صفحة الكاتب : محمد الحسن

تحية لآمرلي في الغربتين..
محمد الحسن

في المدن العتيقة, لا توجد رائحة دمٍ أو بارود, ولا أزيز لرصاصٍ لاهث إثر دويّ المدافع؛ هناك فقط رائحة الجمال, وصوت الموسيقى..رائحة الأزهار, أو النساء, وحتى للخمرِ لون الإقحوان ورائحة الجوري. يغفون على آلاتٍ تراقصها أيادِ المبدعين, ويصحون على توسلات إمرأة جملية تغازل الأرض ومن فيها, لا تتباهى بجمالها؛ إنما تقدّر قيمته, فتكشف عن إنوثتها العذبة لتطفئ لهيب الأرواح الشقية!..

هل تستطع تماثيل الشمع مخاطبتك؟!..هكذا هو الجمال, إن لفّته قيود التقاليد العليا والسفلى..كيف لرحيق هذه الشفاه أن يُعز على نحلة؟!..لماذا خُلق إذن؟!..شفاه متقدة, تبحث عن نهرٍ تطهره, وبه تذوب, لماذا أتقدت إن لم تجد النهر؟!..

كلها, تتحد, لتصبح إمرأة, تتزين وتلبس أبها حلتها, أجمل عروس في الكون, هي هنا..موسم الزهور, أو الربيع المتجدد, كلهم يساهمون بخلقه. من يتيه في دروبها محظوظ, كالذي أظل السبيل في صحراء, ووجد جنةِ عدن!..لا غلو؛ إنها (بيتربرغ) عروس الشمال, تلك التي تحكي آثارها, مقابرها, تماثيلها, ويوم نصرها الكبير؛ قصص البطولة الشرسة. 

قالت لي إستاذتي (الدكتورة إنيستا): إنّ جدّها كان أحد أبطال مقاومة النازيين, وقد جُرح في أحدى المعارك. لماذا تبكي وهي تسرد لي حكاية جدها؟ إنها تستذكر ما سمعته عن ذكرى الحصار, والشهداء, وكيف إنهم صنعوا لهم المجد, والحياة المترفة, وتحولت أقاصيصهم لمتعة جديدة تضاف لزهو الدنيا هنا..

هل سنصمت عن آمرلي وكأنها شيء عابر؟!..لا, ستُشمل بمنحة النازحين, أو على رواية أخرى, "بمنحة المليون"..هنا يكمن الفرق الشاسع, فلدينا من يُدجن قضايانا, لتصبح أوراق نقدية, تموت القضية, بصرف آخر تلك الأوراق!..

إن قُدر لذلك الصمود الأسطوري, فثمنه سيكون باهض, لا يقدر عليه شُح الحكومات؛ الأيام وحدها, ستنجب أجيالاً يكتبون قصة الدم والجوع المنتصر هناك. أقسم أني أراها عبر الأزمنة, ستكون قبلة, وواحة, لا يعرف أحد سر تميّزها..تلك الصغيرة التي أذلت جارتها الكبيرة المنبطحة تحت سياط "داعش"!

آمرلي, عذراً, وسلاماً لك من غريب عذبته أيام حصارك, وأسعده إنتصارك؛ غربتك بين قرى الجاحدين حملتها, لتضاف إلى أحمالي الثقال..وعداً, سأتوضأ بترابك الطاهر, وأحمله معي, فمنه نستلهم دروس النصر والكرامة.

يقال إن الضلوعية, ماضية بكتابة قصة جديدة؛ إن صح القول, فسيعود إقتران دجلة بالفرات كما كان قبل تدخّل يد الطغيان في تفريقهما..!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الحسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/09/11



كتابة تعليق لموضوع : تحية لآمرلي في الغربتين..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net