صفحة الكاتب : احمد كاظم الاكوش

القصيدة الكوثرية، بين السيد حسن العلوي والسيد رضا الهندي.
احمد كاظم الاكوش

 ذهب الأستاذ العلوي إلى القصيدة الكوثرية للمرحوم السيد رضا الهندي وانهال عليها بالتعريض والتشهير هذا بعدما اقتطف منها - أي القصيدة - ما يريد أن يستنكر به على السيد الهندي, وما يفي بغرض الطعن في عقيدة ذالك الشخص وكل من مال ميله. والقصيدة الكوثرية هي قصيدة في حب الإمام علي واغلب ابياتها استوحاها الشاعر من أحاديث صريحة وصحيحة في فضائل علي بن أبي طالب, وهي فائضة في كتب الفريقين.
يقول السيد العلوي: والسيد محمد رضا الهندي عاش تقياً ورعاً، لكنه أهال المعاصي على نفسه في هذه القصيدة، فأغرقها في خمرة لم يذقها، وكسرها بعود لم يسمعه، ودعا الناس للمعاقرة والمراقصة والمعاشرة، لكي يقول لهم، إن هذه المعاصي والموبقات والكبائر لن تُسألوا عنها إذا ما اعترفتم بولاية الإمام علي، الذي جميع (الخصوم المناوئين) له لن يساووا نعلي خادمه المرحوم قنبر(عمر والتشيع, ص 223). 
أولاً هذا الكلام خارج عن حدود العقل ولم يقل به الشيعة فأين وجدت أن الشيعة تقول "أن المعاصي والكبائر لن يسأل عنها احد ما دام موالين لعلي". فأين ذهبت الموازين إذا كان على هذا التقول البغيض ضد شيعة آل البيت :؟!!.
وثانياً: أن ما يستدل به العلوي من أن هذا هو اعتقاد لدى الشيعة باعتبارهم غلاة كما يصفهم, وان ما يقولونه هو احتيال على الله "على حد تعبيره", فنقول أن ما قاله السيد الهندي وما كتبه ليس كتاب عقائدي حتى يحتج به على الشيعة. فهو لا يتعدى عن كونه شعرا قيل في مدح أمير المؤمنين ـــ وان كنا قلنا بأن الشاعر استوحى بعض آبيات قصيدته من أحاديث الرسول الأعظم ــــ وقد صبها الشاعر في قالب من قوالب الشعر.
ثالثاً: أن ما قاله السيد الهندي غير ملزم به الشيعة, أو أن الشيعة  غير ملتزمة بما قاله حتى يعتبر من وجوه الاحتجاج عليهم.
وكما قلنا أن الأستاذ العلوي اقتطف من القصيدة ما يفي بغرض التشهير بعقيدة الشيعة, فهو يذكر هذا البيت من القصيدة:    
أنى ساووك بمن ناووك      وهل ساووا نعلي قنبر؟
مع أن هذا البيت من القصيدة لا يعطي صورة كاملة لما يريد أن يعرب عنه الشاعر, وان رجعنا قليلا للقصيدة لتبين لنا المعنى المنشود, يقول السيد الهندي:
يا من قد أنكر من آيات
إن كنت، لجهلك بالأيام
فاسأل بدرا واسأل أحدا
من دبر فيها الأمر ومن
من هد حصون الشرك ومن
من قدمه طه وعلى
قاسوك أبا حسن بسواك
أنى ساووك بمن ناووك
من غيرك من يدعى للحرب
        أبي حسن ما لا ينكر
جحدت مقام أبي شبر
وسل الأحزاب وسل خيبر
أردى الأبطال ومن دمر
شاد الإسلام ومن عمر
أهل الإيمان له أمر
وهل بالطود يقاس الذر؟
وهل ساووا نعلي قنبر؟
وللمحراب وللمنبر

ثم يسترسل في ذكر فضائل الإمام وعبادته....الخ.
والسيد الهندي في قصيدته يخاطب من أنكر فضائل الإمام وعلوا مكانته في الإسلام, ومراد الشاعر واضح في القصيدة, ولا يحتاج لبيان, ومقام الإمام علي يشع نوره بين الخافقين, وجميع من على الأرض يشهد له. وما ذكرنا من ابيات واضحة حقيقتها كوضوح الشمس في رابعة النهار.
أما قوله:
قاسوك أبا حسن بسواك
أنى ساووك بمن ناووك
        وهل بالطود يقاس الذر؟
وهــــــــل ساووا نعلـــــــي قنبر؟

فهو إشارة إلى ما قاله الإمام وبينه بنفسه من أنه قد قيس بالأرذل من الناس يقول 7:
(كنت في أيام رسول الله كجزء من رسول الله، ينظر إلي الناس كما ينظر إلى الكواكب في أفق السماء، ثم غض الدهر مني فقرن بي فلان وفلان، ثم قرنت بخمسة أمثلهم فلان، فقلت: وا ذفراه، ثم لم يرض الدهر لي بذلك حتى أرذلني فجعلني نظيرا لابن هند وابن النابغة، لقد استنت الفصال حتى القرعى.
وقال علي في كتاب له إلى معاوية: (فيا عجبا للدهر إذ صرت يقرن بي من لم يسع بقدمي ولم تكن له كسابقتي التي لا يدلي أحد بمثلها إلا أن يدعي مدع ما لا أعرفه ولا أظن الله يعرفه، والحمد لله على كل حال.
وعجبا من قوم قاسوا أبا الحسن المظلوم الذي هو نفس النبي وعديل القرآن بأوغاد الناس كأن في آذانهم وقرا ولم يسمعوا قول النبي في علي: (علي بن أبي طالب مني وأنا من علي، فمن قاسه بغيره فقد جفاني، ومن جفاني فقد آذاني. يا عبد الرحمن إن الله  أنزل علي كتابا مبينا وأمرني أن أبين للناس ما نزل إليهم ما خلا علي بن أبي طالب فإنه لم يحتج إلى بيان لأن الله  جعل فصاحته كفصاحتي، ودرايته كدرايتي، ولو كان الحلم رجلا لكان عليا،...الخ.
وقوله:
أنى ساووك بمن ناووك         وهل ساووا نعلي قنبر؟
فهو باعتقادي مأخوذ مما قاله ابن السكيت العالم اللغوي, حيث يذكر المؤرخون أن المتوكل كان قد ألزمه تأديب ولديه المعز بالله والمؤيد، فقال له يوما أيهما أحب إليك ابناي هذان أي المعتز والمؤيد أم الحسن والحسين فأجابه ابن السكيت والله إن شعرة من قنبر خادم علي بن أبي طالب خير منك ومن ابنيك. فقال المتوكل لجلاوزته الأتراك سلوا لسانه من قفاه ففعلوا فمات.
ثم أن هناك أحاديث نبوية تبين فضائل أمير المؤمنين رواها العامة والخاصة, ونحن ندرج هنا بعضها مما رواه العامة:-
عن رسول الله لا يجوز الصراط أحد إلا بجواز يكتبه علي.
وقال: حب علي بن أبي طالب يأكل السيئات كما تأكل النار الحطب.
وعنه: حب علي يأكل الذنوب كما تأكل النار الحطب
وفي كنز الفوائد عن سهل بن سعيد: بينا أبو ذر قاعد مع جماعة من أصحاب رسول الله ، وكنت يومئذ فيهم، إذ طلع علينا علي بن أبي طالب ، فرماه أبذر بنظره، ثم أقبل على القوم بوجهه فقال: من لكم برجل، محبته تساقط الذنوب عن محبيه كما يساقط الريح العاصف الهشيم من الورق عن الشجر، سمعت نبيكم يقول ذلك له. 
وقال رسول الله: حب علي بن أبي طالب حسنة لا يضر معها سيئة، وبغضه سيئة لا تنفع معها حسنة.
وقال: عنوان صحيفة المؤمن حب علي بن أبي طالب.
وقوله ولاية علي، من استمسك به كان مؤمنا، ومن تركه خرج من الإيمان.
عن ابن عمر قال : قال رسول الله قال لي جبرئيل قال الله : ولاية علي بن أبي طالب حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي.
عن السدي في قوله : (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) قال: عن ولاية علي، ثم قال: (عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) فيما أمرهم به وما نهاهم عنه، وعن أعمالهم في الدنيا، ثم قال: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ) قال السدي: قال أبو صالح: قال ابن عباس: أمره الله أن يظهر القرآن، وأن يظهر فضائل أهل بيته كما أظهر القرآن.
عن النبي في قوله: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ) قال: عن ولاية علي.
وعن الخليفة عمر بن الخطاب عن النبي انه قال:حب علي براءة من النار وعن الخليفة عمر أيضا انه قال: ... واعلموا أنه لا يتم شرف إلا بولاية علي.
وغيرها كثير مما يدل على فضل علي بن أبي طالب ووجاهته عند الله  وسمو مقامه, كما بينه الرسول الأعظم.
وبعد هذا نقول: أن أعمال بني ادم موكولة إلى المرتكزات التي بينها رسول الله وما وضحه من سير وسلوك تجاه الله , وعملية قبول الأعمال يجب أن تكون مستندة لما جاء به رسول الله من مرتكزات, أي إنها منوطة بما يوافق التشريع الإلهي (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى).
والتشريع الإلهي هو عبارة عن الطاعة المفترضة, وطاعة الله هي أطاعة رسول الله, ورسول الله يبين أن الطاعة من بعده لوصيه, فتكون طاعة الوصي هي طاعة رسول الله وبالتالي فهي طاعة الله المفترضة. وطاعة الوصي متمثلة (بالولاية) وهي التي بينها رسول في تلك الأحاديث التي ذكرناها والتي يذكرها الرسول في كل مكان وزمان وتعتبر هذه أحاديث عامة عن الولاية أما الخاصة فهي المتمثلة بأحاديث الغدير المشهورة, والتبليغ, والإنذار,... وما إلى ذالك مما ثبت لدى الفريقين.
وما ذكرناه هو جزء بسيط من تلك الأحاديث الشريفة, وان تأملناها يتبين لنا أن الرسول استخدم العامل النفسي لدى المجتمع, فهناك مفردات فيها تشير إلى الحب والمحبة,... التي تعبر عن التمسك بولايته, والتمسك بولايته يؤدي بدوره إلى الطاعة الناتجة عن المحبة, والمحبة هي الطاعة. وطاعة الإنسان تكون بمقدار حب الإنسان له.
تعصي الإله وأنت تظهر حبه
لو كان حبك صادقا لاطعته
        هذا لعمري في الفعال بديع
أن المحب لمن يحب يطيع

وكيف لا يطاع وصي رسول الله وكيف تقبل أعمال شخص ليس له طاعة لرسول الله. وهو القائل: يا أيها الناس أوصيكم بحب أخي وابن عمي علي بن أبي طالب، فانّه لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق. من أحبه فقد أحبني، ومن أبغضه فقد أبغضني، ومن أبغضني عذبه الله عزّ وجل.يا علي أنت سيد في الدنيا وسيد في الآخرة. حبيبك حبيبي، وحبيبي حبيب الله، وعدوك عدوي وعدوي عدو الله، والويل لمن أبغضك بعدي من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع علياً فقد أطاعني، ومن عصى علياً فقد عصاني. وغيرها كثير وهي موكولة إلى مصادرها..
وعلى أي حال فان الدافع كما قلنا لدى الأستاذ العلوي مبين من خلال ما قدمناه ومن خلال ما يتطرق إليه في الاستدلال والبحث, وإذا كان السيد الهندي من شيعة آل البيت وقد اخذ عليه الأستاذ العلوي هذا الماخذ, فان كان منصفا – أي العلوي – فلماذا لا ينتقد جميع الشعراء أو من لهم هذا المقصد في حب عليا, فلماذا لم يؤاخذ على ابن أبي الحديد المعتزلي مثلاً حيث يقول في قصيدته:
لقد فاز عبد للوصي ولائه
وخاب معاديه ولو حلقت به
هو النبأ المكنون و الجوهر الذي
وذو المعجزات الواضحات أقلها
ووارث علم المصطفى وشقيقه
ألا إنما الإسلام لولا حسامه
ألا إنما التوحيد لولا علومه‏
ألا إنما الأقدار طوع يمينه‏
تعاليت عن مدح فأبلغ خاطب
صفاتك أسماء و ذاتك جوهر
يجل عن الأعراض و الأين و المتى
إذا طاف قوم في المشاعر و الصفا
و إن ذخر الأقوام نسك عبادة
و ان صام ناس في الهواجر حسبة
و إن اك فيما جئته شر مذنب
إذا كنت للنيران في الحشر قاسما
نصرتك فى الدنيا بما أستطيعه
فليت ترابا حال دونك لم يحل
لتنظر ما لاقى الحسين و ما جنت
من ابن زياد و ابن هند و ابن
بني الوحي هل أبقى الكتاب لناظم
إذا كان مولى الشاعرين و ربهم
فاقسم لولا أنكم سبل الهدى
فلو لم تكونوا في البسيطة زلزلت
        وإن شابه بالموبقات الكبائر
قوادم فتخاء الجناحين كاسر
تجسد من نور من القدس زاهر
الظهور على مستودعات السرائر
أخا ونظيرا في العلى والأواصر
كعفطة عنز أو قلامة حافر
كعرضة ضليل أو كنهبة كافر
فبورك من وتر مطاع و قادر
بمدحك بين الناس أقصر قاصر
بري‏ء المعاني من صفات الجواهر
ويكبر عن تشبيهه بالعناصر
فقبرك ركني طائفا و مشاعري‏
فحبك أو في عدتي و ذخائري
فمدحك أسنى من صيام الهواجر
فربك يا خير الورى خير غافر
أطعت الهوى و الغي غير محاذر
فكن شافعي يوم المعاد و ناصري
‏ وساتر وجه منك ليس بساتر
عليه العدى من مفظعات الجرائر
سعد و أبناء الإماء العواهر
مقالة مدح فيكم أو لناثر
لكم باتيا مجدا فما قدر شاعر
لضل الورى عن لاحب النهج ظاهر
وأخرب من أرجائها كل عامر
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احمد كاظم الاكوش
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/09/19



كتابة تعليق لموضوع : القصيدة الكوثرية، بين السيد حسن العلوي والسيد رضا الهندي.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net