صفحة الكاتب : اسامة العتابي

التَسَقيط وسَيلةُ العاجز ومعصية كبيرة وظاهرة من ظواهر تخلّف الأمة .
اسامة العتابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الحمد لله مؤلف القلوب والصلاة والسلام على سيدنا محمّد وآله، هداة الحق ومنقذي الشعوب..
أما بعد: فهذه سطور كتبتها بقلم الشجون وحبر الدموع وألم القلب المجروح، للتحذير من استمرار أسوأ ظاهرة شهدتها الساحة الإسلامية في أسوأ ظروف تمر بها في مواجهة الاستكبار العالمي وهجماته السياسية والعسكرية والاقتصادية والإعلامية والطائفية والإفسادية. تلك هي ظاهرة التسقيط الداخلي التي تتكوّن عناصرها من أسوأ الرذائل الأخلاقية والموبقات التي تهز عرش الله تعالى. إنها ظاهرة تشكّل أهم عوامل الفشل والانتكاسات بناءً على صريح قوله تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) وقول النبي (ص): (لا تختلفوا فتختلف قلوبكم فتهلكوا). وقول الإمام علي (ع): (إياكم والمراء والخصومة فإنهما يمرضان القلوب على الإخوان وينبت عليهما النفاق).
ولقد عانت مجتمعاتنا آلام التسقيط وأوجاع التجاذبات بما أدت المهاترات فيها إلى أحقاد وكراهيات لا تمت إلى الشرع والعقل والأخلاق والإنسانية والضمير بأية صلة. فكم من عوائل تمزقت، وكم من صداقات تهدمت، وكم من مشاريع تعطلت، وكم من قلوب حزنت، ودموع سكبت، وأكاذيب نشرت، وأعداء أهلّوا واستهلّوا فرحاً.. 
فالتسقيط سلاح العاجزين عن الحوار والتعايش، وديدن المستبدين والأنانيين، وسلوك الذين لا يتحملون النقد والتنافس الشريف، وفي الوسط الإسلامي لا يعتمده إلا الذين أفلستهم ذاتياتهم عن النهوض بالأمة إلى مستوى الحضارية الإسلامية، وهو الداء الذي أفرغ جهود الناشطين عن ثمارها وأجلس الكثيرين منهم على مائدة الندامة والأسى. ولذلك كان تسقيط الصالحين جريمة كبرى بحق الصلح والمجتمع الإنساني، وكان رسول الله(ص) أول شخصية عظيمة ناله التسقيط من قبل المشركين أولاً ومن قبل المنافقين الذين دخلوا الإسلام طمعاً في المغانم ثانياً؛ إذ اتهمه أولئك بالجنون والسحر، واتهمه هؤلاء بالسهو والهجر والهذيان(!!). وكان الإمام علي (ع)، من بعد رسول الله (ص)، أكثر من نالته سهام التسقيط الأموي حتى سنّوا على المنابر المغتصبة سبّه وصبغوا هذه الرذيلة بصبغة إسلامية مزيفة. كما وتأثرت قطاعات كبيرة من الأمة الإسلامية بهذه السلوكية السيئة إذ كلما اختلفت فيما بينها على مسألة عقائدية أو سياسية أو مصالح مادية أو عائلية أو شخصية، التجأت وبدافع الجهل والطمع والحسد وسوء الظن إلى الوسائل المحرمة التالية:
1- الغيبة.
2- البهتان.
3- المقاطعة والهجر.
4- تتبع العثرات ونشرها بين الناس مع التضخيم والمزايدات.
5- التشكيك في شرعية الطرف الآخر واتهامه بالخروج عن الدين وعدم إبراء الذمة في اتباعه.
6- الاستهزاء والتسفيه.
7- الوشاية والسعاية.
8- الاغتيال والتصفية الجسدية.
وكل ذلك مما نص الإسلام على قبحه وحرمته محذراً من آثاره المدمرة والأليمة على الصعيدين الدنيوي والأخروي معاً. ومما لا شك أن قبح التسقيط وحرمته بين الناس يتضاعف بين العلماء والدعاة والطبقة المثقفة، نظراً إلى موقع الهداية الربانية والإصلاح السياسي والإرشاد الأخلاقي وتنضيج الوعي الاجتماعي والعائلي المنوط بهم كورثة للأنبياء ورجال يُعقد عليهم الأمل لتنوير الأجيال، وهذا ما لن يجتمع مع وسائل التسقيط المحرمة المذكورة وممارسة التراشق والتنابز بالألقاب وتوتير الأعصاب وهدم جهود الغير.
يقول الإمام الصادق (ع): (فلا تسقط من هو دونك فيسقطك من هو فوقك، وإذا رأيت من هو أسفل منك درجة فارفعه إليك برفق ولا تحملنّ عليه ما لا يطيقه فتكسره، فإن من كسر مؤمناً فعليه جبره) وقال أيضاً: (ما أنتم والبراءة، يبرأ بعضكم من بعض، إن المؤمنين بعضهم أفضل من بعض، وبعضهم أكثر صلاة من بعض، وبعضهم أنفذ بصيرة من بعض، وهي الدرجات).
وىخيراً فإن أكثر ما تطال تلك الوسائل التسقيطية كبار الشخصيات التي يخشى أصحاب المصالح من صعودها إلى مواقع التأثير والقرار، وبحجم التسقيط والأجواء المضادة يكتشف المتأمل المنصف حجم تلك الشخصيات وقوتها وعمقها. 
 
والحمد الله ربّ العالمين

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اسامة العتابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/08/24



كتابة تعليق لموضوع : التَسَقيط وسَيلةُ العاجز ومعصية كبيرة وظاهرة من ظواهر تخلّف الأمة .
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net