صفحة الكاتب : عماد يونس فغالي


في تعرّفي إلى صبيّةٍ من بجّه، رحتُ أخبرها عن معرفتي بكثيرين من أبناء هذه البلدة بأسمائهم الضيعويّة، وأطباع البعض منهم وتصرّفاتهم، كما بأسماء الأحياء فيها وبعض المعالم. ما جعلها تجاهر في قريتها: "تعرّفتُ بإنسانٍ يعرف بجّه أكثر منّي ومنكم". وكان أن سمعها أحدهم، فصاح: هذا عماد فغالي!
أحدهم هذا، هو رفيق طفولتي، ربطتني به مودّة أبوَينا من حيث هما توأما روح وأخَوا عمر. ناجي إميل الحايك، حبلُ صرّتي العالق في بجّه منذ اليفاع. عمّو إميل، صديق والدي حتى الأخوّة. لم نفارق البيت في بجّه قط. ولم آلفْ نفسي بعيدًا عن إقامةٍ طويلة في هذه القرية، التي عرفتني أعدو أزقّتها رفقةَ، لا ناجي وحسْب، بل أترابٍ أخذوا أمكنتهم في صداقات الأيّام وذكرياتها!
قال أبي يومًا لزميلٍ له ابن بجّه: "أنا مواطنٌ في بجّه، وهذا ابني عماد، أخد منّي فيها الجرس مربّع". في نفسي، ذكرُ بجّه كذكر فغال تمامًا. ردّة فعلي عند لفظ اسم بجّه طبيعيّة، قويّة، كمن يلفظ اسم بلدتي تمامًا. ذلك أنّ لي فيها رباطَ الابن بالذات. وإن لم أكن ابنَ بجّه بالنسب، فإنّي في الواقع ربيبُها، لي فيها محطّاتٌ باقيات. إن مررتُ فيها، بيوتاتٌ كثيرة تمرّ في بالي، لو طرقتُ بابها، لاعتبرتني ابنَ البيت لا ضيفَه. وإن قيلَ اسمي في بجّه، تردّدت أصواتٌ تُحبِّب!
يكفيني فخرًا أسماءُ علمٍ، أعلام لبنانَ والعالم رحابةَ المدى! بجانيّون كانت لي عندهم منزلة الابن الحبيب. لا أنِ أذكرُ المونسنيور ميشال الحايك، إمام الفكر االمشرقيّ الأصيل، بيته مرتع صباي. ومعلّمي الشاعر أديب صعيبي، فقهتُ عليه اللغةَ العربيّة وأدابَها.
عفوًا أهالي بجّه. لستُ هنا في معرض مزايدة. هذا انكشافٌ لانتمائي الإنسانيّ إليكم. في هويّتي، ليست بجّه قريتي الثانية. هي امتدادٌ لمحلّ إقامتي، تواصلُ فغالَ عندي!
إن بعُدتِ الأيّام، وطال زمنٌ دون اتّصال، ففي الكيان استمرار الوصال. هذه بلدةٌ نزلت في تكوّني الشخصيّ، مع فغال عمقَ انتماء. ولناسِها في قلبي حصّة الأخوة والأحبّة. تربطني بمن لا نعرف بعضنا وصالات القربى، ولا غرابة، فما يجمعنا كفيل!
وبعد، لبجّةَ عندي نصف قلبي، تتربّع في قلبِ ذاتي حيث أنا فيها قريب. أمَا تضيعُ تماهيًا في تأصُّلي، يومَ أعود إلى منشأ انتماءاتي في البدايات؟
 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عماد يونس فغالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/09/22



كتابة تعليق لموضوع : أنا وبجّه
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net