كونهم من هذه البلدان حتى لو كانوا وُلدوا فيها، وفترة السكن العرفية هذه المعتد بها عند علماء الاجتماع وفق النظرة القرآنية هي 40عاماً على الأقل(105)، ونحن نترك للباحثين معرفة الفترة التي قضاها هؤلاء في الكوفة، فإن لم تكن فترة 40 عاماً على الأقل، رددناهم الى أصولهم وبلدانهم التي جاؤا منها، واعتبرناهم ليسوا بعراقيين.
 وعلى العموم نذكر بعض ما قاله الشيخ فوزي آل سيف بهذا الصدد فيما يلي(106):
 أن الذي قتل عليا الأكبر بن الإمام الحسين عليهما السلام هو مرة بن منقذ بن النعمان العبدي، من بني عبد القيس وهذه قبيلة أصولها سكنت في البحرين (107) وسكن قسم آخر منها في البصرة فيما بعد أيام أمير المؤمنين عليه السلام، وسكن قسم منها في الكوفة.
والذي قتل ابا الفضل العباس بن أمير المؤمنين هو ( يزيد بن الرقاد ( وقاد ) الحيتي، وحكيم بن الطفيل الطائي) كما ورد في الزيارة المنسوبة للإمام الحجة عجل الله فرجه، والتي فيها اسماء الشهداء وقتلتهم، والطائي من قبيلة طي عرب الجنوب، وسكنهم في غرب الجزيرة العربية حالياً(الحجاز)أي على البحر الأحمر.
والذي قتل عثمان بن أمير المؤمنين، هو خولى بن يزيد الاصبحي الأيادي، والاباني الدارمي والأصبحي من عرب الجنوب: اليمن.


هل كان بعض أهل تركمانستان في جيش عبيد الله بن زياد؟

يخبرنا التأريخ أن التركمان استقدموا أول الأمر من بلادهم في بخارى إلى العراق عام 54هـ من قبل عبيد الله بن زياد، وذلك في البصرة تحديداً، وكان عددهم في البداية (2000)شخص، وهم من المقاتلين رُماة النشاب، وهذا ما نقرأه في رواية الطبري التالية، التي تتكلم عن أحداث سنة 54هـ:
(وقدم عبيد الله خراسان، ثم قطع النهر إلى جبال بخارى على الأبل، فكان هو أول من قطع إليهم جبال بخارى في جندٍ، ففتح راميثن ونصف بيكند، وهما من بخارى، فمن ثم أصاب البخارية...) إلى أن قال: (قال علي، وأخبرنا مسلمة: أن البخارية الذين قدم بهم عبيد الله بن زياد البصرة ألفان كلهم جيد الرمي بالنشاب، قال مسلمة: كان زحف الترك ببخارى أيام عبيد الله بن زياد من زحوف خراسان التي تعد..) (108) .
ويحق للمتساءل أن يطرح استفهاماً هاماً، وهو:
هل كان هؤلاء الأجانب الجدد مشاركين في قتال الإمام الحسين عليه السلام، خاصة لو عرفنا أنهم مستقدمين من قبل من قاد هذا القتال؟!
لم تتوفر لدينا الأدلة على اشتراكهم، خاصة أنهم أُسكنوا في البصرة أول الأمر، ولم يكونوا من سكان الكوفة، ولا يوجد نص تأريخي يقول بأنهم استقدموا إليها من البصرة، رغم أن ذلك أمرٌ غير مستبعد، ولأننا نسير وفق الدليل، فقد أوردنا الفئات المشاركة في القتال وفق ما توفر لدينا من دليل وأعرضنا عما سواها، فاكتفينا بالإشارة لها فقط.

نسب المشاركين في جيش الظالمين حسب البلدان
فيما يلي نثبت جدولأً مستندٌ إلى الحقائق التي تناولناها في هذا الفصل، يبين نسب كل بلد في جيش الظالمين القَتَلَة ضد الإمام الحسين عليه السلام، مستندين إلى رواية كون هذا الجيش قوامه (30)ألف مقاتل حسب أشهر الروايات، نسبة لرواية الإمام الحجة المهدي عجل الله فرجه الشريف.

 

ت

البلد الذي ينتمي له القَتَلَة وعددهم (30)ألف مقاتل

عددهم في الجيش

نسبتهم في جيش الباطل

الملاحظات

1

بلاد الشام

250000 مقاتلٍ على الأقل

83.33%

ستكون النسبة أقل من ذلك في حال كون الجيش كان أكثر من عدده الذي اعتمدناه وهو (30)ألف مقاتل.

2

بلاد فارس

4000 مقاتل

13.33%

قد تكون النسبة أقل من ذلك في حال وجود مقاتلين بينهم من مصر واليمن والحجاز كونهم كانوا تحت إمرة عمر بن سعد ولأننا لم نجد دليلاً على وجودهم لحد الآن، فتبقى النسبة كما أثبتناها.

3

مدينة الكوفة فقط (ضمن العراق)

1000مقاتل

3.33%

قد تكون النسبة أقل من ذلك في حال وجود مقاتلين بينهم من مصر واليمن والحجاز بين هؤلاء الـ(1000)، ولأننا لم نجد دليلاً على وجودهم لحد الآن، فتبقى النسبة كما أثبتناها.

النتيجة

ان مجموع النسب الحقيقية هو (99.99%) فلو أضفنا له نسبة 0.01% كفروقات الارقام والنسب أعلاه بسبب التقريب المتبع في كتابتها، فتتعادل النسبة الى 100%.

 

حصيلة واستنتاج
إن الذين اشتركوا في قتل الإمام الحسين عليه السلام يجمعهم المصالح الدنيوية، والمطامع الشخصية، وهؤلاء موجودون في كل زمان ومكان، ولا يمكن انتسابهم إلى بقعة معينة أو إلى قبيلة بعينها أو مذهب بذاته، بقدر ما تجمعهم المصالح الشخصية ومغريات الدنيا الزائفة، ونحن هنا لسنا بصدد تبرئة أو تجريم أهل بلدٍ دون آخر، بهذا العمل المشين والأثم الكبير، ألا وهو قتل ريحانة المصطفى صلى الله عليه وآله، بل نقولها بضرس قاطع دونما سوابق ودوافع طائفية وقومية، نقولها بتحرر كامل من كل إحن وتعصب وتحامل، إن الذين اشتركوا في قتل الإمام الحسين عليه السلام، جاءوا من مناطق مختلفة، تجمعوا في كوفة العراق، لارتكاب تلك الجريمة البشعة، لأهداف ونوازع باتت معروفة للقاصي والداني، وهي الولاء لحكومة بني أمية في الشام، طمعا بالجائزة والحظوة عندهم، وهم لا يمكن بأي حال من الأحوال نسبتهم للمكان الذي اجتمعوا فيه، أي الكوفة في العراق.

 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جسام محمد السعيدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/08/20



كتابة تعليق لموضوع : من قتل الإمام الحسين عليه السلام؟! ومن قاتل معه؟ حقائق مُغيّبَة تكشف الهوية العقائدية والجغرافية للفريقين (9)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net