صفحة الكاتب : اسامة العتابي

الرأي الآخـر بين التسَفية والتقـدّير
اسامة العتابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 إننا جميعاً نلاحظ أن المُجتمَعات التي يسود فيها الاختلاف بالرأي تعتبرُ دليلٌ على وعيها وأحترامها للإنسان مَهما كان توجه ورأيه ومن الطبيعي أن تتنوع الآراء في المجتمع وأنّ تتعدد الخيارات تجاه القضايا الحسّاسة وذلك تبعاً لإختلاف التوجّهات والمَصالح وأختلاف زوايـا النظّر والتقويم لجهَة تشخيص الواقع أو احتمالات المستقبل.
ولا يُمكن لأحد أن يحتكر حق الرأي أو يفرض وصايته على المُجتمَع فكما يحق له طرح رأيه والعمل على أسَاسه فإن للآخرين نفس الحق ، لكن البعض يضيق ذرعـاً بالرأي الآخر ويطرح رأيه كخيار وحيد أمام المُجتمع لا خلاص إلاّ به، ولا خير إلاّ فيه ويوجه سهام التجريح والتسَفيه والإسقاط نحو الخيارات الأخرى ومن يتبناها.
إن طرح الرأي حق مشروع ونقد الرأي الآخر أمر مقبول لكن تسفيه الرأي الآخر والنيل من دُعاته أمر مرفوض وخلق سَيء يكشف عن غرور أو حقد.
ومن أخطر الأمراض المزمنة في مُجتمعاتنا اليّوم هو سُوء التعامل مع الرأي الآخر فعلى الصعيد الديني يتهم بالمَروق والضلال والابتداع وعلى الصعيد السياسي يتهم بالخيانة والعمالة ، وهي أتهامات يمكن أن يوجهها أي طرف لآخر، فلكل طرف مُستوى من القدرة والتأثير وكما قال الشاعر العربي:
جاء دُريدٍ شَاهراً رمـحه
إن بني عمك فيهم رماح
لكن ذلك يحوّل المجتمع إلى سَاحة نزاع وأحتراب داخلي بدل أن تتجه الطاقات والجهود صوب الأعداء، ونحو خدمة قضايا المجتمع ، فإن التشكيك في النيّات واتهام المَقاصد عدوان وأنتهاك لحرمات الآخرين واعتراف بالعجز عن النقد الموضوعي للرأي الآخر، والإقناع بالرأي المُدعى.
علينا أن نحوّل تنوع الآراء إلى فرصة إثراء للحراك الفكري الاجتماعي وأن نفتح بتعدد الخيارات مجالات الاستيعاب لطاقات المجتمع وأن نذّكَي بالتنافس الايجابي روح الإبداع والعطاء في أوساط النخبة والجمهور .
ويشير أمير المؤمنين علي (ع) إلى ضرورة التكامل بين أفراد المُجتمع المتعدد في الآراء ، فلا يشعر أحد مهما كان موقعه بالتعالي والاستغناء عن سائر الطاقات، ولا يسَتصغر أحد نفسه في إمكانية مساهمته في الشأن العام. يقول :
{ ولَيْسَ أمْرُؤٌ وإِنْ عَظُمَتْ فِي الْحَقِّ مَنْزِلَتُهُ وتَقَدَّمَتْ فِي الدِّينِ فَضِيلَتُهُ بِفَوْقِ أَنْ يُعَانَ عَلَى مَا حَمَّلَهُ اللَّهُ مِنْ حَقِّهِ ولا امْرُؤٌ وإِنْ صَغَّرَتْهُ النُّفُوسُ واقْتَحَمَتْهُ الْعُيُونُ بِدُونِ أَنْ يُعِينَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ يُعَانَ عَلَيْهِ }
والحمد الله ربّ العالمين


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اسامة العتابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/10/01



كتابة تعليق لموضوع : الرأي الآخـر بين التسَفية والتقـدّير
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net