صفحة الكاتب : حميد الموسوي

المصالحة.. طوق نجاة.. فعّلوها قبل أن تخبو جذوتها
حميد الموسوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 مع أن الكثير من المحللين والمراقبين السياسيين وعلى كافة المستويات الاقليمية والدولية والمحلية بل وحتى الناس العاديين ظنوا أن المصالحة عسيرة وصعبة التحقق في ظل هذه الظروف الشائكة والتي تنبئ بحصول كارثة وشيكة إلا أن أخيار هذا الوطن وخالصي النوايا من مراجع دينية وسياسية وقادة أحزاب وحركات وتجمعات أصروا على انجاح مشروع المصالحة الوطنية وان تتم بأقرب فترة زمنية لعلمهم المسبق أن بناء العراق الجديد لا يمكن ان يتم بساعد واحد وان شموخه يستحيل ان يقوم على عاتق واحد، وأن نهوضه وتقدمه واستقلاله مسؤولية الجميع مثلما انتكاسته- لا قدر الله- لا تستثني احدا. وحريقه يطال الأخضر واليابس، وغرقه يبتلع المركب بمن فيه وما فيه.
كما أن استمرار الخلاف والنزاع واتساع رقعة التناحر ستظل العائق الأول والمعرقل الأشد في طريق بناء عراق ديمقراطي فيدرالي جديد.
لهذه الأسباب والرؤى وبمرور الوقت تبلورت فكرة المصالحة الوطنية وشقت طريقها بخطوات جادة لينضم اليها الكثيرون ممن انتظروا استبيان الاوضاع وانجلاء الغبرة. لقد طرحت مبادرة المصالحة الوطنية بوضوح وصدق جعلا الباب مشرعا أمام أي طرف يريد المشاركة والعودة والانتظام مع السواعد التي أصرت على بناء العراق الجديد باستثناء الذين تلطخت أياديهم بدماء العراقيين وأصروا على تخريب العراق، ولذلك لاقت المبادرة هذا القبول وإن سارت بتباطؤ وحققت نجاحا متواضعا إلا أنها ساهمت في حلحلة الاحتقان والتنافر والتباعد الأمر الذي أفضى الى حصول وحلول لغة الحوار البناء-  بدل التناحر والاحتراب- ، والذي سيحقق الكثير من النجاحات اذا استمر وفق هذا النهج الواضح ان شاء الله.
أن استبعاد المجرمين المصرين على ذبح الشعب العراقي وتخريب وتدمير العراق، وترك الباب مفتوحا بوجه المختلفين مع عملية التغيير سواءا في نظرتهم أوعدم تقبلهم للمعادلة الجديدة أو من الذين فضلوا الترقب وجلسوا على التل- هذا الفرز حدد بوضوح أركان المصالحة الوطنية ونوع الأطراف المساهمة في بنائها ما جعل عملية المصالحة الوطنية تتم في مناخ من التفاهم بعيدا عن التوتر والتشنجات.
صحيح أن الاستقرار الأمني لم يتحقق حتى الآن، وأن المفخخات والعبوات والأحزمة الناسفة لا تزال تفعل فعلها بأرواح العراقيين وممتلكاتهم ومؤسساتهم.. وأن عمليات الخطف والتهجير مستمرة في نشاطها، لكن هذه الفجائع- وبرغم فضاعتها التي خفت- فهي تهون أمام سقوط مشروع الارهاب المرعب والمتمثل في تحويل العراق الى ولاية من ولايات الكهوف كما مثبت في مخططاتهم وفي الوثائق التي عثرت عليها الأجهزة الأمنية في أوكارهم. لا شك أن هذا الهدف قد تبدد وخابت كل مساعي الارهابيين و؟أحلامهم ولم تبق إلا مجرد شعارات متخلفة مستهجنة.
كان من تلك الخطط الغادرة خطة لمحاصرة بغداد من مداخلها الخارجية بدءا بالضواحي المحيطة بها وقطع طرق المواصلات المؤدية اليها، وبعد عزلها يتم اسقاط مناطقها واحدة تلو الاخرى، واعلان كل منطقة "امارة" تمهيدا لتقطيع العراق وقتل وتهجير كل من يختلف مع منهج التكفيريين القائم على الغاء الآخرين وذبح واستئصال كل من يعترض طريقهم ويدين سلوكهم المتخلف.
وبنظرة فاحصة جادة في هذا المخطط المرعب المدعوم والممول من أطراف خارجية أغاضها تحرر العراق وقيام نظام ديمقراطي تعددي فيه، والمنفذ من عدة جهات حاقدة من نفايات وذيول السلطة السابقة الذين تضررت مصالحهم، ومن الحالمين بعودة سلطة البعث الدكتاتورية، ومن التكفيريين، والمتشردين من أتباع القاعدة ومن مثيري الفتن.. جمعهم حقدهم الأسود ومصالحهم وأهدافهم وأطماعهم فسلكوا أبشع الطرق وارتكبوا أقذر الجرائم في سبيل تحقيق مخططاتهم الاجرامية، بهذه النظرة يتبين حجم الكارثة التي ستحصل في العراق، ومدى الطوفان الذي سيحيل كل شيء فيه الى هباء فيما لو استطاع هؤلاء المتوحشون تنفيذ مخططهم الدامي خيب الله مسعاهم. وهذا بحد ذاته يجعلنا نهون ونتفه أعمالهم الخسيسة وإن كانت تقتات على دمائنا وتستنزف ثرواتنا وممتلكاتنا.
أن فشل وخيبة مشروعهم الغاشم تؤشرها دناءة أعمالهم التي تطال العزل والأبرياء في الأسواق وفي المساجد والكنائس والحسينيات، وفي تجمعات العمال ومجالس العزاء والتي ينفذها المخدرون المتشردون بسياراتهم المفخخة وأحزمتهم الناسفة، وأعمال الخطف والنهب والسلب والابتزاز التي فضحت إدعاءاتهم وكشفت سقوطهم، ومن هنا يأتي التعويل على مشروع المصالحة الوطنية، وضرورة تعضيدها واسنادها ومؤازرتها من جميع الأطراف الدينية والسياسية والجماهيرية، لتكون البلسم الشافي لجراح العراقيين النازفة منذ عقود، والنهاية المرجوة لأوجاعهم ومعاناتهم الأزلية، والرصاصة الأخيرة في قلب الإرهاب الذي يلفظ أنفاسه المخنوقة على يد العراقيين النجباء ليرمى في مزبلة التاريخ مع كل النفايات التي أرادت بهذا الوطن وشعبه سوءا.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حميد الموسوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/09/19



كتابة تعليق لموضوع : المصالحة.. طوق نجاة.. فعّلوها قبل أن تخبو جذوتها
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net