صفحة الكاتب : د . سليم الجصاني

المرجعية من الدولة العراقية الأولى إلى الثانية
د . سليم الجصاني

لاينكر دور المرجعية في تأسيس الدولة العراقية الأولى في عشرينات القرن الماضي وانتشاله من الاحتلال البريطاني، ورعايتها للمجتمع العراقي دون التفريق بين مكوناته على الرغم من المساعي الماكرة لامتداد المؤسسة العسكرية العثمانية ومن يؤيدها من أعراب الجزيرة المبغضين للعراق في تهميش المكون الأكبر في تشكيل الوزارة الأولى بإعطائهم وزارتين غير فاعلتين من أصل إحدى وعشرين وزارة، وهو على خلاف الأصل الذي يقضي بمكافأة ثوار الوسط والجنوب في طرد الاحتلال وإرغامه على تأسيس الدولة العراقية.

ثم لتمد هذه الرعاية المرجعية نمو هذه الدولة في شواهد مرجعية كثيرة منها موقف مرجعية السيد محسن الحكيم في حفظ التماسك الاجتماعي بين مكونات الشعب في عهد الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم ورفض الحكيم الحرب ضد الكورد بدعوته إلى معالجة الموضوع بطرائق سلمية تحفظ الدم وحرمة الإنسان ومتعلقاته وكان للمرحوم قاسم الاستجابة لرأي المرجع الحكيم لاعتقاده بمصداقية وحنكة المؤسسة الدينية في النجف الاشرف وسداد حكمتها في معالجة الأمور... وغيرها كثير من الشواهد الممتدة مع امتداد الدولة العراقية وصولا إلى الدولة العراقية الثانية التي أعقبت سقوط صنم ساحة الفردوس عام 2003م والذي أنبأ بزوال حكم حقبة دكتاتورية عاثت فسادا بدماء العراقيين وخيرات العراق، وجعلته بمعزل عن العالم وفي صراع مع محيطه الإقليمي.

وقد أريد للدولة العراقية الثانية بعد معاناة ابنائها ان تكون أنموذجا لتحييد الدين أو راعية لمصالح لا علاقة للعراق برعايتها.

لكن ما فاجأ الولايات المتحدة هو وعي المرجعية متمثلة بمرجعية السيد علي الحسيني السيستاني عندما ركزت هذه المرجعية على حق كتابة الشعب لدستوره مما يؤدي إلى عدم الاغتراب والحفاظ على الهوية دون ضياعها في دستور معدٍّ ومكتوب خارج العراق لاينسجم مع خارطته الثقافية فضلا عن عدم انسجامه مع احتياجات ومعتقدات وأعراف المجتمع... والأمر الآخر هو ضرورة إجراء الانتخابات لالزام المحتل بما ألزم به نفسه من ضرورة وجود عراق ديمقراطي بعد إزاحة الدكتاتورية مما يضمن بشكل هادئ وسلمي عدم السماح بالتشبش بالسلطة وتكرار مأساة التفرد البغيض في إدارة مؤسسات الدولة وعدم شخصنتها، مما جعل الآخر يعيد حساباته بعد لحظه التفاعل الاجتماعي مع مرجعيته الذي خرج عن كونه تفاعلا دينيا إلى إضافات وطنية وإنسانية جعلت منها خيمة  يتفيء بظلها جميع أبناء الوطن.

ومما يلحظ في حركة المرجعية تجاه الدولة انها لاتريد التدخل المباشر لترك الأمر لنخب البلد وقياداته، بيد ان عظيم الأزمات وشدتها بعد فقدان زمام المبادرة تدفع بها للتدخل وإعادة الشمل بتشخيص الأخطاء ومعالجتها وليس آخرها حفظ دماء وحرمات المجتمع وطرد مشروع التقسيم بعدما اندفعت داعش لتنفيذه في العراق بمساعدة بعضهم مما أزعج كثيرا ممن صبر لأجله وصرف إمكانات كبيرة لتحقيقه... اذ كانت فتوى المرجعية بالجهاد أربكت صفوف التكفيريين بعدما نضّموها ونضّمت صفوف أبناء البلد بعدما كادت ان تتشتت.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . سليم الجصاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/09/10



كتابة تعليق لموضوع : المرجعية من الدولة العراقية الأولى إلى الثانية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net